الأسبوع:
2024-09-30@22:32:34 GMT

ليس بالغريب على جنوب إفريقيا

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT

ليس بالغريب على جنوب إفريقيا

جنوب إفريقيا تلك الدولة التي عانت لسنوات من جرائم الاضطهاد والعنصرية والتمييز الذي مورس ضد سكانها الأصليين من جانب المستعمر الهولندي، ومن بعده المستعمر البريطاني، بعد أن ذاقت جنوب إفريقيا صنوف العذاب والتحقير والتمييز العرقي، حتى تمكن شعبها بقادته ومناضليه أن يستردوا حقوقهم المغتصبة داخل بلدهم، ومن هؤلاء القادة الأبطال كان القائد الراحل الزعيم نيلسون مانديلا، الذي سُجن وعُذب من أجل قضية بلاده، إلى أن أصبح رئيسًا لجنوب إفريقيا، تلك الدولة التي يُضرب بها المثل في تصدي منضاليها للبيض المستعمرين، الذين أجرموا في حق جنوب إفريقيا لعقود طوال، و انطلاقًا من تلك الأمجاد والإحساس بشعوب العالم المقهورة، تأتي جنوب إفريقيا قبل غيرها من الدول بما فيها الدول العربية، وتتقدم بمذكرة لمحكمة العدل الدولية في لاهاي ضد إسرائيل متهمة إياها بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد أبناء غزة والضفة الغربية، ومطالبة المحكمة باتخاذ الإجراءات الرادعة، والملزمة ضد حكومة إسرائيل، بما ترتكبه من جرائم وحشية تتناقض مع الأعراف والقوانين الدولية، وتحتوي المذكرة على أربع وثمانين صفحة تشتمل على الكثير من الأدلة التي توضح الجرائم والانتهاكات مع ملحقات الدعوة، وترتكز على تحليل ونقد واقعي وقانوني للحقائق، بهدف إصدار المحكمة قرارات ولو مؤقتة وعاجلة لوقف الحرب والعدوان على أبناء غزة والضفة الغربية، وطلبها أيضًا من المحكمة حماية الشعب الفلسطيني وحقوقه بموجب معاهدة منع الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1948، وكانت إسرائيل من أوائل الدول التي وقعت على تلك الاتفاقية، ما يلزمها قانونًا بوقف تلك الانتهاكات والتجاوزات في حق أبناء الشعب الفلسطيني، ومع التصرف الجريء من جنوب إفريقيا فإن قادة إسرائيل المتطرفين يشعرون بالقلق والترقب من إمكانية إصدار المحكمة قرارًا يدين إسرائيل، ما جعلهم ينوون إرسال أحد ممثليهم للمثول أمام المحكمة التي يرجح عقدها يومي 11 و12 من شهر يناير الجاري، وقد قابلت حكومة إسرائيل طلب جنوب إفريقيا بالاستهجان والاستنكار، مدعيةً بأن مذكرتها تلك لا تستند لأي أساس قانوني، ومتهمة جنوب إفريقيا بالتعاون مع جماعة إرهابية وتقصد حركة المقاومة "حماس"، والأغرب في الموضوع أن أمريكا المنحازة لحليفتها إسرائيل وكعادتها، سارعت عبر "جون كيربي" المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي الذي اعتبر أن هذه الدعوة لا أساس لها من الصحة، ولا تستند إلى حقائق رغم أنها يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية، أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "ماثيو ميلر" فقد صرح بأن أمريكا لا ترى في أحداث غزة أي ارتكاب لإبادة جماعية من جانب الجيش الإسرائيلي، وعلى النقيض من تلك المواقف أعلنت تركيا عبر وزارة خارجيتها يوم الأربعاء الموافق ٣ من شهر يناير الجاري تأييدها، وترحيبها ومساندتها لدعوة جنوب إفريقيا فيما يتعلق بانتهاكات إسرائيل، والزامها بالانصياع، واحترام معاهدة منع جرائم الإبادة الجماعية.

لقد جاءت تلك الخطوة الجريئة من جانب جنوب إفريقيا لتمثل نقطة مضيئة، وإيجابية نحو المسار الصحيح من أجل إشعار المجتمع الدولي والشعوب الحرة بأنه سيأتي اليوم الذي تقف فيه كل الدول المتجبرة أمام المحاكم الدولية بما فيها إسرائيل وإجبارها على الخضوع للقوانين والأعراف الدولية، وبعدم التعالي على القانون الدولي، والتمادي في الظلم، والجبروت، ولربما أصدرت محكمة العدل الدولية قرارات إدانة ضد إسرائيل رغم أن قوانينها غير ملزمة، لتنفيذ أحكامها في حين أن القرارات المتوقعة ستكون دليل إثبات دوليًّا لما ترتكبه إسرائيل من جرائم ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وعندها ستصبح إسرائيل مدانة أمام قضاة المحكمة، وأمام كل دول العالم، وحول المرجح من القرارات المتوقعة من المحكمة يرى الخبراء والمهتمون بالقانون الدولي أن جرائم الإبادة تنطبق بكل تفاصيلها على كل ما حدث، ويحدث في قطاع غزة والضفة الغربية، إذا رأت المحكمة جرائم القتل والمجازر التي ارتكبت في حق المدنيين العزل من النساء والأطفال والشيوخ.

لقد لجأت جنوب إفريقيا مؤخرًا إلى محكمة العدل الدولية، وليس لمحكمة الجنايات الدولية التي تملك القدرة على تنفيذ أحكامها، ولكنها رفضت برئاسة مدعيها العام "كريم خان" استلام الدعوة، ورفضت أيضًا إدانة إسرائيل أو الإقرار بما ترتكبه من جرائم، ليكون ذلك دافعًا قويًّا تجاه بلداننا العربية والإسلامية للتحرك، لمناصرة، ومؤازرة جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: العدل الدولیة جنوب إفریقیا من جرائم

إقرأ أيضاً:

في ذكرى حكم محكمة العدل الدولية بأحقية مصر في «طابا».. كواليس الدفاع المصري في إثبات حقها واسترداد كامل أراضيها بالحرب والسلام والمفاوضات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يوافق اليوم الأحد، ذكرى الإعلان عن حكم هيئة التحكيم في جنيف بسويسرا في النزاع حول طابا، حيث استردت مصر  آخر جزء من سيناء الحبيبة، الحكم الذي قضى بأحقية مصر في طابا.

نجحت مصر في اللجوء للتحكيم الدولي، بالرغم من مماطلات إسرائيل، ليتم الحكم بمصرية طابا بعد إثبات 10 علامات حدودية لصالح مصر من مجموع 14 علامة بأغلبية 4 أصوات ضد صوت واحد، وإثبات 4 علامات لصالح مصر بإجماع الأصوات الخمسة.

بداية المشوار المصري لاسترداد الأراضي المحتلة

خاضت مصر رحلة طويلة عسكريًا وسياسيًا، امتدت لما يقرب من 22 عامًا، وللوصول إلى استرداد كل جزء من أرض سيناء، حيث بدأت خطواتها الأولى بعد أيام معدودة من نكسة 1967، واحتلال سيناء، شهدت جبهة القتال معارك شرسة خاصة خلال حرب الاستنزاف.

وفي السادس من أكتوبر 1973، انطلق المارد ليعبر قناة السويس، ويحطم خط بارليف ويحقق الانتصار وراء الانتصار على أرض سيناء، ومع توقف القتال في 28 أكتوبر 73، بدأت المباحثات التي لم تكن سهلة، وتم التوقيع على اتفاق فض الاشتباك الأول والثاني لتأتي بعد ذلك مفاوضات السلام وكامب ديفيد حيث استجابت مصر لنداء السلام.

بداية النزاع على طابا

استعادت مصر أرضها المحتلة بدماء وجهد وعرق وفكر  أبنائها من جنود القوات المسلحة، باستثناء طابا، إذ لم تنسحب منها إسرائيل بحجة أن هذه المساحة 1020 مترا لا تقع ضمن الأراضى المصرية.

جاء أول إعلان عن مشكلة طابا في مارس 1982 قبل شهر واحد من إتمام الانسحاب الإسرائيلى من سيناء عندما أعلن رئيس الجانب العسكرى المصري في اللجنة المصرية الإسرائيلية، أن هناك خلافًا جذريًا حول بعض النقاط الحدودية خاصة العلامة 91.

المماطلة الإسرائيلية للانسحاب من طابا

حرصت القيادة السياسية المصرية على إتمام الانسحاب الإسرائيلي، اتفق الجانبان على تأجيل الانسحاب من طابا وحل النزاع طبقا لقواعد القانون الدولى وبنود اتفاقية السلام، وبالتحديد المادة السابعة التى تنص على أن تحل الخلافات بشأن تطبيق، أو تفسير المعاهدة عن طريق المفاوضات وإذا لم يتيسر حل الخلاف يتجه للتوفيق أو التحكيم.

نص الاتفاق المؤقت الذي وقعته مصر وإسرائيل على عدم قيام إسرائيل ببناء أية منشآت فى المنطقة لحين الفصل فى النزاع، ولكن إسرائيل حاولت فرض الأمر الواقع، فأعلنت في 15 نوفمبر 1982 عن افتتاح فندق سونستا طابا، وإنشاء قرية سياحية، كما ماطلت إسرائيل في اللجوء إلى التحكيم مطالبة بالتوافق، وهو ما رفضته القيادة السياسية المصرية وأجبرت إسرائيل على قبول التحكيم في يناير عام 1986 بعد 4 سنوات من المماطلة، ودخل الجانبان في مفاوضات لصياغة شروط التحكيم، والتي انتهت في سبتمبر من نفس العام.

كانت مصر واثقة من حقها التاريخي في طابا، فاستخدمت كافة الوثائق الدبلوماسية والقانونية والمخطوطات النادرة لإثبات حقها، ومثلت الوثائق 61% من الأدلة المادية.

معركة قانونية لاسترداد طابا

خاضت مصر، معركة قانونية قوية بتشكيل فريق وطني كامل ومتنوع من خيرة رجالها عكفوا على إعداد الدفوع والحجج القانونية الدولية اليقينية والوثائق الدامغة والخرائط.

قسم الفريق إلى مجموعات عمل بدء من قبل عام 1982، واعتراف الباب العالى العثماني عام 1906 بتحديد الخط الفاصل بين الولاية المحروسة وبقية الأملاك العثمانية، مرورا بعام 1922، وقيام دولة مصرية ذات سيادة والانتداب البريطاني على فلسطين، وإعطاء الحد الفاصل صفة خط الحدود الدولي وانتهاء بوجود قوات الطوارئ الدولية بعد العدوان الثلاثي عام 1956 وحتى يونيو 67.

وزعمت إسرائيل أن علامات الحدود أزيلت بفعل العوامل الطبيعية، حيث عوامل التعرية، والحقيقة أنها هى التي أزالتها بنفسها وادعت عكس ذلك، وقدمت مصر للمحكمة الكثير من الأدلة والمستندات التي تؤكد أن هذه البقعة كانت دائما تحت سيطرة وسيادة مصر، وقدمت للمحكمة صورة الجنود المصريين تحت شجرة الدوم في هذه المنطقة، وكانت هذه الشجرة موجودة أثناء التحكيم، ومازالت وكانت شاهد إثبات على حق المصريين.

وبشهادة المراقبين الدوليين كان أداء فريق الدفاع المصري على مستوى عال من الكفاءة والمقدرة، حيث اتبع سياسة النفس الطويل في مواجهة المناورات الإسرائيلية ووضع أسس ثابتة أهمها لا تنازل عن أي قطعة من أرض الوطن أيا كانت مساحتها ولا مساومة على السيادة المصرية أيا كانت المبررات، وخلال نظر القضية حرصت مصر على أن تؤكد أن القضية ليست نزاعا على أرض، ولكنه نزاع على مواضع بعض علامات الحدود في حين كانت إسرائيل تحاول أن تصور الأمر على أنه إعادة لرسم الحدود، كما حاولت إرباك هيئة التحكيم بحيث إذا لم يصدر الحكم لمصلحة إسرائيل يصعب عليها الفصل في النزاع، وتصدر قرارها بترك النزاع للتفاوض على أساس أنه ليس واضحا.

نجاح مصر في استرداد طابا

نجحت مصر، وأصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمها في 27 سبتمبر 1988 بأحقية مصر فى ممارسة السيادة على كامل ترابها، وامتد عمل هيئة الدفاع المصرية بعد صدور الحكم ومراوغات إسرائيل في التنفيذ إلى عقد جولات أخرى من الاجتماعات لتنفيذ حكم التحكيم وتسليم طابا بمنشآتها إلى مصر حتى وصلت إلى المرحلة الأخيرة بتسليم طابا في 15 مارس 1989 ورفع العلم المصرى عليها فى 19 مارس من العام ذاته.

تتميز طابا بأهميتها الإستراتيجية، فهى تقع على رأس خليج العقبة بين سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية من جهة ومياه خليج العقبة من جهة أخرى، وعلى بعد 7 كيلومترات من الميناء الإسرائيلى إيلات شرقا، وعلى بعد 245 كيلو مترا شمال شرقى شرم الشيخ، كما تقع طابا فى مواجهة الحدود السعودية فى اتجاه مباشر لمدينة تبوك، علاوة على تمتع أبارها بمخزون ضخم من المياه العذبة.

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف يستقبل رئيس الطائفة الإنجيلية ووفدًا من مجلس كنائس جنوب إفريقيا
  • 35 عامًا على حكم المحكمة الدولية في نزاع بين مصر وإسرائيل.. تفاصيل
  • تزوير المستندات الرسمية.. أنواعها والعقوبات التي تضمنها القانون
  • وزارة العدل وحقوق الإنسان: العدو الإسرائيلي بارتكابه جرائم ضد الإنسانية يؤكد حقيقة إرهابه وتهديده للأمن والسلم الدوليين
  • العدل وحقوق الإنسان: العدو الإسرائيلي بارتكابه جرائم ضد الإنسانية يؤكد حقيقة إرهابه وتهديده للأمن والسلم الدوليين
  • في ذكرى حكم محكمة العدل الدولية بأحقية مصر في «طابا».. كواليس الدفاع المصري في إثبات حقها واسترداد كامل أراضيها بالحرب والسلام والمفاوضات
  • اليوم.. ذكرى حكم "العدل الدولية" بأحقية مصر في "طابا"
  • مقتل 17 شخصا جراء حادثي إطلاق نار جماعي في جنوب إفريقيا
  • «إزري شمال إفريقيا»: حصد جنوب سيناء جائزة التميز العالمية يعكس جهودها وتطورها
  • 17 قتيلاً بعد إطلاق نار على منزلين في جنوب إفريقيا