التهجير القسري.. هل الطريق الوحيد لوقف الإبادة الجماعية بغزة بعد 3 أشهر من العدوان؟
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
تتنقل بين خيام النازحين المتناثرة في كل بقعة بمنطقة حي السلطان برفح ليل نهار، تُوقف المارة لتسأل عن أخبار العودة إلى شمال غزة لكن الإجابة تأتي من الجميع بجملة «ربنا يفرجها علينا يا حجة إن شاء الله نرجع اليوم قبل بكرة» تبكي وتواصل سيرها وهي تقول لقد «أخرجوني برفقة أهلي من يافا وأنا بعمر السبع سنوات، أخبرونا أننا سنعود بعد أيام وإلى الآن لم نعد، أكثر من 74 عاما وأنا أنتظر العودة إلى مدينتي».
لا شك أن هناك قلقا شديدا لدى المدنيين الفلسطينيين خصوصا بعد حديث الإعلام الإسرائيلي مرارا وتكرارا عن مخطط التهجير الذي يحاول الاحتلال تنفيذه بحق أهالي قطاع غزة منذ اليوم الأول للحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، تحديدا، ضغوط كبيرة تواجهها السلطة الوطنية الفلسطينية من قبل العديد من الدول الغربية منذ بداية العدوان من أجل حملها على أن تطلب من الشعب الفلسطيني الخروج إلى سيناء ريثما ينتهي العدوان. كان موقف القيادة الفلسطينية ثابتا وراسخا بمنع التهجير القسري. وارتبط هذا الموقف أساسا بصمود الشعب الفلسطيني ورفضه للتهجير، كما عزز هذا الموقف صلابة الموقف المصري والأردني والعديد من الدول العربية والإسلامية بمنع التهجير القسري. ومع هذا كله، لم يُلغَ مخطط التهجير القسري، بل على العكس استمرت إسرائيل بتنفيذ هذا المخطط، وتأمل أن يتم تمريره حتى بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي.
مع بداية الشهر الثالث للحرب واستمرار الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة على مرأى ومسمع من العالم أجمع، أشارت العديد من الصحف الأجنبية إلى أن ما حدث في قطاع غزة ذي المساحة التي لا تتعدى 360 كيلومترا مربعا قد فاق ما حدث في مدينة دريسدن عاصمة ولاية سكسو الذي تجاوز ضحايا القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية.
وهذا ما أكدته صحيفة فايننشيال تايمز حين أوردت أن «الدمار الذي لحق بشمال قطاع غزة في أقل من 7 أسابيع من بداية الحرب يشبه الدمار الذي تسبب به القصف المستمر لسنوات على المدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تدمّر ما يقارب 60% من غزة والشمال في أقل من شهرين، في حين أن القصف والدمار الذي سببه الحلفاء لـ61 من المدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية بين الأعوام 1943 و1945 بلغ بما يقدر بنحو 50%. وطالت أعنف حملات القصف في القرن العشرين مدنا ألمانية مثل: دريسدن وهامبورج وكولونيا، هذا ما أدى إلى إدراج غزة كمكان حدثت فيه أشرس حملات القصف والدمار من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي، وفقا للمؤرخ العسكري الأمريكي روبرت بيب.
إنَّ الصهاينة يتجاوزون النازيين والإمبرياليين في مص الدماء،
ليس هذا قولي وإنما هذه الأرقام التي صدرت عن المكتب الإعلامي الحكومي لأهم الإحصائيات المتعلقة بالحرب المتواصلة على قطاع غزة مع بداية بزوغ عام 2024م الاثنين1 من يناير، تحديدا في اليوم (89) للحرب وتوثيق أن هناك أكثر من (1863) مجزرة أدت إلى فقدان (29313) شهيدا ومفقودا، (22313) شهيدا ممن وصلوا إلى المستشفيات المختلفة من شمال إلى أقصى جنوب قطاع غزة، منهم (9600) شهيد من الأطفال، و(6750) شهيدة من النساء، و(326) شهيدا من الطواقم الطبية، و(42) شهيدا من الدفاع المدني، و(106) شهداء من الصحفيين، و(7.000) مفقود 70% منهم من الأطفال والنساء، و(57296) مصابا، و(10000) مريض سرطان يواجهون خطر الموت، و(99) حالة اعتقال من الكوادر الصحية، و(10) معتقلين من الصحفيين، و(19) مليون نازح في قطاع غزة، و(355000) مصاب بالأمراض المعدية نتيجة النزوح، و(130) مقرا حكوميا دمرها الاحتلال، و(93) مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال بشكل كلي، و(292) مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال بشكل جزئي، و(122) مسجدا دمرها الاحتلال بشكل كلي، و(218) مسجدا دمرها الاحتلال بشكل جزئي، و(3) كنائس استهدفها ودمرها الاحتلال، و(65000) وحدة سكنية دمرها الاحتلال كليا، و(290000) وحدة سكنية دمرها الاحتلال جزئيا، و(65000) طن من المتفجرات ألقاها الاحتلال على غزة، و(30) مستشفى أخرجها الاحتلال عن الخدمة، و(53) مركزا صحيا أخرجه الاحتلال عن الخدمة، و(150) مؤسسة صحية استهدفها الاحتلال بشكل جزئي، و(104) سيارات إسعاف دمرها الاحتلال بشكل كامل، و(200) موقع أثري وتراثي دمرها الاحتلال.
ورغم أن الاحتلال الإسرائيلي حاول بكافة الطرق ادعاء أن هذه الإحصائيات عارية عن الصحة إلا أن جريدة واشنطن بوست أشارت إلى أن إسرائيل دمرت في شمال غزة خلال 7 أسابيع ما يقرب من ضعف عدد المباني التي دُمرت في حلب بسوريا خلال 3 سنوات من الحرب، لكن هذا الاعتراف وغيره لم يُحرك ساكنا لوقف هذه المحرقة الجماعية الانتقامية على المدنيين العزل، ولم تفلح قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا مجلس الأمن الدولي، ولا حتى المؤسسات والمنظمات والهيئات الحقوقية الدولية والإنسانية والأممية لوقف شلال الدم أو حتى منع المزيد من التهجير بحق المدنيين في قطاع غزة.
إن ما يحدث في قطاع غزة تجاه النازحين الذين هُجروا من بيوتهم قسرا بالإضافة إلى الأوضاع المأساوية الصعبة التي يعيشها النازحون في مدينة رفح الذي تجاوزت أعدادهم المليون و900 ألف نازح حسب تصريحات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا كان آخرهم نزوح أهالي وسط قطاع غزة الذي أعلن جيش الاحتلال أنه من الأماكن الآمنة أدى إلى تأثيرات نفسية وصحية وإنسانية سيئة وصعبة للغاية على الأطفال والنساء والشيوخ تحديدا بعد الإحصائيات التي أوردت أن هناك أكثر من 50 ألف امرأة حامل في مراكز النزوح يواجهن سوء التغذية ومضاعفات صحية لعدم توفر الأساسيات إضافة إلى ارتفاع نسبة انتشار الأمراض المعدية خصوصا بين الأطفال بشكل خاص، حيث يُقدر عدد المصابين بالأمراض المختلفة أكثر من 400 ألف طفل.
إنَّ إسرائيل بارعة جدا في تنفيذ مخطط التهجير القسري، وقد نجحت للأسف في النكبة الفلسطينية عام 1948 بتهجير 900 ألف فلسطيني آنذاك، كما هجرت 400 ألف نازح في عام 1967، ولم تتوقف إسرائيل عن سياساتها التهجيرية في الضفة الغربية، وبدا ذلك واضحا للعالم أجمع، حيث توسع الاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم البيوت وغيرها من الأدوات التي ارتبطت أساسا بالتطهير العرقي الممارس ضد الشعب الفلسطيني.
في النتيجة، إن المراهنة على الصمود الفلسطيني في التصدي لمشروع التهجير القسري أمر ضروري للتصدي لهذا العدوان، والذي يعزز هذا الصمود هو وعي الفلسطينيين بارتباط هذه السياسة الإسرائيلية بإعادة احتلال قطاع غزة والضفة الغربية فيما بعد وتعزيز الاستيطان الإسرائيلي فيها. وهذا ما تهدف إليه إسرائيل تماما. إنها تريد غزة خالية من السكان حتى تعيد استيطانها تماما، كما فعلت في إطار خطة «داليت» في النكبة.
في غزة يشعر السكان إنه ليس هناك رؤية واضحة أو أخبار تلوح في الأفق تشير إلى أن هناك وقفا لإطلاق النار أو أي طمأنة تبين أن هناك عودة للنازحين قسرا لديارهم في شمال مدينة غزة.
وفي تصريح صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أوضح بأن إسرائيل تترجم خططها للتهجير القسري في غزة بتصعيد استهداف مراكز الإيواء والنزوح في القطاع، وأنها تستهدف بث الشعور بألا مكان آمنا بغزة في نفوس النازحين ومفاقمة معاناتهم في ظل حرب الإبادة الجماعية المستمرة كما أشارت إلى أنها وثقت عشرات الهجمات الإسرائيلية بشكل يومي ضد مراكز الإيواء والنزوح لإلغاء فكرة أنها أماكن آمنة مفترضة.
ما يحدث بحق أهل قطاع غزة من ممارسات التهجير ليس بجديد فمنذ بدء إنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلي وهذا الكيان يواصل عدوانه وحرب الإبادة الجماعية على دولة فلسطين بأكملها، أما فيما يتعلق بقطاع غزة فهناك تحذير من استمرار عجز المجتمع الدولي عن وقف العدوان الإسرائيلي وضمان حماية المدنيين، ما يعني إعطاء ضوء أخضر للاستمرار في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري بحق المدنيين وخاصة الأطفال والنساء، وإذ تحذر من توسيع عمليات التوغل البري وخاصة في جنوب القطاع ما يعني إصرار دولة الاحتلال على دفع الفلسطينيين للهجرة القسرية اتجاه الحدود المصرية عدا عن استمرار سقوط المزيد من الضحايا والدمار لممتلكات المواطنين والانهيار لمنظومة الخدمات الصحية والإنسانية.
د. حكمت المصري كاتبة فلسطينية من غزة
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: دمرها الاحتلال بشکل الإبادة الجماعیة التهجیر القسری فی قطاع غزة أکثر من أن هناک إلى أن
إقرأ أيضاً:
ارتفاع حصيلة الإبادة الجماعية على سكان قطاع غزة إلى 45.206 شهداء و107.512 إصابة
الثورة / متابعة / محمد الجبري
لا يزال العدو الصهيوني، بغارات طيرانه وقصف مدفعيته، يرتكب العديد من المجازر الوحشية والجرائم الدموية ضد سكان قطاع غزة العزل من النساء والأطفال وكبار السن مخلفًا العشرات من الشهداء والجرحى.
وأعلنت وزارة الصحة بغزة، أمس الجمعة، في تقريرها اليومي: إن العدو الصهيوني ارتكب ثلاث مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 77 شهيداً و174 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية.
وارتفعت حصيلة الإبادة الجماعية الصهيوأمركية إلى 45,206 شهداء و107,512 إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023م.
وأشارت الوزارة إلى أنه لازال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وقصفت مدفعية العدو الصهيوني مشروع بيت لاهيا وبلدة بيت لاهيا وجباليا ومحيط دوار الشيخ زايد ومنطقة العلمي شمال القطاع، كما قصفت المدفعية منطقة الصفطاوي، شمال غرب مدينة غزة.
واستشهد أربعة مواطنين فلسطينيين وأصيب آخرون في غارة شنتها طائرات العدو الصهيوني على عزبة بيت حانون في شمال قطاع غزة.
إلى ذلك استشهد ثلاثة مواطنين وأصيب عدد آخر جرّاء قصف طائرات العدو منزلًا لعائلة اللوح في محيط مخبز السلطان بحي الصبرة جنوب غزة.
وانتشلت طواقم الدفاع المدني أربعة شهداء، جراء قصف من قبل طائرات العدو منزلًا لعائلة أبو شنب في محيط مسجد السلام بحي الصبرة، جنوب مدينة غزة.
وأعلنت مصادر محلية، عن استشهاد مواطن وزوجته، جراء قصف طائرات العدو منزلًا لعائلة الكيالي في محيط منطقة المغربي بحي الصبرة، جنوب مدينة غزة.
وفي وسط القطاع، يتواصل القصف المدفعي شمال مخيم النصيرات وشمال مخيم البريج، وسط القطاع.
كما استشهد سبعة مواطنين فلسطينيين، مساء أمس الجمعة، في قصف للعدو الصهيوني على مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة.
وأفادت مصادر محلية: بأن طائرات العدو استهدفت شقة سكنية في مخيم النصيرات، ما أدى لاستشهاد سبعة مواطنين بينهم طفلان، وإصابة آخرين، جرى نقلهم إلى مستشفيي العودة في النصيرات، وشهداء الأقصى في دير البلح.
وجنوب القطاع، نفذ جيش العدو عمليات نسف لمباني سكنية في مدينة رفح، كما أطلقت زوارق العدو الحربية نيرانها غرب المدينة.
بالمقابل، أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، عن قصف تجمعات الاحتلال في محور نتساريم بالهاون.
وقالت سرايا القدس في بلاغ عسكري: «قصفنا بصواريخ (107) وقذائف الهاون تجمعات لجنود وآليات العدو في محور «نتساريم».
بدورها كشفت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، تفاصيل عملية استشهادية وصفتها بـ»المعقدة»، نفذها أحد مقاوميها في مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، ظهر أمس الجمعة .
وقالت القسام في بيان عبر قناتها على «تيليجرام»: «في عملية أمنية معقدة.. تمكن مُجاهد قسامي من الإجهاز على قناص صهيوني ومساعده بعد ظهر أمس من مسافة صفر في مخيم جباليا شمال القطاع».
إلى ذلك تداولت وسائل الإعلام العبرية، أمس الجمعة، مقطع فيديو، يظهر فيه ناقلة جند عسكرية تابعة لجيش الاحتلال محترقة بشكل كامل في قطاع غزة.
ويظهر في الفيديو أحد جنود الاحتلال وهو يصور ناقلة الجند العسكرية من الداخل وهي محترقة ومتضررة بشكل كبير.
وأكد المركز في تقرير له، الجمعة، أن عمليات المقاومة التي وقعت خلال الفترة ما بين 13-12-2024 حتى 19-12-2024، أسفرت عن جريحين صهيونيين، موضحا أنه وقعت 16 عملية إطلاق نار واشتباكات مسلحة.
وأشار المركز أن المقاومين تمكنوا من تنفيذ 12 عملية تفجير عبوات ناسفة، ما أدى إلى إعطاب ثلاث آليات عسكرية تابعة لجيش العدو الصهيوني، كما تصدى الفلسطينيون والشباب الثائر لـ14 اعتداء من المستوطنين، وتمكنوا من الإضرار بثلاث مركبات للمستوطنين، بعد مهاجمتها ورشقها بالحجارة.
واندلعت مواجهات بين الشبان وقوات العدو الصهيوني في 67 نقطة متفرقة بالضفة الغربية على مدار أسبوع كامل، فيما خرجت ست مظاهرات شعبية منددة بجرائم العدو الصهيوني ومجازره الوحشية ضد الشعب الفلسطيني.
ومنذ السابع من أكتوبر العام الماضي، شهدت الضفة الغربية حملة اقتحامات واعتقالات شرسة وغير مسبوقة أدت إلى اعتقال أكثر من 11 ألف مواطن، بحسب هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني.