مصطفى البرغوثي والإعلام الغربي المنافق
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
أتصور أنّ مهنة المذيع أصابها الكثير من الخلل في السنوات الأخيرة بعد انتشار الفضائيات؛ لأنّ كثيرين ممن لا يملكون شروط وموهبة المذيع امتهنوا هذه المهنة، فكان نتيجة ذلك أن شاهدنا هبوطًا في مستوى الرسالة الإعلامية، بعد ظهور مذيعين همُّهم الوحيد أن يستعرضوا عضلاتهم أمام المتلقين، ويفرضوا توجهاتهم على الناس، فابتعدوا عن المهنية وصاروا بعيدين عن هدف برامج الحوارات؛ لأنّ فن إدارة الحوار هو أرقى وأصعب الفنون الإذاعية، إذ المطلوب من المذيع أن يستخرج من ضيفه كمًّا كبيرًا من المعلومات، لا أن يفرض عليه توجهاته ويقاطع الضيف في كلّ لحظة إذا نطق بما لا يعجبه من الآراء.
يبدو أنّ المذيعة جوليا هارتلي بروير لا تعايش الواقع، فلا تعلم أنّ فرض رأيها على الناس أصبح غير مقبول، مع انتشار وسائل التواصل الحديثة، التي سحبت البساط من الإعلام الجامد؛ فما إن انتهت الحلقة حتى انهالت الانتقادات عليها؛ فاتهمها بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي بـ «الوقاحة والعنصرية والعنف والتعالي والأداء البلطجي»، وأنها مارست «فوقية وتعاملت بعنصرية في خطابها البعيد جدًّا عن الأخلاق المهنية»؛ لأنها حاولت أن تفرض رأيها على الضيف، الذي ظلّ محافظًا على هدوئه ولباقته، رغم كلّ محاولات المذيعة لاستفزازه، مما أثار أعصابها أكثر، فلجأت إلى استخدام المفاهيم النسوية، التي يركز الغرب عليها كثيرًا، وكأنّ البرغوثي يقمع ويضطهد المرأة، لكي تكسب تعاطف جمهورها بعد احتقارها لضيفها وإغلاقها أذنيها لعدم سماع إجاباته، مع ضحكات أقرب إلى أن تكون هيستيرية، وقيامها وجلوسها المتكرر على الكرسي مع حركات سيئة بيديها.
تصدّر المقطع واسم المذيعة جوليا هارتلي بروير المواضيع الأكثر تداولًا على موقع «إكس» في بريطانيا، وسط تعليقات أجمعت على إدانة المذيعة، التي كانت تقاطع الضيف وتصرخ في وجهه، وتظهر حركات غريبة، بدت «مقرفة» لكثيرين وهي تسخر من كلامه. في المقابل أشاد كثيرون بهدوء الضيف وقوة حجته.
وإذا كان مصطفى البرغوثي ظلّ على هدوئه أثناء اللقاء، إلا أنه أوضح فيما بعد، خلال حواره مع الإعلامي المصري خالد أبو بكر، خلال برنامجه «كلّ يوم» على قناة «ON» المصرية، أنّ «المذيعة أصيبت بالصدمة والعصبية؛ لأنها لم تستطع أن تحقق ما تريد خلال المداخلة، وأعتقدُ أنّ هناك عاصفة عالمية ضدها؛ والآلافُ الآن يقدّمون شكاوى ضد المحطة»، وأنّ ما اقترفتْه من صراخ ليست بمهنية، لافتًا إلى أنّ «ما أثار المذيعة وأغضبها أنها تتعامل مع إنسان يتحدث بلغة حضارية».
كشفت المقابلة في الواقع ما يجري من سنوات من انحياز الإعلام الغربي الشديد للرواية الإسرائيلية، وكان سبب انفجار المذيعة «أننا نجحنا في تقديم قوة الرواية الفلسطينية، ولأنّ الحقيقة الفلسطينية مؤلمة ولا تستطيع أن تتجاهلها وأن تلغيها، وهذا يأتي من قوة عدالة القضية الفلسطينية» كما أوضح البرغوثي، الذي خرج بثلاثة انطباعات؛ الأول عدم قدرة المذيعة على سماع الحقيقة، والثاني أنها إنسانة عنصرية، وأبدت جهلًا عميقًا عن حقوق المرأة، وكأنّ كلّ العرب والمسلمين لا يحترمون المرأة، والثالث أنها أبدت عدم مهنية مطلقة، فلا أحد يمكن أن يجري مقابلة بهذا الشكل، ويرى مصطفى البرغوثي أنّ ردة فعل المقابلة كانت رائعة على امتداد المعمورة، حيث أحسنت المذيعة في الوقت الذي كانت تظن أنها أساءت، وهو ما أكده البرغوثي بقوله: «كسبنا من خلال هذه المقابلة الرأي العام الدولي أكثر من مئات المقابلات الأخرى؛ لأنها أظهرت بوضوح مدى انحياز هذا النوع من الإعلام الغربي لإسرائيل وبشكل وقح ومفرط، وأظهرت كذلك العنصرية ضد الفلسطينيين بشكل واضح».
لقد سقطت جوليا هارتلي بروير - كما سقط الإعلام الغربي الموالي للكيان الصهيوني - ففي سبيل دفاعها عن الكيان الصهيوني في جرائمه، لم تراعِ القواعد المهنية لا في الشكل ولا في المضمون، ومنها احترام الضيف وإعطاؤه الوقت الكافي للإجابة، والإنصات لما يقوله، وإذا كان لا بد من التدخل لتوضيح أمر ما، يجب على المذيع أن يدحض الموضوع بالحجة والمعلومة، وليس بقمع الضيف والصراخ في وجهه.
أظن أنّ هذا اللقاء يشكّل وصمة عار في تاريخ المذيعة والقناة معًا ولكلّ المتعاطفين مع جرائم الكيان الصهيوني ضد الإنسانية؛ وإن كان له من إيجابية، فهو قد أظهر أنّ مثل هذه النماذج من الإعلاميين منبوذون الآن، وأنّ مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مؤثرة جدًا، ولها قوة وسلطة ونفوذ أكثر من القنوات الموجّهة، وأنّ بفضل هذه المواقع عرفت الشعوب الغربية الحقيقة عن الوضع في فلسطين. والمفارقة أنّ البلدان العربية طوال الحقب الماضية فشلت في توصيل عدالة القضية الفلسطينية للشعوب الغربية، رغم الملايين التي تُنفق على السفارات والملحقيّات الإعلامية والثقافية الكثيرة.
زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مصطفى البرغوثی الإعلام الغربی
إقرأ أيضاً:
الزمالك يقترب من التجديد لـ أحمد مصطفى زيزو
اقترب مجلس إدارة نادي الزمالك، برئاسة حسين لبيب من تجديد عقد أحمد مصطفى زيزو لاعب الأبيض خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك بعد عقد جلسة مطولة خلال الساعات الأخيرة شهدت الاتفاق على الخطوط العريضة حول بنود التعاقد من حيث عدد المواسم والشروط.
وعلمت الأسبوع من مصادرها داخل نادي الزمالك بأن هناك جلسة عقدت بين حسين لبيب رئيس نادي الزمالك، ووالد أحمد مصطفى زيزو، وأحد رجال الأعمال الزملكاوية الداعمين لتجديد اللاعب، حيث توقفت الأمور عند القيمة النهائية التي سيحصل عليها اللاعب سنويا.
ويأتي تجديد عقد زيزو على رأس أولويات مجلس إدارة نادي الزمالك، خصوصا بعد رحيل البرتغالي جوزيه جوميز مدرب الفريق وعدم تجديد عقده، حيث يحاول حسين لبيب حسم ملف تجديد اللاعب في أسرع وقت ممكن بالرغم من الظروف المالية التي تحيط بالنادي.
ومن المقرر أن يعقد لبيب جلسة أخيرة مع اللاعب ووالده خلال الأيام القليلة المقبلة لتوقيع العقود، بعد الاقتراب من الوصول إلى اتفاق مادي حول قيمة العقد، خصوصا بعد الاستقرار على تحمل الجزء الأكبر من أحد الرجال الداعمين للنادي واللاعب خلال العام الأخير.
واشترط مجلس إدارة نادي الزمالك، عدم وجود أي شروط جزائية في عقد أحمد مصطفى زيزو، لعدم الدخول في دوامة العروض الخليجية مع كل فترة انتقالات شتوية وصيفية، حيث يسعى المجلس الأبيض إلى غلق الملف بالكامل وعدم العودة له مرة أخرى إلا بعد ثلاث مواسم قادمة.
ويشهد العقد العديد من الامتيازات المالية على سبيل المكافآت في حال تحقيق البطولات أو تسجيل الأهداف وصناعتها ونسبة المشاركة في المباريات، بجانب المساهمة مع الفريق في تحقيق الإنجازات، حيث سيكون لكل بندا مكافآة خاصة لأحمد مصطفى زيزو.
في سياق أخر استقر المجلس الأبيض على تاجيل صرف المستحقات المتأخرة للاعبين حتى آشعار أخر، وذلك في ظل الالتزامات المالية الضخمة التي يرتبط بها مجلس إدارة نادي الزمالك، بين التعاقد مع مدير فني أجنبي جديد، وتجديد عقود اللاعبين، وإبرام الصفقات الجديدة خلال فترة الانتقالات الشتوية القادمة.
وشهدت جلسة مجلس إدارة نادي الزمالك الأخيرة، مع لاعبي الأبيض قبل مباراة المصري البورسعيدي في بطولة الكونفدرالية الأفريقية، الحديث بشكل صريح عن المستحقات المتأخرة للاعبين وموعد صرفها من مجلس الإدارة، حيث كان الرد بأن صرف المستحقات سيكون في أسرع وقت ممكن ومن الوارد أن يكون بنهاية شهر يناير بعد الانتهاهء من الصفقات الجديدة.
ورفض حسام عبد المجيد مدافع نادي الزمالك بعض العروض الشفية التي تلقاها من خلال بعض شركات التسويق والوكلاء خلال الأيام القليلة الماضية، حيث أبلغهم المدافع الشاب برغبته في الاحتراف ولكن في إحدى الدوريات الأوروبية المعروفة وأن تكون الصفقة عن طريق إدارة نادي الزمالك.
وشهدت الأسابيع الأخيرة اهتمام عددا من الأندية الأوروبية واللاتينية بالحصول على خدمات المدافع الدولي حسام عبد المجيد، بعد ظهوره بشكل أكثر من رائع مع نادي الزمالك والمنتخب الوطني المصري الأولمبي في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024.
وعلى مستوى الصفقات، أخطر مجلس إدارة نادي الزمالك، وكيل اللاعب الإنجليزي أوفي إيجاريا، بصرف النظر عن التعاقد معه، خصوصا بعد رحيل البرتغالي جوزيه جوميز عن قيادة الفريق، حيث كانت هناك رغبة من المدرب في استقدامه خلال انتقالات الشتاء القادمة.
وبدأ مجلس إدارة نادي الزمالك، البحث عن عددا من اللاعبين الأجانب في مركزي المهاجم الصريح والجناح الأيمن لعرضهم على المدير الفني الجديد، من أجل الاختيار بينهم، تمهيدا لضمه خلال شهر يناير القادم، لدعم صفوف الأبيض في بطولتي الدوري المصري والكونفدرالية الأفريقية.