نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية مقالا للباحث الأنثروبولوجي والدراسات الآسيوية بجامعة بار إيلان، جدعون إلزار قال فيه إنه "في الأيام التي تبعت أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كانت هناك دهشة واسعة هنا حول الموقف المعادي الذي اتخذته الصين من إسرائيل. 

وأضاف إلزار، أن "الصحافة الصينية لم تنشر أي شيء عن المذابح التي ارتكبتها حماس وأكدت بدلا من ذلك على معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة وشجبت بدلا من ذلك أفعال إسرائيل إلى جانب الدعوات لوقف عاجل وسريع للنار".



وظهر التعاطف الصيني مع الفلسطينيين خلال الحرب بزيارة في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر لوفد من وزراء الخارجية العرب، بمن فيهم وزير خارجية السلطة الوطنية رياض المالكي. 

وفي الفترة الأخيرة بدأ الصينيون أيضا بوضع عراقيل بيروقراطية على المستوردين "الإسرائيليين" للمكونات الإلكترونية والتي يمكن أن تستخدم في أغراض عسكرية محتملة وفق الكاتب.


وتزايد القلق من النهج الصيني في "إسرائيل" مقارنة بالمواقف السابقة "فبالرغم من تعاطف الصين مع منظمة التحرير الفلسطينية أثناء الحرب الباردة، إلا أنها تمسكت بموقفها الحيادي من الموضوع الإسرائيلي-الفلسطيني والهادف للحفاظ على علاقات جيدة مع كل دول المنطقة في الشرق الأوسط". 

وفي تقرير نشره معهد دراسات الأمن القومي في 2022، ناقش جيداليا إفترمان من مركز الدراسات المتداخلة ( جامعة ريكمان حاليا) وصف فيه السياسة الصينية في المنطقة وحتى 2012 بـ"الحذرة جدا والضيقة في المنظور".

وتابع الكاتب، بأنه "رغم النشاط الصيني في ظل شي جينبينغ إلا أنها تميزت بالحفاظ على صورة البلد بأنه غير منحاز وبراغماتي بشكل نسبي، وكانت الصين وبشكل دائم متحدية لفكرة المعايير الأخلاقية الدولية لحقوق الإنسان، محافظة بدلا من ذلك على موقف أن كل دولة لها الحق في التصرف بناء على ثقافتها وظروفها".

 والسؤال هو ماذا حدث؟ والجواب يكمن في طموحات الصين العالمية ومواقفها من المواجهة مع الولايات المتحدة، وتداخل هذان العنصرين، حيث تجسدت خطط (شي) في مشروعه الحزام والطريق والذي يشار إليه أحيانا طريق الحرير الجديد. 

وهذا المشروع يضعها بتصادم مباشر مع الولايات المتحدة. 

وتوترت العلاقات بين البلدين، ففي مقال أخير نشر في الصحيفة الناطقة باسم الحكومة "تشاينا ديلي" وصفت العلاقات الأمريكية-الصينية بأنها في حالة "توتر متطرف" وأن سلوك واشنطن هو "استفزاز عال". 

ومن بين الأخطاء الأخرى التي ذكرها المقال هو دعم واشنطن لتايوان والتي تعتبرها الصين دولة غير شرعية. 

وأنها تدعم حركة الاحتجاج في هونغ كونغ وتريد جعل دول المحيطين الهادئ والهندي جزءا من الناتو، وهي مناطق تعتبرها الصين جزءا من مجال تأثيرها، وأن الولايات المتحدة تعمل على "خنق صناعة التكنولوجيا الصينية" من خلال منع تصدير الرقائق المتقدمة للكمبيوتر إلى الصين.

وذكرت الحرب في غزة مرتين في المقال، وإن كانت على سبيل المثال، ولكن بعبارات جديرة بالملاحظة. 

كما أن تورط أمريكا في الصين وغزة يعني وقوعها في مستنقع الحروب المحلية، ويعني ضعفا في قوة أمريكا وصعودا في قوة الصين. 

وما يزيد في حالة التوتر، هو شجب الولايات المتحدة للصين بسبب قمعها للمسلمين الإيغور في إقليم تشنجيانغ، حيث أقامت معسكرات عمالة قسرية لأكثر من مليون مسلم، كما أن الصين تبنت في السنوات الماضية سياسة متشددة ضد المسلمين في مناطق الصين الأخرى، فقد هدمت المساجد والبنايات المصممة على معمار دول الشرق الأوسط بأعداد كبيرة وبذريعة أنها تمثل تأثيرات أجنبية على الدين.

 وبخلاف المتوقع، من حساسية الصينيين لانتقاد شؤونهم الداخلية، فإن دعم الولايات المتحدة للحرب في غزة، نظر إليه في الصين كفرصة للرد على واشنطن وخطابها الناقد.. مثل تحديد وزارة الخارجية الأمريكية في 2021، أن ما تقوم به الصين ضد الإيغور هو "إبادة". 


وأضاف الكاتب: "كمثال على هذا تغريدة من سفارة الصين في باريس وضم صور للفضاء المزروع في تشنجيانغ والذي ربط بالخراب الذي خلفته إسرائيل في غزة".

ويرى الكاتب أن "نشر الدمار في قطاع غزة والتقارير عن العملية العسكرية الإسرائيلية هناك، تساعد على حرف الانتباه عن الوضع القاتم للإيغور".

ويرد موقف الصين الحالي الجميل للحلفاء المسلمين في الشرق الأوسط على دعمهم السابق، فلم تنتقد إيران والسعودية الصين، رغم المعاملة القاسية للإيغور وبقية المسلمين وفقا لكاتب المقال.

وفي الحقيقة، وقعت عدة دول مسلمة في 2019 على رسالة قدرت فيها "إنجازات الصين في مجال حقوق الإنسان". 

وبعيدا عن التنافس مع الولايات المتحدة، فإن تحرك الصين يعكس حضورها المتزايد خلال السنوات الماضية في الشرق الأوسط. 

وأوضح إلزار، أن "ذلك الحضور، ظهر في التحالفات الاستراتيجية والاقتصادية مع عدة دول بالمنطقة، وبخاصة إيران".

وكان هناك نشاط اقتصادي متزايد، مثل الدور الذي لعبته في استئناف العلاقات السعودية-الإيرانية في آذار/ مارس الماضي.

وفي لقاء وزاري أثناء منبر التعاون الصيني والدول العربية عام 2018، أعلن شي أن الدول العربية هي الحليف الطبيعي، في مبادرة الحزام والطريق، ووعد باستثمارات صينية بالمنطقة إلى حد 23 مليار دولار. 

وفي الحقيقة، تعمل الصين على مشاريع كبيرة في المنطقة، من قطار سريع في إيران إلى خط حديدي بين مكة والمدينة وإعادة تأهيل قناة السويس. 

وذكر، أنه "في إسرائيل، كانت هناك عناوين إخبارية عن مشاريع بنى تحتية مع شركات إسرائيلية، مثل إنشاء خط حديدي في تل أبيب وبناء ميناء جديد جنوب أسدود وتشغيل ميناء حيفا الذي منح بعقد لشركة سيبغ الصينية حتى عام 2046. كل هذا رغم الضغوط الأمريكية من أن وجود الصين هناك سيعطيها فرصة للتجسس على الأسطول السادس الأمريكي أثناء زياراته". 

وهناك مخاطر أخرى من وجود الصين في حيفا، كونه قريبا من قاعدة للغواصات النووية وإمكانية تجسس الصين عليها. 

وتحدثت "التقارير الإسرائيلية عن علاقة خاصة بين شي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتحدثت تقارير في حزيران/ يونيو عن زيارة نتنياهو إلى الصين"، وفقا للكاتب.

 ورغم كل هذا، فإنه في كل الاعتبارات المتعلقة بالصين، فإن التنافس الأمريكي-الصيني هو أهم من هذه المبادرة أو تلك. 


ويرى إلزار، أن "نهج  العداء لإسرائيل الذي تبنته الصين وتبنيها خطابا يشبه خطاب الدول العربية، هو تمظهرات  واضحة عن محدودية التعاون بين الصين وإسرائيل والعلاقة الدافئة بين قادة البلدين. فالصين في ظل شي مصممة على العودة إلى المكان الطبيعي كقوى عظمى لكي تستطيع تشكيل العولمة على صورتها".

وبحسب المقال، فإن "الصين بحاجة للسيطرة على مصادر الطاقة وتوسيع تأثيرها في أوراسيا من خلال إنشاء عدد من مشاريع البنية التحتية، مثل طرق السكك الحديدية والموانئ ومصافي النفط لتحقيق أهدافها".

وكما تفهم الصين، فتحقيق هذه الطموحات مرتبط ببناء علاقات مع الدول العربية وإيران. وتظل إسرائيل بولائها الواضح للولايات المتحدة على الجانب الآخر من المعادلة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الصين غزة الولايات المتحدة التنافس الولايات المتحدة غزة الصين الاحتلال تنافس صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الشرق الأوسط الصین فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

هل العنف السياسي غريب على الولايات المتحدة؟

تشهد الانتخابات الأمريكية حالة استقطاب عنيف جداً وتوترات وطنية أسفرت عن محاولتين لاغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وانسحاب رئيس بايدن من السباق، وهجمات خطابية شرسة، مما يدفع للتساؤل هل سبق للولايات المتحدة أن شهدت انتخابات مثل هذه؟

تضاعفت التهديدات ضد أعضاء الكونغرس عشرة أضعاف

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد أن أطلق مسلح النار على أذن دونالد ترامب وقتل شخصاً في 13 يوليو (تموز) إن "فكرة وجود عنف سياسي أو عنف في أمريكا مثل هذا أمر غير مسبوق".

وكرر هذا الشعور يوم الأحد، بعدما قال مكتب التحقيقات الفيدرالي إنه يحقق في محاولة "واضحة" لاغتيال ترامب في ملعب الغولف الخاص به في فلوريدا.
لكن صحيفة "التايمز" تقول إن هذا ليس استثناءً في السياسة الأمريكية. إنه أمر مألوف للغاية بشكل مخيف.
ومنذ المعارك الرئيس الثاني للولايات المتحدة جون آدامز والرئيس الثالث توماس جيفرسون، كانت الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة سيئة السمعة بسبب الخطاب الفاضح واحتمالات الفوضى.
ففي انتخابات عام 1800، كانت الهجمات الشخصية بين أتباع المتنافسين عنيفة للغاية، إذ وُصف فوز جيفرسون بأنه سيؤدي إلى "تعليم وممارسة القتل والسرقة والاغتصاب والزنا وزنا المحارم علناً"، بينما اتُهم آدامز بأنه "متشدد مثير للاشمئزاز" وله "شخصية خنثوية بشعة".

كما أشارت الصحيفة إلى أن العنف السياسي ليس جديداً في الولايات المتحدة، إذ اغتيل أربعة من بين 45 رئيساً، وتعرض 16 آخرون لمحاولات اغتيال. 

"There is no place for political violence in America"
- What Every Anti-America Dem/Rhino is Parroting

This is the Reality ???????????????????????? pic.twitter.com/Sr0kt4OajN

— D. Valory ✞???????????? Ⅹ (@DsJ0URNEY) July 14, 2024

وكان التعديل الأول للدستور علامة بارزة في السياسة الديمقراطية التي دافعت عن حقوق الأمريكيين في التعبير عن آرائهم، وكثيراً ما تم اختباره إلى أقصى حدوده في الحملات السياسية.

وفيما دعا ترامب - في البداية على الأقل - إلى الوحدة بعد المحاولة الأولى لاغتياله، فقد خرج ليلقي باللوم على منافسيه الديمقراطيين ويستخدم المحاولة الأخيرة كصرخة حاشدة حزبية، قائلاً: "خطابهم يتسبب في إطلاق النار علي، بينما أنا من سينقذ البلاد وهم الذين يدمرون البلاد".
ويلقي الجمهوريون باللوم على بايدن لأنه ذهب بعيداً في وصف ترامب مراراً وتكرارًا بأنه تهديد للديمقراطية ووصف فلسفته بأنها "شبه فاشية".
وتضاعفت التهديدات ضد أعضاء الكونغرس عشرة أضعاف بين عامي 2016 و2021، بينما ارتفع الإنفاق على الأمن الشخصي في الكونغرس خمسة أضعاف بين عامي 2020 و 2022، وفقاً لبحث تم الاستشهاد به في Threats as Political Communication، وهي ورقة بحثية من تأليف ناثان كالمو وليليانا ماسون.
الواقع أن العديد من المراقبين، مثل مستشار الأمن القومي السابق لترامب هربرت ماكماستر في كتابه "في حرب مع أنفسنا"، ألقوا بعض اللوم في الأجواء المحمومة اليوم على الشائعات والإهانات التي تشتعل بسرعة كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتقدم إيلون ماسك، الملياردير المالك لموقع "إكس"  الذي رد على منشور يسأل "لماذا يريدون قتل دونالد ترامب؟" بكتابة "لا أحد يحاول حتى اغتيال بايدن-كامالا"، مع رمز تعبيري لوجه مفكر. ثم أدرك أنه ذهب بعيداً وحذف المنشور.

لكن هذه الانتخابات لن تصبح أكثر هدوءاً.

والسبب الآخر وراء هذه الأجواء المتقلبة هو شخصية ترامب نفسه، الذي بنى حياته المهنية في مجال الأعمال على عقلية الفوز بأي ثمن.
وكانت حملة عام 2024 استثنائية ولكنها ليست بعيدة عن التوترات التي شهدها عام 1968، عندما انسحب الرئيس جونسون، وقُتل روبرت كينيدي بالرصاص بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في كاليفورنيا، وكانت هناك احتجاجات في المؤتمر الوطني للحزب في شيكاغو.

مقالات مشابهة

  • مندوب الصين الأممي يجدد دعوة بلاده لإسرائيل للوفاء بالتزاماتها
  • هل العنف السياسي غريب على الولايات المتحدة؟
  • كاتب فلسطيني يكشف دلالات رسالة السنوار إلى الحوثي عقب استهداف “إسرائيل” بصاروخ فرط صوتي
  • كاتب روسي: صاروخ اليمن الفرط صوتي قد يغيّر معادلة السيطرة الغربية
  • إسرائيل تخترق أمن الولايات المتحدة.. وأمريكا ترد بعقوبات مشددة
  • كاتب الشرق الأوسط: فليمت السودانيون حفاظاً على السيادة الوطنية..!
  • كاتب صحفي: إسرائيل مستمرة في تدمير غزة.. والمنشآت التعليمية خارج الخدمة للعام الثاني
  • «سوليفان»: الولايات المتحدة تستعد لتقديم حزمة مساعدات كبيرة لأوكرانيا
  • خبير سياسي: أمريكا تتجنب حربا واسعة بالمنطقة لتأزم موقف إسرائيل في غزة
  • خبير سياسي: أمريكا لا تريد حرب واسعة بالمنطقة لتأزم موقف إسرائيل في غزة