أكبري: واشنطن بعثت لطهران رسالة مع وفد من دولة خليجية وعرضت تسوية كبرى في المنطقة
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
قال السفير الإيراني لدى دمشق حسين أكبري إن الولايات المتحدة بعثت برسالة إلى طهران عبر وفد خليجي من أجل حل المشكلة في المنطقة برمتها وليس فقط لتسوية جزئية في الصراع".
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري، أكد حسين أكبري أن العمل الإرهابي المتمثل في التفجيرين الذين استهدفا زوار قبر الجنرال الراحل قاسم سليماني في مدينة كرمان شاه بإيران هو عبارة عن رد الفعل الناتج عن ضعف إسرائيل.
وأشار أكبري إلى أن "الكيان الصهيوني وصل إلى مرحلة لم يستطع أن يفعل فيها شيئا سوى قتل النساء والأطفال وتدمير البيوت فوق رؤوس سكانها والقيام بالتفجيرات الإرهابية واغتيال الشخصيات المقاومة"، مضيفا: "إنهم يقتلون ويفجرون من جهة، ومن جهة أخرى يرسلون الوفود إلى إيران والمقاومة في لبنان والعراق وفلسطين وسوريا واليمن، كما أن الأمريكيين يخشون فكرة أن توسيع هذه الحرب يمكن أن يؤدي إلى إزالة هذا الكيان من الوجود".
وأردف: "أمريكا والكيان الصهيوني يخشون الرد الإيراني لأنهم يعرفون أن ما قاموا به هو دليل ضعف، وهم يدركون بأن كلّ العمل الإرهابي الذي خططوا له ونفذوه حتّى الآن سيعقبه رد قوي وحاسم من إيران"، مشددا على أنه "إذا صدقت مزاعم أمريكا بأنها ترفع يدها لمنع هذه الاغتيالات والتصرفات، فإن ذلك ليس حقنا للدماء بمقدار حرصها على ألا يرتكب الكيان الصهيوني حماقات تضر به من خلال مساعيه لكي يوسع هذا العدوان ويدخل أمريكا والآخرين إلى هذه المعركة".
وكشف السفير الإيراني أن واشنطن أرسلت لإيران وفودا من أجل عدم توسيع رقعة الصراع، حيث أوضح قائلا: "وقبل عشرة أيام تلقينا، رسالة من أحد البلدان الخليجية التي أرسلت وفدها إلى إيران حاملا رسالة من جانب الأمريكيين من أجل حل المشكلة في المنطقة برمتها وليس فقط لتسوية جزئية في الصراع".
وختم حسين أكبري حديثه بالقول: "القدس محفورة في وجدان العالم الإسلامي والحاج قاسم سليماني هو شهيد القدس وهو قائد فيلق القدس وهذا أمر ينطوي على معنى هام استوجب قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتسمية هذا الفيلق بفيلق القدس لأن القدس هي عزة للمسلمين وللعالم كله، والمسلمون وكل أحرار العالم يسعون لتحرير القدس خاصة وأن محور المقاومة اليوم هو أقوى منه في أي زمان مضى، ودور الكيان الصهيوني هو أضعف منه في أي زمان مضى".
هذا ونفت الولايات المتحدة ضلوعها أو تورط إسرائيل في التفجيرين بجنوب إيران قرب مرقد اللواء قاسم سليماني الذي اغتيل قبل أربعة أعوام في غارة أمريكية في العراق.
وارتفع مؤخرا عدد قتلى التفجيرين الإرهابيين في مدينة كرمان الإيرانية إلى 91 شخصا.
ووقع الهجوم في كرمان، على بعد حوالي 820 كيلومترا جنوب شرق العاصمة طهران. واستهدف مراسم إحياء ذكرى الجنرال قاسم سليماني، الذي قتل في عام 2020 بغارة أمريكية بطائرة مسيرة.
وقالت وزارة الاستخبارات الإيرانية أمس الجمعة، إن أحد الانتحاريين كان مواطنا طاجيكيا، بينما تم اعتقال 11 شخصا على صلة بالهجوم.
وتبنى تنظيم "داعش" الهجوم الإرهابي، في حين توعد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي منفذي التفجيرين بإنزال أشد العقاب، فيما دانت عدة دول عربية الهجوم.
المصدر: "العهد" + RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار إيران الحرب على غزة تويتر طهران طوفان الأقصى غوغل Google فيسبوك facebook قطاع غزة واشنطن الکیان الصهیونی قاسم سلیمانی
إقرأ أيضاً:
الهند- باكستان- إيران.. كيف توزّع واشنطن صكوك الشرعية النووية؟
منذ نشأة النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، سعت القوى الكبرى إلى فرض معايير محددة للشرعية في امتلاك السلاح النووي، فكانت معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) حجر الزاوية في ضبط التسلح العالمي، لكن مع مرور العقود، بدا واضحاً أن الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، لا يتعامل مع هذا السلاح الفتاك بمنطق قانوني أو أخلاقي موحد، بل بمنطق المصالح، التحالفات، والخطاب السياسي الانتقائي. هذا التحيّز تجلّى بوضوح في طريقة تعامله مع ثلاث دول نووية في آسيا: الهند، باكستان وإيران.
رغم أن الهند فجّرت أول قنبلة نووية في عام 1974م فيما عُرف باختبار “بوذا المبتسم”، في تحدٍّ مباشر لمعاهدة حظر الانتشار التي لم توقّع عليها أصلاً، فإن رد الفعل الدولي لم يتجاوز حدود الإدانات الرمزية. وبحلول الألفية الجديدة، تحوّلت الهند من دولة نووية “مارقة” بنظر الغرب إلى حليف استراتيجي موثوق، خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي المدني مع الولايات المتحدة عام 2008م، هذا الاتفاق منح الهند شرعية شبه رسمية للوصول إلى تكنولوجيا نووية دولية، دون أن تلتزم بتخفيض ترسانتها النووية أو الانضمام لـNPT.
في حين كان جاء التبرير الغربي: الهند “أكبر ديمقراطية في تلك المنطقة”، وتلعب دوراً مهماً في موازنة نفوذ الصين. وهكذا، غُلّبت الجغرافيا السياسية على القانون الدولي.
باكستان من جهتها، دخلت النادي النووي من باب الردع المضاد بعد التجارب النووية الهندية. لكنها لم تصل إلى هذه القدرة عبر سباق علمي داخلي وحسب، بل عبر اختراق استخباراتي وعلمي نفّذه العالم الباكستاني عبدالقدير خان، الذي حصل على تصميمات الطرد المركزي من أوروبا، وأنشأ شبكة تهريب نووية خدمت لاحقاً إيران وليبيا وكوريا الشمالية.
فيما كان الرد الغربي عبارة عن عقوبات مؤقتة أعقبت التجربة النووية عام 1998م، سرعان ما رُفعت بعد أن أصبحت باكستان شريكاً ضرورياً في “الحرب على الإرهاب” بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001م، ومع أن واشنطن والغرب يشككون في قدرة الدولة الباكستانية على تأمين ترسانتها النووية وسط تنامي “التطرف الداخلي” على حد تعبيرهم، اختاروا التغاضي الحذر بدل المواجهة، خشية تفجير توازن الردع مع الهند أو زعزعة استقرار جنوب آسيا.
أما إيران، فكانت مثالاً عن النفاق الغربي بأوضح صوره، على عكس الهند وباكستان، إيران وقّعت على معاهدة حظر الانتشار النووي، وخضعت لعقود من التفتيش المكثّف من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولم يصرّح مسؤولوها مرة عن قرار إيراني ببناء سلاح نووي. ومع ذلك، فإن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، فرض على إيران أحد أقسى أنظمة العقوبات في التاريخ الحديث، مدّعياً أن برنامجها السلمي ليس سوى غطاء لطموحات عسكرية.
الاتفاق النووي الإيراني عام 2015م، كان فرصة لنزع فتيل الأزمة، لكنه انهار عملياً بعد انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب منه عام 2018م، في خطوة نالت مباركة إسرائيلية وعارضها الحلفاء الأوروبيون. لم تُجدِ التقارير الإيجابية من الوكالة الدولية نفعاً، ولا الانفتاح الجزئي الذي أبدته طهران مرات عديدة، وذلك، لأن إيران عدو استراتيجي لحلفاء واشنطن في المنطقة، خاصة كيان الاحتلال، ولذلك فامتلاكها أي قدرة نووية مرفوض تماماً.
إن هذا التعامل المزدوج يعيد صياغة مفهوم “الشرعية النووية” من أداة لضبط انتشار السلاح إلى أداة للهيمنة، فحين يُسمح لدولة كالهند بتطوير سلاح نووي وتُكافأ بالتكنولوجيا، ويُتسامح مع باكستان رغم سجلها في الانتشار، بينما تُخنق إيران اقتصادياً وسياسياً قبل حتى أن تُنتج قنبلة واحدة، لا يمكن الحديث عن نظام عالمي عادل، بل عن منظومة هيمنة بغطاء قانوني.
في الواقع، إن الاستمرار بمثل هذه السياسات يعني أمرين: فقدان الثقة في النظام الدولي، وخاصة في معاهدة NPT، التي باتت تبدو كمجرد أداة للسيطرة على بعض الدول دون غيرها، وتشجيع دول أخرى على السعي لامتلاك السلاح النووي خارج الأطر الرسمية، إدراكاً منها أن الردع الحقيقي لا يأتي من التوقيع على الاتفاقيات، بل من امتلاك القنبلة نفسها.
مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في آسيا والشرق الأوسط، ومع تخبّط السياسة الخارجية الأمريكية بين التحالفات والمصالح، يبدو أن العالم يتّجه إلى مرحلة تفكّك تدريجي للمنظومة النووية التقليدية، فكلما شعرت دولة أن الاتفاقيات لا تحميها، وأن الغرب يستخدم القانون كعصا انتقائية، كلما زادت فرص أن ترى في السلاح النووي الضمانة الوحيدة لوجودها.
في هذا السياق، لا يمكن قراءة البرنامج النووي الإيراني، ولا حتى الطموحات التركية أو السعودية المحتملة، خارج هذا الإطار، فحين يصبح النووي مسموحاً لدول معينة رغم خروقاتها، ومحرّماً على أخرى رغم التزامها، فإن قاعدة اللعبة تصبح “من يملك النفوذ، يملك النووي”.
*صحفية لبنانية