أحفاد مانديلا يُحاكمون الصهاينة
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
علي بن سالم كفيتان
القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية، ستكشف ما لم يُكشف بخصوص مواقف الدول العربية والإسلامية منها؛ ففي الوقت الذي لم ترفع فيه أي دولة عربية أو إسلامية هذه القضية أو تُساندها- حتى الآن- قام أحفاد نيلسون مانديلا بالواجب، بيد أنَّ المطلوب الآن هو أن تحظى القضية بأكبر قدر من التأييد من دول العالم، وفي مقدمتها الدول العربية.
الكيان الصهيوني مُجبر على الحضور أمام المحكمة؛ كونه انضم لعضويتها وهذا ما تمَّ تأكيده من خلال تعيين محامي بريطاني وآخر أمريكي للدفاع عن الإبادة الجماعية التي اقترفها الصهاينة، ولا زالوا، في الأراضي الفلسطينية. المحكمة لديها السلطة القانونية لوقف الحرب، عندما تُصدر حكمًا بذلك، ويتم تأييده من أكبر عدد ممكن من دول العالم، وهذا قد يمنح أملًا جديدًا بوقف إطلاق النار وانسحاب المُخرِّبين من غزة. فهل ستُؤيد الدول العربية القضية؟ أم أن هذه القضية ستكشف لنا بقية فصول التآمر على فلسطين؟ الأيام المقبلة كفيلة بذلك.
فبينما لا يقوم العرب وخاصة دول الجوار الفلسطيني، بما يلزم من أجل زيادة المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى الشعب الفلسطيني، يظهر اليمنيون الذين لم يكونوا في الحسبان، فيُربكون كل الحسابات بتدخلهم عبر باب المندب. كما خرجت جنوب أفريقيا - وطن مانديلا- لتمتلك الشجاعة بطرد سفير الصهاينة ورفع دعوى قضائية في محكمة العدل الدولية تتهم دولة الاحتلال بارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، بينما هناك من العرب من يُقيم علاقات سرية أو علنية مع الكيان الغاصب، ولم يُحرّكهم 22 ألف شهيد ولا عشرات المذابح، ولم يهتز لهم طرف لأنين النساء وصرخات الأطفال الذين إذا سلموا من القصف سيموتون جوعًا وبردًا، ونحن نشاهدهم، لكن كما قال المثل: "لا يُستجدى من لا يرتجى".
وفي الجانب الآخر من الصورة، رجال يُسطِّرون ملاحم العزة والنصر ضد قطعان الصهاينة والمرتزقة الغربيين في غزة، يُذيقونهم ويلات الموت؛ فالكيان الصهيوني فشل فشلًا ذريعًا في تنفيذ مهامه المُعلنة، وأصبح يتجرع الموت يوميًا على يد المجاهدين، بينما يدور جدل عميق في كل مفاصل الكيان الرخوة ويتلاومون ويهربون من قبول العار وتجرُّع الهزيمة، فقد ثبت الرجال خلف بيوتهم المهدمة وعلى أنقاض وأشلاء أبنائهم ونسائهم يديرون حربهم المقدسة، بكل ثبات، وحيدون في أرض المعركة، تدعمهم قدرة الله وحده، ومع صخب وضجيج الصهاينة والأمريكان ومن خلفهم العجوز البريطاني، باتوا اليوم ينشدون فك الاشتباك ومنح الصهاينة العالقين في أزقة غزة ممرات آمنة للخروج بأقل الخسائر، وفتح باب التفاوض على مصراعيه دون شروط الأسرى الكل مقابل الكل، والانسحاب غير المشروط من غزة، وفتح المعابر والمنافذ. ويبدو أن اليهودي أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي جاء إلى المنطقة لعرض هذه النقاط.
أمريكا متورطة بشكل لم يسبق له نظير من جراء الفأر الذي ربطته بريطانيا في ذيلها بعد الحرب العالمية الثانية، وهي تدفع اليوم ثمنًا غاليًا على المستوى الدولي وحتى الداخلي؛ فالكثير من الأمريكان لا يؤيدون الاستسلام المخزي لجو بايدن وإدارته وتسليمه مفاتيح أقوى إمبراطورية على الأرض إلى شرذمة صهيونية اغتصبت أرض فلسطين، وتعيث فسادًا في الكون، ظهرت آخر فضائحهم عبر أرشيف الملياردير المُنتحر جيفري إبستين.
إنَّ أسلوب الاغتيالات الخسيسة خارج فلسطين لقادة حماس لن يُغيِّر شيئًا من المعادلة، مجرد جر دول الإقليم نحو الفوضى، والكثيرون يعتقدون أنَّ إيران لن تتدخل بشكل مباشر هي أو الجماعات التي تدعمها في فلسطين المحتلة؛ فإيران لها حساباتها السياسية البحتة بعيدًا عن الإطار الديني؛ فالإيرانيون لديهم أهداف واضحة يعملون عليها، وهم بلا شك يحققون نجاحات في الشرق الأوسط، ولديهم قوة صبر وتحمل لا نملكها نحن العرب.
من هنا نُجدد النداء لكل الدول العربية والإسلامية وكل أحرار العالم لدعم جنوب أفريقيا، مع بدء أول محاكمة في التاريخ للصهاينة أمام محكمة العدل الدولية يوم الخميس المقبل، ومن لم يفعل ذلك، فقد وضع نفسه في المكان الذي يليق به!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مؤتمر حول الوضع في فلسطين بسويسرا مارس المقبل
الثورة نت /وكالات تنظّم سويسرا مؤتمرا حول الوضع في فلسطين، تحضره الدول الأطراف الموقعة على اتفاقيات جنيف. ومن المرجّح أن يكون لهذا المؤتمر، المقرر عقده في شهر مارس المقبل، تأثير سياسي كبير، وقد تتخلله مطالبات بفرض حظر أسلحة على الكيان الصهيوني، القوة القائمة بالاحتلال. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد منحت الحكومة السويسرية، تفويضًا بعقد مؤتمر، يركّز على حماية السكّان المدنيين، ومسألة الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، وواجبات الدول الأخرى. وسويسرا هي الدولة الراعية لاتفاقيات جنيف، مما يعني أنها تحتفظ بوثائق المعاهدة الأصلية في حوزتها، وتبقى في خدمة الدول الأطراف في هذه الاتفاقيات، ومطلوب منها أن تكون محايدة في النزاعات. وتنصّ اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وبروتوكولاتها الإضافية، على معايير حماية الأشخاص في أوقات الحرب. وهي تشكّل مجتمعة، أساس القانون الدولي الإنساني برمته، وتوفّر الحماية للمدنيين، والعاملين في المجال الصحي، والجرحى، والمرضى، وأسرى الحرب. وقد صادقت جميع الدول الموقّعة على اتفاقيات جنيف، وعددها 196 دولة، على هذه الاتفاقيات. وينطبق القانون الإنساني الدولي، على الأراضي الفلسطينية، لأنها تخضع للاحتلال الصهيوني العسكري. في يوليو الماضي، وبناءً على طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، قضت محكمة العدل الدولية في رأي استشاري، بأن الاحتلال الصهيوني المستمر منذ عام 1967 للأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، غير قانوني، ويجب إنهاؤه في أقرب وقت ممكن. ولمتابعة هذا الرأي الصادر عن محكمة العدل الدولية، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، عقد مؤتمر دولي بشأن اتفاقية جنيف الرابعة، الاتفاقية الرئيسية التي توفّر الحماية للسكان المدنيين. وتلتزم الدول الموقّعة على اتفاقيات جنيف بضمان احترام الاتفاقيات. وقد طُلب من سويسرا عقد مثل هذا المؤتمر في غضون ستة أشهر.