ما بين "أرض الأحلام" و"أرض الميعاد"!!
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
"والكلام عن أن الولايات المتحدة كوسيط شريف، وأمين تحاول بجد أن تقرب بين طرفين، لا علاقة له بما يجرى فى الواقع، فالولايات المتحدةـ كما أكد بعض المفاوضين الأمريكيين أنفسهم- تقوم بدور محامى إسرائيل ووسيط غير نزيه".. هكذا قال المفكر اليهودي الأمريكي الشهير "نعوم تشومسكي" إثر عملية "الجرف الصامد" التي شنها الجيش الصهيوني ضد قطاع غزة عام 2014م، وهو ما يفسر الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل، والذي يرقى إلى "مرحلة التماهي".
ويثور التساؤل: لماذا تفعل أمريكا ذلك؟.. والإجابة ربما تكون ماثلة أمام الجميع من نوعية أن إسرائيل "دولة وظيفية" تحقق أهداف أمريكا (والغرب) في المنطقة العربية بعدم اتصال العرب معًا جغرافيًا.. وهذه الإجابة صحيحة إلى حد بعيد، ولكنها ليست بتلك البساطة، وهو ما يقودنا إلى "البحث المعرفي" في جذور هذا "التماهي" الأمريكي الإسرائيلي.
بدايةً.. لا بد من لفت الانتباه إلى أن "المشروع الصهيوني" على يد "تيودور هيرتزل" لاستيطان أرض فلسطين التاريخية هو مشروع غربي بامتياز، فهو وليد الفكر الغربي الساعي للتخلص من "المشكلة اليهودية" التي أرقت أوروبا لعقود طويلة، وكان الحل تصدير هذه المشكلة لفلسطين والأمة العربية.
هذا أولاً، وثانيًا إن بريطانيا كانت هي "المُنشئ الحقيقي" للدولة الصهيونية مع "وعد بلفور" الشهير عام 1917م، ولا سيما وأنها كانت تحتل فلسطين، ثم صارت الأحداث باتجاه قرار التقسيم الأممي 1947م، وما تبعه من إعلان قيام "دولة إسرائيل" 1948م. ومن وقتها، تولت أمريكا عن بريطانيا مهمة رعاية، وإرواء الدولة الصهيونية حتى الآن.
ورغم حقيقة، وأهمية ما سبق تاريخيًا، إلا أن "الحلقة المفقودة" ما زالت قائمة لتفسير هذا التماهي "الصهيوأمريكي"، وهو ما سنجد تفسيره لدى المفكر الكبير د.عبد الوهاب المسيري الذي يرى أن ما بين "أرض الأحلام" (أمريكا)، وأرض الميعاد (إسرائيل)، ينفذ "الفردوس الأرضي" كـ"نموذج غربي مادي"، ليحول الأرض كلها جحيمًا تحت قدميه!!.
وقد أعلن المسيري هذا الرأى في كتابه المهم "الفردوس الأرضي"، إذ يقول بوضوح إن أمريكا وإسرائيل كليهما يرفض التاريخ بعناد وإصرار، فالبروتستانت المتطرفون الذين هاجروا إلى "أرض الميعاد" (أمريكا) يرفضون التاريخ المسيحي كله، ويرفضون أي رؤية تاريخية ويريدون العودة إلى البساطة الأولى، ويقولون إن تاريخ العالم ليس سوى مجرد تمهيد لظهور أمريكا. وكذلك اليهود يريدون العيش في كيان قومي مستقل لم تدخل عليه الشوائب التاريخية، كما أن عقلية الريادة والعنف العنصري لدى الشعبين يفسِّران كيف يمكن أن يفهم الشعب الأمريكي الإسرائيليين بسهولة شديدة للتشابه الشديد بينهما!!.
إذًا.. الغزاة المستوطنون الذين احتلوا أمريكا، وأبادوا سكانها الأصليين يشبهون تمامًا الغزاة المستوطنين اليهود الذين احتلوا أرض فلسطين، والذين ما زالوا يحاولون إبادة وطرد أهلها.. ولكن هيهات.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
القادسية.. «الفرص الضائعة» تقتل الأحلام!
سلطان آل علي (دبي)
يواصل القادسية تقديم موسم قوي في الدوري السعودي لكرة القدم، لكنه يواجه أزمة حقيقية في استغلال الفرص التهديفية، مما انعكس على نتائجه وترتيبه في البطولة.
ورغم الأداء المتميز وصناعة العديد من الفرص، فإن الفعالية الهجومية تبقى نقطة ضعف واضحة، حيث تشير الأرقام إلى أن الفريق يهدر عدداً هائلًا من الفرص السانحة للتسجيل، ما حرمه من نتائج أكثر إيجابية تجعله في موقع أقوى للمنافسة على اللقب.
توضح الإحصائيات مدى تأثير هذه المشكلة على القادسية، حيث صنع الفريق 88 فرصة محققة خلال الموسم، وهو ثاني أعلى رقم في الدوري خلف الهلال، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في استغلال هذه الفرص، إذ أضاع الفريق 59 فرصة، ليكون أكثر الفرق إهداراً للفرص، متفوقاً على الهلال «56 فرصة» والأهلي «53 فرصة».
لم يقتصر سوء الحظ على إهدار الفرص، بل امتدّ إلى الكرات التي اصطدمت بالقائمين والعارضة، حيث يعد القادسية ثالث أكثر الفرق تسديداً على الخشبات الثلاث، برصيد 14 كرة، خلف الهلال والشباب «15 كرة لكل منهما»، والأرقام توضح أن الفريق يعاني من مشكلة مزدوجة بين سوء استغلال الفرص والحظ العاثر أمام المرمى.
رغم الأرقام، يحتل القادسية المركز الثالث برصيد 51 نقطة، بفارق 7 نقاط عن الاتحاد المتصدر، وهو ما يعكس مدى تأثير الإهدار على موقفه في الصراع على القمة.
وسجل الفريق 37 هدفاً فقط، وهو رقم أقل بكثير من الهلال «68 هدفاً»، والاتحاد «57 هدفاً»، وحتى الأهلي «45 هدفاً»، مما يعني أن القادسية رغم قدرته على صنع الفرص، يفتقد الحسم الهجومي الذي يملكه منافسوه.
خلال الموسم، أضاع القادسية نقاطاً ثمينة بسبب إهدار الفرص، أبرزها في التعادل أمام الفتح 1-1، وأمام الرياض 1-1، إضافة إلى الخسارة أمام الأهلي 4-1، حيث أهدر الفريق فرصاً مؤكدة كانت ستغير مسار هذه المباريات، واتضح ذلك جلياً في المواجهة المباشرة مع «النمور»، والتي انتهت بالتعادل 1-1، لو كان الفريق أكثر دقة أمام المرمى، لكان قادراً على حصد انتصارات إضافية تمنحه أفضلية أكبر في المنافسة على اللقب.
عندما يكون فريق ما في قائمة الأفضل من حيث صناعة الفرص، لكنه في الوقت ذاته يتصدر قائمة الأكثر إهداراً لها، فإن المشكلة لا تقتصر على سوء الحظ فقط، بل تعكس ضعف الفاعلية الهجومية. سواء كان ذلك بسبب سوء إنهاء الهجمات أو التسرع أمام المرمى، فإن المدرب بحاجة لإيجاد حلول عاجلة، من خلال تحسين التدريبات على اللمسة الأخيرة أو إعادة النظر في طريقة اللعب الهجومية.
مع تبقي جولات حاسمة من الدوري، لا يزال أمام القادسية فرصة لمعالجة هذه المشكلة وتحقيق نتائج أقوى، والمدرب قد يكون بحاجة لمنح مهاجميه ثقة أكبر أمام المرمى، وربما العمل على تقليل التسرع في إنهاء الفرص، خصوصاً أن الفريق ينافس على مراكز متقدمة ولديه فرصة كبيرة لإنهاء الموسم في موقع جيد، وربما يحصد اللقب!