موردخاى فعنونو.. لعبة «الموساد» النووية
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
تحدثنا فى المقال السابق «فى حضرة الجواسيس» عن فضيحة اليهودى الأمريكى «بولارد»، الذى سرب آلاف الوثائق السرية إلى إسرائيل، فى نفس ذاك التوقيت وعلى نفس الشاطئ من بحيرة الجواسيس، تنعكس صورة «بولارد» ليظهر «موردخاى فعنونو» الذى فضح برنامج إسرائيل النووى 1986، ليراه العالم الرجل صاحب الضمير الحى، المناضل من أجل السلام، وبعد مرور أربعة عقود تقريبًا من خيانة «فعنونو»، يحتاج الأمر منا إلى إعادة قراءة، ربما تدخل تلك الخيانة فى نطاق ألاعيب «الموساد»، وتصبح إحدى حلقات مسلسل «الردع عن طريق الشك» الذى تمارسه إسرائيل باستمرار.
ما قبل الخيانة:
«موردخاى فعنونو» يهودى مغربى ولد 1954، هاجر مع عائلته إلى إسرائيل 1963، التحق بوظيفة تقنى فى مفاعل «ديمونا» النووى 1977، وكُتِب فى ملفه الأمنى حسب بعض الروايات بأنه يحمل معتقدات يسارية مؤيدة للعرب، وأن هذه الشخصية قد تكون خطرة فى سلوكها المفاجئ، وبالرغم من تلك البداية التى رسمت قاعدة منطقية تؤدى إلى خيانة إسرائيل دون شك، نسأل: كيف يمكن السماح لشخص بهذه المواصفات، أن يعمل داخل منشأة شديدة السرية والتأمين؟ ثم كيف تمكن «فعنونو» من تسريب كاميرا داخل «ديمونا» والتقاط هذا العدد الهائل من الصور، والاحتفاظ بها، ثم تهريبها إلى الخارج؟!
الخيانة والنشر:
بعد أن تم الاستغناء عن خدمات «فعنونو» 1986، أو تركه العمل برغبته، لا فرق، اتجه إلى أستراليا، واعتنق المسيحية، ثم تعرف على صحفى قام باختلاق قصة جعل فيها «فعنونو» عالماً نووياً ينشق عن إسرائيل، ويحمل تفاصيل مخطط لضرب العرب بالأسلحة النووية، ساعيًا لبيع هذا السبق الصحفى لمن يدفع أكثر، انزعج «فعنونو» عندما سمع تلك المزاعم، وقرر أن ينشر قصته فى صحيفة جادة، لإطلاق صافرة إنذار نحو خطر إسرائيل «النووية»!
تم التواصل مع صحيفة «صنداى تايمز» البريطانية، التى قررت اصطحاب «فعنونو» إلى لندن، وتم نشر تفاصيل وصور ومعلومات ثمانى سنوات كاملة قضاها «فعنونو» داخل المفاعل النووى السرى للغاية! وخلصت الصحيفة إلى أن إسرائيل تمتلك 200 رأس نووى، وتابع العالم تلك الكارثة، ولم يتحرك أحد لمحاسبة تل أبيب!
فى هذه المرحلة نلاحظ أن «فعنونو» يتنقل بسهولة دون خوف، وهذا يجافى المنطق ويهتك عرضه، كما نلاحظ أن توقيت النشر والخيانة، هو توقيت فضيحة الجاسوس «بولارد»!! والسؤال الذى يقفز إلى رؤوس الجميع: أين كان «الموساد» فى تلك الرحلة؟!
ما بعد الخيانة:
أثناء رحلة «فعنونو» من أستراليا إلى لندن، وصلت المعلومات إلى «الموساد»، مسبوقة بمعلومات أشد خطورة، تقول إن «فعنونو» خلال رحلته إلى أستراليا زار السفارة السوفيتية، ليكتشف «الموساد» عن طريق عملائه، أن تلك الزيارة كانت بغرض الاستفسار عن ماهية الأوراق المطلوبة لقضاء إجازة فى الاتحاد السوفيتى فى وقت لاحق!!
من تلك التفصيلة العابرة فى رحلة «فعنونو»، هل يمكن القول هنا إن إسرائيل أرادت أن ترسل برقية تهديد خاطفة إلى الولايات المتحدة، بإمكانية إرسال آلاف الوثائق التى وصلت إليها عن طريق «بولارد» إلى السوفييت العدو اللدود؟!
بعد نشر تلك القصة المثيرة والمعلومات الأكثر إثارة، استقر الرأى على إعادة «الخائن» إلى حضن إسرائيل واستجوابه، واختار «ناحوم أدموني» رئيس الموساد «شيريل بنتوف» للسفر إلى لندن كفتاة أمريكية تدعى «سيندى» لتلتقى «فعنونو» عن طريق الصدفة ثم إغوائه، وتمت عملية الاختطاف بسلام وعاد «فعنونو» إلى أرض الوطن، وتم الحكم عليه بالسجن 18 سنة منها 10 انفرادى.. هل انتهت الإثارة عند تلك النهاية؟ للأسف لا.
غضبت بريطانيا وقالت إن اختفاء «فعنونو» الغامض انتهاك لسيادتها، وتم تصحيح الواقعة عن طريق «فعنونو» نفسه! فقد كتب على كف يده بالإيطالية أثناء انتقاله من السجن إلى المحكمة، وأشهرها للصحفيين، فى إشارة إلى أن عملية الاختطاف تمت فى روما! لم تتوقف الإثارة عند تلك النقطة أيضًا!
فى 7 أبريل 1997 أى بعد عشر سنوات من الواقعة، نقلت «القدس العربي» حواراً أجرته صحيفة «صنداى تايمز» صاحبة السبق النووى، مع عميلة الموساد التى شاركت فى اختطاف «فعنونو»، تحدثت فيه عن حياتها وتفاصيل عملية الاختطاف، ونشرت صورة لها عندما كانت «سيندى»، بجانب صورة ترتدى فيها نظارة سوداء وقالت إنها «شيريل».. فهل ظهور العملاء ونشر صورهم والتعرف عليهم يكون بتلك البساطة؟!
الخلاصة: إن قصة «فعنونو» الذى يعيش الآن تحت الإقامة الجبرية فى إسرائيل، رواية يملؤها الغموض، مثل سياسة الغموض النووى التى تمارسها إسرائيل باستمرار، وسط صمت عالمى أكثر غموضًا، مع التهديد الدائم باللجوء إلى «خيار شمشون»، وهو ما أكده وزير التراث الإسرائيلى «عميحاى إلياهو» مؤخرًا و طالب بضرب غزة بقنبلة نووية!!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب المقال السابق عن طریق
إقرأ أيضاً:
الإعلامية سونيا الزغول تنضم إلى قناة التغيير العراقية وتقدّم برنامج “لعبة النفوذ” للجمهور العربي
بقلم : هادي جلو مرعي ..
أعلنت الإعلامية الأردنية سونيا الزغول عن انضمامها إلى فريق قناة التغيير الفضائية العراقية، حيث ستقدّم برنامجها الجديد “لعبة النفوذ” الذي يُعرض أيام الأحد والثلاثاء والخميس، ليُسلّط الضوء على توازنات القوى في العالم العربي، ويتناول الملفات السياسية الحساسة التي تشغل الرأي العام.
الزغول التي اشتهرت بحضورها الإعلامي المميز كانت قد قدّمت برامج سياسية وإخبارية على شاشات عدة أبرزها سكاي نيوز عربية وتلفزيون الآن ما جعلها واحدة من أبرز الوجوه الإعلامية في المنطقة ومع انضمامها إلى قناة التغيير تؤكد الزغول التزامها بتقديم محتوى جريء وعميق يعكس التحديات التي يواجهها العالم العربي في ظل تزايد تعقيد الملفات السياسية.
“لعبة النفوذ” هو برنامج حواري يعتمد على التحليل الجريء للأحداث ويكشف خفايا مراكز القرار الدولي مقدماً فرصة فريدة للمشاهدين لمتابعة ما وراء الكواليس في سياق سياسي معقد، يهم المواطن العربي في مختلف الدول.
من المتوقع أن يحقق البرنامج تفاعلاً واسعاً داخل العراق وفي جميع أنحاء الوطن العربي حيث يُعتبر نافذة جديدة لفهم العلاقات السياسية والقوى المؤثرة في المنطقة.
هادي جلومرعي