الحب الممنوع فى الأدب العالمي
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
ثيمة الحب، هى نغمة ساحرة تتردد أصداؤها فى أروقة الأدب، وتتألق كزهرة ممنوعة تتفتح فى حدائق القصص العالمية. فى هذا السياق، نستعمل تعابير السفر اللغوى لنتنقل بين أعمال الأدب العربى والفارسى والإنجليزى، نركب سفينة الكلمات لنجتاز أمواج «قيس وليلى» (القرن السابع م) و«Leyli o Majnun» للشاعر الفارسى نظامى الكنجوى (ت.
وقصص الحب الممنوع متشابهات: تكمن سحرية كل هذه الأعمال فى نبوغها فى تجسيد موضوع الحب الممنوع، حيث يقف العاشقان كبطلين يواجهان مقاومة غير مرئية، تمثلها المعارضة الاجتماعية والعائلية، وكأنهما يسيران فى متاهة حياة مليئة بالمأساة من البداية حتى النهاية المحتومة.
قوة الحب: المحبان يتحديان سلطة التقاليد والاعراف الاجتماعية ويواجهان الموت بكل جرأة، حاملين راية العشق الذى يحرق كل الجسور.
نهايات مأساوية: الحب يسطع كنجمة فى سماء الأدب، لكن مصير العاشقين يتشابك بخيوط مأساوية.. ينتحر روميو وتليه جولييت ويقع قيس فريسة للجنون وأبو ليلى يرغمها علىى الزواج برجل آخر، وكأن القدر يكتب سيرة مصارع العشاق بحبر من الدموع الدافقة.
الاختلافات فى السياق الثقافي: تدور «روميو وجولييت» فى مدينة فيرونا فى إيطاليا، معبرة عن قيم النهضة الغربية، بينما تنسج قصة مجنون ليلى بخيوط من التقاليد الإسلامية، مضفية جاذبية ثقافية فريدة.
تعبير الحب: هنا يُصوّر الحب فى «قيس وليلى» كروحين حلتا جسدا، كموسيقى تنساب بين أوتار القلوب. فى المقابل، ينطلق حب «روميو وجولييت» مثل وهج حريق عاطفى، يشتعل بشغف درامى وينطفئ بانتحار مأساوى.
الحب الفردى مقابل السلطة الجماعية: روح «الابوية» والقبلية موجودة فى مجتمع قيس وليلى وكذا فى مجتمع روميو وجولييت (مدينة «فيرونا» الايطالية فى القرن 14)، لكن فى حين تمنع أعراف قبيلة قيس وليلى زواجهما وتنتصر على حريتهما فى الوصال، ينغمس حب «روميو وجولييت» فى عمق فردانيته، متمحورًا حول شخصيتين تتلاقيان فى غمرة العاطفة وتحددان مصيرهما المشترك، لنتذكر أنّ روميو وجولييت تحديا تقاليد مجتمعهما وتزوجا سرًا فى حين أن قيس وليلى لم يتجرآ على اتخاذ أى مبادرة.
عمق العواطف: فى مسرحية شكسبير، يصوّر الحب «كدخان يتكون من زفرات التنهيد» وكذلك «الحب ليس إلا جنونًا هادئا» وحيث تنشغل الشخصيات بأفكارها لتبتعد عن الحزن فإننا نجد فى المقابل أنّ الحب فى قصة «مجنون ليلى» يتجاوز حدود البشر، ليتحول إلى حب روحانى إلهى يتجلّى فى الأشعار الصوفية.
تظل قصص الحب هذه نقاطًا فارقة وروائع خالدة فى خريطة الأدب العالمي عابرة لمواقيت الزمان وتخوم المكان ويبقى الحب، حتى إن كان محظورًا، ألما عظيما نشقى به ومرضا عضالا لا نرغب فى أن نُشفى منه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحب الممنوع رومیو وجولییت
إقرأ أيضاً:
أدباء فقراء «2»
كما أنه لا يوجد تلازم بين الأدب والفقر، فلا يوجد أيضًا تلازم بينه وبين الغنى والثراء؛ ذلك أن الفقر والغنى مرتبطان بمجموعة كبيرة من العوامل والظروف المتعددة التي تتضافر معًا لتؤدي إلى نتيجة نراها في الأديب وغيره. ومن ثم فلا بد من إعادة التفكير في دقة المقولة العربية: “من أدركته حرفةُ الأدب وقع في مصيدة الفقر”، التي ربما قالها من قالها بسبب مجموعة شواهد عاصرها لأدباء عاشوا الفقر طوال حياتهم. ومع ذلك، فممَّا يثير العجب أن هؤلاء الأدباء رغم الفقر الذي يعيشونه، يصرون على مواصلة الكتابة والإبداع.
ومن هؤلاء الأديب والكاتب الشهير تشارلز ديكنز، الذي فَقَدَ حبيبته (ماريا بيرنل) بسبب فقره، حين قالت عنه: إن ديكنز شاب لطيف لكنه أديب، فهل يستطيع أن يعولني بقلمه؟ لكن حال ديكنز تغير فيما بعد إلى الأحسن. في حين كان الروائي الإنجليزي وليم ثاكري يرى أن الأدب ليس تجارة ولا مهنة، بل هي الحظ الأنكد.
أما الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور، فقد كتب في عام 1844م كتابًا مهمًّا بعنوان (العالم إرادة وتمثلًا) ، لكنه لم يبع منه إلا نسخًا معدودة، والبقية بيعت أوراقًا تالفة، ولم يلتفت له أحد، ولم يتزوج، وأقام في آخر حياته وحيدًا في غرفة فندق، وهو في السبعين من عمره حتى تنبه له البعض، وقد أشرف على الموت فقال: بعد أن عشت حياتي وحيدًا منسيًّا، جاؤوا فجأة يزفُّونني إلى قبري بالطبول!
هناك- عربياً- الكاتب الكبير أبو حيان التوحيدي، الذي عاش فقيرًا حيث كان يعمل في الوراقة، فينسخ عشر ورقات في اليوم بعشرة دراهم.
أما الشاعر اللبناني رشيد سليم الخوري (1887-1984م) فقد هاجر إلى البرازيل، وعمل هناك بائعًا متجولًا، وقد كان شاعرًا، وهناك تعرف على فتاة جميلة كان يطمح إلى الزواج بها، لكنها رفضته، وأرسلت إليه مالًا أعاده إليها، وقال:
بعدت همتي فعفت كنوز
الأرض لما عرفت قيمة كنزي
لا أبالي شبعت أم جعت والفن
شرابي وعزة النفس خبزي
أما مقولة “أدركته حِرفة الأدب”، فقد قالها شعراء عديدون بطرق مختلفة، منهم أبو تمام، إذ قال:
إذا قصدتُ لشأوٍ خلتُ أني قد أدركتُه
ولكن أدركتني حُرفة الأدب
وابن بسام البغدادي الذي قال:
ما فيه لوٌّ ولا ليتٌ فتنقِصهُ
لكنما أدركته حُرفَةُ الأدب
أما دعبل الخزاعي فقال:
لقد علمت وما لي ما أعيش به
أن التي أدركتني حرفة الأدب