كان الجندي الإسرائيلي شاحار مندلسون يتحدث إلى إذاعة جيش الاحتلال ناعيًا باكيًا قائده المقتول "النقيب هرئيل إيتاح"، الضابط في اللواء 84 جيفعاتي، أحد ألوية المشاة التابع لقيادة المنطقة الجنوبية، وقدم مثالًا لما توهم أنه "تصرف إنساني" قام به أثناء اقتحام أحد المنازل في غزة، وأكد أنه "سمع بكاء طفلة رضيعة لا يوجد حولها أحد من أسرتها فأخذها ونقلها إلى إسرائيل"، واعترف جندي آخر بصحة أقوال زميله "مندلسون" وكشف في حديث لموقع إخباري عبري أن "النقيب هرئيل نقل الطفلة الرضيعة إلى أحد المستشفيات في إسرائيل"، ولم يتوقع الجنديان أن كلمات الرثاء العابر سوف تصبح شهادة موثقة على ارتكاب الضابط القتيل وآخرين من زملائه لجريمة اختطاف رضيعة فلسطينية ويفتح الأبواب أمام المزيد من الاتهامات الموجهة لضباط وجنود الاحتلال!!

في الساعات الأخيرة من العام 2023، لقي النقيب هرئيل إيتاح مصرعه بعد فشل الأطباء في علاجه من إصابات قاتلة لحقت به عقب انفجار عبوة ناسفة كانت تنتظر مجموعة من ضباط وجنود "اللواء جفعاتي" أثناء هجومهم على أحد المنازل في خان يونس، وذكرت مواقع عبرية رواية أخرى تقول "إن هرئيل واثنين من أفراد القوة أصيبوا في قصف صاروخي"، وعندما نظم جيش الاحتلال مراسم التشييع التي شارك فيها المئات من الضباط والجنود، منح بعضهم تصريحًا بالحديث لوسائل الإعلام العبرية عن النقيب المقتول لرثائه والتغني بأمجاده المتوهمة!!

تحدث الجندي الإسرائيلي شاحار مندلسون إلى إذاعة جيش الاحتلال عن "الطفلة الغزاوية الرضيعة" التي عثر عليها النقيب هرئيل في أحد المنازل ونقلها من غزة إلى إسرائيل، وقال مندلسون: "لقد تحدث مع أحد أصدقائه في أثناء وجوده في غزة، وأخبره أنه سمع بكاء رضيعة في أحد المنازل التي دخلها فقرر أن يرسلها إلى إسرائيل"، وأضاف: "لقد أخذ تلك الرضيعة الغزاوية.

. أخذها إلى إسرائيل"، وفي إجابته عن سؤال حول عائلة الرضيعة، وإذا كانت العائلة قد قُتلت على الأرجح بقصف إسرائيلي ولم يكن أحد في محيطها، أجاب مندلسون: "صحيح"، ولم يقدم مندلسون أي معلومات تكشف مصير الرضيعة بعد نقلها إلى إسرائيل كما امتنع عن تقديم معلومات عن منزل عائلة الطفلة الرضيعة في غزة، وظل مصير الطفلة المخطوفة مجهولًا بعد وفاة الضابط الخاطف.

ونشر موقع إخباري عبري حديثًا لجندي آخر كان من المصابين في القوة التي كان يتولى قيادتها النقيب المقتول، وأفاد بأن "صديقه (هرئيل) قد قام بنقل الرضيعة الفلسطينية إلى مستشفى في إسرائيل من أجل تلقي العلاج، دون أن يكشف عن اسم المستشفى"، ولم يقدم الجندي أي تفاصيل تساعد في الوصول إلى الطفلة المخطوفة!!

وعندما نراجع شهادة الجنديين على اتهام قائدهم هرئيل إيتاح، نجد أنه عثر على الطفلة الرضيعة أثناء هجوم مجموعته العسكرية على أحد المنازل في شمال غزة وخرج بها أمام زملائه من الضباط والجنود واصطحبها أمامهم وبمساعدة منهم ونقلها من شمال غزة إلى إسرائيل، وعند وصوله إلى المستشفى كان هناك شركاء من الفريق الطبي والإداري تسلموا الطفلة الرضيعة وقاموا بإخفائها، ولو كان الأمر يتوقف عند الرعاية الطبية والإنسانية لأصدر المستشفى بيانًا يتباهى فيه بالعمل الإنساني المزعوم ويكشف عن مصير الطفلة المفقودة!!

النقيب القتيل هرئيل إيتاح المتهم باختطاف الطفلة الرضيعة

وفي الثاني من يناير 2024، أصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية بيانًا يدعو إسرائيل إلى تسليم "الطفلة الرضيعة المُختطفة" إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، وقالت الوزارة: "إن هناك عددًا من الأسئلة التي تتعلق بهذه الجريمة المؤلمة وغيرها، خاصة في وجود تأكيدات بأنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي تحدث في قطاع غزة؟ وتساءلت الوزارة في بيانها عن الطريقة التي تم بها نقل الرضيعة من قطاع غزة إلى إسرائيل، وقالت: "كيف تم تهريبها أو نقلها بشكل علني بمعرفة العديد من الجنود والضباط والقادة؟ وما مصير الرضيعة وأسرتها؟ وأين توجد اﻵن؟ ولماذا لم يتم الإعلان عن هذه الجريمة من قبل المؤسسات الرسمية الإسرائيلية؟!".

وفي أول رد على بيان الخارجية الفلسطينية وبعد الانتشار الإعلامي الكبير للجريمة الفاضحة، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي بيانًا ينفي فيه كل ما تردد حول الواقعة، وزعم أنه "بعد الفحص الذي أجري بالموضوع تبين أنه لم يتم أخذ أي رضيعة فلسطينية من غزة إلى داخل إسرائيل"، وأضاف: "مزاعم اختطاف الرضيعة عارية عن الصحة تماما"، وحذفت إذاعة جيش الاحتلال حديث الجندي مندلسون من موقعها وحساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن حقق التسجيل الصوتي انتشارًا كبيرًا في العديد من المواقع الإخبارية وفي العديد من الحسابات والصفحات المعروفة، بينما لم يتم حذف تصريحات الجندي الثاني من المواقع الإخبارية العبرية المصنفة ظاهريًا بأنها من مواقع المعارضة في إسرائيل!!

لقد تحول رثاء ضابط الاحتلال المقتول "هرئيل إيتاح" إلى شهادة توثق جريمة اختطاف الطفلة الفلسطينية الرضيعة، وتفتح الأبواب على مصارعها أمام العديد من التساؤلات حول جرائم اختطاف أطفال غزة بأيدي ضباط وجنود جيش الاحتلال الذين كانوا يعتقلون الأطفال بادعاء أنهم ينقلونهم إلى إسرائيل لإجراء تحاليل (DNA) للتحقق من أنهم من الفلسطينيين وليسوا من أطفال إسرائيل المفقودين بعد السابع من أكتوبر 2023؟!!

وبعد اختفاء الأطفال المُختطفين وعدم عودتهم إلى عائلاتهم في غزة، يأتي السؤال الأهم: هل كانوا ينقلون الأطفال الفلسطينيين من غزة إلى إسرائيل ليتحولوا إلى أشلاء متفرقة بين خزائن بنك الأعضاء البشرية وصفقات سرية بين الضباط وشبكات التربح من تجارة الأعضاء؟!

وأخيرًا وليس آخرًا، هل تطالب الفصائل الفلسطينية باعتبار "الرضيعة الغزاوية المختطفة" من أهم الموضوعات المطروحة على طاولة مفاوضات تبادل الأسرى مع إسرائيل، إن كانت على قيد الحياة أو انتقلت إلى قوافل الشهداء؟! وهل يتم إدراج حالتها في أول قائمة من قوائم الأسرى والمعتقلين والمختطفين الفلسطينيين المطلوب تحريرهم؟!

نأمل في أن تكون الإجابة "نعم" ليكون العمل على تحرير الطفلة الرضيعة، بداية لإجراءات أخرى للكشف عن مصير الأطفال الفلسطينيين المفقودين منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: غزة إلى إسرائیل الطفلة الرضیعة جیش الاحتلال أحد المنازل فی إسرائیل العدید من فی غزة

إقرأ أيضاً:

ما هي منظمة حاباد اليهودية التي اختفى أحد حاخاماتها في الإمارات؟

أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، أن حاخاما يهوديا من منظمة "حاباد" اختفى في الإمارات منذ أربعة أيام في ظروف غامضة.

وتشتبه السلطات الإسرائيلية بأن الحاخام زفي كوغان، والذي ذكرت وسائل إعلام أنه ضابط في الجيش أيضا، تعرض للاختطاف أو القتل من قبل "جهة معادية" خلال وجوده في الإمارات.

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" فإن كوغان كان يقيم في الإمارات بشكل رسمي بصفته مساعدا للحاخام اليهودي الأكبر في أبو ظبي.

وينتمي كوغان إلى منظمة "حاباد" أو "شاباد" اليهودية، والتي برزت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وفي تموز/ يوليو ظهر علم "حاباد" باللون الأصفر على إحدى دبابات الاحتلال، التي دمرها مقاتل من كتائب القسام، بواسطة عبوة ناسفة في تل السلطان برفح.

ويظهر على العلم الملون بالأصفر، تاج أزرق، وتحته بالعبرية عبارة "مشيح" أو مسيح، ويقصد بها المسيح المخلص وفقا للاعتقاد اليهودي الذي سيأتي في آخر الزمان ليقود اليهود.

وترفع هذا العلم منظمة حاباد أو "حاباد لوبافيتش"، وهي من أشهر المنظمات اليهودية الأرثوذكسية الحسيدية، حول العالم، والتي تمتلك علاقات واسعة على مستوى السياسيين، وتنفتح على العلمانيين لتحقيق أهدافها.

والحسيديون هم اليهود المتدينون الغربيون، القادمون من دول أوروبا الشرقية، ونسبة انفتاحهم أكبر من الحريديم، وهم اليهود الشرقيون والذين يبقون منغلقين على أنفسهم، وخاصة على الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال، والتي حرموها مؤخرا.


تأسيس المنظمة

يعود تأسيس الحاباد إلى عام 1775 على يد الحاخام شنيور زلمان ليادي واشتق اسمها من اختصار الكلمات العبرية الثلاث "دآت، بيناه، حوكماه"، وتعني "الحكمة والفهم والمعرفة"، وفي الثلاثينيات نقل أحد حاخاماتها مركزها من مدينة لوبافيتش بروسيا إلى بولندا، ثم مع الحرب العالمية الثانية والعلاقة السيئة مع النازيين انتقلوا إلى الولايات المتحدة.

وخلال العقود التي تلت الخمسينيات، باتت منظمة حاباد، واحدة من أكثر المنظمات اليهودية انتشارا حول العالم، وتشعبت في العديد من القطاعات مستهدفة اليهود في العالم، وكان يتزعمها آنذاك، الحاخام، مناحيم مندل شنايرسون، والذي وصل تقديس أتباعه له إلى حد أن يطلقوا عليه لقب المسيح.

ويقدر عدد أتباع الحاباد، من الحسيديم بنحو 95 ألف شخص، أي ما يمثل قرابة 13 بالمئة من الحسيديم حول العالم، ولها نفوذ واسع في الولايات المتحدة.


التخلص من الفلسطينيين

تعد منظمة حاباد، من المنظمات المتطرفة، التي لا تؤمن بوجود الفلسطينيين، وتدعو للتخلص منهم وطردهم من فلسطين المحتلة، وتعارض أي اتفاق يمكن أن يمنحهم جزءا من أراضيهم.

ونشطت منذ بدء العدوان على غزة، عبر دعم جيش الاحتلال، بالتجهيزات اللوجستية للجنود، وجمع التبرعات لتوفير احتياجاته، والحضور بشكل واضح باسمها خلال العدوان.

ونظمت العديد من الفعاليات، ورفعت لافتات، تدعو فيها بصراحة إلى عودة الاستيطانية إلى قطاع غزة، فضلا عن توسيع التهام الأراضي في الضفة الغربية لصالح الاستيطان.

وقام عدد من جنود الاحتلال، في بداية العدوان، برفع لافتة على أحد منازل بيت حانون شمال غزة، وأطلقوا عليه اسم "أول بيت حاباد" في غزة، وأقاموا فيه احتفالا بعيد الحانوكاه اليهودي، قبل أن ينسحبوا على وقع ضربات المقاومة ويدمروا المنطقة.

وخلال المعارك في غزة، رفعت رايات ولافتات منظمة حاباد، وشعار المسيح كرايات وعلى الدبابات التي فجرتها المقاومة وظهر ذلك على الأقل في توثيقين مصورين لكتائب القسام.

كما قامت المنظمة بنصب شمعدان يهودي للاحتفال بعيد الحانوكاه في قطاع غزة، قبل أن ينسحبوا من المنطقة التي جرى فيها الاحتلال بدايات العدوان.

السيطرة على الجيش

كشفت تقارير عبرية، أن 80 بالمئة من الفعاليات التربوية الدينية، لجنود جيش الاحتلال، والتي يشارك فيها ضباط من قادة السرايا والرتب الأكبر، ويطلق عليها "أيام السبت التربوية"، تنفذها منظمات يمينية استيطانية، تخضع جميعها لحركة حاباد اليهودية.

وقالت صحيفة معاريف العبرية، إن الجيش تخلى عن المجال التربوي للجنود لصالح منظمات يهودية لها أجندة مثل حاباد، وهو ما يعتبره ضباط خطرا على خطاب الهوية الإسرائيلية.

وتمكنت حاباد من التسلل إلى القطاع التربوي في جيش الاحتلال، عبر بند التمويل، والذي يشترط فيه الجيش، أن تنظيم الفعاليات من أية جهة، يجب أن تموله المنظمة بنفسها عبر التبرعات، وحاباد من أقوى المنظمات التي يمكنها جمع التبرعات من اليهود المتطرفين، لإقامة فعاليات توراتية داخل الجيش.

مناطق التواجد

تسيطر منظمة حاباد على منطقة تدعى كفار حاباد، وهي الضاحية الملاصقة لمطار بن غوريون على أراضي يافا المحتلة، والتي يقدر عدد قاطنيها بأكثر من 7 آلاف نسمة، وهم من أتباعها، كما أن لهم وجودا في صفد، منذ تسلل اليهود من أوروبا الشرقية إلى فلسطين المحتلة، ما بين 1777- 1840، وقاموا بإنشاء مجتمع خاص بهم، ومعابد ومحاولات استيطانية مبكرة عبر الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين.

كما أن لهم تواجدا بعشرات الآلاف في كل من فرنسا وكندا، إضافة إلى الإمارات، والتي أنشأوا فيها المركز المجتمعي اليهودي والذي يحوي كنيسا ولفائف من التوراة، ويوفر الدواجن الحلال وفقا للشريعة اليهودية "الطعام الكوشير"، لأتباع المنظمة في الإمارات، ويترأس مركز الحاباد الحاخام ليفي دوشمان.

مقالات مشابهة

  • ما هي منظمة حاباد اليهودية التي اختفى أحد حاخاماتها في الإمارات؟
  • الرئيس الكولومبي: هدف حرب الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” في غزة منع قيام وطن للفلسطينيين
  • السلطة الفلسطينية تتهم إسرائيل بتشجيع المستوطنين على الإرهاب
  • "الخارجية الفلسطينية": قرار إسرائيل بإلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على الإرهاب
  • «الخارجية الفلسطينية»: قرار إسرائيل إلغاء اعتقال المستوطنين يشجع على المزيد من الجرائم
  • الجيش اللبناني يغلق الطريق بين النبطية ومرجعيون بعد تقدم إسرائيلي بـ«الميركافا»
  • تنفيذًا لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 185 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: قرار «الجنائية الدولية» خطوة محورية لمحاسبة إسرائيل
  • وزير مغربي سابق يدعو إلى تحرير الفلسطينيين من الاحتلال والصهيونية
  • 3 شهداء في قصف للاحتلال استهدف منطقة ميراج في رفح الفلسطينية