كفى جراحًا في قلب وائل الدحدوح| استشهاد 5 من أسرته ومطالب بـ إجلاء المراسل الأبرز في غزة .. وهكذا ودع أخر أبنائه
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
استش.هاد نجل وائل الدحدوح.. است.شهد اليوم 7 من يناير الجاري، الصحفي حمزة الدحدوح الابن الأكبر للصحفي وائل الدحدوح، مراسل قناة الجزيرة، في غزة بقصف إسرائيلي استهدف صحفيين غرب خان يونس جنوبي القطاع، ليقع الخبر كالصاعقة علي الصحفي وائل الدحدوح الذي كان فقد معظم أفراد أسرته، من بينهم زوجته واثنين من ابنائه وحفيده، جراء استهداف الاحتلال لمنزل عائلته قبل أسابيع.
ووفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، قالت مصادر محلية، إن طائرة مسيرة إسرائيلية أطلقت صاروخًا صوب مركبة، كان يستقلها صحفيون، ما أدى لاستش.هاد الصحفي حمزة 29 عامًا نجل وائل الدحدوح، والصحفي مصطفى ثريا، وإصابة آخر، في قصف إسرائيلي استهدف مجموعة صحفيين في منطقة المواصي غرب خان يونس.
ماضون رغم الحزن والفقدوحرص الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح، علي نعي نجله حمزة الدحدوح في تصريحات له عقب وداعه، وقال وائل الدحدوح عقب استشهاد نجله: “ماضون رغم الحزن والفقد، باقون على العهد في هذا الطريق الذي اخترناه طواعية وسقيناه بالدماء”.
وأضاف وائل الدحدوح، أن الإنسان يحزن ويتألم للفقد فكيف إذا كان الولد البكر، ولفت الدحدوح إلى أن نجله حمزة كان كل شي بالنسبة له، وأن الدموع هي دموع الحزن والفراق وليست دموع الخوف والجزع.
وعقب الدحدوح: "هذا الحال وواقع الفلسطينيين الذين يودعون أحبابهم الشهداء، أتمنى أن تكون دماء ابني حمزة آخر الدماء من بين الصحفيين والناس في القطاع”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: استشهاد نجل وائل الدحدوح نجل وائل الدحدوح وائل الدحدوح الدحدوح حمزة الدحدوح الصحفي وائل الدحدوح الاحتلال استشهاد عائلة وائل الدحدوح عائلة وائل الدحدوح وائل الدحدوح
إقرأ أيضاً:
عيد ميلاد جديد!
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مقالي اليوم أضعه في الزاوية الإنسانية وهو شخصي جدا لكنه يهمّ الكثيرين لأنه قلّما يختار الناس الحديث فيه بل يسدلون ستائرهم ويفضلون الانطواء. أما أنا فقررت مبكرا أن أسترجع أزمتي الصحية "فوق العادية" في نفس هذا اليوم من كل عام بل وكل يوم، لأنها مليئة بالدروس، لنفسي ولغيري، ولقناعتي بأن عسل الكلمات يستطيع أن يطفئ التهابات الجروح. وكان وصف التجربة في كتابي "ثورة جسد" -الذي صدر في القاهرة لأول مرة عام 2014 - محاولة مني لاستعادة نسمات الحياة، فمن خلال الكتابة حاولت أن أصارع اليأس وأطرد الأفكار السلبية، وأتقوى على الألم وأهزم المرض الذي يخشى الكثيرون النطق باسمه خوفا من شبحه؛ فهو يناور ويغدر ويتسلل ويداهم بلا إنذار مسبق فيوقف النشاط ويؤجل الأحلام والأمنيات مع الغموض الشديد حول إمكانية الوصول إلى شاطئ السلامة. واستحضار ما جاء بالتحديد في الفصل الأول من الكتاب هو اليوم بمثابة عيد ميلاد جديد لي وجرعة أمل لمن يمرّون بنفس الظروف ويبحثون عن طريق النجاة.
جاء الوصف لمحصِلة المشاعر المتضاربة محموما، فصدمة المرض وتأثير جرعات العلاج القاسي على الحالة الجسدية والنفسيةِ، إضافة إلى مخاضات عاشتها الميادين العربية، كل ذلك جعل عدة شهور أثقل من وزن كل السنين السابقة في حياتي.
وخلال هذه الأزمة تعلمت فن البحث عن الوجه الإيجابي للمصيبة وهو فن نادر لا تدرسه كليات الفنون والآداب الإنسانية وإنما نتعلمه في أكاديميات الحزن؛ ذلك الحزن الذي من فرط شدته يخرس صوت الدموع. فمن المعروف أن الألم الكبير لا دموع له، لكنه يصبح جناح التحليق في سماء الإبداع. واخترت السير في غابات الحكماء القدماء لأتذكر باستمرار أن كل شيء يبدأ صغيرا ثم يكبر إلا الحزن فإنه يبدأ كبيرا ثم يصغر، ولا يزال يصغر ويصغر حتى يتلاشى ويُنسى. اليوم وأنا أتابع الكثيرين من حولي وهم مساجين في حزنهم، لمرض أو فقد أو حتى حزن عام من فوضى "غير خلاقة" أصابت العالم، أقول: اخرجوا من حزنكم فالحزن لحظة والفرح حياة وابحثوا عن الحكمة!
والأهمُّ في خضم تلك المعارك الداخلية مع النفس أن تتحدثوا لتعبروا تلك الأحداث بمرّها وحكمتها وتتوقفوا عند العديد من القصص الإنسانية خلال هذه المحنة، وترووها فقد تنير سبيلَ أشخاصٍ يعايشون تجارب مشابهة ولا يستطيعون مشاركتنا معاناتهم. تيقنوا أن التهابات الجروح ونيران المواجع تنطفئ مع عسل الكلمات!
كانت التغيرات الفسيولوجية متلاحقة وصادمة، فالشعر يحترق ثم يتساقط ويقتلع تماما من جذوره، والبشرة تصدأ، والجلد يصفرّ ويعتريه الشحوب ثم يجرفه الموات. وتعرّيني انفعالات الحالة الجديدة فتخلع عني الحبّ وتدخلني إلى كهف الكراهية والسخط على النفس، فأجلدها وتطرحني أرضا وكانت كفيلة بأن تدفعني إلى التقوقع وتجنب الاتصال بالناس، بالرغم من أني لم أنج من الشرّ المجاني عبر تعليقات قاسية لبعض الناس انتهكتني ونظرات جارحة أربكتني، لكن سرعان ما كنت ألتمس للبعض حسن النية وقلة الوعي. فجان بول سارتر، الفيلسوف الفرنسي، يرى أن الجحيم هم الآخرون. ولكني أرى ان الانسان كائن اجتماعي وهو من يصنع من الآخرين جحيما أو فردوسا للنجاة. وهذا يتوقف على التصالح مع النفس حتى لا تتحول تلك الندبات في الجسد إلى جراح نفسية. وكلما اشتدت آلامي لجأت إلى الكتابة أمد ُاليد إليّ أولا، ثم إليكم حتى تشاركوني هذا التحدِي، علَهُا تُخفِفُ عن قلبي هذا الغم وتحتوي المصيبة، فكما يقول الأديب الجزائري كاتب ياسين "الـكـتـابـةُ وحـدهـا تـُـلـغـي الـمـوت بـاحـتـوائـه".
كان ملك الحرف يصرخ فيّ كل حين: "اكتبي فمن يكتب لا يموت!". ربما يكون آخرون قد مَرُوا أو يمرون الآن بنفس المحنة أو أقسى حدة، فبكوا حظَهُم العثر، وانتحبوا محنتهم وخرجوا منها ممزقين وقلقين، يحملون المرض في جيناتهم وثقلا نفسيا على أكتافهم، يكمِلون بها ما بقيَ من أيام في حياتهم. لكن بفضل مجاهدة النفس أوقفت نهر البكاء ليبدأ تنفيذ قرار المقاومة من أجل الحياة، وهو قرار تطلب الكثير من الصبر والإرادة ودورات تدريبية على ترويض النفس والتحكم في الغضب و"فنّ التخلّي" كلما ظهر شيء أو شخص يسعى للتحكم في قراراتي أو مبادئي.
بداية المقاومة كانت بالبحث عن معان جديدة للحياة جعلتني أكثر قوة ونضجا، والأهم معاني الاستمتاع بالحياة بشكل ما؛ الاستمتاع بكل ما لديّ وربما لم أكن منتبهة له فيما قبل. وشعرت بالسعادة ليس لأني نجوت من المرض والحزن على نحو ما، وإنما لأني مازلت قادرة على ممارسة تمارين التحلي بالصبر. تعلمت ماذا يعني أن أتدرَب وأتمرَن على مقاومة الألم، وماذا يعني أن أحتمِل السجن، وكيف كنت أحاول أن أُجمّلَ سجني حتى لا تصدأ مشاعري كما صدأت جلدتي. هكذا كنت أتسلى بلعبة لكم الأوجاع فتسرقني الألوان والأفكار من كآبتي وتدغدغني رائحة الكتب القديمة فأغفل عن الألم. مدهشة تلك الأوجاع التي تصنع أزهارها وعطورها وكلماتها.
أعلم أن تلك المقاومة منحتني فرصة استثنائية للنجاة لحد الآن، ربما ضنت الدنيا بها على آخرين؛ كثيرون من الذين أسقطهم المرض اللَعين لم ينهضوا أبدًا! أما وقد مُنحتُ ُهذه الفرصة فقد قررت ُأن أسجل تجربتي، وأحتفل بميلادي الجديد حتى أمسح من سبورة ذاكرتي كل الغيوم التي عبرت سمائي وعطنت مشاعري.
ربما أبكيتكم.. وربما أضحكتكم.. أو لعلني طحنت عظامكم وأنتم تتابعون تفاصيل معركة شرسة.. أرجوكم لا ترددون جملا محفوظة لهذه المناسبات.. إنها لا تليق بالمحاربين، فالحزن يجب أن يسلحكم بالقوة كما سلحني بها. لذلك أودعتكم مشاعري حتى نتلمس معا خطوات الأمل ونمحو الدموع والحسرة وذكريات الضعف والوهن.. والأهم أن أستمر أكتب وتكتبون.. لأن حياةً واحدةً لا تكفينا!