ومازالت الارتفاعات متوالية، والأسعار تحرق أكباد المصريين، وانعكس الجوع على قواهم وأصبح الهزال والترنح سمة أساسية، الاندهاش قاسم مشترك، وباتت الأسعار حديث الصباح والمساء وكل الأوقات والمحور الرئيسى فى كل الحوارات والمعادلة الصعبة فى «حسبة برما» التى أرهقت الجميع حول كيفية الوفاق بين ما نملك وما نحتاجه لتستمر الحياة.
وحكاية «حسبة برما» مقولة مصرية دارجة باتت مثلا يدرج تجاه كل من أعيته الحيل فى العمليات الحسابية، أو المواءمة بين الإمكانيات والاحتياجات، وبرما إحدى قرى مدينة طنطا وتشتهر بتربية الدواجن.
وجاءت الحسبة عندما اصطدم رجل بسيدة كانت تحمل فوق رأسها سلة بها بيض فتحطم البيض بأكمله، وعندما سألها عن عدد البيض الذى كانت تحمله لتعويضها أجابت:
لو أحصيت البيض بالثلاثة تبقى بيضة، ولو بالأربعة تبقى بيضة، ولو بالخمسة تبقى بيضة، ولو بالستة تبقى بيضة، ولو أحصيته بالسبعة فلا يبقى شيء.
وأخذ الرجل وقتا وجهدا لحساب عدد البيض، وبعد عناء كبير وصل إلى أن عدده كان 301 بيضة، واتخذ الناس من هذا الموقف مقولة تجاه الشخص الذى يجد صعوبة فى حساب شيء ما، وظل الأمر يتداول من محافظة لأخرى حتى بات مثلا مصريا خالصا لكل من أعيته الحيل.
وحضرتنى هذه القصة التى تجمع بين التسلية والعبرة فيما آل إليه أحوال المصريين هذه الأيام، حيث يضع رب الأسرة أو ست البيت جنيهات الميزانية اليومية المعدودة لتبدأ حسبة برما فى فك الطلاسم بين المتاح والمطلوب، ولأن الأسعار قفزاتها سريعة، فإن الحسبة تزداد كل يوم تعقيدا بل وفى كل ساعة عن سابقتها لتصبح الحكاية الأصلية التى كانت معقدة فى الحساب المتعلق بعدد البيض فى السلة لدفع ثمنه إلى قصة تراجيدية مأساوية حول كيفية مواصلة البقاء ونحن نفتقد لكل مقومات الحياة.
البيوت المصرية التى أصبحت تعيش معادلات حسابية صعبة بصورة يومية، وتحتاج إلى تغيير معادلة الإنفاق كل يوم عن سابقه، حيث أصبح لكل سلعة بورصة مختلفة، فى الوقت الذى يعانى فيه الجنيه المصرى من الضمور فى الاتزان ليزداد ترنحا أما العملات الأخرى وخاصة الدولار الذى أفقده المقدرة على المقاومة، ويزداد كل يوم جبروت متحكما فى الأسعار تجاه الصعود إلى الهاوية.
الانفلات فى الأسعار الذى تشهده البلاد طال كل شيء، والناس فى حيرة من أمرها، والأهالى يلفون الأسواق «كعب داير» بحثا عن سعر أقل، فالأسواق لا يحكمها سعر موحد والتسعيرة «حسب المزاج» والأسعار غير مدونة على السلع والباعة يرفعون شعار «اللى معهوش ميلزموش»، والمواطن يرد فى لوعة «لو على نفسى أموت من الجوع، لكن أسرتى فى رقبتى وإطعامهم واجب لا أستطيع التخلى عنه».
رفاهية ترك السلع الغالية والبحث عن الرخيصة لم تعد موجودة، فجميع السلع تقريبًا باتت فى غير المتناول، واختفت من منازلنا فكرة المائدة الشاملة المتنوعة، ووفقًا لاقتصاديات الجوع وضيق ذات اليد أصبح الصنف الواحد إن وجد، هو سيد المائدة الذى تتكالب عليه الأيادى لتوقف أنين البطون الخاوية.
باختصار.. الممارسات الاحتكارية للسلع فى غياب الرقابة الحكومية الفاعلة سبب رئيسي وراء زيادة الأسعار تحت زعم المنافسة الحرة التى تفقد معناها الحقيقى فى غياب الشفافية وآليات الإنتاج وضبط الأسواق.
تبقى كلمة.. المصرى زادت معاناته وويلاته بين ترشيد الدعم الحكومى وانفلات الأسواق، فالدولة رفعت يديها وفقًا لبرنامج الإصلاح الاقتصادى عن دعم بعض السلع، الأمر الذى أثر على احتياجات ومتطلبات الشعب، بل خرجت الحكومة لتبرر الزيادات فى الأسعار وتركت الأسواق بلا رقابة فكانت الفرصة الذهبية لتجار الأزمات الذين تاجروا فى كل شيء بلا رحمة ولا وازع من ضمير ولا خوف من قانون لتضيق الدنيا على صدورنا بما رحبت.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: باختصار الأسعار المصريين الجوع
إقرأ أيضاً:
جناح دمياط يحصل على شهادة تقدير من محافظة الوادى الجديد ووزارتى الصناعة والزراعة
تقدم الدكتور أيمن الشهابى محافظ دمياط، بالتهنئة إلى سيدات المحافظة المشاركات بمعرض " أيادي مصر " بالخارجة بالوادى الجديد، على النجاح الذى حققه جناح دمياط الذى تضمن عدد كبير من المشغولات اليدوية والمنتجات التراثية والدمياطية، وحصول المحافظة على شهادة تقدير من محافظة الوادى الجديد ووزارتى الصناعة والزراعة والتى قامت السيدة حنان مجدى نائب محافظ الوادى الجديد بتسليمها للسيدات.
شهد الجناح أيضًا تفقد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء رافقته الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، حيث أشادا بجودة المنتجات المعروضة التى عكست المهارة الفريدة والمتميزة للسيدات المشاركات .
ويشار إلى أن السيدات المشاركات بالمعرض قد تلقوا عدد من التدريبات بالمدينة الصديقة للنساء التى تم انشائها بالتعاون بين المحافظة و المجلس القومى للمرأة وبتمويل من هيئة الأمم المتحدة للمرأة UN WOMEN، حيث ساهمت تلك التدريبات التى جاءت لتطوير مهارات السيدات بالحرف اليدوية والتراثية والمجالات التسويقية فى خلق رائدات أعمال و دعم أهداف تمكين المرأة اقتصاديا ، لذا حصلت المدينة على جائزة اليونسكو لمدن التعلم لعام ٢٠٢١ و أيضًا المركز الثانى بنماذج الفراغات العامة المفتوحة الناجحة بمصر ببرنامج الأثر المحلى للمنتدى الحضرى العالمى الذى استضافته مصر هذا الشهر .
وتوجه " المحافظ " بالشكر إلى محافظة الوادى الجديد بقيادة اللواء محمد الزملوط والسيدة حنان مجدى نائب محافظ الوادى الجديد على الاستقبال الحافل لسيدات المحافظة و إتاحة الفرصة لهن للمشاركة بالمعرض وهذا التكريم .
فريق هندسة دميا ط ينافس في رالي السيارات الكهربائية 2024 EVER Egypt