جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-02@03:45:17 GMT

حرب المائة يوم المشؤومة الملعونة

تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT

حرب المائة يوم المشؤومة الملعونة

 

 

صالح الحارثي **

 

100 يوم مرت على هذه الحرب الملعونة في تحالفها الغربي المشؤوم على فلسطين المحتلة خلفت وراءها حتى الآن أكثر من 22 ألف شهيد، و58 ألف جريح.

100 يوم مرت والآلة العسكرية الإسرائيلية الجبانة المدعومة من الغرب بالمال والحال والسلاح تقتل الصغار والكبار.. النساء والرجال.. الأصحاء والمرضى، تهدم بيوتهم، وتدمر مستشفياتهم، وتقطع عنهم الماء والدواء والغذاء في حرب إبادة لم يشهد لها العالم الحديث مثيلاً.

حرب الـ100 يوم هذه أحدثت جرحًا بليغًا وكُرهًا عميقًا داخل نفس كل فلسطيني وعربي تجاه إسرائيل خصوصًا والغرب القبيح على وجه العموم.

حرب الـ100 يوم فتحت العيون والأذهان أكثر لمن لم يكن يعرف من قبل حقيقة الحكومات الغربية في المنطقة وخططها السياسية في جعل هذه المنطقة، منطقة فاشلة سياسيًا واقتصاديًا وتنمويًا، وبؤرة مُفتعلة للإرهاب، وساحة مفتوحة للمعارك والاغتيالات، وممرات مظلمة للفتن والمؤامرات، ومرتعًا خصبًا للخلافات بين الأشقاء، وبيئة مواتية لخلق الفرقة والكراهية بين شعوبها من أجل استنزاف اقتصادها وقوت أبنائها وضمان التفوق لإسرائيل.

حرب الـ100 يوم أظهرت التخاذل العربي على حقيقته المرة، إزاء ما يحدث في غزة من إبادة.

حرب الـ100 أظهرت أن الغرب منافق وأفّاق لا يحترم تعهداته ولا وُعوده، لا تعنية الحريات الأساسية ولا حقوق الإنسان بقدر ما تعنيه مصالحه السياسية في المنطقة، وأنه نجح في استعباد قادتها وتفكيك مؤسساتها وشرذمة مواطنيها.

حرب الـ100 كشفت بجلاء أن هناك شعوبًا عربية محكومة بالنار والحديد بتواطؤ مع الحكومات الغربية الأفّاقة، وأن هناك بعض القيادات مسلوبة الإرادة لا تستطيع رفض مطالب الغرب والإدارة الأمريكية تحديدًا.

حرب الـ100 يوم أظهرت أن هناك حكومات في آخر الدنيا يملكون من الكرامة والنخوة والشجاعة ما يكفي لاتخاذ القرار الصعب من أجل كسر أنف إسرائيل على خلاف عرائس المسرح الأخرى التي تُحرِّك خيوطها الأصابع الأمريكية.

حرب الـ100 يوم أظهرت أن الجيوش العربية لن تشارك في الذود عن الشعب الفلسطيني، صنعها الغرب من أجل أن تُقاتل بعضها البعض.

حرب الـ100 يوم أظهرت أن الأمم المتحدة ضعيفة جدًا أمام أمريكا، وأن البيت الأبيض المستبد هو من يحكم العالم، وأن مجلس الأمن الدولي ليس إلّا سوق نخاسة يتم داخل كواليسه بيع وشراء الدول والشعوب المُستضعفة بأثمان بخسة.

حرب الـ100 يوم أظهرت أن جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي هما أسوأ من بعض، وأن استمرار وجود الجامعة العربية استفزاز للشعوب العربية ومضيعة للوقت والجهد والمال.

حرب الـ100 يوم أظهرت بجلاء قبح السياسات الأمريكية وسوء نواياها تجاه العرب عمومًا والمسلمين على وجه الخصوص، وأنها فعلا "الشيطان الأكبر".

حرب الـ100 يوم أظهرت أن كل بلاء المنطقة وحروبها وخلافاتها بسبب سياسات إسرائيل الخرقاء المحتلة للأراضي العربية المعادية للسلام في المنطقة، وأن بريطانيا هي أم البلاء والمصائب.

حرب الـ100 يوم كشفت أن جميع المُتاجرين بالقضية الفلسطينية من العرب والمسلمين في بياناتهم وخطاباتهم ولقاءاتهم، هم تجار سوء وأصحاب نوايا سوداء.

حرب الـ100 يوم أظهرت حقيقة أن "ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلاّ بالقوة" وأن إسرائيل لا تنفع معها سوى لغة القوة والسلاح، فلا يفل الحديد إلّا الحديد.

حرب الـ100 يوم أظهرت أن غزة ستنتصر بحول الله واستبسال أبنائها وإرادة شعبها ولا غير شعبها، رغم أنف الحلفاء المتعطشين للدماء والمتخاذلين والخانعين والخائنين " وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (يوسف: 21).

** سفير سابق

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أوهام الديمقراطية 2

انتهيت في مقالي السابق إلى القول بأنه على الرغم انتقاد أفلاطون اللاذع لفكرة الديمقراطية، فقد تم استدعاء الديمقراطية منذ العصر الحديث باعتبارها النظام الأمثل الذي يمكن أن يحكم حياة البشر، وباعتبارها غاية ما وصل إليه التطور البشري، ومن ثم باعتبارها أمارة على تقدم الدول التي تتبنى النظام الديمقراطي. ولكني رأيت أن الترويج للديمقراطية بهذا الاعتبار هو نوع من الدعاية الأيديولوجية التي تريد تبرير النظام العالمي الذي تتبناه دول الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية. ولهذا، فإن هذا التصور يستدعي تساؤلات عديدة تجعلنا نتشكك في مصداقيته. وسوف أحاول الإجابة عن هذه التساؤلات بالاستعانة بطريقة الفلسفة التحليلية للغة والمفاهيم المتداولة:

أول هذه التساؤلات وأهمها هو: هل الدول الديمقراطية هي الدول المتقدمة؟! الإشكالية هنا تكمن في أن "الدول التي تتبني نظمًا ديمقراطية هي دول متقدمة بالفعل"، ولكن هذه العبارة لا تعني من الناحية المنطقية أن "الدول التي تتبنى نظمًا ديمقراطية هي الدول المتقدمة بالفعل"، أعني: أنها ليست الدول الوحيدة التي تُعد متقدمة (وهذا هو الفارق الدلالي بين كلمة "دول" وكلمة "الدول"، وهو فارق كبير). ذلك أن هناك دولًا تتبنى نظمًا لا يمكن وصفها بأنها نظم ديمقراطية، ومع ذلك فإنها تُعد من أكثر الدول تقدمًا، بل تعد ضمن الدول الثلاث الأولى الأكثر تقدمًا على مستوى العالم. ولعل القارئ سوف يفطن على الفور إلى أن الدول التي أقصدها هنا في المقام الأول هي: روسيا والصين تحديدًا. وربما يجادل البعض في هذا بإثارة السؤال التالي: وما هو معيار التقدم هنا؟ إن دولة معينة قد تكون متقدمة في جانب أو جوانب ومتخلفة في جوانب أخرى. ولكيلا ندخل في مناقشات سوفسطائية عقيمة، فإنني أضع معيارًا بسيطًا للتقدم من خلال مفهوم "الغَلَبة"، وهو مفهوم قد استخدمه العرب، وعلى رأسهم ابن خلدون: فالدول المتقدمة هي الدول أو الأمم التي تكون لها "الغلبة" على غيرها، وهذه الغلبة هي تجعل لغتها غالبة على الشعوب الأخرى، وهذا هو أيضًا ما جرى حينما كانت اللغة العربية هي لغة الغالب في مرحلة تألق الحضارة العربية. حقًّا إن دولة مثل روسيا والصين يتحدث لغتها ملايين عديدة من أهلها، من دون سائر الشعوب الأخرى، ولكن اللغة هنا ليست هي المعيار الوحيد؛ لأن "الغلبة" هنا تتحقق في المقام الأول من خلال التقدم في الشؤون العسكرية والاقتصادية وفي شؤون التعليم والتكنولوجيا وفي الوفاء بالحاجات الاجتماعية. وإذا وضعنا هذا في الاعتبار، فإن دولة مثل روسيا أو الصين تنافس بقوة دول الغرب التي تدعي أنها متقدمة بسبب تبنيها نظمًا ديمقراطية. وعلى سبيل المثال، فإن دولة مثل روسيا تعد من أكبر القوى العسكرية في العالم، بل إنها تُعد أقوى دولة نووية في العالم، وهي متقدمة بشكل مذهل في شؤون التكنولوجيا والتعليم والفن، ويكفي أنها أعظم الدول في إرثها الفني والأدبي، حتى إنها تضم أعظم باليه في العالم: "البولوشوي". كما أنها تتمتع بتعليم متميز على الأصعدة كافة، وتتمتع الآن بحالة جيدة من القوة الاقتصادية والرعاية الاجتماعية التي تكفل للمواطن حياة كريمة، من بعد معاناة طويلة في هذا الصدد حينما ارتمت في حضن منظومة الغرب. ومثل هذا يمكن أن يُقال عن دولة الصين التي أصبحت المارد العملاق الذي يهدد الغرب نفسه في عقر داره، باعتبارها قوة اقتصادية جبارة تهدد هيمنة الاقتصاد الأمريكي نفسه، بل تتنامى قوتها العسكرية بمعدلات سريعة، بما في ذلك قوتها النووية. دع عنك كوريا الشمالية التي تتبنى نظامًا ديكتاتوريًّا بحق، ومع ذلك فإن قوتها العسكرية قد تنامت بشكل مذهل. وإذا وضعنا في الاعتبار أن هذه الدول قد أصبحت متحالفة الآن، فإن هذا يعني ببساطة أن هناك نظامًا عالميًّا جديدًا يتشكل من جديد بحيث تكون "الغلبة" فيه لنظم مغايرة لا تتبنى نموذج الديمقراطية الذي يروج له الغرب.

والحقيقة أننا لو تأملنا الديمقراطية كما تُمارس في الغرب، فسوف نجد أنها أوهام، ليس فقط بسبب أن الغرب لا يزال ينظر إلى الشعوب الأخرى، خاصةً المسلمين، باعتبارها شعوبًا أدنى؛ وإنما حتى بسبب ان هذا الغرب لا يزال يمارس سياسات عنصرية ومتحيزة إزاء الأصول العرقية المغايرة التي تعيش بين جنباته، حتى إن كانوا يحملون جنسية الدولة التي ينتمون إليها. يعرف هذا جيدًا كل من يعيشون في الغرب من أصول عرقية إفريقية أو عربية أو مسلمة. ولننتقل الآن إلى مثال صارخ آخر على أوهام الديمقراطية، وهي حالة الكيان الصهيوني المسمى بدولة إسرائيل التي لا يعرف أحد حدودًا جغرافية لها؛ ببساطة لأنها قامت على الاحتلال واغتصاب أرض الأغيار:

إسرائيل دول ديمقراطية بالفعل على مستوى النظام السياسي في الحكم. ولا شك أيضًا في أنها دولة متقدمة على كثير من الأصعدة، لعل أهمها تصنيع الأسلحة والتكنولوجيا. ولكن هل يبرر ذلك وصفها بأنها دولة ديمقراطية؟ فإذا كانت الديمقراطية تفترض المساواة بين الناس، فهل يمكن تصور هذه المساواة باعتبارها مقصورة على اليهود الذين يعيشون داخل دولة إسرائيل، في الوقت ذاته الذي تنظر فيه هذه الدولة إلى الآخرين باعتبارهم "الأغيار"، وتنظر إلى العرب- أصحاب الأرض التي تحتلها- باعتبارهم حيوانات لا تنتمي إلى البشر وينبغي القضاء عليهم والتنكيل بهم بلا رحمة؛ وليس هذا الكلام من عندي، وإنما هو كلام شائع ومنشور على ألسنة كثير من الصهاينة على شبكة المعلومات! فأية ديمقراطية هذه التي تقوم على التمييز بين البشر وفقًا لمعتقدات دينية ونزعات عنصرية وحشية؟! زد على ذلك أن هذه العنصرية نجدها داخل دولة إسرائيل نفسها؛ إذ إن هناك مراتب في تصنيف من ينتمون إلى الدولة ويحملون جنسيتها، فيأتي اليهود الأفارقة وعرب إسرائيل في مراتب دنيا داخل الدولة. هذا وغيره مما سبق هو مجرد أمثلة على أوهام الديمقراطية.

هل يعني كل هذا رفض الديمقراطية أو معاداتها. كلا، فإنه لا يعني سوى شيء واحد هو أن الديمقراطية تظل نموذجًا طوباويًّا لم يتحقق يومًا في عالمنا هذا، وهو لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت منهجًا في الفكر وأسلوب حياة في التعايش مع الذات ومع الآخرين.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. العالم يشهد كسوفًا حلقيًا للشمس لن يرى في مصر ولا المنطقة العربية
  • أوهام الديمقراطية 2
  • 5.4 مليون دولار لدعم صناعة الـ «بودكاست» في المنطقة العربية
  • الجامعة العربية تطالب المجتمع الدولي مواجهة اعتداءات إسرائيل على لبنان
  • الدول العربية تلتزم الصمت ازاء اغتيال نصر الله والهجوم على الجنوب
  • ارتفاع النفط بفعل مخاطر الإمدادات بالشرق الأوسط مع تكثيف إسرائيل هجماتها
  • مصر أكتوبر: توجيهات الرئيس بإرسال قوافل مساعدات إلى لبنان يؤكد موقفه الداعم للشعوب العربية
  • مجموعة الـ77 تطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان ووقف الاستيطان في الأراضي العربية
  • شاهد.. حفرة عميقة أحدثها الاحتلال بمكان اغتيال حسن نصر الله
  • بالفيديو.. آثار الدمار لموقع اغتيال حسن نصر الله