بوابة الوفد:
2025-01-14@09:42:16 GMT

اقتصاديات الجوع

تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT

ومازالت الارتفاعات متوالية، والأسعار تحرق أكباد المصريين، وانعكس الجوع على قواهم وأصبح الهزال والترنح سمة أساسية، الاندهاش قاسم مشترك، وباتت الأسعار حديث الصباح والمساء وكل الأوقات والمحور الرئيسى فى كل الحوارات والمعادلة الصعبة فى «حسبة برما» التى أرهقت الجميع حول كيفية الوفاق بين ما نملك وما نحتاجه لتستمر الحياة.

وحكاية «حسبة برما» مقولة مصرية دارجة باتت مثلا يدرج تجاه كل من أعيته الحيل فى العمليات الحسابية، أو المواءمة بين الإمكانيات والاحتياجات، وبرما إحدى قرى مدينة طنطا وتشتهر بتربية الدواجن.

وجاءت الحسبة عندما اصطدم رجل بسيدة كانت تحمل فوق رأسها سلة بها بيض فتحطم البيض بأكمله، وعندما سألها عن عدد البيض الذى كانت تحمله لتعويضها أجابت:

لو أحصيت البيض بالثلاثة تبقى بيضة، ولو بالأربعة تبقى بيضة، ولو بالخمسة تبقى بيضة، ولو بالستة تبقى بيضة، ولو أحصيته بالسبعة فلا يبقى شيء.

وأخذ الرجل وقتا وجهدا لحساب عدد البيض، وبعد عناء كبير وصل إلى أن عدده كان 301 بيضة، واتخذ الناس من هذا الموقف مقولة تجاه الشخص الذى يجد صعوبة فى حساب شيء ما، وظل الأمر يتداول من محافظة لأخرى حتى بات مثلا مصريا خالصا لكل من أعيته الحيل.

وحضرتنى هذه القصة التى تجمع بين التسلية والعبرة فيما آل إليه أحوال المصريين هذه الأيام، حيث يضع رب الأسرة أو ست البيت جنيهات الميزانية اليومية المعدودة لتبدأ حسبة برما فى فك الطلاسم بين المتاح والمطلوب، ولأن الأسعار قفزاتها سريعة، فإن الحسبة تزداد كل يوم تعقيدا بل وفى كل ساعة عن سابقتها لتصبح الحكاية الأصلية التى كانت معقدة فى الحساب المتعلق بعدد البيض فى السلة لدفع ثمنه إلى قصة تراجيدية مأساوية حول كيفية مواصلة البقاء ونحن نفتقد لكل مقومات الحياة.

البيوت المصرية التى أصبحت تعيش معادلات حسابية صعبة بصورة يومية، وتحتاج إلى تغيير معادلة الإنفاق كل يوم عن سابقه، حيث أصبح لكل سلعة بورصة مختلفة، فى الوقت الذى يعانى فيه الجنيه المصرى من الضمور فى الاتزان ليزداد ترنحا أما العملات الأخرى وخاصة الدولار الذى أفقده المقدرة على المقاومة، ويزداد كل يوم جبروت متحكما فى الأسعار تجاه الصعود إلى الهاوية.

الانفلات فى الأسعار الذى تشهده البلاد طال كل شيء، والناس فى حيرة من أمرها، والأهالى يلفون الأسواق «كعب داير» بحثا عن سعر أقل، فالأسواق لا يحكمها سعر موحد والتسعيرة «حسب المزاج» والأسعار غير مدونة على السلع والباعة يرفعون شعار «اللى معهوش ميلزموش»، والمواطن يرد فى لوعة «لو على نفسى أموت من الجوع، لكن أسرتى فى رقبتى وإطعامهم واجب لا أستطيع التخلى عنه».

رفاهية ترك السلع الغالية والبحث عن الرخيصة لم تعد موجودة، فجميع السلع تقريبًا باتت فى غير المتناول، واختفت من منازلنا فكرة المائدة الشاملة المتنوعة، ووفقًا لاقتصاديات الجوع وضيق ذات اليد أصبح الصنف الواحد إن وجد، هو سيد المائدة الذى تتكالب عليه الأيادى لتوقف أنين البطون الخاوية.

باختصار.. الممارسات الاحتكارية للسلع فى غياب الرقابة الحكومية الفاعلة سبب رئيسي وراء زيادة الأسعار تحت زعم المنافسة الحرة التى تفقد معناها الحقيقى فى غياب الشفافية وآليات الإنتاج وضبط الأسواق.

تبقى كلمة.. المصرى زادت معاناته وويلاته بين ترشيد الدعم الحكومى وانفلات الأسواق، فالدولة رفعت يديها وفقًا لبرنامج الإصلاح الاقتصادى عن دعم بعض السلع، الأمر الذى أثر على احتياجات ومتطلبات الشعب، بل خرجت الحكومة لتبرر الزيادات فى الأسعار وتركت الأسواق بلا رقابة فكانت الفرصة الذهبية لتجار الأزمات الذين تاجروا فى كل شيء بلا رحمة ولا وازع من ضمير ولا خوف من قانون لتضيق الدنيا على صدورنا بما رحبت.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: باختصار الأسعار المصريين الجوع

إقرأ أيضاً:

الجوع يدفع أهالي غزة لتناول الدلافين والقروش.. ومفاوضات التهدئة تعيد الأمل

 تعيش غزة أزمة إنسانية خانقة، حيث تفاقمت الأوضاع الاقتصادية وزادت معدلات الجوع إلى مستويات غير مسبوقة، ما دفع بعض سكانها للبحث عن حلول بديلة لمواجهة ندرة الغذاء، حتى وإن كانت تلك الحلول تعتبر انتهاكات خطيرة للبيئة البحرية، وبينما تستمر الجهود الدبلوماسية لتحقيق تهدئة وإنهاء العدوان. 

تفاصيل الوضع الإنساني والجوع في غزة

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن جهود مصر الدبلوماسية في دعم القضية الفلسطينية كبيرة جدا، كما أن محاولات التوصل إلى وقف إطلاق النار وحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الموقف المصري قوي وصامد وواضح منذ البداية، وموقف مصر منذ اليوم الأول للعدوان كان موقفها مباشرا ولم يقتصر علي الرفض وإنما الوقوف حائط صد أمام هذه المخطاطات، والدولة المصرية مستمرة في إرسال المساعدات الإنسانية لأهل غزة.

وأشار فهمي، إلى أن مصر تتحرك بمفردها لإرسال المساعدات الإنسانية للأهالي في قطاع غزة دون توقف، وأوضح أن مصر تسعى إلى تخفيف المعاناة على الفلسطينيين في ظل الحرب.

وفي مشهد استثنائي وغير مألوف على سواحل قطاع غزة، تمكن أحد الصيادين الفلسطينيين من اصطياد دولفين على شاطئ بحر خان يونس، جنوب القطاع، وهذا الحدث تم توثيقه ونشره عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث شارك الصياد محمد الغفاري صورة للدولفين الذي اصطاده عبر حسابه على "إنستجرام"، مما أثار جدلا واسعا واهتماما كبيرا بين المستخدمين، خاصة في ظل التحديات المستمرة التي يواجهها الصيادون بسبب الحصار وأوضاع الحرب.

تحديات الصيادين في ظل الحصار

وتواجه مجتمعات الصيد في غزة واقعا مريرا، حيث يكافح الصيادون يوميا لجلب صيد متواضع يساعدهم على إطعام أسرهم، وفقا لوسائل إعلام فلسطينية، كان صيد الأسماك جزءا أساسيا من الحياة اليومية لسكان القطاع قبل الحرب، إذ اعتمد كثيرون على بيع ما يصطادونه كمصدر رزق رئيسي، فضلا عن توفير الغذاء للمجتمع المحلي، لكن اليوم، أصبحت هذه المهنة مليئة بالصعوبات التي تعيق حتى أبسط المحاولات للحصول على قوت يومهم.

وفي هذا الإطار، أعدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية تقريرا ينتقد ممارسات بعض الصيادين الفلسطينيين الذين يلجؤون إلى صيد الكائنات البحرية المحمية، ووصفت الصحيفة صورة الصياد الغزي بأنها "استعراض لصيد غير قانوني دون خجل"، متجاهلة الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها سكان القطاع نتيجة الحصار الذي استمر لأكثر من عام وأدى إلى تفاقم الجوع حتى درجة تهدد حياتهم.

وذكرت الصحيفة أن رام نيري، وهو عضو في جمعية أسماك القرش في إسرائيل، وثق عمليات الصيد في غزة على مدار أربع سنوات.  

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت صور نشرها نشطاء فلسطينيون مثل محمود زكي العمودي، وهو يحمل سمكة قرش صغيرة، وأكد أنه قام لاحقاً بطهي السمكة، مما أثار جدلا كبيرا على الإنترنت.

 ففي حين اعتبر البعض هذه الممارسات تهديدا إضافيا للأنواع المهددة بالانقراض، دافع العمودي عن موقف الصيادين قائلا: "الظروف القاهرة التي نعيشها تجعل كل ما هو متاح من موارد غذائية قابلا للاستخدام، بما في ذلك الكائنات المحمية".

وعبرت جمعية أسماك القرش في إسرائيل عن غضبها الشديد تجاه ممارسات الصيد في غزة، ووصفتها بأنها "كارثة بيئية تهدد التنوع الحيوي البحري في البحر الأبيض المتوسط".

وفي ظل هذه الأوضاع الإنسانية الكارثية، تتزايد الأحاديث حول إحراز تقدم في مسار مفاوضات التهدئة في قطاع غزة، وقد نشرت قناة "إكسترا نيوز" تقريرا بعنوان: "حالة من التفاؤل الحذر تسود بين سكان قطاع غزة مع تزايد الحديث عن إحراز تقدم في مفاوضات الهدنة".

وأشار التقرير إلى أن الشعب الفلسطيني، ولا سيما سكان قطاع غزة، يعيشون حالة من اليأس المستمر، حيث لم تتغير أوضاعهم رغم الأخبار المتداولة عن تقدم المفاوضات.

 ومع ذلك، يظل هناك من يتشبث ببصيص أمل، ولو ضئيل، للوصول إلى اتفاق قد يخفف من المعاناة اليومية.

أشرف سنجر: جهود مصرية متواصلة لوقف إطلاق النار في غزةحصيلة أولية.. مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة 10 جراء انهيار مبنى شمال غزةتعنت الاحتلال وإفشال المحاولات

بحسب التقرير، فإن الغالبية العظمى من الفلسطينيين فقدوا الأمل في قرب التوصل إلى اتفاق يُنهي العدوان الإسرائيلي على القطاع، نظرا للتعنت الإسرائيلي المستمر الذي يفشل أي محاولات جدية للتوصل إلى تهدئة.

على الرغم من انتشار حالة اليأس، يرى الخبراء أن عدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن لا يعني أن المفاوضات قد وصلت إلى طريق مسدود، بل على العكس، فإن الجولة الراهنة تعتبر من أكثر المحاولات جدية للتوصل إلى تهدئة. 

والجدير بالذكر، أن بين الجوع الذي يدفع إلى تجاوز الحدود البيئية والآمال المعقودة على مفاوضات التهدئة، يعيش أهالي غزة واقعا مؤلما يمتزج بين القهر والمقاومة، ورغم كل التحديات، يبقى الأمل في مستقبل أفضل قائما، ولو ببصيص ضوء وسط ظلمة المعاناة.

28 جنديًا إسرائيليًا أقدموا على الانتحار منذ بداية الحرب على غزةالديهي: ما يجري بالسودان أصعب مما يحدث في غزة

مقالات مشابهة

  • الخرطوم.. مقتل 120 سودانيًا وإصابة آخرين في قصف مدفعي عشوائي
  • تفاحة تعالج مشكلة الجوع الشديد ليلًا
  • كيف تتحكم المذهبية والعرقية فى النزاع السورى؟
  • الجوع يدفع أهالي غزة لتناول الدلافين والقروش.. ومفاوضات التهدئة تعيد الأمل
  • بسبب الجوع.. سكان قطاع غزة يأكلون من البحر| تفاصيل
  • لتنشيط الذاكرة.. أطعمة تساعد على التركيز فى الامتحانات
  • المجوهرات.. و"الملكية"
  • سجل ذكرياتنا عبر العدسة
  • اقتصاديات الملكية الفكرية في الرسائل الجامعية
  • في غزة.. الجوع يغلي وعبد الرحمن يذوب في قدر المعاناة