صناعة المحتوى الرقمي.. قطاع اقتصادي حديث يحقق شروط نموه على أرض الإمارات
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
حققت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات كبيرة، تجاه دعم قطاع إنتاج المحتوى الرقمي، والاستثمار في مقوماته، لرفع حجم مساهمته في اقتصاد الدولة، إذ كانت هذه الخطوات أحد المحاور الرئيسية لـ”الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية”، وجاءت لتستكمل سلسلة مبادرات وفعاليات لاستقطاب العاملين في الصناعات الإبداعية، وصنّاع المحتوى المبدعين، وتطوير منظومة أعمال المحتوى الرقمي خلال السنوات العشر الماضية بهدف زيادة نسبة مساهمته لتصل إلى 5% من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2031.
ومن يتابع منجزات دولة الإمارات في هذا الإطار، يجد أنها احتلت مركزًا تنافسياً لتوفير بيئة مثالية وداعمة للصناعات الإبداعية وصناعة المحتوى الرقمي، وباتت وجهة روّاده من الشركات والمؤثرين والعاملين في المجال، ومن ضمن هذه المنجزات أيضاً احتلال إمارة دبي المركز الأول عالمياً في جذب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات الثقافية والإبداعية في 2022.
ويبلغ حجم صناعة المحتوى عالمياً اليوم نحو 250 مليار دولار، وسيصل إلى نحو نصف تريليون دولار بحلول عام 2027 وفقاً لـ “غولدمان ساكس”، وهو ما يضاعف حجم مساهمتها في الناتج الوطني الإجمالي لبلدان العالم، ويوضح السر وراء منافسة كبرى الدول على قيادتها والاستثمار في فرصها الراهنة والمستقبليّة، وهو ما نشهده باستضافة دولة الإمارات أكبر تجمع لصنّاع المحتوى والمؤثرين في العالم من خلال “قمة المليار متابع” التي تنظمها “أكاديمية الإعلام الجديد” يومي 10 و11 يناير 2024 في أبراج الإمارات ومتحف المستقبل في دبيوعلى المستوى العربي، يظهر تقرير “آفاق الترفيه والإعلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2020- 2024” الصادر عن “استراتيجي آند”، بأنه من المتوقع أن يشكّل المحتوى الرقمي نسبة 46% من قيمة الإنفاق المتوقع على الإعلام والبالغ 22 مليار دولار أمريكي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2024، في زيادة لافتة من 37% في عام 2019.
وتكشف هذه الأرقام أن هناك في الأفق القريب قطاعاً اقتصادياً جديداً يتشكل، وهو ما يتطلب من العالم العربي أن يمهد الطريق نحو نموه، عبر مواصلة إنشاء المنصات والمزيد من الأكاديميات المتخصصة، ودعم البنية التحتية وتطوير القوانين والتشريعات التي تضمن أن تكون هذه الصناعة عامل بناء وتقدم، وتراعي في الوقت ذاته خصوصية العمل الإبداعي ، كما يتطلب أيضاً من صناع القرار وضع تصور استراتيجي لكيفية الاستثمار في المواهب وتنميتها وبناء شراكات بينها وبين المؤسسات والهيئات ذات العلاقة.
الإمارات أرض المواهب
وقالت سعادة عالية الحمادي، الرئيس التنفيذي لأكاديمية الإعلام الجديد: “تتجه دولة الإمارات العربية المتحدة بخطى واثقة نحو اقتصاد المستقبل، الاقتصاد القائم على العلم والمعرفة والابتكار والصناعات الإبداعية، ومن أهم سمات هذا الاقتصاد، أن الأفكار والمواهب البشرية تشكل موارده الرئيسية، وهو يتجسد في الكثير من الصناعات التي نشهدها اليوم وفي مقدمتها صناعة المحتوى بوصفها صناعة قائمة على تفوق الموهبة وقوة الفكرة والتميز في استخدام التقنيات المتاحة لتحقيق حضور مؤثر وذي أثر إيجابي بين أوساط الجمهور”.
وأضافت الحمادي “من هذا المنطلق، تعمل دولة الإمارات على تهيئة المناخ لنمو صناعة المحتوى عبر البرامج والمبادرات التي تهتم بتنمية القدرات الذاتية للموارد البشرية ودعمها وتوفير الفرص لتأهيلها، وهو ما نراه متجسداً في التناغم والتوافق بين كافة المؤسسات والهيئات التي تتنافس على دعم وتطوير صناعة المحتوى ومن أبرزها تنظيم قمة “المليار متابع”. إن كل هذه الجهود تصب في رؤية واحدة وهي أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة أرض المواهب والموهوبين وخيار كل من يبحث عن بداية لتحقيق حلمه في هذا السياق.”
جهود أكثر تخصصية
وأصبحت جهود دعم مقومات منظومة المحتوى الإبداعي الرقمي أكثر تخصصية من أي وقت مضى، وهو ما شهدناه بتوفير منصة متخصصة لدعم صنّاع المحتوى، الذين يبلغ عددهم أكثر من 300 مليون صانع محتوى، وفقًا لدراسة عالمية قامت بها شركة Adobe في عام 2022، من خلال “قمة المليار متابع”، القمة المتخصصة الأولى من نوعها في العالم والحدث التفاعلي الإبداعي الذي يجمع رواد صنّاعة المحتوى الرقمي حول العالم، ممن يتابعهم مجتمعين أكثر من مليار مستخدم على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.
وتجسد القمة ملامح استراتيجية دولة الإمارات في أن تكون حاضنة لمبدعي العالم، وأولى النماذج في المنطقة التي ترسي قواعد قطاع اقتصادي حديث ضمن منظومة ومحركات اقتصادها، حيث تستهدف القمة استقطاب أبرز صنّاع المحتوى في العالم وممثلي كبرى شركات مواقع التواصل الاجتماعي في منصة واحدة، وفي الوقت نفسه تحويل تجارب وخبرات المشاركين في الحدث إلى دروس ومهارات يتبادلونها مع صنّاع المحتوى الجدد.
أبعاد تنموية اجتماعية
وحول تنامي صناعة المحتوى الرقمي كقطاع مساهم في اقتصادات بلدان العالم، ومؤثر في خيارات الوصول لأهداف التنمية الشاملة والمستدامة، قال حسين العتولي، مدير أكاديمية الإعلام الجديد: “شكّلت صناعة إنتاج المحتوى الرقمي خلال السنوات العشر الماضية، واحدة من الصناعات المساهمة في اقتصادات بلدان المنطقة والعالم، فقد استحدثت عشرات الأنواع من الوظائف والمهن، وفي الوقت نفسه استفادت من تنامي أعداد مستخدمي الإنترنت ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي في العالم”.
وتابع العتولي: “اليوم هنالك أكثر من 300 مليون صانع محتوى حول العالم، بينما بات المستخدم يقضي وقتاً على الإنترنت أكثر من ضعفي الوقت الذي يقضيه المرء في مشاهدة التلفزيون، كما أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تعد هذا القطاع بنمو متسارع وغير مسبوق خلال السنوات القليلة المقبلة، فكل ما تحقق وكل ما وصلت له هذه الصناعة من نتائج من المتوقع أن يتضاعف في فترة قصيرة مع ثورة الذكاء الاصطناعي وتطوّر أدواته”.
وأضاف: “أهمية هذه الصناعة ليست اقتصادية وحسب، وإنما تنموية اجتماعية في المقابل، فاليوم صنّاع المحتوى والمؤثرون على منصات التواصل الاجتماعي يخاطبون قاعدة واسعة من جماهير المتابعين، وهو ما يتيح لهم فرصة أن يكونوا جزءاً من المشهد التنموي وداعمين للسياق الثقافي والاجتماعي لكل دولة، لهذا كنا حريصين في (أكاديمية الإعلام الجديد) على دعم الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية لدولة الإمارات، والعمل لتكون الإمارات حاضنة لمبدعي العالم، وهذا ما يتحقق اليوم في الحدث الأضخم عالمياً الذي يجمع صنّاع المحتوى الرقمي (قمة المليار متابع)”.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
علي بن تميم: الإمارات تقدّم مبادرات ملهمة وخلّاقة تعيد البريق للمكتبات
شارك الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، في الدورة الأولى من مؤتمر دبي للمكتبات، الذي نظمته مكتبة محمد بن راشد بمشاركة أكثر من 70 متحدثاً من أرجاء العالم، وما يزيد على 27 دولة، تحت شعار "مكتباتنا: الماضي الحاضر المستقبل".
وقال الدكتور علي بن تميم، عبر حسابه على منصة "إكس"، اليوم السبت، إن المؤتمر شديد الأهمية، كونه يُعد أحد أبرز الفعاليات الدولية في قطاع المكتبات والمعلومات على المستويين المحلي والدولي، ويزيد من التبادل المعرفي والتثاقف والنقاش المهم حول مستقبل الكتاب وأرشفته، وآفاقه الرقمية وتجلياته في الصناعات الإبداعية، بالإضافة إلى إسهامات الذكاء الاصطناعي والذي شكل حضورا قويا في المؤتمر النوعي". مواكبة المتغيرات العالمية وأضاف: "يلقي المؤتمر أيضاً الضوء على الجهد الكبير الذي تبذله مكتبة محمد بن راشد بقيادة رئيسها الأديب محمد بن أحمد المر، وفريق عمله المميز في هذا السياق، وجهود دولة الإمارات لتطوير قطاع المكتبات، وتعزيز دورها الريادي في قيادة التأليف والبحث العلمي في الثقافة والمعرفة، من خلال الخروج بتوصيات وحلول مشتركة لمواجهة التحديات ومواكبة المتغيرات العالمية في هذا المجال الحيوي، بما يسهم في تعزيز مكانة المكتبات كجسر يربط بين الثقافات ويدعم التنمية المستدامة".
سعدنا بالمشاركة في الدورة الأولى من مؤتمر دبي الدولي للمكتبات، الذي نظمته مكتبة محمد بن راشد بمشاركة أكثر من 70 متحدثاً من أرجاء العالم، وما يزيد على 27 دولة، تحت شعار "مكتباتنا: الماضي الحاضر المستقبل".
المؤتمر شديد الأهمية كونه يعد أحد أبرز الفعاليات الدولية في قطاع المكتبات… pic.twitter.com/6BoAeRmRzl
وقال بن تميم إن النقاش في الندوة ركّز على أهمية تفكيك كلمة "الحراسة" فيما يتعلق بالتراث، وهل تعني الوصاية أم الحماية أم تنظيم التعامل. 3 مداخل للتعامل مع التراث وأشار إلى أن التعامل مع التراث في العالم يتم عبر 3 مداخل هي: التفريط الكامل واعتباره بلا قيمة، والحجب الكامل بذهنية الحراسة وحبسه في خزانة مغلقة، أو التعامل معه كمنتج حضاري إنساني يحتاج إلى التعاطي والاشتباك معه، ومحاولة فهمه والاستفادة منه والبناء عليه، وهو ما تفعله دولة الإمارات، متمثلة في عدد من المؤسسات الثقافية المتخصصة، ومن هنا يمكن فهم معنى استئناف الحضارة، فالاستئناف يعني الاستكمال بالضرورة، والبناء على المفيد مما سبق، ونقده وإصلاحه.
وأشاد الدكتور علي بن تميم بالدور المهم الذي تقوم به دولة الإمارات في تعزيز حركة النشر، وتنظيم قطاع المكتبات، حيث استطاع مركز أبوظبي اللغة العربية، عبر عدد من المكتبات، مثل مكتبة قصر الوطن وغيرها، أن يقدم عدداً من المبادرات الملهمة والخلاقة، التي أعادت لفكرة المكتبة بريقها، وربطتها بالتغيرات التكنولوجية التي تجتاح العالم. جهود الدولة لتطوير قطاع المكتبات وانطلقت، أمس الجمعة، أعمال الدورة الأولى من مؤتمر دبي الدولي للمكتبات 2024، تحت شعار "مكتباتنا: الماضي، الحاضر، والمستقبل"، بتنظيم من "مكتبة محمد بن راشد"، وتستمر حتى 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بمشاركة أكثر من 70 متحدثًا وما يزيد على 27 دولة.
وقال محمد أحمد المر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، إن انطلاق المؤتمر يعكس جهودنا المستمرة في دولة الإمارات لتطوير قطاع المكتبات وتعزيز دورها مراكز للمعرفة والثقافة، من خلال الخروج بتوصيات وحلول مشتركة لمواجهة التحديات، ومواكبة المتغيرات العالمية في هذا المجال الحيوي، بما يسهم في تعزيز مكانة المكتبات جسورا تربط بين الثقافات وتدعم التنمية المستدامة.
مشاركة دولية واسعة
ويشارك في المؤتمر نخبة من الشخصيات البارزة والمؤثرة في مجال المكتبات والمعلومات، من بينهم الدكتور زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لرئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، والدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، وفهد المعمري، رئيس جمعية الإمارات للمكتبات، والدكتور عبد الله خليفة الحفيتي، نائب الرئيس المساعد في جامعة خليفة، وكريستين إن. ستيوارت، أستاذة مشاركة من جامعة زايد.
ويشهد المؤتمر مشاركة وحضور شارون ميمس، الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات، ولويس كوافيه-جن، رئيس جمعية المكتبات والمعلومات البريطانية، إلى جانب البروفيسور محسن الموسوي من جامعة كولومبيا، والدكتور سيف الجابري، الممثل الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات "إفلا"، وبن باري، مدير الخدمات الرقمية في المكتبة العامة البريطانية في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى العديد من المسؤولين والقيادات والرموز الثقافية المعنية بقطاع المكتبات من حول العالم.
ويبلغ إجمالي عدد المشاركين في الدورة الأولى من نوعها لمؤتمر دبي الدولي للمكتبات، قرابة 2000 شخص من عدة بلدان حول العالم، تنوعت خلفيتهم المعرفية والمهنية والثقافية بين العاملين والمختصين في مجال المكتبات والمعلومات والأكاديميين والعاملين في مجال الأرشيف، والمسؤولين الحكوميين وصانعي القرار في هذا القطاع الحيوي، لتبادل الأفكار والخبرات والتعرف على أحدث الممارسات في قطاع المكتبات والمعلومات.
وينظم المؤتمر أكثر من 66 ورشة عمل وندوة حوارية، تناقش موضوعات كأنظمة المكتبات، والملكية الفكرية، والذكاء الاصطناعي، والمكتبات المستدامة، وحفظ وترميم الأرشيف، ودور العمل الخيري في ضمان الوصول إلى الكتب.