تسعى المؤسسات الحكومية والخاصة والشركات الكبرى منها والصغيرة إلى زيادة إنتاجيتها، وتتخذ في سبيل ذلك الخطوات المختلفة وتعقد الدورات المتنوعة، ذلك أن تقييم تلك الشركات والمؤسسات مرهون بارتفاع إنتاجيتها في المحيط الموجودة فيه.

إحدى الطرق التي يتبعها المسؤولون هي الاعتماد على نظام لإدارة المعرفة، وهو مفهوم واسع وشامل، يكاد تكون عملية حفظ بيانات الشركة أو المؤسسة ومعلوماتها وخططها في مكان آمن يسهل وصول الموظفين إليه عند الحاجة الجزء الأهم فيه.

وفي ظل التطورات التكنولوجية الهائلة، لجأت كثير من الشركات والمؤسسات إلى الاعتماد على تطبيقات الذكاء الصناعي في إدارة المعرفة، إذ تحاكي هذه البرمجيات أعمال البشر، وتقوم بعمليات تشبه إلى حد كبير ما يقوم به العقل البشري من مسح البيانات ومقارنتها وتحليلها، وبناء على ذلك اتخاذ القرارات، وفائدة هذا الأمر أنه يتيح تخصيص الوقت الأكبر من عملية تحليل البيانات للنتائج المراد تحقيقها، فلا هدر للجهد والوقت، الأمر الذي يدفع الموظفين للعمل على تحقيق تلك النتائج المحددة، وتلقي المساعدة والعون حولها بالضبط، وتطوير مهاراتهم وقدراتهم في التعامل مع العمليات المشابهة، إضافة إلى حفظ هذه العمليات وتخزينها، والتعلّم منها مستقبلًا.

ميزة أخرى أضافتها تطبيقات الذكاء الصناعي أنها ساعدت الشركات والمؤسسات على وضع تصميم مرن وسهل وفعّال للمعرفة، بهدف إدارتها بيسر، إذ لا يكفي وجود المعرفة دون القدرة على إداراتها بالطريقة الصحيحة الفعّالة، فقامت تطبيقات الذكاء الصناعي بوضع تصنيف للمعرفة تحت عناوين يسهل الرجوع إليها عند الحاجة.

- المعرفة الصريحة (المباشرة) وتشمل بيانات الشركة ومعلوماتها، تقارير البحث، دائرة عملياتها والفئة المستهدفة بأعمالها، وخططها ورؤيتها.

- المعرفة الضمنية، وتشمل النتائج التي تظهر بعد التطبيق العملي للأفكار والخطط والمقترحات، مثل المهارات التي يمكن نقلها إلى الزملاء، وتبادلها بين الفرق المختلفة، وأي مهارة أو معرفة تُكتسب في العمل ومن خلال المهمات الروتينية في أثناء يوم العمل، إذ يمكن عقد دورات بين الزملاء لتبادل هذه المهارات.

- المعرفة الكامنة (الذاتية والشخصية) يشمل هذا الجزء في المعرفة النواحي الذاتية، إذ تجد موظفًا حريصًا على تطوير نفسه في مجال عمله، فيقرأ ويشاهد الفيديوهات ويشارك في دورات تدريبية من دافع ذاتي، والجزء الأهم في هذا النوع من أنواع المعرفة هو صعوبة نقلها وتبادلها، فهي غالبًا ناتجة من دافع ذاتي ورغبة شخصية في التغير والتحسّن.

هذه المعارف لها أهمية كبيرة، وتحقق أثرًا واضحًا في المؤسسات عندما تضعها في نظام فعّال يديرها ويوجهها، وقد استجابت سلطنة عُمان لهذه التطورات الهائلة، فخصصت في «رؤية عمان 2040 « مساحة مهمة تضمن جاهزية سلطنة عمان للتحول إلى إنتاج المعرفة والابتكار، عبر تعليم نوعي شامل ومستدام، وبحث علمي يقود إلى مجتمع معرفي وقدرات وطنية منافسة، وهذا الأمر لن يحقق سوى نظام فعّال لإدارة المعرفة في المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى عبر اعتماد تطبيقات الذكاء الصناعي أداة مهمة، وعنصرا فاعلًا يحقق رؤية عُمان في هذا المجال.

توظيف تطبيقات الذكاء الصناعي في إدارة المعرفة في المدارس العُمانية سيوفر جهدا ووقتا في استعادة البيانات وتصنيفها وفرزها، ووضع الروابط بينها، بحيث يكون كل عنصر من عناصر المجتمع المدرسي على دراية بما يحتاجه من بيانات وأين يجدها، إضافة إلى أن تطبيقات الذكاء الصناعي ستساعد العاملين في القطاع التعليمي على معرفة درجة الأهمية في البيانات المحفوظة عن طريق إشارات يضعها الذكاء الصناعي، الأمر الذي يوفّر حماية تلك البيانات وسلامتها، فضلا عن أن تطبيقات الذكاء الصناعي ستحسّن النتائج، وتوفر تجربة استخدام مثيرة للمستخدمين عندما توفّر الجهد والوقت وتعطي نتائج دقيقة ومضمونة.

ربما حان الوقت كي نلتفت بدرجة كافية من الأهمية إلى أهمية تطبيقات الذكاء الصناعي في إدارة معرفتنا التربوية والتعليمية؛ بهدف تحقيق مزيد من الإنتاجية وتحسين المخرجات، والاستثمار أكثر في الذكاء الصناعي وتطبيقاته الآخذة في التوسع والانتشار.

إيمان بنت محمد المعولية مديرة مدرسة مزون للتعليم الأساسي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تطبیقات الذکاء الصناعی إدارة المعرفة فی إدارة

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في قرارات العناية الحرجة

طوّر باحثون من جامعة وورويك البريطانية (The University of Warwick)، أداة ذكاء اصطناعي جديدة لمساعدة الأطباء في اتخاذ القرار الصعب بشأن إدخال أنبوب التنفس للمرضى المصابين بفشل تنفسي حاد، عبر التنبؤ المبكر بالحالات التي قد تحتاج إلى التنبيب، ما يساعد على تحسين نتائج العلاج. 

اقرأ أيضاً.. تقنية ذكية تُسهِّل فهم سجلات المرضى في أقسام الطوارئ

تحديات العلاج
يحدث الفشل التنفسي الحاد عندما يعجز الجهاز التنفسي عن إمداد الجسم بالأكسجين أو التخلص من ثاني أكسيد الكربون. ويعتمد العلاج أساساً على دعم التنفس الخارجي، مثل التهوية غير الغازية عبر قناع الوجه، إلا أن حوالي 40% من المرضى لا يستجيبون لهذا العلاج، ويحتاجون لاحقاً إلى إدخال أنبوب التنفس والتهوية الميكانيكية الغازية.

"TabPFN" المبتكر
يُعرف النموذج باسم "TabPFN"، وهو نظام تعلم آلي مبتكر صُمم خصيصاً لتصنيف البيانات الجدولية، ويعتمد على تقنية "التعلم داخل السياق"، التي تمكّنه من إصدار توقعات دقيقة وفورية عند التعامل مع بيانات جديدة، حتى مع مجموعات صغيرة من القياسات، ودون الحاجة إلى تدريب من الصفر.

اقرأ أيضاً.. أداة ذكية تتفوق على الأطباء في تشخيص سرطان المعدة

تجارب ميدانية
وفقاً لموقع "ميديكال إكسبريس" المتخصص في الأبحاث الطبية، بدأ اختبار النظام الذكي ميدانياً في مستشفيات جامعة "نورث ميدلاندز"، حيث يستخدم الأطباء تطبيقاً لإدخال القياسات الروتينية لمرضى التهوية غير الغازية، وتُرسل هذه البيانات إلى فريق جامعة وورويك، ليحللها "TabPFN" ويصدر توقعاته حول نجاح أو فشل العلاج، ثم تُقارن هذه التوقعات بالنتائج الفعلية لقياس دقته.

دعم القرارات الطبية
قال البروفيسور ديكلان بيتس من كلية الهندسة بجامعة ووريك وقائد فريق البحث: "علاج الفشل التنفسي الحاد يتطلب قرارات حاسمة في ظروف ضاغطة وبمعلومات محدودة، والمرضى الذين يفشلون في التهوية غير الغازية معرضون لخطر أكبر للوفاة، ما يجعل هذه القرارات بالغة الأهمية".
وأضاف: "طوّرنا هذا النموذج ليعمل على القياسات الروتينية، مثل معدل التنفس ومستويات الأكسجين، ويقدم توقعاً لفشل التهوية غير الغازية خلال ساعتين فقط من بدء العلاج بدقة تفوق الأساليب الحالية، مما يجعله واعداً للتجارب السريرية وللتطبيق على نطاق واسع".
وأوضح بيتس: "النموذج لا يستبدل قرارات الأطباء، لكنه يدعمهم بتحليل موضوعي للبيانات وإصدار توقعات يمكنهم الاستفادة منها عند اتخاذ قراراتهم المعقدة".

اقرأ أيضاً.. أداة ذكاء اصطناعي تكشف 9 أنواع من الخرف بفحص واحد

آفاق التوسع
قال تيم سكوت، استشاري التخدير في مستشفيات جامعة نورث ميدلاندز: "نختبر حالياً تطبيقاً قائماً على هذا النموذج في المستشفى، وقد أظهر دقة عالية في التنبؤ بنتائج التهوية غير الغازية. نحن متفائلون بإمكاناته في تحسين رعاية المرضى ونسعى إلى تطويره لاعتماده على نطاق أوسع".
بدوره، ذكر البروفيسور جافين بيركنز، عميد كلية الطب بجامعة ووريك: "مرضى الفشل التنفسي الحاد يستهلكون موارد كبيرة ويواجهون معدلات وفيات مرتفعة. الذكاء الاصطناعي لديه إمكانات هائلة لدعم الأطباء في إدارة هذه الحالات وتحسين نتائجها. وحدة التجارب السريرية في ووريك رائدة في تقييم العلاجات الجديدة، ونتطلع للتعاون مع كلية الهندسة لتطوير هذه التقنيات لصالح المرضى".
ومع غياب إرشادات رسمية لتوقيت إدخال أنبوب التنفس، واعتماد الأطباء المحدود على المؤشرات الحالية، يمثل "TabPFN" إضافة قيّمة لتحسين رعاية المرضى وجودة حياتهم.

أمجد الأمين (أبوظبي)

أخبار ذات صلة ويمبلدون تتوج «الزوجي المختلط» الذكاء الاصطناعي يتفوق في التنبؤ بخطر الإصابة بالنوبات القلبية

مقالات مشابهة

  • «المالية» تفوز بجائزة «الابتكار من أجل الأثر» في تطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في قرارات العناية الحرجة
  • أكاديمي: البيئة التعليمية جاهزة بالكامل لاستقبال منهج الذكاء الاصطناعي
  • اللجنة العلمية” في نقابة المقاولين تعقد ندوة بعنوان “تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع المقاولات”
  • الإمارات تطلق منظومة حكومية ذكية لرصد وتحليل الأداء باستخدام «الذكاء الاصطناعي»
  • حلقة عمل تناقش توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير العمل الإعلامي
  • مخيم تدرا.. بوابة النشء إلى عالم الذكاء الاصطناعي
  • بحضور وزير النقل الدكتور يعرب بدر… ورشة عمل تخصصية حول الاستفادة من تطبيقات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في رقمنة الشحن الطرقي
  • الذكاء الاصطناعي غروك يثير الجدل بتصريحات معادية لليهود
  • شخص ينتحل شخصية وزير الخارجية الأمريكي عبر الذكاء الاصطناعي ويتواصل مع مسؤولين كبار