الدكتور فتح الرحمن الجعلى: خطاب الدهشة في جبيت الدهشة!
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
بخلفيته العسكرية وحسه الشاعري ، كتب الدكتور فتح الرحمن الجعلى:
خطاب الدهشة في جبيت الدهشة!
د. الجعلي.
أنا واحد ممن تابعوا خطاب السيد رئيس مجلس السيادة في جبيب بتمعن واستمتاع، ذلك أنني كنت محتاجا لسماع صوت برهان الذي نعرفه في الموقف الذي نريده، ثم لأنه كان في أرض جبيت التي كنا فيها طلابا في تسعينات القرن الماضي، وكان البرهان يقف أمامنا معلما.
كان معلما محترما بحق،
مجيدا لعلمه العسكري، له قدرات إدارية تفوق رتبته الوسيطة ٱنذاك، عنده قدرات تواصلية عالية؛ ولذا كان الشخص الذي لا خلاف حول حبه واحترامه في المعهد .
كان الضباط يطلقون على جبيت ( جبيت الدهشة)؛ فحقيقة ما تجده بمعهدها يدهشك، وهو ما لا تجده في غيرها،و لا يمكن أن تستوعبه وصفا، وكما يقول معلموها وطلابها عنها: ( كان صوروها ليك ما تفهمها)، وكان المقدم برهان أحد معالم تلك الدهشة؛ فقد كان متألقا في كل شيء!
أمس أراد برهان استدعاء أفضل مراحل حياته العملية وأكثرها حضورا وتألقا؛ فذهب إلى جبيت!
هنالك قال كلاما كثيرا شفى صدور قوم مؤمنين، وثبت في الناس الثقة في الجيش وقيادته، قرأه كثيرون بأنفاس مختلفة، وأرى فيه الٱتي:
– قطع خط التواصل مع حميدتي تماما، ولوح بالعصا لمجموعة ( قحط) في ثوبها الجديد.
– سند المقاومة الشعبية المسلحة بقوة الدولة بصورة واضحة، وبذا فأي عراقيل تواجه المقاومة ولم تستطع معالجتها ، تعد ضعفا يحسب على المقاومة لا على الحكومة، وعلى المقاومة مقاومة من يقاومها بالسبل المشروعة كافة.
– ثبت حياة (حميدتي) بتلميحات يمكن حماية مصداقيتها بسياقات الزمن، وهي لا تنفي الظهور الدرامي لقائد الجنجويد ولا تثبته، وفيها رسالة قوية تقول: حميدي هو من قاد كل ظلم وقع على الشعب، ومسؤول عن أي جريمة عامة أو خاصة؛ فكل ما تم كان تحت قيادته.
وهذي – لعمري- الرسالة الأقوى التي ظللنا ننادي بتثبيتها، وغفل عنها كثير من المخلصين العاطفيين بالجري خلف إثبات وفاته.
وفاة حميدتي شيء، ودراما ظهوره شيء ٱخر.
لاشك أن نقطة ضعف الخطاب – عند كثيرين- ما يبدو دفاعا شخصيا، وهذا أمر لابد منه في ظل هجوم الأحمق المطاع عليه، فنحن مجتمع يعتبر عدم الرد انسحابا؛ إذ نفس سياستنا هو نفس ( هلاريخ) وثقافة (نجوم وكواكب) واتفرج يا سلام !
الرد كان مهما، ولكنه أخذ أكثر مما يستحق!
أما الكلمة التي حسب البعض أنها غير مناسبة، والتي- غالبا – لم يلتفت لها كثيرون ممن لم يسمعوها من قبل؛ فهي ذات استخدام محدود في مجتمعات خاصة، و تعد مما يكنى به عما لا يصح أن يصرح به.
وهذا لا شك من الأدب الذي دأب عليه لسان العرب، وحمله القرٱن، وسار على نهجه أهل العلم، ولا فرق بينها وأي كلمة تستخدم مجازا في هذا الأمر، لكن تركها كان أحسن.
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
دار الأوبرا المصرية.. هل تعود لعرشها مع الدكتور علاء عبد السلام؟
لطالما كانت دار الأوبرا المصرية أيقونة للفن الرفيع ومنارة ثقافية ليس لمصر وحدها بل للعالم العربي بأسره، ولكن، كما تذبل زهرة إذا جُففت منابعها، شهدت الأوبرا خلال السنوات الأخيرة حالة من التراجع اللافت، نتيجة ضعف في الإدارة، وغياب للرؤية الفنية، وإهمال لروح المكان الذي صنع أمجاد الثقافة والفن، اليوم، ومع صعود الدكتور علاء عبد السلام إلى سدة رئاستها، تعود الأسئلة الملحة إلى الواجهة: هل يستطيع أن يعيد للأوبرا مجدها الغابر؟ وهل ينجح في بث الحياة في جسدها المتعب؟
في السنوات الأخيرة، كانت الأوبرا تسير بلا بوصلة، تجارب ضعيفة، مواسم فنية باهتة، ندرة العروض الكبرى، وتراجع الحضور الجماهيري، حتى كادت الهوية التي بنتها الأوبرا منذ نشأتها عام 1988 أن تبهت.
لم يكن الخلل في قلة الإمكانيات فقط، بل في اختيارات قيادات تفتقر للرؤية والخبرة الفنية الحقيقية، غاب التخطيط بعيد المدى، وتراجعت قدرة الأوبرا على اجتذاب كبار الفنانين محليًا ودوليًا، تحولت بعض فعالياتها إلى مجرد نشاط روتيني بلا روح، وتراجعت ثقة الجمهور النخبوي الذي لطالما اعتبر الأوبرا معبده الثقافي المقدس.
تولي الدكتور علاء عبد السلام رئاسة دار الأوبرا المصرية حمل في طياته آمالًا كبرى، الرجل ليس غريبًا عن الدار، بل هو أحد أبنائها الذين تربوا على خشبتها وأدركوا منذ البداية قدسية الفن وعمق رسالته.
عبد السلام، الذي يتمتع بسجل فني وإداري مميز، جاء محملاً برؤية إصلاحية واضحة: استعادة الريادة الفنية للأوبرا، رفع مستوى العروض، تعزيز الحضور الدولي، والأهم، إعادة بناء الثقة بين الدار وجمهورها، خطواته الأولى تؤكد أنه لا يبحث عن حلول تجميلية مؤقتة، بل يسعى لتجديد عميق يبدأ من جوهر العمل الفني والإداري معًا.
من أبرز أولوياته علاء عبد السلام، تطوير برامج العروض لتواكب الأذواق الرفيعة دون الانسلاخ عن الحداثة، إعادة ضخ دماء جديدة عبر اكتشاف ودعم المواهب الشابة، استعادة الفرق العالمية الكبرى لإحياء ليالي الأوبرا بمستوى دولي، الاهتمام بالبنية التحتية الفنية والإدارية، بما يليق بمكانة الأوبرا كصرح ثقافي عريق.
لن تكون مهمة الدكتور علاء عبد السلام سهلة، فالتغيير في مؤسسة ثقيلة وعريقة مثل الأوبرا يحتاج إلى: مواجهة البيروقراطية المتجذرة، تحديث آليات الإدارة والتسويق الثقافي، خلق شراكات دولية فاعلة ترفع اسم الأوبرا في المحافل العالمية، استعادة الجمهور المتخصص الذي هجر بعض الفعاليات لفقدانها الجودة.
إنه صراع بين التغيير والحفاظ على الأصالة، بين التجديد واحترام التقاليد الفنية العريقة، فعيون المثقفين، والفنانين، وعشاق الأوبرا، اليوم، تتطلع إلى خطوات الدكتور علاء عبد السلام بشغف وحذر، الكل يأمل أن تنفض دار الأوبرا المصرية عنها غبار الإهمال، وتعود قبلة للفن الراقي كما كانت، بل أقوى وأكثر إشراقًا.