- إسرائيل تحشد.. وحركة حماس تتوعد.. والعالم يلتزم الصمت!!

- قمة القاهرة للسلام رسالة مبكرة لوقف النار والتحذير من مخطط التهجير

عندما قام الرئيس الأمريكى "بايدن" بزيارة إلى تل أبيب فى يوم الأربعاء 17 أكتوبر 2023، أبلغه كبار المسئولين الإسرائيليين أن الحرب في غزة قد تستغرق سنوات، وأن إسرائيل ستختبر دعم الحلفاء لها.

وقد تعهد الرئيس "بايدن" بالمساعدة وتزويد إسرائيل بكل ما يلزم من مال وعتاد ودعم عسكري وسياسي، وشدد على ضرورة الالتفات إلى اليوم التالى للحرب.

وفى الوقت الذى كان فيه "بايدن" يعلن دعمه اللا محدود لإسرائيل، كان هناك أكثر من 400 شخص يحتجون داخل القاعة المستديرة الرئيسية للكونجرس في واشنطن العاصمة للمطالبة بوقف النار في الحرب بين إسرائيل وغزة وسط أزمة إنسانية متفاقمة. وقد ارتدى بعضهم قمصانًا سوداء كتبوا عليها: "نحن هنا اليهود.. أحفاد الناجين من الإبادة الجماعية- لمنع حدوث إبادة جماعية في هذا الوقت.. اليهود يقولون: أوقفوا إطلاق النار الآن".

كانت المظاهرات قد عمّت العديد من المدن الأمريكية والأوروبية احتجاجًا على حرب الإبادة التى تشن ضد الشعب الفلسطينى.

في هذا الوقت أطلقت كتائب عزالدين القسام سراح رهينتين من المحتجزين لديها في قطاع غزة. وقال أبوعبيدة، الناطق باسم كتائب القسام: إنه استجابة لجهود قطرية أطلقنا محتجزتين أمريكيتين (أمًا وابنتها) لدواعٍ إنسانية، ولنثبت للشعب الأمريكى أن ادعاءات الرئيس الأمريكى "جو بايدن" وإدارته، هى ادعاءات كاذبة لا أساس لها من الصحة. (1)

وبالرغم من مبادرة حماس، فإن إسرائيل لم تتوقف عن توجيه الضربات إلى مناطق غزة من الشمال إلى الجنوب، خلفت آلاف الشهداء والمصابين.

وقد صرح "يوآف غالانت" وزير الجيش الإسرائيلى أمام لجنة الشئون الخارجية والدفاع بالكنيست، أن إسرائيل لديها خطط للحفاظ على سيطرتها على المدنيين في غزة مع بدء العملية العسكرية للقضاء على "حماس". مشيرًا إلى أن إسرائيل وضعت خططًا من 3 مراحل للاجتياح تبدأ بغارات جوية ومناورات برية، ثم إلحاق الهزيمة بجيوب المقاومة لحركة حماس وتدمير قدراتها العسكرية يليها فى النهاية إنشاء واقع أمنى جديد في الأراضي الفلسطينية.

وكانت إسرائيل قد حشدت 360 ألف جندى احتياطى و1000 دبابة وقوة دفاع مدني قوامها 20 ألف فرد وذلك لتعزيز أفراد الجيش الإسرائيلى البالغ عددهم 170 ألف جندى.

لقد رحبت الإدارة الأمريكية بالعملية العسكرية البرية و وضعت 4أهداف رئيسية لإدارة الصراع الإسرائيلي مع حماس هى:

أولًا- الدفع بمساعدات عسكرية كبيرة لإسرائيل مع حشد الرأى العام الأمريكي خلف إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها وتبرير اجتياحها العسكري لقطاع غزة.

والسعى إلى تبرئة إسرائيل من قصف مستشفى المعمدانى بعد حالة الغضب التي اجتاحت العالم بسبب ذلك.

ثانيًا- مساعدة إسرائيل في القضاء على حركة حماس، حيث شارك الرئيس الأمريكى في اجتماع حكومة الحرب الإسرائيلية واطلع على الخطط العسكرية الإسرائيلية في كيفية تنفيذ الاجتياح البرى وتدمير البنية التحتية للحركة في شمال غزة واستهداف قادتها.

في هذا الوقت توقع الخبراء العسكريون أن تستغرق العملية العسكرية عدة شهور قد تصل إلى 18 شهرًا وهو من الأمور التي ناقشها الرئيس الأمريكي مع مجلس وزراء الحرب الإسرائيلى. كما ناقش معه ضرورة إرساء فترة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة في غزة، على أن يكون للسلطة الفلسطينية دور في هذه المرحلة، وأن يكون هناك تمويل مالي من دول الخليج ودعم سياسي من الدول العربية الأخرى، ثم الدعوة لإجراء انتخابات والدفع مرة أخرى بحل الدولتين، ولكن هذا الطرح لم يجد تجاوبًا من حكومة الحرب الإسرائيلية في هذا الوقت.

ثالثًا- الحيلولة دون اتساع الحرب:

كان الهدف الأمريكي الذى أكده الرئيس "بايدن" في الاجتماع هو السعي الدؤوب للحيلولة دون اتساع الحرب، خاصة أن الحرب على حماس سوف تستغرق وقتًا طويلًا، باعتبار أن الحركة استعدت بخطط مضاده لحرب العصابات داخل الشوارع والأنفاق، ولذلك أكد "بايدن" أن واشنطن حذرت إيران وحزب الله من استغلال الوضع الراهن وشن حملات عسكرية ضد إسرائيل لعرقلة تقدمها في غزة، وأيضًا الهجمات الموجهة ضد بعض القواعد الأمريكية في سوريا والعراق.

وقال "بايدن": لذلك تم إرسال حاملتيْ الطائرات أيزنهاور وفورد إلى المنطقة، وهما أقوى أسلحة الترسانة الأمريكية في رسالة ردع للقوى الإقليمية وتحذير من الانخراط في الصراع.

رابعًا- مشكلة المدنيين:

وقد طلب "بايدن" خلال الاجتماع أيضًا الحرص على تنفيذ الأهداف الإسرائيلية مع تقليل الخسائر ضد المدنيين، حفاظًا على صورة إسرائيل والولايات المتحدة لدى دول العالم.

كان "بايدن" قد حذر قبل وصوله إلى إسرائيل من عبور الحدود أو التصعيد مع إسرائيل في وقت كان الجيش الإسرائيلى قد استكمل الاستعدادات لعملية برية كاسحة في غزة حيث سبقه في الزيارة وزير الخارجية "أنتوني بلينكن" للمرة الثانية، حيث جدد مقولاته بإدانة حماس مؤكدًا أن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها.

وعندما التقى الوزير الأمريكى مع الرئيس السيسي أصر الرئيس السيسي على علانية اللقاء، الذي نقلته وسائل الإعلام مباشرة، حيث أكد الرئيس السيسي إدانة العدوان وطالب بوقف إطلاق النار، وقال: إن رد الفعل الإسرائيلي تحول إلى عقاب جماعي.

وفى الإطار نفسه جاءت أيضًا زيارة قائد القيادة المركزية الأمريكية والذى أكد أن زيارته ستركز على عدم توسيع الصراع. وقال: إن الزيارة هدفها التأكد من أن إسرائيل لديها ما تحتاجه للدفاع عن نفسها.

كانت الهجمات قد بدأت تتوالى من حزب الله حتى وإن كانت محدودة، ولكن واشنطن كانت تدرك أن توسعة الحرب في هذا الوقت لن تصب لصالحها ولا لصالح إسرائيل، وقد طلب وزير الدفاع الأمريكى "لويد أوستن" من إسرائيل في هذا الوقت عدم شن هجوم استباقي ضد حزب الله، وقدم لها عرضًا مغريًا لمنع ذلك مفاده: إن واشنطن ستلتزم بإدخال طائرات وطيارين أمريكيين في الحرب إذا هاجم حزب الله إسرائيل.

ومع ازدياد الأوضاع المعيشية صعوبة بسبب الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، قال مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل": يجب منح حق الوصول للمساعدات الإنسانية للأمم المتحدة دون عوائق إلى غزة، مؤكدًا أن المعاناه الإنسانية لا يمكن أن تكون ورقة مساومة..

كان الحديث يدور حول ضرورة السماح بخروج الأجانب من غزة عبر معبر رفح، ولكن الرئيس السيسي كان له قراره الواضح في ذلك عندما قال: لن نسمح بخروج الأجانب قبل دخول المساعدات، وهو موقف أثار غضب الإدارة الأمريكية التي سعت إلى ممارسة ضغوطها على إسرائيل للاستجابة للمطلب المصري في هذا الوقت.

أما "نتنياهو" رئيس الوزراء الإسرائيلى فقد رد على هذا المطلب في البداية بالقول: لا مساعدات إنسانية، ولا وقف لإطلاق النار فى غزة.

كانت مصر مصممة على موقفها، وكانت كلمات الرئيس التي أبلغها للإدارة الأمريكية حاسمة، خاصة أن مصر كانت قد بدأت في الاستعداد لإدخال المساعدات إلى غزة وأعلنت رفع درجة الاستعداد في مستشفيات سيناء والقاهرة وعدد من المحافظات.

كان الموقف يزداد صعوبة، وكانت أعداد الشهداء والمصابين في ازدياد مستمر، وكانت مصر تواصل جهودها مع كافة القوى الدولية والإقليمية لتقديم المساعدات إلى الفلسطينيين والعمل على وقف إطلاق النار، ولكن إسرائيل ظلت تعلن رفضها في تحدٍ سافر للجميع..

وعلى الجبهة الشمالية كانت المناوشات تتزايد.وقد أعلن رئيس الوزراء اللبناني "نجيب ميقاتي" أن لبنان في عين العاصفة والمنطقة في وضع صعب، ولا يمكن لأحد أن يتكهن بما قد يحصل، ولا مصلحة لأحد في القيام بمغامرة وفتح جبهة من جنوب لبنان. وقال: إن الحكومة اللبنانية تواصل اتصالاتها داخليًا وخارجيًا لإبقاء الوضع هادئًا وإبعاد لبنان عن تداعيات الحرب الدائرة في غزة.

ودعا الكرملين إلى وقف فوري لإطلاق النار، والحرص على عدم توسعة الحرب وبدء عملية تسوية سياسية في ظل التصعيد الجاري في الشرق الأوسط.

كان الجدل داخل المجتمع الإسرائيلي لا يزال مستمرًا حول عملية "طوفان الأقصى" وتداعياتها. وقد صرح رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية للإذاعة العبرية قائلًا: لقد فشلنا في الحصول على الإنذار المبكر لما قامت به حماس وأتحمل المسئولية الشخصية جراء ذلك. أما "بائير لابيد" زعيم المعارضة الإسرائيلية فقد سعى لإظهار صورة الوحدة داخل إسرائيل في مواجهة حماس بقوله: سنكون موحدين حتى النصر الذي يعني سحق حركة حماس بشكل كامل. وقال: لا يمكن بقاء هذا الخطر إلى جانبنا. يجب أن نستعيد الثقة بأنفسنا وبدولتنا.

أما "نتنياهو" فراح بدوره يبعث برسالة إلى إيران وحزب الله عندما قال: أقول لإيران وحزب الله: احذروا.. هدفنا هو تحقيق انتصار ساحق على حماس.

وفي مجلس الأمن كانت المندوبة الأمريكية تعلن دعم أمريكا الواضح والصريح عندما قالت: إسرائيل تعرضت لأسوأ مذبحة. ولن نسمح لمجلس الأمن بإدانة إسرائيل. ولم تعط المندوبة الأمريكية بالًا لتقرير منظمة الصحة العالمية الصادر فى هذا الوقت، والذى أكد أن نقص المياه والكهرباء والغذاء والوقود في غزة سيتحول إلى كارثة حقيقية خلال 24 ساعة.

أما رئيس البعثة الإقليمية للصليب الأحمر فقد أكد بدوره: أن المأساه التي نراها في غزة مسألة لم نرها من قبل ولا يمكن تحملها.

وبينما كانت الأصوات في الغرب تعلو مدافعة عن إسرائيل وحقها في قتل الفلسطينيين وحصارهم، كان الرئيس الروسى "بوتين" يجرى اتصالًا بالرئيس عبد الفتاح السيسي للاتفاق على مسار تدعيم التهدئة، واستعادة الاستقرار الأمني، وحماية الآمنين، وإرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة. بينما أكدت الرئاسة المصرية أن الاتصالات جميعها هدفها وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، وهو نفس ما أكده الرئيس السيسي خلال الاتصال الذي جرى بينه وبين الرئيس الأمريكى "بايدن" في 17أكتوبر، عندما أكد ضرورة إدخال المساعدات فورًا، بينما أكد "بايدن" ضرورة احتواء الصراع بين إسرائيل وحماس حتى لا يهدد أمن المنطقة.

في هذا الوقت كان "بلينكن" يصرح بأن الرئيس "بايدن" سيزور المنطقة يوم الأربعاء 18أكتوبر ويقول: إننا اتفقنا مع إسرائيل على وضع خطة تسمح بدخول المساعدات الإنسانية للمدنيين فقط.

كان الاتجاه هو أن يلتقى "بايدن" كلا من الرئيس السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله والرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأردن يوم الأربعاء 18/10، ولكن الرئيس محمود عباس غادر الأردن التي كان يزورها عائدًا إلى رام الله، معلنًا رفضه لقاء الرئيس الأمريكي. كما أن مصر والأردن اتفقتا على إلغاء عقد القمة المقرر عقدها في عمان.

في هذا الوقت صرح أمين عام الأمم المتحده "غوتيريش" أن هجمات حماس لا يمكن أن تبرر العقاب الجماعي للاشخاص. بينما قامت إسرائيل في اعقاب هذا التصريح بشن حملة شديدة ضد الأمين العام وطالبت باستقالته من منصبه.

ومع وقع الحرب، وامتداداتها كانت العديد من السفن الحربية البريطانية تتجه إلى شرق المتوسط في إشارة إلى دعم إسرائيل والتضامن مع الأساطيل الأمريكية التي ربضت قبالة سواحل غزة و تل أبيب.

كانت طبول الحرب البرية تدق داخل أوساط حكومة الحرب الإسرائيلية. وفي هذا الوقت حذر ضابط المخابرات السابق في الجيش الأمريكى "سكوت ريتر" قائلا: إن كتائب القسام وفصائل المقاومة ستدمر الجيش الإسرائيلى في حال حدوث عملية برية في قطاع غزة. وقال في مقابلة مع إحدى قنوات "اليوتيوب": إن الإسرائيليين إذا ذهبوا إلى غزة سأكون صادقًا تمامًا معكم، سيموتون بأعداد لم يرها الإسرائيليون من قبل. وقال: إن كتائب القسام جاهزة للعملية البرية وإنهم سيقومون باستدراج الجيش الإسرائيلى إلى فخ الموت، وهذا هو ما حدث بعد ذلك، حيث استطاعت المقاومة إخراج لواء جولاني "لواء النخبة" من الخدمة بعد تكبده خسائر وصلت إلى 25% من قواته، كما خرج لواء المظليين ثم هرم القياده في لواء "ناحال عوز" والدور الآن على لواء "جعفاتى" كل ذلك بعد مرور شهرين على الحرب.

كانت عملية حصار وهدم مستشفى المعمداني في قطاع غزة قد أحدثت ردود فعلية صادمة في أنحاء العالم، وهو ما دعا الضفة الغربية إلى إعلان الحداد والإغلاق الشامل في كافة المناطق، احتجاجًا وتضامنا.

في هذا الوقت وتحديدًا في التاسع عشر من أكتوبر دعا مجلس النواب المصري إلى عقد جلسة طارئة لتفويض الرئيس عبد الفتاح السيسي في حماية الأمن القومي المصري في مواجهة المخاطر التي تعترضه، خاصة تجاه قضية التهجير القسري باتجاه سيناء.

وقد تحدثتُ في هذه الجلسة المهمة، وطالبت بإلغاء اتفاقات التسوية مع إسرائيل وطرد السفير الإسرائيلى من مصر والاستعداد للحرب دفاعًا عن الأمن القومي المصري أمام المخططات الإسرائيلية التي تستهدف إجبار الفلسطينيين على التهجير القسري إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما حذر منه الرئيس السيسي أكثر من مرة، معتبرًا أن الحدود المصرية خط أحمر.

وفى العشرين من أكتوبر عقدت قمة الرياض من دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة الآسيان لدعم مبادرة السعودية والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية لإحياء عملية السلام في المنطقة بالتعاون مع مصر والأردن والرامية إلى حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وفقًا للقانون الدولي وجميع قرارات "الأمم المتحدة" ذات الصلة.

وقد أكد ولي العهد السعودي (الأمير محمد بن سلمان) خلال افتتاحه أعمال القمة، أكد"الرفض القاطع لاستهداف المدنيين في غزة بأي شكل من الأشكال، وتحت أي ذريعة. مؤكدًا أهمية الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، و وقف العمليات العسكرية ضدهم وضد البنية التحتية التي تمس حياتهم اليومية، وتهيئة الظروف لعودة الاستقرار وتحقيق السلام الدائم الذي يكفل الوصول إلى حل عادل لإقامة دولة فلسطينية وفق حدود 1967 بما يحقق الأمن والازدهار للجميع.

وقد ذكر البيان الصادر عن القمة بشأن الأوضاع فى غزة "أن القادة أعربوا عن بالغ القلق حيال التطورات في الشرق الأوسط، وأدانوا جميع الهجمات ضد المدنيين، داعين جميع الأطراف لوقف دائم لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية وإمدادات الإغاثة وغيرها من الضروريات والخدمات الأساسية بأعلى قدر من الفعالية والكفاءة واستعادة الكهرباء والماء، والسماح بإيصال الوقود والغذاء والدواء دون عوائق إلى جميع أنحاء القطاع. وطالبت القمة أطراف النزاع بحماية المدنيين والامتناع عن استهدافهم والالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وخصوصًا مبادئ وأحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن والمعتقلين المدنيين، ولا سيما النساء والأطفال والمرضى وكبار السن، وحث المعنيين على العمل من أجل التوصل إلى حل سلمى للصراع، وفقًا لحل الدولتين على أساس حدود ما قبل 4يونيو1967 بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة (2).

كانت حصيلة الشهداء فى غزة قد بلغت حتى هذا اليوم 20/10/2023 نحو 4137 وفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحركة حماس بالإضافة إلى إصابة 13162 آخرين بجروح مختلفة.

ومع تزايد لهجة العداء في العالم العربي، حذرت إسرائيل مواطنيها من السفر إلى مصر والأردن والمغرب، ودعت جميع الإسرائليين في مصر والأردن إلى المغادرة بأسرع وقت ممكن، كما أوصى الإعلان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى الإسرائيلين بتجنب الإقامة في جميع دول الشرق الأوسط والدول العربية (3).

وفي 21/10 قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلى "دانيال هجاري": إن المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة ستذهب فقط إلى المناطق الجنوبية من القطاع، وهي المناطق التي دفعت إسرائيل المدنيين الفلسطينيين إلى الاتجاه إليها، كما أن شحنات المساعدات لن تشمل الوقود (4).

كانت إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة تمهيدًا للغزو البري الذي تعدّ له، مع دخول الحرب أسبوعها الثالث. وقد أعلنت واشنطن، في هذا الوقت، تعزيز دفاعاتها في الشرق الأوسط، بينما هددت إسرائيل بأن التصعيد الذي يقوم به حزب الله سيجر لبنان إلى حرب طاحنة بعد توسع القصف بين الحزب وإسرائيل.

كانت إسرائيل تستعد، بكل ما تملك، للحرب البرية رغم تحذيرات المحللين العسكريين الذين قالوا:

إن حصلت فلن تكون نزهة، إذ سيكون على الجنود الإسرائيليين مواجهة حرب شوارع وشبكة أنفاق تحتجز فيها المقاومة أكثر من 250 رهينة.

كانت التحذيرات الإسرائيلية التي تحرض الفلسطينين على ترك شمال القطاع والاتجاه جنوبًا تتوالى وكان الضغط العسكري وأعمال القتل تتوالى وتتصاعد.وفى 22/10 تم إلقاء منشورات تحمل تحذيرًا واضحًا يقول: إن من يظل في مكانه قد يتم تحديد هويته على أنه متعاطف مع "منظمة إرهابية".

وذكر المنشور الذي تم إلقاؤه من الطائرات و وصل على رسائل الموبايل "تحذير عاجل لسكان غزة.. وجودكم إلى الشمال من وداي غزة يعرّض حياتكم للخطر.. من يختار عدم مغادرة شمال غزة إلى الجنوب من وادى غزة قد يتم تحديده على أنه متواطئ مع منظمة إرهابية (5).

أما حركة حماس فقد توعدت الجيش الإسرائيلي أنه حال إقدامه على الدخول البري للقطاع فستكون هناك فرصة سانحة لتكبيد قواته خسائر فادحة (قتلًا أو أسرًا).

قمة القاهرة للسلام:

في يوم السبت 21/10/2023 عقدت قمة دولية في القاهرة دعت إليها مصر لمواجهة الأوضاع الراهنة في قطاع غزة، أطلق عليها "قمة القاهرة للسلام"، وذلك بحضور أكثر من ثلاثين دولة بالإضافة إلى العديد من المنظمات الدولية. استمرت القمة ليومٍ واحدٍ وافتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتأكيد على مواقف مصر الثابتة. وأكد الرئيس في كلمته عددًا من المواقف أبرزها:

- أن مصر تدين، بوضوح كامل، استهداف أو قتل أو ترويع المدنيين المسالمين.

- أن مصر تعبر عن دهشتها البالغة من أن يقف العالم متفرجًا على أزمة إنسانية كارثية يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطيني في قطاع غزة، يفرض عليهم عقاب جماعي وحصار تجويع وضغوط عنيفة للتهجير القسري في ممارسات نبذها العالم الذي أبرم الاتفاقيات وأسس القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني لتجريمها ومنع تكرارها، مما يدفعنا لتأكيد دعوتنا إلى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني والمدنيين الأبرياء. وتساءل الرئيس قائلًا: دعوني أتساءل بصراحة: أين قيم الحضارة الإنسانية التي شيدناها على امتداد الألفيات والقرون؟ أين المساواة بين أرواح البشر دون تمييز أو تفرقة أو معايير مزدوجة؟!

- أن مصر منذ اللحظة الأولى انخرطت في جهود مضنية آناء الليل وأطراف النهار لتنسيق وإرسال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في غزة ولم تغلق معبر رفح في أية لحظة، ولكن القصف الإسرائيلي المتكرر لجانبه الفلسطيني حال دون عمله.

- فى هذه الظروف القاسية اتفقتُ مع الرئيس الأمريكى على تشغيل المعبر بشكل مستدام وبإشراف وتنسيق كامل مع الأمم المتحدة و وكالة "الأونروا"، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وأن يتم توزيع المساعدات بإشراف الأمم المتحدة على السكان في قطاع غزة.

- أن العالم يجب ألا يقبل استخدام الضغط الإنساني للإجبار على التهجير. وأن مصر أكدت وتجدد التشديد على الرفض التام للتهجير القسري للفلسطينيين ونزوحهم إلى الأراضي المصرية في سيناء، إذ إن ذلك ليس إلا تصفية للقضية الفلسطينية وإنهاءً لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة، وإهدارًا لكفاح الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، بل وجميع الأحرار في العالم على مدار 75 عامًا هي عمر القضية الفلسطينية.

- يخطئ من يظن أن هذا الشعب الفلسطيني الأبيّ الصامد راغب في مغادرة أرضه، حتى لو كانت هذه الأرض تحت الاحتلال أو القصف.

- أؤكد للعالم، بتعبير صادق عن إرادة وعزم جميع أبناء الشعب المصري فردًا فردًا، أن تصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل، لن تحدث، وفى كل الاحوال، لن تحدث على حساب مصر.

- أن مصر تؤكد للحاضرين جميعًا أن حل القضية الفلسطينية ليس التهجير وليس إزاحة شعب بأكمله إلى مناطق أخرى، بل إن حلها الوحيد هو العدل بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة في تقرير المصير، والعيش بكرامة وأمانٍ في دولة مستقلة على أرضهم مثلهم مثل باقي الشعوب.

- نحن أمام أزمة غير مسبوقة تتطلب الانتباه الكامل للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع، بما يهدد استقرار المنطقة ويهدد السلم والأمن الدوليين.

- يجب أن نعمل على توافق محدد على خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية وإحياء مسار السلام من خلال عدة محاور: تبدأ بضمان التدفق الكامل والآمن والسريع والمستدام للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم تنتقل فورًا إلى التفاوض حول التهدئة و وقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل في مفاوضات لإحياء عملية السلام، وصولًا لإعمال حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

بيان الرئاسة:

لقد كانت القاهرة تعرف مقدمًا أن قمة القاهرة للسلام لن تصدر بيانًا بسبب الخلافات، ولذلك أصدرت الرئاسة المصرية بيانًا قالت فيه: "إن مصر كانت تتطلع إلى أن يطلق المشاركون نداءً عالميًا للسلام يتوافقون فيه على أهمية إعادة تقييم نمط التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية. وأشار البيان إلى قصور جسيم في المشهد الدولي في إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية، حيث كشفت الحرب الجارية عن خلل في قيم المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات، ففيما نرى هرولة وتنافسًا على سرعة إدانة قتل الأبرياء في مكان ما، نجد ترددًا غير مفهوم فى إدانة الفعل نفسه في مكانٍ آخر.

وفي ختام البيان أكدت مصر أنها لن تقبل أبدًا بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة ولن تتهاون لحظة في الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات.

وكانت مصادر دبلوماسية قالت لقناة "سكاى نيوز" السبت 21/10 "إنه لن يكون هناك بيان ختامي بسبب خلافات بين المجموعة العربية وممثلي الغرب والمشاركين في القمة، الذين عرقلوا صدور البيان.

وأفادت المصادر رغبة ممثلي الغرب فى أن يتضمن البيان فقط إدانة حماس بينما رفضوا إدانة إسرائيل بقتل آلاف المدنيين فى غزة، أو المطالبة بوقف عاجل لإطلاق النار ودخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر. وتابعت: لهذا خرجت الرئاسة المصرية ببيان عبر عن وجهة نظرها في الأزمة. والأخطر أن الدول الأوروبية لم تكن راغبة في صدور أي بيان بغض النظر عن صياغته، وقالت: إن ممثليها تحججوا بأسباب واهية وكلما طرحت حلول وسط لم يوافقوا لأنهم غير راغبين فى إصدار بيان من الأساس.

أما المتحدث باسم الرئاسة المصرية المستشار أحمد فهمى فقد قال: إن عدم صدور البيان الختامي لا يعني فشل القمة. وقال: لا يوجد تطابق في وجهات النظر السياسية، والهدف من قمة القاهرة هو حشد المجتمع الدولي بشأن ما يحدث في قطاع غزة.

وقال: إن من بين نقاط الخلاف هي مستوى الإدانة لأحد الأطراف. مؤكدًا أن مصر أشهدت العالم على موقفها الواضح ورفضها لتهجير أهالى سيناء.

مع اقتراب الحرب البرية كان أهالى الرهائن الذين تحتجزهم حماس يحثون الحكومة على كبح جماح التدخل العسكري والتفاوض بدلًا من ذلك على إطلاق سراح ذويهم، ولكن الحكومة لم تعط اهتمامًا لمثل هذه النداءات..

لقد سعت إسرائيل إلى شن الحروب على كافة المتعاطفين مع الفلسطينيين في غزة. وقد تعرضت الناشطة السويدية فى مجال المناخ "جريتا تونبرج" والمرشحة لجائزة "نوبل" لانتقادات كثيرة من الإسرائيليين بسبب تغريدة تعرب فيها عن دعمها لفلسطين، حيث أعلنت وزارة التعليم الإسرائيلية إزالة أى ذكر للناشطة من مناهج التعليم العام الإسرائيلى، ردًا على مطالبها بالتضامن مع الفلسطينيين بدلًا من الإضراب من أجل التحرك لمواجهة تغير المناخ (6).

مع استمرار إسرائيل في الضغط على الفلسطينيين لتهجيرهم قسرًا، حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من محاولات التهجير إلى مصر أو الأردن. مضيفا أنه: يجب التعامل مع الوضع الإنساني داخل حدود قطاع غزة والضفة الغربية.

وقال ملك الأردن في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني "شولتس" فى برلين: "هذا خط أحمر، لأنني أعتقد أن الخطة هي محاولة خلق أمر واقع على الأرض.. لا لاجئين في الأردن.. ولا لاجئين في مصر".

وهكذا كانت المخططات تمضي، بين طبول الحرب البرية التي تقرع بكل قوة، حيث يجري التمهيد لها بالحشد العسكري والقصف المستمر والدعاية الكاذبة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وكالة رويترز:20/10/2023.

(2) جريدة الشرق الأوسط:20/10/2023.

(3) صحيفة تايمز أوف:21/10/2023.

(4) وكالة رويترز:21/10/2023.

(5) وكالة رويترز:22/10/2023.

(6) يديعوت أحرونوت "الإسرائيلية":23/10/2023.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: السيسي فلسطين الرئيس السيسي مصطفى بكري الرئيس عبدالفتاح السيسي غزة حزب الله قضية فلسطين المقاومة الفلسطينية طوفان الأقصى المساعدات الإنسانیة قمة القاهرة للسلام القضیة الفلسطینیة الجیش الإسرائیلى الرئیس الأمریکى الرئاسة المصریة وقف إطلاق النار الرئیس السیسی الأمم المتحدة لإطلاق النار الشرق الأوسط فی هذا الوقت مصر والأردن فی قطاع غزة إسرائیل فی أن إسرائیل حزب الله لا یمکن إلى غزة أکثر من غزة قد فى غزة مؤکد ا أن مصر جمیع ا فی غزة

إقرأ أيضاً:

عمليات كتائب القسام في اليوم الـ414 من "طوفان الأقصى"

غزة - صفا

تواصل كتائب الشهيد عزّ الدين القسام الجناح العسكريّ لحركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) تصديها لآليات الاحتلال الإسرائيلي وجنوده المتوغلين في قطاع غزة ضمن معركة "طوفان الأقصى" ومواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 414 يوما.

وفيما يلي أبرز عمليات كتائب القسام يوم السبت 23 نوفمبر/ تشرين ثاني 2024:

- كتائب القسام: قصفنا قاعدة "رعيم" العسكرية بعدد من صواريخ "رجوم" قصيرة المدى

- كتائب القسام: في عملية مركبة قرب مفترق برج عوض بمدينة رفح جنوب القطاع.. تمكن مجاهدونا من استهداف قوة مشاة هندسية صهيونية مكونة من 5 جنود بقذيفة مضادة للأفراد وإصابتهم بشكل مباشر واستهداف ناقلة جند بقذيفة "الياسين 105" ورصد المجاهدون هبوط الطيران المروحي للإجلاء

- كتائب القسام: استهدفنا ناقلة جند صهيونية من نوع "نمر" بعبوة "شواظ" في شارع الشهيد أحمد ياسين بمنطقة الصفطاوي شمال مدينة غزة

 

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ417 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • حين سبق طوفان الأقصى الإعصار هذا ما كشفه تحقيق إسرائيلي
  • غزة والعلوم الاجتماعية.. سبر أغوار المسألة الاجتماعية زمن الحرب
  • تطورات اليوم الـ416 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • إسرائيل: حماس كانت مستعدة للإفراج عن محتجزين دون ربط ذلك بشرط وقف إطلاق النار في غزة
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ415 من "طوفان الأقصى"
  • شهداء الحركة الرياضية .. الحلقة 60 (معين المغربي)
  • تطورات اليوم الـ415 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ414 من "طوفان الأقصى"
  • لابيد: حكومة إسرائيل تطيل أمد الحرب بلا داع وحان وقت التحرك