لجريدة عمان:
2025-03-19@23:58:13 GMT

الأمريكيون متشائمون جدا من المستقبل

تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT

ترجمة: قاسم مكي -

بداية العام الجديد تكون في العادة وقتًا للتفاؤل. لكن إذا ألقيتَ نظرة على استطلاعات الرأي التي أجريت في الشهور القليلة الماضية ستجد أن أعدادا كبيرة ولافتة من الأمريكيين (أحيانا ثلاثة أرباع من استُطلِعت آراؤهم) تعتقد أن أمريكا في المسار الخاطئ. هذا الإحساس الطاغي باليأس يثير الحيرة لأني لا أجد بيانات موضوعية كافية تدعمه.

حقق اقتصاد الولايات المتحدة نموا مذهلا بلغ معدله 5.2% في الربع الثالث من عام 2023. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل النمو في العام المنقضي 2.1%. وهو أفضل كثيرا من معدلات النمو في الاقتصادات الغربية المتقدمة الأخرى كألمانيا وكندا وبريطانيا. كما يهبط التضخم بشدة فيما ترتفع الأجور الحقيقية ويزدهر التوظيف في القطاع الصناعي. ومن الصعب أن تجد بلدًا آخر تشير فيه العديد من المقاييس الاقتصادية إلى أن الأمور تمضي في الاتجاه الصحيح.

بل الصورة الأوسع نطاقًا أكثر إيجابية. فكما كتبتُ في العدد الحالي لمجلة «فورين افيرز» ظلت الولايات المتحدة تتفوق على منافساتها في مؤشرات أساسية ومتنوعة لفترة من الزمن. وفي تحليل للطرائق العديدة التي يمكن بها مقارنة اقتصاد الولايات المتحدة باقتصاد أوروبا وجدت صحيفة الفاينانشال تايمز أن الولايات المتحدة قياسا بنمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد ظلت تتفوق على بريطانيا ومنطقة اليورو على مدى 20 عامًا وقزَّمت اقتصادات إسبانيا وفرنسا وإيطاليا.

يهيمن قطاع التقنية في الولايات المتحدة على العالم على نحو لم يماثلها فيه أي بلد آخر على الإطلاق. فقيمة أسهم شركات التكنولوجيا العشرة الأولى في الولايات المتحدة الآن أكبر من القيمة الكلية لأسواق أسهم كندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا مجتمعة. والولايات المتحدة أكبر منتج للنفط والغاز في العالم. ولديها التركيبة السكانية الأمثل صحيا لأي بلد متقدم اقتصاديا وتستوعب حوالي مليون مهاجر شرعي سنويا. وهذا ما يضمن استمرار نمو السكان في الولايات المتحدة فيما يُتوقع أن تشهد أوروبا واليابان انخفاضا تدريجيا في أعداد سكانها.

العالم يرى ما لا يراه الأمريكيون (بالنسبة لأداء بلدهم) فأحدث استطلاع أجراه مركز «بيو» للأبحاث حول هذا الموضوع يكشف أن الولايات المتحدة تُعد أفضل من الصين في 22 بلدا من جملة 24 بلدا. وعند طرح سؤال حول أيهما يسهم في السلم والاستقرار في العالم الولايات المتحدة أم الصين؟ كان فارق التفضيل بينهما ضخما في البلدان الآسيوية المهمة. ففي اليابان بلغت النسبة 79% مقابل 14% وكوريا الجنوبية 74% مقابل 13% وفي الهند 70% إلى 33%. وكل هذه النسب كانت لصالح واشنطن.

أنا أعلم أن العديدين سيشيرون إلى الأزمات العالمية العديدة الناشبة سواء الانسداد الدموي في أوكرانيا أو الحرب المأساوية في غزة أو الأخطار التي تحدق بتايوان. وسيقرُّ آخرون بالجوانب الإيجابية لكنهم سيحاجُّون بأن السياسة الداخلية للولايات المتحدة تطغى عليها كلها. فمجتمعنا المستقطَب بشدة ستصيبه بالشلل قضايا المحاكم الوشيكة وانتخابات غير مألوفة قادمة وأزمة دستورية محتملة حول نتائجها.

كل هذا صحيح. أمريكا لديها مشاكل خطيرة. هل هنالك بلد ليس كذلك؟ لكن سبق لها أن اجتازت مثل هذه الأزمات من قبل. وأنا على ثقة أنها ستفعل ذلك مرة أخرى.

في الصيف الماضي كتبت المرشحة الجمهورية للرئاسة نيكي هيلي في تغريدة «هل تذكرون أيام نشأتكم؟ هل تذكرون كيف كانت الحياة بسيطة؟ وكيف كان الإحساس بها بسيطا؟» كانت هيلي تستنسخ الرسالة المركزية لدونالد ترامب والتي فحواها أنه سيجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى.

إذن دعونا نعود إلى الماضي وإلى تلك الأيام المثيرة قبل خمسين عامًا وتحديدًا إلى عام 1974.

كانت الولايات المتحدة قد تعرضت لتوها إلى أول هزيمة عسكرية كبرى لها في فيتنام. وكان الاعتقاد السائد على نطاق واسع أن الاتحاد السوفييتي يهاجم في أرجاء العالم.

كما استقال المستشار الألماني بعد فضيحة تجسس (تقدم فيلي برانت مستشار ألمانيا وقتها باستقالته في مايو 1974 بعد اتهام مساعد شخصي له بالتجسس لصالح ألمانيا الشرقية - المترجم).

وكانت إسبانيا لا تزال في صدمة من اغتيال رئيس وزرائها بواسطة مسلحي الباسك (اغتالت منظمة إيتا التي تسعى إلى فصل إقليم الباسك لويس كاريرو بلانكو رئيس وزراء إسبانيا بواسطة سيارة مفخخة في 20 ديسمبر 1973 - المترجم).

وكانت إسرائيل بالكاد قد تعافت من حرب 6 أكتوبر التي كادت أن تقضي عليها وأجبرت رئيسة وزرائها جولدا مائير على الاستقالة.

أيضا رفعت المقاطعة النفطية العربية (بعد حرب رمضان) سعر النفط إلى ثلاثة أضعاف. ونتجت عن ذلك ظاهرة جديدة اتسمت باقتران النمو البطيء وارتفاع التضخم أطلق عليها اسم «التضخم الجامح».

داخليا كانت الولايات المتحدة إبان السبعينيات لا تزال تترنح من أعمال الشغب التي اندلعت في سنوات الستينيات وكان إجبار الطلاب على الالتحاق بمدارس مختلطة عرقيا يفكك المجتمعات المحلية. ولا ننسى حادثة ووترجيت التي قلبت النظام السياسي في الولايات المتحدة رأسا على عقب (فضيحة التجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي في مبنى ووترجيت عام 1972 والتي كان رئيس الولايات المتحدة الجمهوري ريتشارد نيكسون المتهم الرئيسي فيها) فلكي ينجو نيكسون من المحاكمة اضطر إلى الاستقالة في أغسطس 1974. وتلك كانت أول حادثة من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة.

آه نعم. إنها تلك الأيام البعيدة السعيدة. عندما كانت الحياة أكثر بساطة. (يسخر الكاتب من تغريدة نيكي هيلي. فالماضي كان يعج بالمشاكل في نظره وعلى نحو ما سرد في المقال - المترجم).

الحقيقة هي أن الولايات المتحدة لديها القوة والقدرة على علاج أزمات اليوم ربما بأفضل مما كانت تملك في الماضي. لكنها بحاجة إلى استعادة قدرتها على النظر إلى الأشياء من منظور محدد. والأهم من كل ذلك استعادة الثقة في قدراتها الهائلة.

فريد زكريا كاتب رأي في صحيفة واشنطن بوست ومقدم برنامج يتناول القضايا الدولية والشؤون الخارجية على شبكة سي إن إن.

عن صحيفة واشنطن بوست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

«الصحة العالمية» تحث الولايات المتحدة على إعادة النظر في خفض التمويل

مدير منظمة الصحة العالمية، قال إن أي انقطاع في برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية قد يُفسد 20 عاماً من التقدم.

التغيير: وكالات

دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة النظر في دعمها للصحة العالمية بعد قرارها بوقف التمويل الإنساني بشكل كبير.

وأكد أن ذلك الدعم لا ينقذ الأرواح في جميع أنحاء العالم فحسب، بل يجعل الولايات المتحدة نفسها أكثر أمانا من خلال منع انتشار الأوبئة دوليا، كما أنه يخدم مصالحها.

خلال مؤتمر صحفي عُقد في جنيف يوم الاثنين، قال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن الإدارات الأمريكية كانت سخية للغاية على مدى سنوات عديدة، “ومن حقها بالطبع أن تقرر ما تدعم، وإلى أي مدى”.

إلا أنه شدد على أن الولايات المتحدة تتحمل أيضا مسؤولية ضمان أنه في حالة سحب التمويل المباشر للدول، “أن يتم ذلك بطريقة منظمة وإنسانية تسمح لها بإيجاد مصادر تمويل بديلة”.

إنجازات كبيرة على المحك

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إن العديد من المكاسب التي تحققت في مكافحة الملاريا على مدى السنوات العشرين الماضية أصبحت الآن معرضة للخطر بسبب تخفيضات التمويل من الولايات المتحدة للصحة العالمية التي كانت تقدمها من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ووكالات أخرى.

وأشار إلى أنه على مدى العقدين الماضيين، كانت الولايات المتحدة أكبر مانح ثنائي لمكافحة الملاريا، مما ساعد على منع “ما يقدر بنحو 2.2 مليار إصابة و12.7 مليون حالة وفاة”.

وقال إن هناك الآن اضطرابات شديدة في إمدادات تشخيص الملاريا والأدوية والناموسيات المعالجة بالمبيدات بسبب نفاد المخزون أو تأخر التسليم أو نقص التمويل. وأكد أنه إذا استمر هذا الوضع، “فقد نشهد 15 مليون حالة إصابة إضافية بالملاريا و107 آلاف حالة وفاة هذا العام وحده، مما سيعكس 15 عاما من التقدم”.

وأشار الدكتور تيدروس إلى أن تعليق معظم التمويل لخطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز تسبب في توقف فوري لخدمات علاج فيروس نقص المناعة البشرية واختباره والوقاية منه في أكثر من 50 دولة.

وقال إن أي انقطاع في برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية “قد يُفسد 20 عاما من التقدم، مما سيؤدي إلى أكثر من 10 ملايين حالة إصابة إضافية بفيروس نقص المناعة البشرية و3 ملايين حالة وفاة مرتبطة به- أي أكثر من ثلاثة أضعاف عدد الوفيات في العام الماضي”.

وأضاف الدكتور تيدروس أن التخفيضات المفاجئة في التمويل الأمريكي تؤثر أيضا على الجهود المبذولة للقضاء على شلل الأطفال، ورصد ظهور أمراض مثل إنفلونزا الطيور، والاستجابة لتفشي الأمراض والأزمات الإنسانية.

وقال: “في العديد من البلدان، يُهدد الفقدان المفاجئ للتمويل الأمريكي بعكس التقدم المحرز في مكافحة الأمراض، ومعدلات التحصين، وصحة الأم والطفل، والتأهب للطوارئ”.

مواجهة تحدي التمويل

وقال مدير عام منظمة الصحة العالمية إنه إذا قررت الولايات المتحدة عدم استئناف التمويل المباشر للدول، “فإننا نطلب منها الدخول في حوار مع الدول المتضررة حتى يمكن وضع خطط للانتقال من الاعتماد على التمويل الأمريكي إلى حلول أكثر استدامة، دون اضطرابات تُكلف الأرواح”.

وأضاف أنه بغض النظر عن عودة التمويل الأمريكي من عدمها، “سيتعين على الجهات المانحة الأخرى زيادة مساهماتها، وكذلك الدول التي اعتمدت على التمويل الأمريكي، قدر استطاعتها”، مضيفا أن منظمة الصحة العالمية لطالما دعت جميع الدول إلى زيادة إنفاقها الصحي المحلي تدريجيا، “وهذا الأمر أصبح الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى”.

الوسومأنفلونزا الطيور الإيدز الملاريا الولايات المتحدة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس جنيف شلل الأطفال فيروس نقص المناعة البشرية منظمة الصحة العالمية

مقالات مشابهة

  • مليشيا الدعم السريع المتمردة غدرت بقوات الجيش والاحتياطي المركزي التي كانت تؤمّن القصر الجمهوري
  • الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل في كل الظروف
  • الحرب الساخنة بين الولايات المتحدة والصين
  • ترامب: الرئيس الصيني سيزور الولايات المتحدة قريباً
  • السنوسي: الدبيبة وقع عقداً لتنفيذ «مكتبة المستقبل» مع نفس الشركة الوهمية التي نفذت ميدان الشهداء
  • هل ترامب هو (غورباتشوف) الولايات المتحدة ؟؟
  • «الصحة العالمية» تحث الولايات المتحدة على إعادة النظر في خفض التمويل
  • الولايات المتحدة: الطبيبة التي تم ترحيلها إلى لبنان لديها صور للتعاطف مع حزب الله
  • قرقاش: زيارة طحنون بن زايد إلى الولايات المتحدة تدعم أمن وازدهار المنطقة
  • أسعار النفط ترتفع مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والحوثيين