إنجلترا – أثرت كارثة “تايتانيك” بشكل كبير على ممارسات ولوائح التعافي من الكوارث والوقاية منها في الصناعة البحرية.

وعلى الرغم من أن الوقاية من الكوارث والتعافي منها، كما نعرفها اليوم، لم تكن موجودة في أوائل القرن العشرين، إلا أن الدروس المستفادة من مأساة “تايتانيك” ساهمت في تطوير تدابير السلامة واللوائح وبروتوكولات الاستجابة للطوارئ في الصناعة البحرية والشحن.

1. مراقبة الجليد بشكل أفضل

نظرا للظروف المحيطة بكارثة “تايتانيك”، كان أحد التغييرات الأولى في الممارسات والقوانين الدولية هو التحسن الكبير في مراقبة الجليد البحري. وفي حين كان من المعروف دائما أن الجبال الجليدية خطيرة للغاية، فقد أثارت كارثة “تايتانيك” زيادة كبيرة في الوعي بأنها لا تزال تشكل خطرا على السفن الحديثة، وخاصة في شمال المحيط الأطلسي.

وأدى اتفاق دولي إلى إنشاء دورية الجليد الدولية في عام 1914، بهدف مراقبة موقع وحركة الجبال الجليدية في شمال المحيط الأطلسي والإبلاغ عنها وتوفير معلومات مهمة لتجنب الاصطدامات ومنع الكوارث.

2. الكارثة أدت إلى إصلاح شامل لأنظمة قوارب النجاة

كان أحد أكبر الانتقادات التي أعقبت كارثة “تايتانيك” يدور حول عدد قوارب النجاة واستخدامها ونشرها على متنها. وتم تجهيز “تايتانيك” بقوارب نجاة مختلفة، ولكنها لم تكن كافية لجميع ركابها وطاقمها.

وفي يوم غرقها، كانت تحمل حوالي 14 قارب نجاة خشبي قياسي مصممة لتتسع لـ 65 شخصا لكل قارب.

وتم تجهيز السفينة أيضا بأربعة قوارب نجاة قابلة للطي، تم تصميمها لحمل حوالي 47 شخصا لكل منها. ومع ذلك، كان لديها مساحة كافية لحوالي 64 قارب نجاة، منها 48 قاربا مدرجا في تصميمها الأصلي. واكتشف لاحقا أنه تم تقليصها بشكل كبير لتقليل “الفوضى” على أسطح “تايتانيك”.

وكان الافتقار إلى قوارب النجاة الكافية وسوء إدارة عملية الإخلاء، من العوامل الرئيسية التي ساهمت في ارتفاع عدد الضحايا في الكارثة، ما دفع إلى إجراء إصلاحات جذرية على اللوائح للمساعدة في تقليل الخسائر في الأرواح في المستقبل.

ولتحقيق هذه الغاية، تم إنشاء الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحر (SOLAS) في عام 1914، والتي تلزم السفن بحمل قوارب نجاة كافية لكل شخص على متنها.

3. قانون المراقبة الإذاعية على مدار 24 ساعة

هناك خطأ كبير آخر تم اكتشافه في كيفية تعامل طاقم “تايتانيك” مع الكارثة، وهو الافتقار إلى المراقبة اللاسلكية المستمرة. وعلى الرغم من أنه كان لديها جهاز راديو لاسلكي على متنها، إلا أنها لم تكن مأهولة بالطاقم في جميع الأوقات. وكان الراديو نفسه “متطورا” في يومه ويمكنه التواصل مع السفن الأخرى والأنظمة الأرضية لمدى يصل إلى 500 ميل (804 كيلومترا).

وبشكل مأساوي، في الفترة التي سبقت اصطدام الجبل الجليدي، تلقت “تايتانيك” عدة تحذيرات من الجبال الجليدية، ولكن لم يتم نقل هذه الرسائل إلى طاقم “تايتانيك”. ربما يرجع ذلك إلى قيام المشغلين بإعطاء الأولوية للرسائل الخاصة للركاب.

ومع ذلك، بعد الكارثة، عمل المشغلون بلا كلل لإرسال إشارات استغاثة حول موقع “تايتانيك” وحالتها. وساعد هذا الإجراء السفن القريبة في تحديد موقع الناجين من سفينة “تايتانيك” وإنقاذهم.

وأصدرت حكومة الولايات المتحدة قانون الراديو لعام 1912. وبالتزامن مع اتفاقية سولاس، فرض هذا القانون على جميع سفن الركاب الحفاظ على الاتصالات اللاسلكية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

4. طريقة جديدة لفهرسة الموتى

هناك طريقة أخرى غيّرت بها كارثة “تايتانيك” التعافي الدولي من الكوارث، وهي كيفية تسجيل الموتى و”معالجتهم”. وكان هذا في المقام الأول بفضل مساعدة الدكتور جون هنري بارنستيد.

وبصفته المسجل (موظف عام مسؤول عن تسجيل الولادات والوفيات والزواج وما إلى ذلك)، كان بارنستيد مسؤولا عن توثيق الرفات.

وقام بالتنسيق مع White Star Line وسفن الإنقاذ للتعرف على الجثث.

وابتكر بارنستيد نظاما تفصيليا للتعرف على ضحايا “تايتانيك”. وقام هذا النظام بفهرسة الممتلكات الشخصية الموجودة على الجثث بدقة وتخصيص أرقام مشرحة فريدة لكل ضحية. وقد اتسم نهجه بالدقة المنهجية والاحترام، ووضع معيارا لتحديد هوية ضحايا الكوارث في المستقبل.

5. تحسينات في تنسيق البحث والإنقاذ

سلطت الخسارة المأساوية لسفينة “تايتانيك” الضوء على الحاجة إلى تنسيق أفضل لجهود البحث والإنقاذ. وفي وقت كارثة “تايتانيك” عام 1912، كانت هناك بعض اللوائح والممارسات البحرية المتعلقة بمعايير البحث والإنقاذ (SAR). ومع ذلك، لم تكن شاملة أو منظمة مثل معايير SAR الحديثة.

وكشفت المأساة عن أوجه القصور في الممارسات القائمة وأدت إلى تحسينات لاحقة وإبرام اتفاقيات دولية. ونتيجة لذلك، لعبت كارثة “تايتانيك” دورا حاسما في تطوير معايير البحث والإنقاذ الحديثة.

وتضمنت معايير ذلك الوقت، بروتوكولات إشارة الاستغاثة “أنقذوا أرواحنا” (SOS) التي تم اعتمادها في عام 1906 واستخدمت أثناء غرق “تايتانيك”. وكانت بروتوكولات الاتصال اللاسلكي موجودة أيضا، ولكن كما رأينا، لم تكن هذه البروتوكولات تتطلب مراقبة مستمرة.

وكانت هناك أيضا “قاعدة أقرب سفينة”، والتي تتطلب من أقرب سفينة الاستجابة إذا كانت قادرة على ذلك، كما يوحي الاسم. ومع ذلك، لم يتم الالتزام بهذا دائما. وكان هناك أيضا نقص عام في الرقابة على المستوى الدولي، ما أدى غالبا إلى الارتباك والتأخير في الاستجابة لأحداث مثل غرق السفن في المياه الدولية.

ولهذا السبب تم تصميم SOLAS وIce Patrol للمساعدة في “توضيح” ما كان متوقعا من السفن الأخرى والسلطات ذات الصلة في حالة وقوع كارثة أخرى شبيهة بـ”تايتانيك”.

المصدر: interesting engineering

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: البحث والإنقاذ ومع ذلک لم تکن

إقرأ أيضاً:

كيف أثرت المواجهات العسكرية المستمرة على حياة المدنيين بالخرطوم بحري 

 

في ظل حرب « الجنرالين» التي طال أمدها لأكثر من عام ونصف يقف سكان مدينة بحري بالعاصمة السودانية الخرطوم في قلب مشهد قاس حيث أصبحت حياتهم اليومية مليئة بالتحديات. 

 الخرطوم _ التغيير

وتحولت العاصمة السودانية  إلى ساحة مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، و شهدت موجات متتالية من المواجهات الدامية التي خلفت وراءها دمارا واسعا وأثرت بشكل مباشر على حياة المدنيين.

ومع تصاعد وتيرة المعارك ازدادت معاناة سكان مدينة الخرطوم بحري بصورة مريعو إذ يعانون من أوضاع إنسانية متردية وصعوبات صحية حادة في ظل انقطاع الغذاء وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

و لا يزال الوضع في تدهور مستمر كما أوردت غرفة طوارئ بحري أمس الأثنين التي تصف الوضع بمرارة مشيرة إلى أن الأزمة تتفاقم يوما بعد يوم بفعل الأوبئة المنتشرة إلى جانب انقطاع المياه الذي لم يتوقف منذ إندلاع الحرب.

وبحسب منشور لها على « فيسبوك » تعيش المدينة على أعتاب مجاعة حقيقية، وقالت إن المواطن المواطن بات في حيرة وسط صراع يومي لتأمين أبسط احتياجاته في ظل غياب مصادر الدخل وتوقف الحياة.

ووسط هذا الواقع المرير أطلقت الغرفة نداء لجميع الجهات للمساعدة، وشددت على ضرورة تكاتف الجميع لدعم الأهالي الذين يعيشون في وضع صعب وتحديات تفوق قدرتهم.

الأزمة التي تعصف بمدينة بحري لا تنفصل عن سياق أوسع في السودان حيث يعاني البلد منذ بداية النزاع من انهيار شامل في البنية التحتية الصحية نتيجة تراكم الصراعات وتدهور الأوضاع الاقتصادية.

ومع استمرار الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع تدهورت الخدمات الصحية بشكل ملحوظ إذ دمرت المستشفيات والمرافق الطبية في العديد من المدن بما فيها بحري مما جعل الحياة أكثر قسوة على السكان الذين يقاومون للبقاء وسط هذا الدمار.

الوسومالسودان العاصمة بحري لجان المقاومة

مقالات مشابهة

  • ديانا حداد: أستحق شهادة تقدير على تخطي دروس الحياة
  • “هيئة النقل” تنظم ملتقى البحارة السنوي الأول 2024
  • ارتفاع الإنفاق العسكري.. كيف أثرت حرب غزة على الاقتصاد الإسرائيلي؟
  • القليوبية تستعد للطوارئ.. تدريب مكثف لمواجهة الكوارث والأزمات
  • الأمن السيبراني الأمريكي: لم نرصد أنشطة أثرت على سير الانتخابات
  • “النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام ” تخوض إضرابا وطنيا الخميس والجمعة
  • إيفانكا ترامب تحتفل ببلوغها  43 عامًا وتشارك دروس الحياة مع متابعيها
  • لماذا لا يتعظ عسكر السودان من دروس التاريخ وتجارب الماضي؟
  • كيف أثرت المواجهات العسكرية المستمرة على حياة المدنيين بالخرطوم بحري 
  • “أبوظبي لبناء السفن” تفتتح مكتباً جديداً للتكنولوجيا