هشام الشواني: للحق والحقيقة عن واقع ولاية الجزيرة
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
ما يحدث اليوم في واقع البلاد يعكس طبيعة الحرب التي تخوضها المليشيا ضد الدولة بكل أركانها، الشعب والمؤسسات بما في ذلك القوات المسلحة السودانية. هذا التعريف بات في حكم الثابت والمطلق لدى الكثيرين بسبب التجربة العملية قبل الفهم النظري؛ فالمليشيا هي اليوم تجمع قوات تحمل الخراب والرعب والموت والإبادة. المليشيا اليوم شر مستطير منفلت يتحرك ليخرج البلاد.
السؤال: ما هو نموذج الاستجابة المدنية التي حدثت في ولاية الجزيرة؟ وما علاقة هذه الاستجابة المدنية بالمقاومة الشعبية؟
إن دخول مليشيا الدعم السريع لقرى ومدن ولاية الجزيرة كان حدثا محبطا للكثيرين وبغض النظر عن تفسير هذا الحدث نود هنا الإشارة لحقائق من الواقع المباشر الذي عايشه الناس هناك.
لقد حدثت بنمط متشابه حالات انتهاكات كثيفة في القرى والمدن بما في ذلك مدينة ود مدني، مع نزوح ضخم خارج الولاية، الانتهاكات المباشرة تجاه المواطنين كانت تبدأ من السرقة والنهب والترويع والاختطاف وطلب الفدية حتى القتل. حالة من الفوضى تسببت فيها المليشيا هناك. ولكن لا تزال ولاية الجزيرة بكل قراها تحوي عدد ضخم من المواطنين بأكثر من العدد الذي نزح. جزء من هذه القرى تحت السيطرة التامة للمليشيا. فما هي الاستجابة التي حدثت هناك؟
لقد أكدت استجابة الناس على المسافة الهائلة بينهم وبين التطبيع مع المليشيا، فقد جاءت التقارير والمشاهدات لتروي كيف أن قوات الدعم السريع هي الآن عبارة عن تجمع لزُمر من المقاتلين الذين لا يربط بينها نظام منضبط، ولا توجد جهة معينة يمكن تسميتها بالمخربين والمتفلتين بل هذه طبيعة تركيبية في هذه القوات، وبالتالي فإن حالات النهب والسلب هي شيء طبيعي بالنسبة لهذه القوات.
حاولت عدة قرى عقد اتفاقات مع القوات أو مجموعة منها لتأتي مجموعة أخرى ويحدث اشتباك وقد تفاوتت النماذج بين عدة قرى، في رفاعة مثلا حدثت حالات قتل ونهب ثم هدأت الأمور قليلا، في ود راوة كذلك وفي أربجي تحرك الناس من البداية متكاتفين ومصممين على الصمود وهم عزل وقد أحدث صمودهم الجماعي نوع من الضغط الأمر الذي جعل قادة المليشيا هناك يحاولون كسب الناس الذين شاهدوا اشتباكات داخل صفوف المليشيا.
إن واقع قرى الجزيرة اليوم يدل بشكل حاسم على استحالة إدارة المليشيا للمناطق بطريقة مماثلة لمناطق وجود الدولة والجيش والشرطة، ومبادرة الناس هناك تمثل شكلا مبدعا للمقاومة في حدود ما يستطيعونه، وهي شكل من أشكال المقاومة الشعبية المنطلقة من إرادة الناس الطبيعية للحياة وتدور حول شرط مهم هو: ضرور ابتعاد المليشيا من القرى وعمل دوريات ليلية ضد جنود المليشيا اللصوص وسائقي المواتر مع اتخاذ كافة الطرق لإفهام قادة المليشيا بأن المطلوب فقط شيء واحد هو: الخروج من القرية وأنهم لن يسألوهم وفي المقابل لا يرغبون في وجودهم بينهم.
الحقائق من الميدان تؤكد ما ذكرناه وبالتالي على القوى السياسية والمدنية التي تحدثت عن إدارة المليشيا المدنية لولاية الجزيرة أن تخجل وتحترم موقف الناس واستجابتهم وبالتالي عليها أن تقوم بالآتي:
١- ضمان وصول صوت المواطنين للجهات الدولية حتى تعرف طبيعة هذه المليشيا وبالتالي ممارسة ضغط عليها سيثمر مزيد من الإبتعاد عن المواطنين بما يضمن حمايتهم.
٢- مطالبة المليشيا بالخروج من القرى وترك المواطنين وإرجاع المخطوفين والخروج من المرافق المدنية.
٣- تنفيذ إعلان جدة ١١ مايو الذي ضمن الحقوق الأساسية للمواطنين.
لقد رأينا إعلان أديس الموقع بين المليشيا والقحاتة يتنصل تماما عن حقوق الناس، ويمنح المليشيا المناطق المدنية كأنها رهينة في يد المليشيا من أجل كسب نقاط في التفاوض يمنح الحليفين المليشيا والقحاتة وضعية سياسية. بمعنى أن قحت تفاوض بدماء وأمن مواطني الجزيرة. ولقد تأكدت بشكل شخصي ومن مصدر قريب من هذه القوى السياسية أن اللقاء الأخير بين المتمرد حميدتي وقحت قد تناول بعد نهاية اللقاء ووقف التصوير والكلمات حديث عن ما حدث في الجزيرة، وقد تحدث فيه حميدتي مباشرة لهؤلاء القحاتة بأنهم غير قادرين على حسم هؤلاء المتفلتين والنهابة الذين يقاتلون معهم. وأن قواته اليوم هي تجمع من كل هؤلاء وبالتالي لا يمكن أن يفعل شيء حيال ذلك. هذه المعلومة حقيقية وأنا مسؤول عنها بشكل شخصي.
على ما سبق يجب علينا دعم مواطني الجزيرة وتشجيعهم على أي استجابة تناسب واقعهم فكل ما يقومون به هناك هو شكل من أشكال المقاومة الشعبية المدنية وبالطبع لابد أن تزيد وتيرة المقاومة كل ما كانت القرية أبعد من المليشيا وصولا لبقية الولايات التي يجب أن تستعد بالمقاومة الشعبية المسلحة وهذا الشكل الأخير واجب في ولايات النيل الأبيض والقضارف وسنار وشمال كردفان ونهر النيل وشمال دارفور والشمالية وجنوب كردفان والنيل الأزرق وكسلا والبحر الأحمر وفي كل مكان لم تدخله المليشيا.
غير هذا الحديث هو كذب وتضليل
والسلام عليكم ورحمة الله
هشام الشواني
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ولایة الجزیرة
إقرأ أيضاً:
الشيوعي: الفظائع في ولاية الجزيرة تتحمل مسؤوليتها مُباشرة قيادة الجيش قانونياً وسياسياً
قال الحزب الشيوعي السوداني إن الفظائع والإنتهاكات التي حدثت في ود مدني وولاية الجزيرة تتحمل مسؤوليتها مُباشرة قيادة الجيش قانونياً وسياسياً بلا أي إمكانية للإفلات من المحاسبة والعقاب.
الخرطوم _ التغيير
و أدان الحزب الشيوعي السوداني الإنتهاكات الجسيمة التي تحدث حالياً في ولاية الجزيرة وسط السودان، وموجة العنف والإرهاب والترويع المُستعرة بوتائر مُتسارعة هناك.
وقال الشيوعي إن قيادة الجيش مسؤولية قانوناً عن أفعال الضباط والجنود تحت قيادتها، وكذلك عن القوات “الأخرى” المُتحالفة معها، وعن مسؤوليتهم عن أمان المواطنين في مناطق سيطرة الجيش، و أضاف “إن الخطابات الصادرة مُباشرة عن قيادات الجيش تعطي الضوء الأخضر للقوات لممارسة كل الإنتهاكات دون قيد _ لجام_ كما لوحظ في الخطاب الأخير للرجل الثاني في قيادة الجيش”.
و نوه الشيوعي إلى أن هذه الإنتهاكات سبقتها موجة من خطاب التحريض والعنف والوعيد، تارة تحت دعاوى “المُتعاونين” وتارة تحت دعاوى (حسم الفوضى التي سبقت سقوط ود مدني ! ) ، وحملة تحريض ضخمة ضد المواطنين من سُكان الكنابي…
وأكد الشيوعي أن هذه الحملة تم الإعداد لها وتنظيمها من قِبل الفئات الداعمة لإستمرار الحرب وتستفيد منها، وهي مستمرة، وأدت وستؤدي إلى نتائج وخيمة.
وقطع الحزب بأن وحدة المجتمع السوداني والسلم الأهلي هي مسؤولية الجميع ويجب الدفاع عنهما بلا هوادة أمام هذه المُهددات الماثلة والتي لها نتائج حالية ومستقبلية شديدة الخُطورة.
وقال الشيوعي “ندين بشكل حاسم وصريح مجزرة كمبو خمسة طيبة شرق أم القرى، وقتل المدنيين في مناطق أخرى في الجزيرة، وندعو إلى وقف هذه الإنتهاكات والفظائع فوراً، وكذلك تقديم مُرتكبيها إلى محاكمات عادلة”، و أضاف “كما نُهيب بالمجتمع السوداني ومُنظماته الحقوقية والسياسية أن يعلنوا إدانة ما حدث بشكل واضح وصريح، كذلك واجب رصد كل الإنتهاكات وتوثيقها”.
ودعا الشيوعي إلى المبادرة للتمسك بالسلم الأهلي وسيادة حكم القانون وحماية حقوق الإنسان في البلاد في ظل هذه الحرب الكارثية.
و أشار الشيوعي إلى أن طرفا الحرب مارسا إنتهاكات في حق الشعب السوداني ترقى لمستوى جرائم الحرب، ولقي سكان الجزيرة منها النصيب الأكبر؛ وقال “كل ذلك يكشف ويجرد طرفي الحرب من شعاراتهم التي يخوضون بها هذه الحرب البغيضة، ويجعل من إدانتهما ورفض حربهما وكشف زيف كل إدعاءاتهما واجب مقدم”.
وقطع الشيوعي بأن هذه الفظائع لن تنتهي إلا بإيقاف هذه الحرب، وعبر عمل وطني شعبي خالص، من الشعب السوداني وقواه الحية و أكد أنها قادر على ذلك.
الوسومالانتهاكات الحزب الشيوعي ود مدني ولاية الجزيرة