الاستقلال الفلسطيني: قطاع غزة تحول إلى أكبر مقبرة جماعية في التاريخ
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
قال محمد أبو سمرة، رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني، إن المؤسسات الأممية عاجزة عن تنفيذ قراراتها في قطاع غزة وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وأضاف محمد أبو سمرة، خلال مداخلته الهاتفية ببرنامج الحياة اليوم، المذاع على قناة الحياة، أن قطاع غزة تحول إلى أكبر مقبرة جماعية في التاريخ والعالم، بعدما كان أكبر سجن في العالم،متابعا: حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال مستمرة دون أي توقف.
وأشار إلى أن الفلسطينيين أصبحوا يقتلون إما قتلا أو قصفا بالصواريخ أو موتا من الجوع والعطش وعدم توفر الدواء، متابعا: الاحتلال يعتقل جثث الموتى والشهداء.
أوضح أن الاحتلال يقوم بإعدامات جماعية ويقوم بسرقة جثث الشهداء، كما يقوم بنبش مقابر الشهداء، متابعا: الاحتلال سرق أكثر من 100 جثة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة قطاع غزة مجلس الأمن الأمم المتحدة تيار الإستقلال الفلسطيني
إقرأ أيضاً:
الإبادة الثقافية في غزة.. حرب تهدف لمحو الهوية والتاريخ الفلسطيني
إنّ ما يحدث من إبادة ثقافية في قطاع غزة لا يندرج الا تحت إطار متعمد بناءا على استراتيجيات الاحتلال الإسرائيلي التي تهدف إلى طمس وتهويد وسلب الهوية الفلسطينية كامتداد لما حدث في فلسطين عام 1948م، كوسيله تستهدف القضاء علـى الركائز الفكرية والثقافية للمجتمع لإضعافه من الداخل وزعزعة الروابط الاجتماعية وتقويض هويته الوطنية.
امام مركز رشاد الشوا الثقافي تقف الإعلامية امل حبيب ذات (38) عامًا تنظر الى الدمار الذي حل بالمركز بعد تدميره من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء الاجتياح البري لمدينة غزة، هذا المركز الذي شهد أهم الفاعليات الثقافية والوطنية والعلمية في قطاع غزة بالإضافة إلى احتوائه على مكتبة عامه تحوي آلاف من الكتب العلمية والأدبية والفنية.
تقول "هنا وقفنا كثيرا، هنا واجهتنا الحضارية في غزة، المساحة الثقافية الأكبر على مستوى فلسطين، هنا في هذا المكان تناقشنا، وكان التفاعل من منصات التكريم أيضا، هنا ومن هنا وصل صوت المدينة المحاصرة إلى كل العالم، الآن أقف على أطلال مركز رشاد بمدينة غزة، الآن نحكي حكاية مختلفة بعد أن حول الاحتلال هذا المركز الثقافي إلى كومة من الركام والغبار والردم".
وقفت تنظر الى المكان الذي اصبح اثر بعد عين واخذت تصف بذاكرتها خارطة المركز من الداخل قائلة "هذه السلالم في مركز رشاد الشواء تأخذك إلى مكتبة تماري صباغ التي تعتبر من أكبر المكتبات في قطاع غزة، هذه السلالم تأخذك إلى الشكل الهندسي المتميز لمركز رشاد الشوا الذي يتكون من طابقين، السقف فيه عبارة عن شكل مثلث، لقد حصل هذا الصرح المعماري المميز عام 1992م على جائزة الأغا خان للهندسة المعماريه، اراد الاحتلال بالتدمير المتعمد للمكان نسف الذاكرة والتاريخ والحضارة أيضا".
أما الشاعرة فدوي ابو ظاهر (36) عامًا فقالت "لم اتخيل للحظة أن اسير على ركام هذا الصرح الشامخ الذي كان رفيق المبدعين ومهبط للادباء والشعراء والكتاب والفنانين، بشكل يومى كنا نشهد العديد من النشاطات هنا، معارض فنيه واعمال ادبية واحتفاء بكتاب جدد وامسيات شعرية، ترى هنا جميع الفئات من طلاب مدارس وجامعات ومهتمين يجوبون المكان للنهل مما فيه من علم وثقافه وفن".
وأضافت قائلة "بالتأكيد أن استهداف المؤسسات الثقافية، مثل المكتبات والأرشيفات والمتاحف والمراكز الثقافية والبحثية لم يكن صدفه بل جاء بشكل متعمد، يهدف إلى قطع ارتباطنا التاريخي بأرضنا وتقويض مطالبنا القانونية من خلال تدمير الأدلة التاريخية لكن رغم هذه الجرائم، تظل الروح الفلسطينية عصية على الكسر، بالتأكيد سنعيد ترميم الأماكن التراثية والثقافية لتكون أفضل من ذي قبل".
ثم اسطردت بعدما تناولت كتاب من تحت الركام للشاعر الفلسطيني محمود درويش "بشكل اسبوعي كنت ازور مكتبة تماري ضباغ التى تقع في الطابق الثاني لمركز رشاد الشوا، داخل المكتبة كان هناك مكان مخصص لعقد الامسيات الشعرية التي كانت تضم شعراء من كافة قطاع غزة يحضرون لالقاء قصائدهم، فيما كانت تعقد العديد من الجلسات الأدبية لاشهار الدواوين الشعرية والروايات والقصص تحت رعاية بلدية غزة التي كانت تسمح لدخول المهتمين بشكل مجانى دون اي مقابل، لم اتصور يومًا ان يكون هذا المكان الذي حمل العديد من ذكرياتنا مدمر بهذا الشكل".
لم يكن حال متحف الإسراء الذي كان يحتوي على أكثر من الف قطعة أثرية قديمة افضل فقد احتوى المتحف على مقتنيات نادرة ومميزة مثل الأسلحة الحربية ومنها الخوذ التي كان الجنود يرتدونها على الرأس وقت الحرب والقتال، والترس أيضا وهو أداة كانت تستخدم لصد السهام وضربات السيوف التي ترجع للعصور الرومانية والمملوكية والأيوبية والصليبية.
يبدو ان المختار ابو رامي عنايه (87) عامًا والملقب بسفير التراث الفلسطيني، وهو اللاجيء من قرية المجدل عام 1948م قد حفظ مقتنيات متحف الإسراء وكأنها جزء من بيته.
بدأ حديثه بالتأكيد على ان الجرائم والإبادة الثّقافية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي "هي جرائم ممنهجة تهدف إلى محو الوعي التاريخي لشعبنا الفلسطيني وتقويض حقوقنا الوطنية في إطار حملة إبادة أوسع، تتجاوز فيها هذه الحرب المذابح الدموية وهدم البنى التحتية لتشمل تدمير وجودنا التاريخي والثقافي واستهداف جوهر هويتنا.
كما وضح الى أن "حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة تسعى إلى الإبادة الثقافية لشعبنا الفلسطيني كجزء من استراتيجية شاملة للقضاء على تراثنا".
وقد بدأ الحزن واضحا وجليًا على وجه عنايه عند وصفه للمقتنات التى توجد في متحف الإسراء المتحف "يوجد داخل المتحف بعض الخناجر لبعض الدول العربية مثل الخنجر العماني واليمني والشيشاني والعراقي والأردني بالإضافة للخنجر الفلسطيني، كما يضم المتحف بعض الحجارة التي تعود لعصور مختلفة مثل الإسلامي والبيزنطي ويوجد أدوات قديمة استخدمت لأغراض مختلقة منها معصرة زيت الزيتون التي تعود للعهد الروماني ومكونة من حجر بازلت ولوح دراس يستخدم للقمح والشعير في موسم الحصاد، وايضا يحتوي المتحف على على محراث خشبي قديم وأباريق من المعدن منها استخدمت للوضوء ومنها للشرب ومنها للزيت وهناك أباريق يوجد عليها نقش وهي تكون أغلى وأثمن، كما تتوفر أواني للطعام بأشكال وانواع واحجام مختلفه تعود للعهد العثماني ويوجد عليها الختم العثماني أو قطع من الفخار مثل الزير والمكاوي وبعض الأدوات التي كانت تستخدم في حرف مختلفة وأسرجه إنارة تستخدم للإضاءة صغيرة الحجم وتنير هذه الأسرجة باستخدام زيت الزيتون أو زيت الخس".
وفي ختام حديثة أوضح انه يوجد ضمن المقتنيات "قطعة تسمى الكير يستخدمها الحداد لإشعال النار في بداية كانت بالنفخ وهناك أيضا مذايع بأحجام مختلفة وطوابع بريد متنوعة وقديمة ومكاوي تعمل عن طريق الفحم أو عن طريق بابور الكاز ومكاوي استخدمت لكوي الطربوش الأحمر للرجال وبعض الحلي النسائية من خواتم الغالبية منها مصنوعة من الفضة وبراقع تستخدمها النساء قديما بالإضافة إلى العديد من الأثواب التي تعود إلى القرى الفلسطينية والتي تحمل عدة تطريزات وبعض العملات المختلفة التي تعود إلى عصور عدة منها معدنية وعثمانية بالعملة الورقية ورومانية وبعض الأحجار الكريمة مثل العقيق والمرجان الأحمر وصندوق يسمى صندوق العروس الذي كان يضع به أغراض العروس حين زفافها".
طمس متعمد
وعبر الفنان الفلسطيني بشار مراد عن حزنه الشديد امام ما يحدث من طمس متعمد للتّراث الثّقافي الفلسطيني قائلًا "بالتأكيد سيكون للدمار والابادة الثقافية في قطاع غزة أثر نفسي عميق ودائم على أولئك الذين ستُكتَب لهم النجاة من الحرب في غزة، وعلى الفلسطينيين خارج القطاع. فمن خلال طمس هويتهم الثقافية وقطع الروابط مع ماضيهم، تتسبب لهم إسرائيل بصدمات جديدة قد تستمر لأجيال. فإلى جانب الحرب الميدانية، "تُشَنّ أيضًا حرب فكرية وحرب تستهدف هوياتنا"
ونظرًا لخطورة ما يتعرض له قطاع غزة من دمار ثقافي عقدت المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة، ندوة بعنوان "الإبادة الثّقافية في غزّة: إبادة الأرشيفات والمكتبات"، وذلك في إطار فعاليات معرض الكتاب الدّولي، في العاصمة الأردنيّة عمّان في اكتوبر الماضي.
وتحدّث في النّدوة رئيس المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة عيسى قراقع الذي تطرق إلى استهداف الاحتلال الإسرائيلي للقطاعات الثّقافية والإنسانيّة خلال الحرب المستمرّة على غزّة منذ اكثر من عام، وإلى الإبادة الممنهجة الّتي طالت المواقع الأثرية والمكتبات والمتاحف والمراكز البحثيّة والأرشيفات والمساجد والكنائس والمنازل القديمة والمقابر، إضافة إلى العلماء والمثقّفين والفنّانين والصّحفيين وأساتذة الجامعات، مستعرضاً أمثلة حيّة على كل حالة ومستوى الدّمار الّذي لحق بها.
وأوضح أنّ استهداف آلة الحرب الإسرائيلية طال جميع المتاحف في قطاع غزة، ومن أبرزها المتحف الوطني في "قصر الباشا"، وهو أثر مملوكي، تمّ تحويله إلى متحف في عام 2010، وكان يضمّ عشرات آلاف القطع الأثريّة، ومتحف دير البلح التّابع لبلدية المدينة، ومتحف رفح، ومتحف القرارة، ومتحف الفندق، وغيرها من المتاحف التي دمّرت مقتنياتها أو سرقها جنود الاحتلال وقاموا بتصويرها عقب نقلها إلى المتاحف الإسرائيلية.
كما دمّرت وحرقت مئات المكتبات الخاصّة والعامّة؛ كمكتبة بلدية خانيونس، والّتي تعرضت لقصف من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية، وكانت تحتوي على آلاف الكتب والخرائط والوثائق التي توثّق تاريخ المدينة، ومكتبة الظّاهر بيبرس في المسجد العمري، والّتي تحتوي على جزء من الأرشيف الفلسطيني ومجموعة من الكتب النّادرة، بالإضافة إلى مكتبة جامعة غزة ومكتبة ديانا تماري صباغ ومكتبة جامعة الإسراء، وتدمير آلاف المكتبات الخاصّة الموجودة في المنازل.
وطال الدّمار أيضًا الأرشيف المركزي في غزة، الذي يحتوي على مبانٍ ووثائق تاريخيّة قديمة عمرها أكثر من (150 عاماً)، إضافة إلى الأرشيف المركزي للمدينة وخرائط ودراسات هندسية ودوائر التحكم والمراقبة لآبار المياه وشبكات الصّرف الصّحي.
إلى جانب سيطرة قوّات الاحتلال على مخزن آثار غزّة، حيث نشر مدير هيئة الآثار الإسرائيليّة انذاك صور له ولفريقه من داخل المخزن، والذي يحتوي على آلاف القطع الأثريّة، الّتي تعود إلى حقبات زمنيّة تتراوح ما قبل 3 آلاف سنة قبل الميلاد، إلى القرنين السّابع والثّامن الميلادي وحتّى بداية العهد الإسلامي المبكّر.
كما دُمّرت عشرات المراكز الثّقافية والمسارح، منها: مركز رشاد الشّوا الثّقافي وهو أكبر مركز ثقافي في قطاع غزّة أُسس عام 1978 م، ويحتوي على وثائق وكتب ومخطّطات تاريخيّة، والمركز الثّقافي الأرثوذوكسي، وجمعية حكاوي للمسرح وجمعية ومسرح الوداد، وغيرها.
كما أوضح ان الدمار امتدّ إلى مئات المباني التّاريخيّة، فقد تمّ تدمير بيت السّقا التّاريخي وهو من الفترة العثمانيّة، وبيت سباط العلمي والذي يعود إلى القرن السابع عشر الميلادي، والمدرسة الكاميلية، وحمام السّمرة الذي كان آخر الحمّامات العثمانيّة في غزّة، كما تمّ قصف المشفى المعمداني وهو بناء تاريخي شيّد في عام 1882، وميناء البلاخية، علاوة على استهداف موقع تلّ العجول الّذي يمثّل تاريخ غزّة في العصرين البرونزي الوسيط والمتأخّر، ودير القدّيس هيلاريون والّذي تعرّض لغارة جوية أدّت إلى تدمير جزء منه، وهو من أقدم أديرة الشّرق الأوسط، وكان قد أدرج على قائمة اليونسكو للتّراث العالمي المعرض للخطر خلال تمّوز 2024.
كما قصف الاحتلال بالقذائف الموجّهة أربع كنائس قديمة تُعد رموزاً حضاريّة مهمّة في فلسطين، من بينها كنيسة القدّيس برفيريوس، وكنيسة المعمداني ومشفاها، وقصف وتدمير (611) مسجداً تدميراً كلياً، فيما دمَّر جزئياً (214) مسجداً، من بينها المسجد العمري في غزّة وهو أحد أهمّ وأقدم المساجد في فلسطين التّاريخيّة، ومسجد عثمان قشقار الأثري، كما دمَّر (8) مقابر بشكل كامل، من بينها تجريف مقبرة بيت حانون ونبش (600) قبر فيها، والمقبرة الرّومانية والّتي تعود إلى نحو 2000 عام، وكانت تضمّ مجموعة توابيت مصنوعة من الرّصاص، ومقبرة دير البلح التي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المتأخر.
وأوضح قراقع أنّ هذا الاستهداف ليس حالة منفصلة، بل هو جزء من عقيدة الاستعمار الصّهيوني المستمرّة منذ النّكبة عام 1948، حيث يسعى الاحتلال إلى قطع علاقة الفلسطينيّين بأرضهم وتاريخهم من خلال مصادرة الأماكن الأثرية وسرقة الأرشيفات والكتب والفنون.
وأضاف قائلًا ان هناك ضعف في دور منظّمة اليونسكو في توثيق وحماية المواقع المستهدفة، وعدم اتخاذ مواقف فعّالة لإدانة الإبادة الثّقافية التي تطال مدينة غزة، التي تعدّ رابع أقدم مدينة حضارية في التاريخ.
وطالب، اليونسكو بتشكيل قمة ولجنة دولية لمناقشة ما تعرضت له القطاعات الثقافية في غزة، وبممارستها لنفس الدور الذي لعبته في الحرب الأوكرانية الرّوسية، من خلال التّأثير على المواقف الدّولية للحفاظ على الموروث الثقافي، ودعا لتشكيل محكمة خاصة لمحاسبة مجرمي الحرب الذين استهدفوا القطاعات الثّقافية والتّراثية، كما حدث في يوغسلافيا.