بوابة الوفد:
2025-04-22@21:21:32 GMT

اقتصاديات الجوع

تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT

ومازالت الارتفاعات متوالية، والأسعار تحرق أكباد المصريين، وانعكس الجوع على قواهم وأصبح الهزال والترنح سمة أساسية، الاندهاش قاسم مشترك، وباتت الأسعار حديث الصباح والمساء وكل الأوقات والمحور الرئيسى فى كل الحوارات والمعادلة الصعبة فى «حسبة برما» التى أرهقت الجميع حول كيفية الوفاق بين ما نملك وما نحتاجه لتستمر الحياة.

وحكاية «حسبة برما» مقولة مصرية دارجة باتت مثلا يدرج تجاه كل من أعيته الحيل فى العمليات الحسابية، أو المواءمة بين الإمكانيات والاحتياجات، وبرما إحدى قرى مدينة طنطا وتشتهر بتربية الدواجن.

وجاءت الحسبة عندما اصطدم رجل بسيدة كانت تحمل فوق رأسها سلة بها بيض فتحطم البيض بأكمله، وعندما سألها عن عدد البيض الذى كانت تحمله لتعويضها أجابت:

لو أحصيت البيض بالثلاثة تبقى بيضة، ولو بالأربعة تبقى بيضة، ولو بالخمسة تبقى بيضة، ولو بالستة تبقى بيضة، ولو أحصيته بالسبعة فلا يبقى شيء.

وأخذ الرجل وقتا وجهدا لحساب عدد البيض، وبعد عناء كبير وصل إلى أن عدده كان 301 بيضة، واتخذ الناس من هذا الموقف مقولة تجاه الشخص الذى يجد صعوبة فى حساب شيء ما، وظل الأمر يتداول من محافظة لأخرى حتى بات مثلا مصريا خالصا لكل من أعيته الحيل.

وحضرتنى هذه القصة التى تجمع بين التسلية والعبرة فيما آل إليه أحوال المصريين هذه الأيام، حيث يضع رب الأسرة أو ست البيت جنيهات الميزانية اليومية المعدودة لتبدأ حسبة برما فى فك الطلاسم بين المتاح والمطلوب، ولأن الأسعار قفزاتها سريعة، فإن الحسبة تزداد كل يوم تعقيدا بل وفى كل ساعة عن سابقتها لتصبح الحكاية الأصلية التى كانت معقدة فى الحساب المتعلق بعدد البيض فى السلة لدفع ثمنه إلى قصة تراجيدية مأساوية حول كيفية مواصلة البقاء ونحن نفتقد لكل مقومات الحياة.

البيوت المصرية التى أصبحت تعيش معادلات حسابية صعبة بصورة يومية، وتحتاج إلى تغيير معادلة الإنفاق كل يوم عن سابقه، حيث أصبح لكل سلعة بورصة مختلفة، فى الوقت الذى يعانى فيه الجنيه المصرى من الضمور فى الاتزان ليزداد ترنحا أما العملات الأخرى وخاصة الدولار الذى أفقده المقدرة على المقاومة، ويزداد كل يوم جبروت متحكما فى الأسعار تجاه الصعود إلى الهاوية.

الانفلات فى الأسعار الذى تشهده البلاد طال كل شيء، والناس فى حيرة من أمرها، والأهالى يلفون الأسواق «كعب داير» بحثا عن سعر أقل، فالأسواق لا يحكمها سعر موحد والتسعيرة «حسب المزاج» والأسعار غير مدونة على السلع والباعة يرفعون شعار «اللى معهوش ميلزموش»، والمواطن يرد فى لوعة «لو على نفسى أموت من الجوع، لكن أسرتى فى رقبتى وإطعامهم واجب لا أستطيع التخلى عنه».

رفاهية ترك السلع الغالية والبحث عن الرخيصة لم تعد موجودة، فجميع السلع تقريبًا باتت فى غير المتناول، واختفت من منازلنا فكرة المائدة الشاملة المتنوعة، ووفقًا لاقتصاديات الجوع وضيق ذات اليد أصبح الصنف الواحد إن وجد، هو سيد المائدة الذى تتكالب عليه الأيادى لتوقف أنين البطون الخاوية.

باختصار.. الممارسات الاحتكارية للسلع فى غياب الرقابة الحكومية الفاعلة سبب رئيسي وراء زيادة الأسعار تحت زعم المنافسة الحرة التى تفقد معناها الحقيقى فى غياب الشفافية وآليات الإنتاج وضبط الأسواق.

تبقى كلمة.. المصرى زادت معاناته وويلاته بين ترشيد الدعم الحكومى وانفلات الأسواق، فالدولة رفعت يديها وفقًا لبرنامج الإصلاح الاقتصادى عن دعم بعض السلع، الأمر الذى أثر على احتياجات ومتطلبات الشعب، بل خرجت الحكومة لتبرر الزيادات فى الأسعار وتركت الأسواق بلا رقابة فكانت الفرصة الذهبية لتجار الأزمات الذين تاجروا فى كل شيء بلا رحمة ولا وازع من ضمير ولا خوف من قانون لتضيق الدنيا على صدورنا بما رحبت.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: باختصار الأسعار المصريين الجوع

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: جيش الاحتلال يستخدم المساعدات سلاح حرب في غزة 

 

الجديد برس|

 

اتهمت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، سلطات الاحتلال الإسرائيلي باستخدام المساعدات الإنسانية “ورقة مساومة وسلاح حرب”، مطالبة برفع الحصار المشدد عن غزة منذ 50 يوما.

 

جاء ذلك في بيان نشره مفوض عام “الأونروا” فيليب لازاريني، اليوم الثلاثاء، على منصة إكس، قال فيه مستنكرا: “كم من الوقت تحتاج كلمات الإدانة الجوفاء حتى تتحول إلى أفعال لرفع الحصار واستئناف وقف إطلاق النار، وإنقاذ ما تبقى من الإنسانية؟”.

 

وأضاف: “مرّ 50 يوما على الحصار المفروض على غزة من قبل السلطات الإسرائيلية، الجوع ينتشر ويتفاقم، وهو متعمّد ومن صنع الإنسان. تحوّلت غزة إلى أرض يأس”.

 

وتابع لازاريني: “مليونا إنسان – غالبيتهم من النساء والأطفال – يتعرضون لعقاب جماعي، الجرحى والمرضى وكبار السن محرومون من الأدوية والرعاية الصحية”.

 

ولفت إلى أنه في الوقت نفسه، لدى المنظمات الإنسانية مساعدات جاهزة لإدخالها إلى غزة، بما في ذلك ما يقارب 3 آلاف شاحنة من المساعدات المنقذة للحياة تابعة للأونروا.

 

وحذّر المسؤول الأممي من أن المواد الأساسية المخصصة للأشخاص المحتاجين شارفت على انتهاء صلاحيتها”، وبيّن أن “المساعدات الإنسانية تُستخدم ورقة مساومة وسلاح في هذه الحرب.

 

وشدد على وجوب رفع الحصار، وإدخال الإمدادات فورا، وإطلاق سراح الرهائن (الأسرى الإسرائيليين)، واستئناف وقف إطلاق النار.

 

وفي 9 أبريل الجاري حذرت الأونروا من اقتراب قطاع غزة من مرحلة “الجوع الشديد للغاية” جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل ومشارفة ما يتبقى من الإمدادات الأساسية على النفاد.

 

وبحسب بيانات البنك الدولي فإن الإبادة التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي حولت جميع فلسطينيي غزة إلى فقراء، ما يعني أنهم عاجزون عن توفير أدنى مقومات الحياة لعائلاتهم من أغذية ومياه.

 

وتغلق إسرائيل معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، منذ 2 مارس الماضي، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية ودولية.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: جيش الاحتلال يستخدم المساعدات سلاح حرب في غزة 
  • صحة غزة: منع إسرائيل دخول تطعيمات شلل الأطفال يهدد 602 ألف طفل
  • يديعوت : رصف نصف محور موراج وهدف الجيش تدمير ما تبقى من رفح
  • صناعة الجوع: إرهاب مجتمعي صارخ
  • محافظ دمياط يشارك أطفال رأس البر تلوين البيض في شم النسيم
  • تعرف على أقدم بيضة عيد فصح مزخرفة فى العالم
  • غزة محاصرة داخل قوقعة الجوع .. الأهالي يأكلون لحم السلاحف
  • منى أحمد تكتب: شم النسيم عيد كل المصريين
  • الجوع ألجأ الغزيين لأكل سلاحف البحر
  • أقدم بيضة عيد فصح مزخرفة في العالم.. تعرف على مكانها