جذور (أسباب) مشكلة البطالة فى مصر
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
البطالة هى حالة عدم الاستخدام الكلى التى تشير إلى الأشخاص القادرين على العمل والراغبين فيه والباحثين عنه ولا يجدونه وبشكل عام يعنى تعطيل جزء من قوة العمل الكلية، أى زيادة العرض الكلى للعمل على الطلب الكلى، وتعد مشكلة البطالة أحد التحديات الكبيرة التى تواجه جميع بلدان العالم، سواء كانت النامية أو المتقدمة وتبرز تلك المشكلة فى حالة التزايد المستمر وهذا التزايد يمثل هدرا للموارد البشرية مما يترتب على ذلك آثار اقتصادية سلبية وتعد آفة اجتماعية خطيرة تنخر الجسم الاقتصادى وتبدد فرص النمو وتلاشي الرفاهية الاقتصادية، ويرى أنصار الفكر الاقتصادى الحديث أن البطالة يمكن أن توجد فى أربعة أشكال: الشكل الأول البطالة الاحتكاكية والمقصود بها انتقال العمال بإرادتهم بين الوظائف المختلفة بهدف زيادة الدخل أو تحسين مستوى الإنتاجية ويترتب على ذلك نمو الناتج وعادة ما تكون فترات البطالة الاحتكاكية قصيرة الأجل وأن هذا النوع من البطالة يمثل جزءا مرغوبا فيه.
الشكل الثانى: البطالة الهيكلية ينشأ هذا النوع من حين لآخر عند اكتشاف موارد جديدة أو سائل إنتاج أكثر كفاءة أو ظهور سلع جديدة تحل محل السلع القديمة ويقترن ظهورها بإحلال الآلة محل العنصر البشرى مما يؤدى إلى الاستغناء عن عدد كبير من العمال، الشكل الثالث: البطالة الدورية تحدث نتيجة التذبذب فى الدورات الاقتصادية وما يترتيب على ذلك من انخفاض الطلب الكلى ويصاحب ذلك ارتفاع فى معدلات البطالة ويحدث ذلك فى فترات الركود والكساد وغالبا ما يقل حجم الناتج ويظل مستوى الأسعار مرتفعا، الشكل الرابع: البطالة المقنعة هى الحالة التى يشغل فيها بعض الاشخاص وظائف يتقاضون عنها أجوراً دون أن يضيفوا شيئاً إلى الانتاجية ولا يتأثر حجم الانتاج فى حالة الاستغناء عنهم ويتركز فى المؤسسات الحكومية الكبيرة والواحدات المملوكة للدولة، حيث يتم التشغيل لتحقيق أغراض اجتماعية وسياسية، و ترجع جذور مشكلة البطالة فى مصر إلى عدة عقود مضت حتى وصلت إلى وضعها الحالى وعرفت فترة الستينيات بمرحلة التوظيف الكامل ولم تتعد نسبة البطالة نحو 3.2% ويرجع ذلك إلى الاستثمارات الحكومية الضخمة فى مجالات عديدة مثل البنية الأساسية وقطاعات الزراعة وصناعات الإحلال محل الواردات بالإضافة إلى الدور المتزايد للدولة المصرية فى النشاط الاقتصادى، حيث بلغ نصيب الناتج الحكومى من الناتج المحلى الاجمالى نحو 58% وتبنت الحكومة سياسة تشغيل جميع الخريجين ذوى المؤهلات العليا والمتوسطة، والذى كان سبباً فى ظهور البطالة المقنعة ومن الملاحظ أن انخفاض معدلات البطالة فى تلك الفترة يرجع إلى ارتفاع معدلات النمو بسبب اتباع الحكومة سياسة الانفتاح الاقتصادى وتزايد تدفقات الموارد الأجنبية بالإضافة إلى تنامى القطاع غير الرسمى وتزايد معدلات الهجرة الخارجية نتيجة تزايد الطلب على العمالة المصرية فى دول الخليج بعد ارتفاع أسعار النفط بها، إلا أنه فى منتصف السبعينيات عجزت الحكومة عن الاستمرار فى سياسة تشغيل الخريجين لتضخم مؤسساتها بالعمالة الأمر الذى أدى إلى ظهور البطالة السافرة بجانب البطالة المقنَّعة فى المؤسسات الحكومية، ومنذ منتصف الثمانينيات ارتفعت معدلات البطالة بسبب انخفاض معدل الهجرة لدول الخليج بسبب حرب الخليج وانخفاض معدل النمو الاقتصادى، حيث سجلت نحو 15% تقريباً وفقاً لتعداد عام 1986 ونتيجة لتطبيق مصر سياسات وإجراءات برنامج الاصلاح الاقتصادى والتكيف الهيكلى، وكذلك سياسات الخصخصة وبيع الشركات المملوكة للقطاع العام تم تسريح حوالى 750 ألف عامل وموظف فى الفترة من 1991:2005 سواء بسبب بلوغ السن القانونية للتقاعد أو بسبب نظام المعاش المبكر وبرغم حدوث التحسن فى معدلات النمو فى تلك الفترة، حيث سجلت نحو 3%، 4%، 5% فى أعوام 2003، 2004، 2005على الترتيب إلا أن معدلات البطالة ظلت مرتفعة لتسجل نحو 9.9%، 9.8، 10% خلال تلك الأعوام، وفى عام 2004 تم تطبيق المرحلة الثالثة من البرنامج وتأثرت معدلات البطالة بشكل ايجابى، حيث انخفضت لتصل الى نحو 8.7% فى عام 2007، ولكنها ارتفعت فى عام 2009 لتسجل نحو 9.4% بسبب الأزمة التمويلية العالمية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: معدلات البطالة
إقرأ أيضاً:
مشكلة المبدعين الشباب.. ما بين القرب والبعد من المؤسسات الثقافية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مازالت مشكلة النشر عند المبدعين الشباب، وخاصةً في المحافظات البعيدة نوعا ما عن القاهرة مركز النشر والتواجد الأدبي، تلقى بظلالها على العام والخاص فهناك شكوى دائمة من قلة النشر للشباب وتأتى دائما هذه المشكلة من أدباء المحافظات البعيدة عن القاهرة وللتأكيد على هذه المشكلة أطلقوا على أدباء المحافظات أدباء الأقاليم وهم المتواجدون في محافظات تتمحور حول القاهرة تبعد قليلا أو كثيرا ولأنني واحد من أدباء الأقاليم مقيم في مدينة الإسماعيلية والتي تبعد عن القاهرة ١٢٠ كيلومترًا تقريبا كانت هذه المسافة التي يظنها البعض أنها قريبة أبعد ما يكون للتواجد والمشاركة ربما لقلة أو انعدام ثمن تذكرة السفر إلى القاهرة سواء بالقطار أو السيارة بالإضافة إلى ما هي جدوى الاقتراب من مجتمع تسيطر عليه العلاقات والمصالح، وهل هذا المجتمع من الممكن أن ينظر إلى واحد من أدباء الأقاليم لم تتشكل بعد تجربته الإبداعية؟.
أضف إلى ذلك أن هذا الأديب أو الشاعر هو (عبر مختلف العصور) على يسار السلطة أي ليس بينه وبين حكومة بلاده عمار أو مودة تجعله مقربا للحياة الثقافية الرسمية، فعندما تأتى المؤتمرات أو الندوات الرسمية لا يتم دعوة أحد من الشباب، ليس لأن إبداعهم أقل جودة ولكن خوفا على المتسيدين للمشهد الثقافي وإبداعاتهم التي ربما تكون أقل قيمة بكثير عن إبداع شاب في بداية طريقه، وأذكر أننى لم أدع في بداياتي لأى مؤتمر من مؤتمرات الثقافة الجماهيرية وحتى بداية التسعينيات وكل هذه الفترة كنت أشارك بجهد خاص وبدون دعوة أنا وآخرون من زملائي في الإسماعيلية.
أما عن النشر في الجرائد والمجلات الأدبية فقد كان صعبًا للغاية.. يمر العام كاملًا ولا تنشر سوى قصيدة أو قصيدتين على الأكثر ربما لصعوبة التواصل، حيث لم يكن هناك سوى مظروف عليه طابع البريد هو المرسال بيننا وبين صفحة نادى أدباء الأقاليم بجريدة "الجمهورية" للراحل محسن الخياط ومن بعده الصديق الصحفي يسرى السيد وصفحات "المساء" و"القاهرة" ومجلة "إبداع" ومجلة "أدب ونقد" والصفحة الثقافية بجريدة "الأهالي" للراحل حلمى سالم رحمة الله عليه ثم الصديق الشاعر عيد عبدالحليم أطال الله في عمره، واستمرت الأزمة حتى منتصف التسعينيات عندما اعترفت بنا المؤسسة الرسمية بعد أكثر من عشر سنوات نشر العديد من القصائد والدراسات في المنصات التي كانت موجودة أو متاحة وقتها والتي ذكرتها بعاليه، فنشرت لي ديوانى الثانى بعنوان "إزاى باخاف" عام ١٩٩٥ ثم بعد خمس سنوات الديوان الثالث "زى ما أكون بتكلم جد" عام ٢٠٠٠ من سلسلة إبداعات وسبق الديوانين ديوانى الأول على نفقتي الخاصة "ماستر" عام ١٩٨٩ بعنوان "دمع النواصي"، كنت قد أخذت طريقا جادا تجاه الكتابة إلى جوار عملي بالصحافة مراسلًا لجريدة "الأهالي" التي أنتمى إلى الحزب الذى يصدرها حزب التجمع وسهل لى عملى بـ"الأهالي" فكرة التواجد والتواصل ببعض الصفحات الأدبية بالقاهرة ثم عضويتى للأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر في الأقاليم لعدة دورات بالانتخاب والمشاركة في تأسيس نادى أدب الإسماعيلية بوزارة الثقافة في نهاية الثمانينيات وحتى تاريخه.
وحتى هذه اللحظة وبرغم تواجد مكثف لوسائل التواصل الاجتماعى وعدد كبير من المنصات التي تنشر الإبداع والمؤتمرات والندوات سواء في الثقافة الجماهيرية أو المجلس الأعلى للثقافة بالإضافة إلى المنصات الخاصة وهى كثيرة، أرى أن مشكلة النشر ربما تكون تم حلها وتبقى القيمة فيما ينشر وهذا أمر يحتاج إلى وقفة جادة، حتى لا يختلط الإبداع الجيد بغيره من الخواطرأو البدايات وهذا الأمر نجده كثيرا في المنصات غير المتخصصة أدبيًا ونفس الشيء في دور النشر التي تقدم عشرات العناوين من مختلف أنواع الإبداع للشباب وغير الشباب وبعضها ينقصه الإبداع.