أصل الحكاية (١٢) العدوان وفشل الحِصار.. !!
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
في المقال السابق كان ٢٩ أكتوبر ١٩٥٦ هو اليوم المحدَّد لإجراء مفاوضات مصر، وإنجلترا وفرنسا في "جنيف"، ولكن للأسف أشارت فيه الدولتان لإسرائيل بإصبعيهما لتشن هجومها على مصر، فهل كانت مؤامرة العدوان الثلاثي مفاجأة لأمريكا؟ بالطبع لا، وإلَّا لماذا نَصَحَت رعاياها قبل أيامٍ بمغادرة إسرائيل ومصر والأردن وسورية ولم تُنْذِرهُم في العِراق!! كما صَرَّح "بِنْ جُوريون" في الكِنيسِت يوم ٢٥ أكتوبر أن نشاط، وهجوم الفدائيين في قلبِ إسرائيل ازداد وهذا يُشَكِّلُ خَطَرًا كبيرًا عليها وكان هذا التصريح تمهيدًا للعدوان كما أنها في ٢٨ أكتوبر أَعلَنت التعبئة العامة، وبَدِيهي أن الحرب الهجوميَّة لا تقوم فجأة بل يلزمها تخطيط وتجهيز يستغْرِقان شهورًا يستحيل خلالها جَهْل أمريكا بما يحدث لكنها تظاهَرَتْ بعدم معرفتها وتَرَكَت الجميع يتورَّطون لتَكْسَب هي في النهاية، وتبدو بصورةٍ حسنةٍ تحقق مصالحها في الشرق الأوسط (بإزاحة إنجلترا وفرنسا لتحلَّ محلهما)، ولكي تُفوَّت على "روسيا" فرصة ظهورِها على مسرح الأحداث فبَدَا موقف أمريكا المَائِع مُشكِكًا في نواياها.
كانت مصر مُنْشَغِلة بخطةٍ النهوض بمرافقها، واقتصادها وليس في تقديرها بدء أي سياسة عُدوانيِّة هُجوميِّة، وهي تحت ضغوط اقتصادية عَنيفة لإرغامِها على قبول رغبات الغَربْ ورغم ذلك أَوْلَت الجيش عنايتها الفائقة ليكون جاهزًا لحمايتها دائمًا، وكانت سياسة مصر العسكرية يومئذٍ تَقْضِي بأن تُعَسكِر قواتها الضَارِبَة في غرب القَناة أمَّا على الحدود المصرية- الفلسطينية فكان هناك ٦ كتائب (الكتيبة ٨٠٠ جندي) مُوزَّعة في "رفح"، و"أبي عجيلة"، وكتيبة دبَّابات قديمة "بالعريش"، ظَلَّتْ قوات "سيناء" تقاوم لعَرقَلة تقدم العدو لحين وصول القوات الرئيسية من الدلتا. كانت قوات العدو تسعة ألوية مشاة (اللواء ٦ كتائب)، و٢ لواء مدرع (اللواء ١٢٠ دبابة) غير كتائب المظلات، لمْ تقَع معارك في سيناء غير معركة "أبي عجيلة".
في ٣٠ أكتوبر عَقَدَ مجلس الأمن جلسةً استثنائية طلب فيها مندوب أمريكا إصدار قرار بوقف القِتال فورًا.
وفي مساء نفس اليوم وجَهَتْ إنجلترا، وفرنسا إنذارهما المَشْبُوه لمصر، وإسرائيل معًا (سبق ذكره)، وعلى الفور استدعى "عبد الناصر" سفير بريطانيا، وأبلغه رفض مصر للإنذار باعتبارهِ اعتداءً على حقوقها، وكرامتها.. انتهت فترة الإنذار السابعة صباحًا، ولم يحدث شيء، وبعد ١٢ ساعة وقَعَت أول غارة جَويَّة بريطانية في السابعة مساء ٣١ أكتوبر على العاصمة (مبنى الكلية الحربية، مطار ومستشفى ألماظة)، وربما كان التأخير إلى الليل مخافة تعرض القاذفات البريطانية للميج ١٧ نهارًا. وانكشفت خطة الحصار فأَمَرَت القيادة المصرية قواتها بالانسحاب غربًا لتجنب، وقوعها بين الجيوش الثلاثة، وتُقْطَع عنها الإمدادات والتموينات، ويقضى عليها في مصيدة سيناء، ورغم قِلَّة عددها وضَعْف عتادها ضَرَبَت قوات "أبي عجيلة" مثلاً في البطولة بتَصدِّيها أربعة أيام لَعرقلةِ تقدُّم قوات العدو حتى تَم انسحاب القوات الرئيسية بنجاح.
ونكمل لاحقًا..
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
أمريكا تفرض عقوبات على الدعم السريع .. بلينكن: الإجراءات ضد حميدتي وقواته لا تعني دعمًا أو تفضيلًا للقوات المسلحة السودانية
(CNN) قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن قوات الدعم السريع السودانية ارتكبت إبادة جماعية على مدار الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من عام في السودان، وهذه هي الإبادة الجماعية الثانية التي اُرتكبت في السودان في أقل من ثلاثة عقود، بعد الإبادة الجماعية في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
كان بلينكن قد قرر سابقًا أن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي أثناء الصراع الذي بدأ في أبريل/نيسان 2023. كما وجد أن قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية - الأطراف الرئيسية في الصراع - ارتكبت جرائم حرب.
وفي بيان صدر الثلاثاء، قال بلينكن إن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها "واصلت توجيه الهجمات ضد المدنيين"، و"قتلت بشكل منهجي الرجال والفتيان - حتى الرضع - على أساس عرقي، واستهدفت عمدًا النساء والفتيات من مجموعات عرقية معينة بالاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي الوحشي".
وأضاف بلينكن: "استهدفت نفس الميليشيات المدنيين الهاربين، وقتلت الأبرياء الهاربين من الصراع، ومنعت المدنيين المتبقين من الوصول إلى الإمدادات المنقذة للحياة".
وقال: "بناءً على هذه المعلومات، خلصت الآن إلى أن أعضاء قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في السودان".
وقال بلينكن إن الولايات المتحدة فرضت الثلاثاء عقوبات وقيودًا على التأشيرات على زعيم قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو موسى، المعروف أيضًا باسم حميدتي، "لدوره في الفظائع المنهجية المرتكبة ضد الشعب السوداني".
وأشار إلى أن القيود المفروضة على تأشيرة حميدتي وأفراد أسرته، والتي تمنعهم من القدوم إلى الولايات المتحدة، تأتي على وجه التحديد ردًا على "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في دارفور، وبالتحديد الاغتصاب الجماعي للمدنيين من قبل جنود قوات الدعم السريع تحت سيطرته".
وقال بلينكن: "الولايات المتحدة لا تدعم أيًا من جانبي هذه الحرب، وهذه الإجراءات ضد حميدتي وقوات الدعم السريع لا تعني دعمًا أو تفضيلًا للقوات المسلحة السودانية... يتحمل كلا الطرفين المتحاربين مسؤولية العنف والمعاناة في السودان ويفتقران إلى الشرعية لحكم سودان سلمي في المستقبل".
وأكد أن الولايات المتحدة "تواصل تقييم إجراءات إضافية لفرض عقوبات على أولئك الذين يديمون الصراع والفظائع ضد الشعب السوداني".