تتنقل بين خيام النازحين المتناثرة في كل بقعة بمنطقة حي السلطان برفح ليل نهار، تُوقف المارة لتسأل عن أخبار العودة إلى شمال غزة لكن الإجابة تأتي من الجميع بجملة «ربنا يفرجها علينا يا حجة إن شاء الله نرجع اليوم قبل بكرة» تبكي وتواصل سيرها وهي تقول لقد «أخرجوني برفقة أهلي من يافا وأنا بعمر السبع سنوات، أخبرونا أننا سنعود بعد أيام وإلى الآن لم نعد، أكثر من 74 عاما وأنا أنتظر العودة إلى مدينتي».

لا شك أن هناك قلقا شديدا لدى المدنيين الفلسطينيين خصوصا بعد حديث الإعلام الإسرائيلي مرارا وتكرارا عن مخطط التهجير الذي يحاول الاحتلال تنفيذه بحق أهالي قطاع غزة منذ اليوم الأول للحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، تحديدا، ضغوط كبيرة تواجهها السلطة الوطنية الفلسطينية من قبل العديد من الدول الغربية منذ بداية العدوان من أجل حملها على أن تطلب من الشعب الفلسطيني الخروج إلى سيناء ريثما ينتهي العدوان. كان موقف القيادة الفلسطينية ثابتا وراسخا بمنع التهجير القسري. وارتبط هذا الموقف أساسا بصمود الشعب الفلسطيني ورفضه للتهجير، كما عزز هذا الموقف صلابة الموقف المصري والأردني والعديد من الدول العربية والإسلامية بمنع التهجير القسري. ومع هذا كله، لم يُلغَ مخطط التهجير القسري، بل على العكس استمرت إسرائيل بتنفيذ هذا المخطط، وتأمل أن يتم تمريره حتى بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي.

مع بداية الشهر الثالث للحرب واستمرار الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة على مرأى ومسمع من العالم أجمع، أشارت العديد من الصحف الأجنبية إلى أن ما حدث في قطاع غزة ذي المساحة التي لا تتعدى 360 كيلومترا مربعا قد فاق ما حدث في مدينة دريسدن عاصمة ولاية سكسو الذي تجاوز ضحايا القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية.

وهذا ما أكدته صحيفة فايننشيال تايمز حين أوردت أن «الدمار الذي لحق بشمال قطاع غزة في أقل من 7 أسابيع من بداية الحرب يشبه الدمار الذي تسبب به القصف المستمر لسنوات على المدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تدمّر ما يقارب 60% من غزة والشمال في أقل من شهرين، في حين أن القصف والدمار الذي سببه الحلفاء لـ61 من المدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية بين الأعوام 1943 و1945 بلغ بما يقدر بنحو 50%. وطالت أعنف حملات القصف في القرن العشرين مدنا ألمانية مثل: دريسدن وهامبورج وكولونيا، هذا ما أدى إلى إدراج غزة كمكان حدثت فيه أشرس حملات القصف والدمار من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي، وفقا للمؤرخ العسكري الأمريكي روبرت بيب.

إنَّ الصهاينة يتجاوزون النازيين والإمبرياليين في مص الدماء،

ليس هذا قولي وإنما هذه الأرقام التي صدرت عن ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏المكتب الإعلامي الحكومي لأهم الإحصائيات المتعلقة بالحرب المتواصلة على قطاع غزة مع بداية بزوغ عام 2024م الاثنين1 من يناير، تحديدا في اليوم (89) للحرب وتوثيق أن هناك أكثر من (1863) مجزرة أدت إلى فقدان (29313) شهيدا ومفقودا، (22313) شهيدا ممن وصلوا إلى المستشفيات المختلفة من شمال إلى أقصى جنوب قطاع غزة، منهم (9600) شهيد من الأطفال، و(6750) شهيدة من النساء، و(326) شهيدا من الطواقم الطبية، و(42) شهيدا من الدفاع المدني، و(106) شهداء من الصحفيين، و(7.000) مفقود 70% منهم من الأطفال والنساء، و(57296) مصابا، و(10000) مريض سرطان يواجهون خطر الموت، و(99) حالة اعتقال من الكوادر الصحية، و(10) معتقلين من الصحفيين، و(19) مليون نازح في قطاع غزة، و(355000) مصاب بالأمراض المعدية نتيجة النزوح، و(130) مقرا حكوميا دمرها الاحتلال، و(93) مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال بشكل كلي، و(292) مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال بشكل جزئي، و(122) مسجدا دمرها الاحتلال بشكل كلي، و(218) مسجدا دمرها الاحتلال بشكل جزئي، و(3) كنائس استهدفها ودمرها الاحتلال، و(65000) وحدة سكنية دمرها الاحتلال كليا، و(290000) وحدة سكنية دمرها الاحتلال جزئيا، و(65000) طن من المتفجرات ألقاها الاحتلال على غزة، و(30) مستشفى أخرجها الاحتلال عن الخدمة، و(53) مركزا صحيا أخرجه الاحتلال عن الخدمة، و(150) مؤسسة صحية استهدفها الاحتلال بشكل جزئي، و(104) سيارات إسعاف دمرها الاحتلال بشكل كامل، و(200) موقع أثري وتراثي دمرها الاحتلال.

‏ورغم أن الاحتلال الإسرائيلي حاول بكافة الطرق ادعاء أن هذه الإحصائيات عارية عن الصحة إلا أن جريدة واشنطن بوست أشارت إلى أن إسرائيل دمرت في شمال غزة خلال 7 أسابيع ما يقرب من ضعف عدد المباني التي دُمرت في حلب بسوريا خلال 3 سنوات من الحرب، لكن هذا الاعتراف وغيره لم يُحرك ساكنا لوقف هذه المحرقة الجماعية الانتقامية على المدنيين العزل، ولم تفلح قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا مجلس الأمن الدولي، ولا حتى المؤسسات والمنظمات والهيئات الحقوقية الدولية والإنسانية والأممية لوقف شلال الدم أو حتى منع المزيد من التهجير بحق المدنيين في قطاع غزة.

إن ما يحدث في قطاع غزة تجاه النازحين الذين هُجروا من بيوتهم قسرا بالإضافة إلى الأوضاع المأساوية الصعبة التي يعيشها النازحون في مدينة رفح الذي تجاوزت أعدادهم المليون و900 ألف نازح حسب تصريحات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا كان آخرهم نزوح أهالي وسط قطاع غزة الذي أعلن جيش الاحتلال أنه من الأماكن الآمنة أدى إلى تأثيرات نفسية وصحية وإنسانية سيئة وصعبة للغاية على الأطفال والنساء والشيوخ تحديدا بعد الإحصائيات التي أوردت أن هناك أكثر من 50 ألف امرأة حامل في مراكز النزوح يواجهن سوء التغذية ومضاعفات صحية لعدم توفر الأساسيات إضافة إلى ارتفاع نسبة انتشار الأمراض المعدية خصوصا بين الأطفال بشكل خاص، حيث يُقدر عدد المصابين بالأمراض المختلفة أكثر من 400 ألف طفل.

إنَّ إسرائيل بارعة جدا في تنفيذ مخطط التهجير القسري، وقد نجحت للأسف في النكبة الفلسطينية عام 1948 بتهجير 900 ألف فلسطيني آنذاك، كما هجرت 400 ألف نازح في عام 1967، ولم تتوقف إسرائيل عن سياساتها التهجيرية في الضفة الغربية، وبدا ذلك واضحا للعالم أجمع، حيث توسع الاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم البيوت وغيرها من الأدوات التي ارتبطت أساسا بالتطهير العرقي الممارس ضد الشعب الفلسطيني.

في النتيجة، إن المراهنة على الصمود الفلسطيني في التصدي لمشروع التهجير القسري أمر ضروري للتصدي لهذا العدوان، والذي يعزز هذا الصمود هو وعي الفلسطينيين بارتباط هذه السياسة الإسرائيلية بإعادة احتلال قطاع غزة والضفة الغربية فيما بعد وتعزيز الاستيطان الإسرائيلي فيها. وهذا ما تهدف إليه إسرائيل تماما. إنها تريد غزة خالية من السكان حتى تعيد استيطانها تماما، كما فعلت في إطار خطة «داليت» في النكبة.

في غزة يشعر السكان إنه ليس هناك رؤية واضحة أو أخبار تلوح في الأفق تشير إلى أن هناك وقفا لإطلاق النار أو أي طمأنة تبين أن هناك عودة للنازحين قسرا لديارهم في شمال مدينة غزة.

وفي تصريح صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أوضح بأن إسرائيل تترجم خططها للتهجير القسري في غزة بتصعيد استهداف مراكز الإيواء والنزوح في القطاع، وأنها تستهدف بث الشعور بألا مكان آمنا بغزة في نفوس النازحين ومفاقمة معاناتهم في ظل حرب الإبادة الجماعية المستمرة كما أشارت إلى أنها وثقت عشرات الهجمات الإسرائيلية بشكل يومي ضد مراكز الإيواء والنزوح لإلغاء فكرة أنها أماكن آمنة مفترضة.

ما يحدث بحق أهل قطاع غزة من ممارسات التهجير ليس بجديد فمنذ بدء إنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلي وهذا الكيان يواصل عدوانه وحرب الإبادة الجماعية على دولة فلسطين بأكملها، أما فيما يتعلق بقطاع غزة فهناك تحذير من استمرار عجز المجتمع الدولي عن وقف العدوان الإسرائيلي وضمان حماية المدنيين، ما يعني إعطاء ضوء أخضر للاستمرار في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري بحق المدنيين وخاصة الأطفال والنساء، وإذ تحذر من توسيع عمليات التوغل البري وخاصة في جنوب القطاع ما يعني إصرار دولة الاحتلال على دفع الفلسطينيين للهجرة القسرية اتجاه الحدود المصرية عدا عن استمرار سقوط المزيد من الضحايا والدمار لممتلكات المواطنين والانهيار لمنظومة الخدمات الصحية والإنسانية.

د. حكمت المصري كاتبة فلسطينية من غزة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: دمرها الاحتلال بشکل الإبادة الجماعیة التهجیر القسری فی قطاع غزة أکثر من أن هناک إلى أن

إقرأ أيضاً:

الرئيس الفلسطيني: أولوياتنا وقف حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن من أولويات القيادة الفلسطينية وقف حرب الإبادة الإسرائيلية التي يتعرض لها قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال بشكل تام من أراضي القطاع، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، ومنع الانتهاكات التي تتعرض لها المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والخليل وجميع المناطق الفلسطينية، فضلا عن رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، ومقاومة ومنع محاولات التهجير، وحماية القضية الفلسطينية وتنفيذ الحل السياسي القائم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، واعتراف العالم بهذه الدولة وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي.
وحذر الرئيس الفلسطيني في كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة الـ32 للمجلس المركزي الفلسطيني، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، من أن الاحتلال الإسرائيلي يهدف إلى تصفية القضية الوطنية الفلسطينية كقضية سياسية لشعب يكافح من أجل حريته واستقلاله الوطني، وفرض إملاءاته وسياساته الاستعمارية على الشعب الفلسطيني بقوة العدوان الغاشمة.
وقال عباس:"نلتقي اليوم تحت راية فلسطين الواحدة، راية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، نلتقي في لحظة تاريخية حساسة وفارقة، نُواجه فيها مخاطر جمّة، هي أقرب ما تكون إلى نكبة جديدة تُهدد وجودنا، وتُنذر بتصفية قضيتنا الوطنية كلها، تنفيذًا لمخططات من صنعوا نكبة شعبنا الأولى منذ وعد بلفور عام 1917، إلى اقتلاع أكثر من نصف الشعب الفلسطيني من وطنه التاريخي خلال نكبة 1948، وصولًا إلى نكبة عام 1967، وبعد ذلك نكبة "الانقلاب" الآثم في عام 2007، الذي استخدمه عدونا لتمزيق نسيجنا الوطني، ولمنع قيام دولتنا المستقلة".
وأضاف:في قطاع غزة، يتعرض شعبنا اليوم لحرب إبادة جماعية خسرنا فيها حتى الآن أكثر من مئتي ألف مواطن بين شهيد وجريح.. ورغم فداحة هذا العدد من الضحايا، فإنه لا يمكن ولا يصح أن يُنظر إليهم وكأنهم مجرد أرقام.... وأبدًا لا يمكن أن يكونوا مجرد "خسائر تكتيكية" كما يدعي من صنعوا نكبة "الانقلاب" خدمة للاحتلال ولأعداء شعبنا كافة، ثم اختلقوا الذرائع لكي يكمل الاحتلال مؤامرته الشيطانية بتدمير قطاع غزة وتهجير أهله".
وأوضح أن 2165 عائلة أُبيدت عن بكرة أبيها ولم يعد لها وجود، وأن 6664 عائلة أُبيدت جزئيًا وفقدت معظم أفرادها.
وأردف:200 ألف شهيد وجريح، منهم أكثر من 3500 مسن، وأكثر من 12500 امرأة، وأكثر من 18000 طفل، فضلا عن أكثر من 11000 مفقود منهم حوالي 4700 طفل، وما يقارب 40000 طفل فقدوا والديهم أو أحدهما وأصبحوا أيتامًا، هذا كله فضلًا عن تدمير أكثر من ثلثي المساكن والمنشآت والمرافق العامة والخاصة في قطاع غزة "المنكوب"، من المساجد والكنائس والمدارس والجامعات ورياض الأطفال والمستشفيات والمؤسسات والبنية التحتية، إلى جانب المحاولات الإسرائيلية المحمومة لتصفية الوجود الفلسطيني في القطاع الحبيب عبر التهجير القسري والتطهير العرقي.  
وحول الوضع في الضفة الغربية، قال الرئيس الفلسطيني في كلمته:يتواصل العدوان الإسرائيلي الهمجي على شعبنا وأرضنا؛ على المخيمات والقرى والمدن، على الحجر والشجر والبشر، فنخسر مزيدًا من الشهداء والجرحى والأسرى، حيث ناهز عدد الشهداء في الضفة الغربية من السابع من أكتوبر حوالي 1000 شهيد، منهم 188 طفلًا، وتتعرض مناطقنا للتدمير اليومي، ففي مخيم جنين دمرت قوات الاحتلال وأحرقت أكثر من 600 مبنى كليًا أو جزئيًا، وهناك أكثر من 21 ألف مواطن أجبرهم جيش الاحتلال على النزوح من المخيم إلى مناطق مختلفة من المحافظة..وفي مخيمات طولكرم، دمر الاحتلال 2573 منزلًا، تدميرًا كُليًا أو جُزئيًا، وأُجبر نحو 24 ألف مواطن على النزوح.
وأضاف:تقطع قوات الاحتلال أوصال الضفة الغربية، وتفصل بعضها عن بعض، وتمنع حرية التنقل للأفراد والبضائع بإقامة الحواجز العسكرية التي بلغت نحو 900 حاجزٍ، وكذلك من خلال جدار الفصل العنصري، ويستشري سرطان الاستيطان وإرهاب المستوطنين يوميًا في كل مناطق القدس والضفة الغربية.
وأكد أن الهدف من كل هذا "الإرهاب المنظم" هو هدف الاحتلال نفسه من العدوان على قطاع غزة؛ تصفية القضية الوطنية الفلسطينية كقضية سياسية لشعب يكافح من أجل حريته واستقلاله الوطني، وفرض إملاءات الاحتلال وسياساته الاستعمارية على شعبنا بقوة العدوان الغاشمة.
وقال: لا يختلف الحال في القدس؛ عاصمتنا الأبدية المقدسة، عن باقي الوطن الفلسطيني، حيث تحاول دولة الاحتلال فرض سياسة الأمر الواقع على شعبنا، عبر الحصار المحكم على المدينة، وتدمير بيوت الفلسطينيين ومنشآتهم، ومنع وصول المصلين إلى الأماكن المقدسة، ومحاربة الوجود الفلسطيني والهوية الفلسطينية بكل وسائل العدوان والإرهاب، بما في ذلك محاولات تغيير الوضع التاريخي والقانوني في الأماكن المقدسة؛ الإسلامية والمسيحية، وبالذات في المسجد الأقصى المبارك، الذي هو جزء لا يتجزأ من عقيدتنا الدينية، وهويتنا الوطنية، ووجودنا الممتد لآلاف السنين في أرض وطننا التاريخي فلسطين، والذي يتعرض لأبشع مؤامرة من جانب الاحتلال، حيث يتداولون التحريض على تدميره وبناء معبد يهودي مكانه.
وأضاف: إن دولة الاحتلال، بهذا العدوان الهمجي، تنتهك القانون الدولي والشرعية الدولية، وتتصرف وكأنها فوق القانون، وتتنكر للاتفاقات التي وقعتها مع منظمة التحرير الفلسطينية، وتطلق العنان للتطرف والإرهاب اللذين أصبحا السمة الغالبة في سياساتها تجاه شعبنا، وتُحاصر شعبنا ماليًا بِسرِقة أموال المقاصة الفلسطينية التي زادت حتى الآن على ملياري دولار تحتجزها دولة الاحتلال، ومُصادرة أراضي المواطنين وممتلكاتهم، والإعلان المُتكرر عن رفض قيام دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، والعمل على تحقيق ذلك من خلال فصل قطاع غزة عن باقي أرض الدولة الفلسطينية التي أقرتها الأمم المتحدة، سواء كان ذلك عبر دعم وتمويل ذلك الفصل سياسيًا وماليًا، أو عبر العدوان العسكري وحرب الإبادة وجرائم الحرب التي ترتكبها في قطاع غزة، فضلًا عن مُخططات التهجير التي تحاول تنفيذها.
وأشار إلى أن تحركه وتحرك الحكومة الفلسطينية في شتى الميادين وعلى مختلف المستويات، عربيًا وإسلاميًا ودوليًا، ينصبّ على تحقيق أولويات وطنية أربع،تمثل ضرورات اللحظة الراهنة.  
وأوضح أن الأولوية الأولى: وقف حرب الإبادة الإسرائيلية التي يتعرض لها قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال بشكل تام من أراضي القطاع، وكذلك وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مدننا وقرانا ومخيماتنا في الضفة الغربية، ومنع الانتهاكات التي تتعرض لها المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والخليل وجميع المناطق الفلسطينية.
وأضاف:الأولوية الثانية: رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وبما يضمن تدفق الاحتياجات الضرورية اللازمة للمواطنين من الطعام والشراب والدواء والوقود والكهرباء ومتطلبات الإيواء العاجل، وفتح الطرق، والعمل على إعادة الخدمات المختلفة، تمهيدًا لإزالة آثار العدوان وإعادة الإعمار.
وأردف: الأولوية الثالثة: مقاومة ومنع محاولات تهجير أهلنا من القطاع، وتنسيق الموقف في ذلك مع المجموعة العربية الإسلامية والمجتمع الدولي، وبالذات جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، اللتين نُحييّ في هذا المقام موقفهما الصارم والحاسم والمشرف في رفض مؤامرة التهجير، ودعم وحماية وجود الشعب الفلسطيني داخل أرضه ووطنه، فكل التحية لمصر ولأخي فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكل التحية للأردن ولأخي جلالة الملك عبد الله الثاني.
وتابع: الأولوية الرابعة: حماية القضية الفلسطينية كقضية شعب يسعى إلى تحرير أرض دولته المحتلة وممارسة حقوقه الوطنية في إطار الشرعية الدولية، وتنفيذ الحل السياسي القائم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، واعتراف العالم بهذه الدولة وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي.
وقال الرئيس الفلسطيني في كلمته:إن رؤيتنا لتحقيق السلام العادل والشامل، وضمان الأمن والاستقرار في فلسطين والمنطقة، التي قدمناها بالفعل لجميع الدول والجهات ذات الصلة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية والصين والاتحاد الأوروبي، فضلًا عن المجموعة العربية والإسلامية، تستند إلى وجوب خلق المناخ والظروف الملائمة، عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وفق قرارات الشرعية الدولية، في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية عاصمتنا الأبدية،
وبما يشمل تحمل السلطة الوطنية الفلسطينية لمسؤولياتها كافة في قطاع غزة، كما في الضفة الغربية والقدس سواء بسواء، وبما يتضمن جميع المسؤوليات الأمنية والسياسية، على أساس وحدة القانون ووحدة المؤسسات ووحدة السلاح الشرعي ووحدة القرار السياسي.
ودعا حركة حماس إلى ضرورة أن تُنهي سيطرتها على قطاع غزة، وأن تسلم القطاع بكل شؤونه، وأن تسلم الأسلحة كذلك إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، وتتحول إلى حزب سياسي يعمل وفق قوانين الدولة الفلسطينية، ويلتزم بالشرعية الدولية وبالشرعية الوطنية التي تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية.
وأشار إلى أن القيادة الفلسطينية تعمل بالفعل مع الأشقاء في مصر، وكذلك مع الأمم المتحدة، من أجل عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة، تشارك فيه الدول الشقيقة والصديقة، جنبًا إلى جنب مع المنظمات الدولية المختلفة. 
وشدد على ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني داخليًا على أسس وطنية جامعة تشمل الالتزام بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا شرعيًا ووحيدًا لشعبنا، والالتزام ببرنامجها السياسي والنضالي والتزاماتها الدولية، الالتزام بالشرعية الدولية وقراراتها، الالتزام بمبدأ النظام السياسي الفلسطيني الواحد، والقانون الواحد، والسلاح الشرعي الواحد، والقرار الوطني السيادي الواحد، والمقاومة الشعبية السلمية.
وأشار إلى أنه وجه أعضاء اللجنة التنفيذية بالشروع في حوار وطني شامل مع كل القوى والفصائل دون استثناء، من أجل حماية وحدتنا الوطنية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، على أرضية الالتزام بميثاق المنظمة وبرنامجها السياسي والتزاماتها كافة.
وقال الرئيس الفلسطيني:إنه منذ بدايات انطلاق ثورتنا المباركة، حرصنا على بناء علاقات متينة مع أشقائنا في الدول العربية والإسلامية، أساسها الاحترام المتبادل والثقة، وسياجها عدم تدخل أي طرف في الشؤون الداخلية للطرف الآخر، ولا نزال متمسكين بهذه المبادئ، حريصين عليها أشد الحرص، مع إيماننا الأكيد وثقتنا العالية بأن أشقاءنا العرب والمسلمين هم العمق الإستراتيجي لنا ولقضيتنا وكفاحنا الوطني، وهم الظهير والنصير الحقيقي للشعب الفلسطيني.
وأُشار إلى أن السياسة الإسرائيلية ضد "الأونروا"، إنما ترمي إلى محاولة شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين، كجزء من مخططها لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل، ما يجعل الوقوف مع الأونروا ودعمها جزءًا من حماية القضية الفلسطينية، وحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين الذين يزيد عددهم اليوم على ثمانية ملايين، في مخيمات اللجوء داخل فلسطين وفي الشتات.
وطالب عباس المجتمع الدولي بإجبار إسرائيل دولة الاحتلال على وقف حربها ضد قطاع غزة والقدس والضفة الغربية، وسحب جيشها من هذه المناطق، ووقف مصادرة أراضي الدولة الفلسطينية، وتفكيك المستوطنات، تمهيدًا للإنهاء الكامل والتام للاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين، ووجوب اتخاذ الإجراءات العملية لتنفيذ ذلك، ودعم المبادرة التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لبناء تحالف دولي لتنفيذ حل الدولتين.
ودعا إلى عقد مؤتمر دولي للسلام برعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي واليابان وجنوب إفريقيا والبرازيل، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية في مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية والمبادرة العربية للسلام لعام 2002، والاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل، من أجل التوصل إلى سلام عادل وشامل ودائم وإنهاء الصراع ووقف حالة العداء القائمة منذ وعد بلفور المشؤوم عام 1917.
كما دعا إلى إيجاد بيئة سياسية تؤدي إلى التعايش السلمي المشترك لشعوبنا في منطقة الشرق الأوسط تقوم على أسس احترام سيادة الدول وحسن الجوار وعدم الاعتداء من أي طرف والدخول في معاهدات إقليمية تقوم على أساس العمل المشترك بأشكاله كافة.
وطالب الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، والتي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، بالاعتراف بدولة فلسطين أسوة بمئة وتسع وأربعين دولة اعترفت بدولة فلسطين حتى الآن.
وأكد ضرورة تحقيق مبدأ الأرض مقابل السلام القائم على مبدأ حل الدولتين، دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967 تعيش جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل، مع انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من دولة فلسطين.

مقالات مشابهة

  • عباس: حرب الإبادة الجماعية نكبة جديدة تهدد الوجود الفلسطيني
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 51305 شهداء
  • الرئيس الفلسطيني: أولوياتنا وقف حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة
  • الرئيس الفلسطيني: نطالب برفع الحصار عن غزة ووقف التهجير القسري
  • ماذا يعني حصول إسرائيل على تأجيل قضية الإبادة الجماعية 6 أشهر؟
  • عاجل| ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 51266 وإصابة 116869 آخرين
  • زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي يدعو لوقف الحرب فورًا وإعادة المخطوفين
  • جولان: من الأفضل لإسرائيل وقف الحرب بغزة
  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 51240 شهيدا و116931 وجريحا
  • ارتفاع مستمر في حصيلة الشهداء والإصابات بغزة