ما يحدث اليوم في واقع البلاد يعكس طبيعة الحرب التي تخوضها المليشيا ضد الدولة بكل أركانها، الشعب والمؤسسات بما في ذلك القوات المسلحة السودانية. هذا التعريف بات في حكم الثابت والمطلق لدى الكثيرين بسبب التجربة العملية قبل الفهم النظري؛ فالمليشيا هي اليوم تجمع قوات تحمل الخراب والرعب والموت والإبادة. المليشيا اليوم شر مستطير منفلت يتحرك ليخرج البلاد.

السؤال: ما هو نموذج الاستجابة المدنية التي حدثت في ولاية الجزيرة؟ وما علاقة هذه الاستجابة المدنية بالمقاومة الشعبية؟

إن دخول مليشيا الدعم السريع لقرى ومدن ولاية الجزيرة كان حدثا محبطا للكثيرين وبغض النظر عن تفسير هذا الحدث نود هنا الإشارة لحقائق من الواقع المباشر الذي عايشه الناس هناك.

لقد حدثت بنمط متشابه حالات انتهاكات كثيفة في القرى والمدن بما في ذلك مدينة ود مدني، مع نزوح ضخم خارج الولاية، الانتهاكات المباشرة تجاه المواطنين كانت تبدأ من السرقة والنهب والترويع والاختطاف وطلب الفدية حتى القتل. حالة من الفوضى تسببت فيها المليشيا هناك. ولكن لا تزال ولاية الجزيرة بكل قراها تحوي عدد ضخم من المواطنين بأكثر من العدد الذي نزح. جزء من هذه القرى تحت السيطرة التامة للمليشيا. فما هي الاستجابة التي حدثت هناك؟

لقد أكدت استجابة الناس على المسافة الهائلة بينهم وبين التطبيع مع المليشيا، فقد جاءت التقارير والمشاهدات لتروي كيف أن قوات الدعم السريع هي الآن عبارة عن تجمع لزُمر من المقاتلين الذين لا يربط بينها نظام منضبط، ولا توجد جهة معينة يمكن تسميتها بالمخربين والمتفلتين بل هذه طبيعة تركيبية في هذه القوات، وبالتالي فإن حالات النهب والسلب هي شيء طبيعي بالنسبة لهذه القوات.

حاولت عدة قرى عقد اتفاقات مع القوات أو مجموعة منها لتأتي مجموعة أخرى ويحدث اشتباك وقد تفاوتت النماذج بين عدة قرى، في رفاعة مثلا حدثت حالات قتل ونهب ثم هدأت الأمور قليلا، في ود راوة كذلك وفي أربجي تحرك الناس من البداية متكاتفين ومصممين على الصمود وهم عزل وقد أحدث صمودهم الجماعي نوع من الضغط الأمر الذي جعل قادة المليشيا هناك يحاولون كسب الناس الذين شاهدوا اشتباكات داخل صفوف المليشيا.

إن واقع قرى الجزيرة اليوم يدل بشكل حاسم على استحالة إدارة المليشيا للمناطق بطريقة مماثلة لمناطق وجود الدولة والجيش والشرطة، ومبادرة الناس هناك تمثل شكلا مبدعا للمقاومة في حدود ما يستطيعونه، وهي شكل من أشكال المقاومة الشعبية المنطلقة من إرادة الناس الطبيعية للحياة وتدور حول شرط مهم هو: ضرور ابتعاد المليشيا من القرى وعمل دوريات ليلية ضد جنود المليشيا اللصوص وسائقي المواتر مع اتخاذ كافة الطرق لإفهام قادة المليشيا بأن المطلوب فقط شيء واحد هو: الخروج من القرية وأنهم لن يسألوهم وفي المقابل لا يرغبون في وجودهم بينهم.

الحقائق من الميدان تؤكد ما ذكرناه وبالتالي على القوى السياسية والمدنية التي تحدثت عن إدارة المليشيا المدنية لولاية الجزيرة أن تخجل وتحترم موقف الناس واستجابتهم وبالتالي عليها أن تقوم بالآتي:

١- ضمان وصول صوت المواطنين للجهات الدولية حتى تعرف طبيعة هذه المليشيا وبالتالي ممارسة ضغط عليها سيثمر مزيد من الإبتعاد عن المواطنين بما يضمن حمايتهم.
٢- مطالبة المليشيا بالخروج من القرى وترك المواطنين وإرجاع المخطوفين والخروج من المرافق المدنية.
٣- تنفيذ إعلان جدة ١١ مايو الذي ضمن الحقوق الأساسية للمواطنين.

لقد رأينا إعلان أديس الموقع بين المليشيا والقحاتة يتنصل تماما عن حقوق الناس، ويمنح المليشيا المناطق المدنية كأنها رهينة في يد المليشيا من أجل كسب نقاط في التفاوض يمنح الحليفين المليشيا والقحاتة وضعية سياسية. بمعنى أن قحت تفاوض بدماء وأمن مواطني الجزيرة. ولقد تأكدت بشكل شخصي ومن مصدر قريب من هذه القوى السياسية أن اللقاء الأخير بين المتمرد حميدتي وقحت قد تناول بعد نهاية اللقاء ووقف التصوير والكلمات حديث عن ما حدث في الجزيرة، وقد تحدث فيه حميدتي مباشرة لهؤلاء القحاتة بأنهم غير قادرين على حسم هؤلاء المتفلتين والنهابة الذين يقاتلون معهم. وأن قواته اليوم هي تجمع من كل هؤلاء وبالتالي لا يمكن أن يفعل شيء حيال ذلك. هذه المعلومة حقيقية وأنا مسؤول عنها بشكل شخصي.

على ما سبق يجب علينا دعم مواطني الجزيرة وتشجيعهم على أي استجابة تناسب واقعهم فكل ما يقومون به هناك هو شكل من أشكال المقاومة الشعبية المدنية وبالطبع لابد أن تزيد وتيرة المقاومة كل ما كانت القرية أبعد من المليشيا وصولا لبقية الولايات التي يجب أن تستعد بالمقاومة الشعبية المسلحة وهذا الشكل الأخير واجب في ولايات النيل الأبيض والقضارف وسنار وشمال كردفان ونهر النيل وشمال دارفور والشمالية وجنوب كردفان والنيل الأزرق وكسلا والبحر الأحمر وفي كل مكان لم تدخله المليشيا.
غير هذا الحديث هو كذب وتضليل
والسلام عليكم ورحمة الله

هشام الشواني

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ولایة الجزیرة

إقرأ أيضاً:

هناك شروط لا يستجاب الدعاء إلا بها فما هى؟.. شيخ الأزهر يوضحها

كشف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف خلال تصريحات له عن شروط الدعاء المستجاب. 

وقال إن الدعاء المستجاب له شروط أولها أن يكون المطعم حلالا، وثانيها أن لا يكون لاهيا، بمعنى أن يكون الدعاء مع حضور القلب والخشوع والثقة في كرم الله تعالى وفضله، وثالثها ألا يسأل شيئا مستحيلا في العقل ولا في العادة، كأن يقول على سبيل المثال: "اللهم ارزقني بيتا في المريخ"، فهذا من المستحيلات ولا يجوز دعاء الله تعالى به، أو أن يكون الدعاء لطلب المال والجاه للتفاخر، فهذا غرض فاسد، أما لو كان الدعاء طلبا للمال لينعم به وينعم الآخرين معه، فهذا مشروع.

آداب الدعاء 

واوضح فضيلته آداب الدعاء، ومن أهمها:

- خفض الصوت مصداقا لقوله تعالى: "وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بين ذلك سبيلا"، وقوله في آية أخرى: "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، والمعتدي هو الذي يجاوز حدود الصوت المعتدل في الدعاء. 

- رفع اليدين، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يرفعهما حتى يُرى بياض إبطه

- وأن يوقن بالإجابة

-وأن يفتتح الدعاء بالثناء على الله تعالى، وبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 

- وفي آخر الدعاء  يمسح وجهه بيديه. 

ونوه الطيب أن آداب الدعاء مستحبة، وإذا فقدت قد يستجاب الدعاء، أما الشروط فهي واجبة، وإذا فقدت فقد المشروط، ولا يستجاب الدعاء بدونها.

منحة شيخ الأزهر بمناسبة عيد الفطر.. أماكن الصرف والمستحقين«فإني قريب أجيب دعوة الداع».. شيخ الأزهر يصحح اعتقادا شائعا في معنى «قُرب الله»شيخ الأزهر: التاريخ لا يعرف نظامًا كرَّمَ الأم مثلما جاءت به شريعة الإسلامشيخ الأزهر: شريعة الإسلام جعلت بر الأم من أصول الفضائل.. وبرَّها كنز يُورِث السعة في الرزقأزلية لا تُحدَث.. شيخ الأزهر يحذر من نسب الصفات الحادثة لله تعالى

ولفت، شيخ الأزهر الشريف الى أنه من النصوص القرآنية الدالة على اسم الله تعالى "المجيب"، قوله تعالى: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ"، وقوله تعالى أيضا: "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"، وقوله في آية أخرى: "مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ"، ويفهم من كل هذه الآيات على ظاهرها أن هناك معية بذاته تعالى، وهذا مستحيل وغير متصور في حقه تعالى، لأن القديم يستحيل أن يتصف بحادث من الحوادث.

وأشار الى أن من الأدلة على اسم الله تعالى المجيب في السنة النبوية، قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن الذي تدعون ليس بأصم ولا غائب، إن الذي تدعون بينكم وبين أعناق ركابكم"، والدليل العقلي والنقلي يمنع تفسير هذه النصوص على ظاهرها، ويؤخذ من هذا الحديث نهي نبينا "صلى الله عليه  وسلم" عن الصراخ الشديد أثناء الدعاء، تلك الظاهرة التي نراها كثيرا في أيامنا هذه، فالدعاء له آداب منها "الخشوع" مصداقا لقوله تعالى: " ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً".

وبين الإمام الطيب، أن معنى اسم الله تعالى "المجيب" هو استجابة دعوة الداعي وقبولها، مصداقا لقوله تعالى: "قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لا يعلمون"، والمعنى الثاني هو إعطاء السائل ما طلبه، والإعطاء فعل، وبهذا المعنى يكون من صفات الأفعال

وذكر أن هناك معنى ثالث لاسم الله تعالى "المجيب" وذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ ربَّكم حييٌّ كريمٌ يستحيي من عبدِه أن يرفعَ إليه يدَيْه فيرُدَّهما صِفرًا أو قال خائبتَيْن"، بمعنى استجابة الدعاء وهي هنا صفة فعل، فإذا كان المعنى يعطي السائل طلبه فهذا من صفة الأفعال، أما استجابة الدعاء فهو من صفات الذات.

مقالات مشابهة

  • الإعدام شنقاً حتى الموت على متعاون مع المليشيا المتمردة
  • رعود قوية وأمطار غزيرة على 19 ولاية اليوم
  • الجيش يعلن السيطرة على كامل ولاية الجزيرة
  • المليشيا تتجرع هزيمة نكراء في الخرطوم .. وهي حالياً في مرحلة هروب جماعي
  • إنهيار المليشيا .. الحلقة الأخيرة من تراجيديا الجنجويد
  • وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين في اليوم المفتوح
  • لا توقفوا الحديث عن غزة.. وصية مراسل الجزيرة مباشر حسام شبات للعالم
  • أحمد شوبير يشوق متابعيه لـ حلقتة اليوم الوش التانيط
  • هناك شروط لا يستجاب الدعاء إلا بها فما هى؟.. شيخ الأزهر يوضحها
  • كثيرون يتساءلون لماذا لا يستهدف الجيش قوات المليشيا المنسحبة من الخرطوم؟