ثانيا: حوار الأديان:
في مقالي هذا، أستكمل حديثي عن أهمية الحوار، واتباع آدابه، في بناء الحضارات الإنسانية، وكيف أنه يمثل ضرورة أساسية من ضرورات بناء الأمم وتقدمها. وإذا كنا قد سبق أن توقفنا عند آليات الحوار بين الشباب والكبار، فإننا سنكمل حديثنا اليوم بطبيعة الحوار بين الأديان، وتبيان أنه لا يوجد تعارض شرائعي أو من حيث طبيعة المعاملات المجتمعية، فيما بين الأديان السماوية الثلاثة، فالأديان الثلاثة إنسانية الطابع في المقام الأول.
غير أنه لما جرت في البحر رياح التغيير السياسي، والتطرف الفكري، لم يعد ما كان يحدث ليمر مرور الكرام، وإنما أصبحت مثل هذه الخلافات الحياتية يتم توظيفها سياسيا. ولكي أدلل على ذلك يمكن معرفة مدى التغيير المجتمعي الذي ألم بالعالم العربي، وليس مصر وحدها، بعد وعد بلفور عام 1917، ثم تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، التي تأتي تحقيقا لما نادت به الحركة الصهيونية، هذه الحركة التي كانت سببا رئيسيا في تكدير حالة الصفاء الاجتماعي في كل أنحاء العالم العربي. ففي مصر كان اليهودي يعيش في سلام وتسامح اجتماعي وإنساني مع سائر المصريين. كان يمارس حياته اليومية، وطقوسه الدينية في أمان بلا أي تكدير. كان اليهود ماهرين في التجارة، فمارسوا تجارتهم في حرية وسماحة. ومارسوا الطب، وتخصصوا في بعض الحرف الاجتماعية المهمة، دون أن يضايقهم أحد، بل مارسوا حقوقهم في تولي المناصب الرفيعة، فمنهم الوزير يعقوب بن كلس الذي تقلد منصب الوزير في عصر الدولة الفاطمية، التي أعلت من شأن اليهود، على نحو يشهد تسامحية مصر وشعبها وسياستها، وهو حق كان اليهود أنفسهم محرومين من الحصول عليه في الغرب (الديمقراطي!) حتى منتصف القرن العشرين تقريبا. ثم جاءت الحركة الصهيونية، فغيرت المزاج المجتمعي، وتغيرت معها هذه الصورة المتناغمة اجتماعيا بعض الشيء. وشعبيا نستطيع أن نلمس هذه الصورة المتعايشة بين أبناء الديانات الثلاثة في حكايات وسير وأغانٍ وأمثال شعبية كثيرة، وهو ما سنتوقف عنده في مقالنا القادم بإذن الله.
* أستاذ الأدب الشعبي بكلية الآداب، جامعة القاهرة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أهمية الحوار حوار الأديان الأدیان السماویة بین الأدیان
إقرأ أيضاً:
واشنطن تدعو لدعم الحل السياسي بسوريا وتبحث انسحاب قسد من منبج
أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، أن الولايات المتحدة تريد التأكد من حصول الشعب السوري على حق تقرير مستقبله.
وأضاف كيربي، أن: "الإدارة الأمريكية تراقب التطورات في سوريا عن كثب، وفريق الأمن القومي يبقي الرئيس جو بايدن على علم تام بالتطورات". موضحا أنّ: "الولايات المتحدة على اتصال وثيق مع تركيا بشأن انسحاب "قوات سوريا الديمقراطية" من منبج في شمال سوريا".
وأكد البيت الأبيض أن الولايات المتحدة لديها القدرة على التواصل مع جماعات المعارضة السورية وسوف تواصل ذلك. كما أوضح أن واشنطن تضغط بأقصى درجة للحصول على معلومات حول الأمريكي المعتقل في سوريا، أوستن تايس.
وفي السياق نفسه، أشار جون كيربي أنّ: "الولايات المتحدة تجري اتصالات منتظمة مع الجانب الإسرائيلي لمتابعة تطور الأحداث في سوريا"، فيما أكد دعم واشنطن لتنفيذ اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 بين الاحتلال الإسرائيلي وسوريا، بما يسهم في تحقيق الاستقرار على الحدود.
ويذكر أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن٬ قال إنّ: "الشعب السوري هو من سيقرر مستقبل سوريا"، داعياً جميع الدول إلى: دعم عملية جامعة وشفافة والامتناع عن أي تدخل خارجي.
وشدد بلينكن على أن واشنطن ستعترف وتدعم بالكامل الحكومة السورية المستقبلية التي ستنبثق عن هذه العملية، مضيفاً أن عملية الانتقال في سوريا يجب أن تتسم بالمصداقية، والشمول، وعدم الطائفية.
وسيطرت فصائل المعارضة السورية، فجر الأحد الماضي، على العاصمة دمشق بعد انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، منهية بذلك 61 عامًا من حكم حزب البعث و53 عامًا من سيطرة عائلة الأسد.
وكانت المواجهات قد اندلعت بين قوات النظام المخلوع والمعارضة منذ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بدءًا من محافظتي حلب وإدلب، اللتين سيطرت عليهما المعارضة، قبل أن تمتد إلى مدن حماة ودرعا والسويداء وحمص، وصولًا إلى دمشق.
في سياق آخر، يواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية في غزة بدعم أمريكي، متسببة في إبادة جماعية، إذ تجاوز عدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين 150 ألفًا، غالبيتهم من النساء والأطفال. إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، وذلك في ظل دمار واسع ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال وكبار السن، ما يفاقم من الكارثة الإنسانية في القطاع.