البداية بواتساب وعروض عمل.. ميدل إيست آي: هكذا يجند الموساد عملاءه
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
قال موقع "ميدل إيست آي" إن إسرائيل تستخدم أساليب متنوعة لزرع الجواسيس في تركيا لاستهداف المواطنين الفلسطينيين والناشطين المنحدرين من الشرق الأوسط بشكل رئيسي.
وكشف مسؤولو المخابرات التركية الأسبوع الماضي عن كيفية قيام ضباط إسرائيليين بعملية التجنيد هذه وكيف يعمل الأفراد الذين يوظفونهم.
وأوضح الموقع -في تقرير بقلم راغب صويلو من إسطنبول- أن إيجاز المخابرات التركية الذي قُدم لوسائل الإعلام، جاء بعد أن اعتقلت -في عملية مشتركة مع الشرطة- 34 شخصا معظمهم أجانب، بتهمة التجسس لصالح المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، مشيرة إلى أن 12 فردا إضافيا ما زالوا طلقاء، وقد غادروا البلاد على الأرجح.
وذكر الموقع أن هذه العملية الاستخبارية التركية هي الرابعة المضادة لشبكة المخبرين والناشطين المرتبطين بأجهزة المخابرات الإسرائيلية، مثل الشاباك والموساد منذ عام 2021.
ويقول مسؤولو المخابرات التركية إن المخابرات الإسرائيلية عادة ما تنشر إعلانات وظائف عبر الإنترنت مع تفاصيل قليلة أو معدومة، أو تنشر روابط على منصات التواصل الاجتماعي ومجموعات الدردشة لاختيار الأفراد المناسبين للاتصال بهم.
ونقل الموقع عن "أ.س" الذي اعتقلته الشرطة عام 2022 قوله لمحكمة في إسطنبول العام الماضي إنه اتصل بالرقم الموجود في إعلان "للبحث عن موظف يتحدث العربية والتركية"، فرد عليه شخص ووجهه إلى مجموعات الواتساب وكلفه بترجمة مواضيع معينة في هذه المجموعة يوميا من التركية إلى العربية.
ولا يتواصل الضباط الإسرائيليون مع هؤلاء الأفراد شخصيا -كما يقول الموقع- بل كتابيا فقط ومن خلال تطبيقات المراسلة مثل تليغرام وواتساب، ويدفعون لهم من خلال وسطاء أو عن طريق رسل يتم تجنيدهم عبر الإنترنت من خلال منشورات التوظيف على وسائل التواصل الاجتماعي.
المجندون التكتيكيون
وبعد أن يبني ضباط المخابرات الإسرائيلية "علاقة ثقة" مع العملاء، يمكنهم الانتقال إلى المستوى التكتيكي، حيث يُطلب من العميل إجراء عمليات أكثر تعقيدا، وقد يتطور الأمر إلى بناء علاقة مباشرة أكثر مع المجندين، مثل الاجتماع شخصيا ودفع مبلغ كبير من المال، مع طلب اجتياز اختبار كشف الكذب.
ويُطلب من العملاء في البداية تنفيذ مهام مجزأة لإنشاء خطة عمل تجاه الأهداف الفعلية، وقد يختار الإسرائيليون -كما يقول الموقع- بعض الأفراد من بين المجموعة للقيام بأدوار تكتيكية أكثر، حيث يكلف هؤلاء "المجندون التكتيكيون" بإنشاء مجموعة واتساب لإدارة العملية، وإنشاء وإدارة مواقع إلكترونية يمكن استخدامها لتحقيق أهداف المهمة، مثل تصميم صحيفة إلكترونية لنشر المعلومات المضللة والأخبار المزيفة وإجراء تحويلات مالية.
ويضيف المسؤولون الأتراك أنه لضمان عدم شعور المجندين بخيانة بلدهم، يقدم لهم الدعم النفسي والراحة من خلال مبالغ كبيرة من المال والامتيازات، ويستدعى الناجحون منهم لعقد اجتماعات خاصة في الخارج، ويُستضافون في الفنادق والمطاعم الفاخرة على سبيل المكافأة.
وأكدت الشهادة الرسمية التي أدلى بها "س.ك" -الذي اعترف بالعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية مقابل تخفيف عقوبة السجن عنه في قضية منفصلة- كيف تقوم المخابرات الإسرائيلية بتدريب عملائها وتشغيلهم.
وقال "س.ك" للمحققين الأتراك في سبتمبر/أيلول الماضي إنه التقى الضباط الإسرائيليين في 10 مدن بأوروبا، وإن شخصا يدعى سيركان اتصل به لأول مرة عام 2018، وطلب منه العمل في شركة تأمين، ثم اتصل به شخص يدعى خورخي عبر سكايب.
وأضاف "طلب مني خورخي أن أختار واحدا من 3 مطاعم سماها، وأقوم بالبحث في أنشطتها التجارية والتقاط صور داخلية وخارجية، وأوضح أنه سيقارن المعلومات التي لديه بالمعلومات التي أقدمها. أرسلت له تقريري وطلبت 1000 يورو. قال لي إن التقرير أعجبه ويريد أن نلتقي وجها لوجه".
وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، التقى "س.ك" بمشرفيه في كوبنهاغن وأجرى اختبار كشف الكذب، وقال إنه طلب منه تعقب مواطن فلسطيني يُدعى "م. المحمود" منذ وصوله مطار إسطنبول إلى وجهته النهائية في المدينة، وتحديد ما إذا كان لديه فريق لاصطحابه أو كان لديه حارس أمن مسلح.
وختم الموقع بأن جهاز المخابرات الإسرائيلي يطلب من هؤلاء الأفراد التحضير لأهم العمليات المحتملة، بما يشمل الاتجار بالبشر والتهريب من إيران والعراق إلى تركيا، وتوظيف قراصنة، وإيجاد منازل آمنة، وتوظيف شركات تشغيل سيارات الإسعاف لاستخدامها في العمليات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المخابرات الإسرائیلیة من خلال طلب من
إقرأ أيضاً:
حين يُشعل الفشل شرارة الابتكار
د. سعيد الدرمكي
في عالم الإبداع والابتكار، لم يعد الفشل مجرد عقبة تُعيق التقدم، بل أصبح عنصرًا جوهريًا في عملية التعلم والتطوير. فهو يُمثل فرصة ثمينة لاكتشاف الأخطاء وتصحيحها، وإعادة تقييم الأفكار والأساليب، مما يجعله حجر الأساس لصقل المهارات وتحقيق التميز. فبدلًا من اعتباره نهاية المطاف، بات يُنظر إليه كخطوة ضرورية على درب النجاح، حيث يولّد الإلهام، ويحفّز التفكير الإبداعي، ويدفع الأفراد والمؤسسات إلى استكشاف آفاق جديدة للابتكار.
عندما يتم التعامل مع الفشل بعقلية إيجابية ونهج استراتيجي، يتحول من عائق إلى محفّز قوي للإبداع. فهو يشجع على التفكير التجريبي والبحث عن حلول غير تقليدية، مما يدفع الأفراد والشركات إلى إعادة النظر في طرقهم وأساليبهم. على سبيل المثال، لم يستسلم توماس إديسون بعد مئات المحاولات الفاشلة، بل واصل سعيه حتى نجح في اختراع المصباح الكهربائي، مؤكدًا أنَّ كل إخفاق يمكن أن يكون خطوة أقرب نحو النجاح.
الفشل ليس مجرد تجربة عابرة، بل هو محرك أساسي للتعلم المستمر والتطوير التدريجي، حيث تحمل كل تجربة غير ناجحة دروسًا قيّمة تساعد في تطوير الأفكار والمشاريع المستقبلية. شركة "سبيس إكس"، على سبيل المثال، حللت كل تجربة إطلاق فاشلة، واستخدمت النتائج لتحسين تكنولوجيا الصواريخ، مما أدى إلى تطوير صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام، وهو إنجاز غير مسبوق في عالم الفضاء.
إضافة إلى ذلك، يعزز الفشل المرونة والقدرة على التكيف، مما يجعل الأفراد والمؤسسات أكثر قدرة على مواجهة التحديات المستقبلية. مثال على ذلك "نتفليكس"، التي بدأت كمزود لخدمات تأجير أقراص "DVD"، ولكن بعد فشلها في مواجهة المنافسة التقليدية، تحولت إلى نموذج البث الرقمي، مما جعلها رائدة في صناعة الترفيه.
يساهم الفشل أيضًا في بناء ثقافة التحفيز والمخاطرة المحسوبة، حيث يشجع الأفراد والفرق على تجربة أفكار جديدة دون الخوف من العواقب. هذه العقلية تتبناها شركات كبرى مثل "جوجل" و"أمازون"، التي تتيح بيئة تشجع على التجريب وترى الفشل كخطوة نحو الابتكار وليس كحاجز أمامه.
التجارب غير الناجحة ليست مجرد إخفاقات؛ بل فرص لاكتساب الخبرة والتطور. فهي تكشف نقاط الضعف وتدفع إلى تصحيحها، كما حدث مع شركة "نوكيا" الفنلندية التي فقدت ريادتها لعدم مواكبة تطورات الهواتف الذكية. الفشل يعزز أيضًا المرونة والتكيف، كما فعلت "أبل" الأمريكية بتطوير تقنياتها بعد إخفاقات سابقة، مما أدى إلى نجاح "آيفون". إلى جانب ذلك، يعلم الفشل الصبر والمثابرة، كما أثبت إديسون بعد أكثر من 1000 محاولة قبل اختراع المصباح الكهربائي. كذلك، يدفع الفشل الأفراد والشركات إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم، كما فعل جيف بيزوس الذي مر بتجارب فاشلة قبل تحقيق نجاحه الهائل مع شركة "أمازون".
الفشل كان وراء العديد من الابتكارات العظيمة، حيث ساهمت الأخطاء والتجارب غير الناجحة في اكتشافات غير متوقعة أدت إلى تطوير منتجات ثورية. رواد الأعمال الذين ارتبطت أسماؤهم بالنجاح، مثل ستيف جوبز، الذي طُرد من "آبل" لكنه عاد ليحولها إلى واحدة من أكثر الشركات نجاحًا في العالم، وجيف بيزوس، الذي خاض العديد من المشروعات الفاشلة قبل أن يحقق نجاحًا هائلًا مع "أمازون"، هم خير دليل على ذلك.
ومن الأمثلة التي توضح كيف قادت الأخطاء إلى ابتكارات جديدة، اكتشاف البنسلين بالصدفة من قبل ألكسندر فليمنج أثناء فحصه لعفن نما في مختبره، مما أدى إلى تطوير المضادات الحيوية. أما الميكروويف، فقد تم اكتشافه بالخطأ عندما لاحظ المهندس بيرسي سبنسر ذوبان قطعة شوكولاتة في جيبه أثناء عمله على موجات الرادار، بينما اكتُشف البلاستيك أثناء محاولة تطوير مادة جديدة لعزل الأسلاك الكهربائية.
إلى جانب ذلك، هناك أمثلة عديدة من مختلف الصناعات، ففي مجال التكنولوجيا ساعد فشل "جوجل جلاس" شركة "جوجل" في تطوير تقنيات جديدة للواقع المعزز، وفي قطاع الأعمال، بدأت "كوكاكولا" كدواء طبي لكنها فشلت في تحقيق هذا الهدف، مما دفعها للتحول إلى واحدة من أشهر المشروبات في العالم.
خلاصة القول.. إنَّ الفشل ليس نهاية المطاف، وإنما هو خطوة ضرورية على طريق النجاح. الابتكار الحقيقي لا يأتي من النجاحات المتكررة فقط؛ بل من التجريب المستمر والتعلم من الأخطاء. في كثير من الأحيان، كان الفشل هو الدافع وراء أعظم الاختراعات والإنجازات، مما يثبت أن التجربة والخطأ هما أساس التقدم الحقيقي.
لا تدع الخوف من الفشل يُوقِفك؛ بل اجعله خطوة نحو نجاح أكبر.