توقفت فى المقال السابق عند أول لقاء عابر للأستاذ "محمد حسنين هيكل" بالزعيم الروسي "يورى اندروبوف" وفي هذا المقال أتناول  اللقاء الهام  معه  فى  يوليو عام (١٩٧٠) وهو فى صحبة الرئيس "جمال عبد الناصر"   فى آخر زياره للرئيس  إلى الاتحاد السوفيتي حيث توفى فى ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠...

في هذا اللقاء كان الأستاذ "هيكل" عضوا في الوفد الرسمي  للمفاوضات بوصفه وزيرا للإرشاد القومي وكان قد  عهد اليه بهذه  الوزارة في ذلك الوقت تمهيدا لمرحلة من العمل السياسي والعسكري  اقتضت- في رأى  الرئيس  "عبد الناصر"- أن يكون  المسئول عن الاعلام شخصا شديد القرب منه بحيث يستطيع ان يفهمه بسرعة تتلائم مع سرعة ايقاع الحوادث ودرجة خطورتها.

..

كانت  هذه  هى أول مرة يذهب فيها الأستاذ "هيكل" إلى موسكو عضوا في الوزارة وأقبل بعض الزعماء السوفييت يهنئونه ومن بينهم بالطبع  "اندروبوف"...

  لكن مفاجأة كبرى وقعت  في جلسة المحادثات الأولى  لم تكن فى الحسبان  أبدًا  ...

فوجئ الرئيس " عبد الناصر " بالزعيم الروسي "بريجنيف"  يقول له:

-  ان  وزارة الإرشاد القومي فى مصر   قامت باستقصاء للرأي العام في مدينه المحلة الكبرى وظهرت نتيجته بان الرأى العام المصرى يعارض زيادة التواجد السوفيتي على  ارْضِهِ...

وكان رد الرئيس الفورى:

-"أنا لا أعرف من أين جئتم بهذا الراي الذي تقولونه..."

فرد الزعيم "بريجنيف"عليه:

- أن السيد "هيكل "يعرف ذلك مباشرة لان وزارته هى التى  قامت باستقصاء للرأي العام فى مدينة المحلة الكبرى وظهرت هذه النتيجه..."

وذكر الأستاذ "هيكل" انه فوجئ بأن الأنظار  تحولت  إليه  وتطلع الرئيس "عبد الناصر" نحوه ومعه استدارات رؤوس بقية أعضاء الوفد  المصرى...

لقد فاجأ الموقف الجميع على غير انتظار أو توقع وسأل الرئيس "عبد الناصر " الأستاذ "هيكل" بالعربية:

-هل هذا صحيح...؟

وكان الرد الفورى  منه:

- على حد علمى ليس صحيحا...!

 لكن الزعيم الروسي "بريجنيف " لم يسكت وانما قال:

-انا واثق من صدق المعلومات التي تحدثت   عليها..."

ولم يكن امام  الرئيس "عبد الناصر" إلا أن يوجه حديثه بالعربيه  الى الاستاذ" هيكل قائلا له:

- "حاول أن  تتحقق من أصل الحكايه بأسرع ما يمكن..."

ولم يكن  هناك اى شك على الاطلاق فى أن جهاز الاستخبارات السوفيتية   هو مصدر هذه الحكاية  والغريب أن  رئيس جهاز الاستخبارات السوفيتةية
كان  لا ينظر لأحد لكنه  مكبا على ورق امامه يرسم  خطوطا واشكالا وكأنه بعيدا  عما يجري حوله...

وعلى الفور أتصل الاستاذ "هيكل " من موسكو تليفونيا ليسال رئيس مكتبه في وزاره الإرشاد القومي عن  هذه الحكاية   وبعد الظهر اتصل رئيس هيئه مكتبه  الدكتور
" عبد الملك عوده" ليروي له  أصل الحكايه...

ان  "أصل الحكايه"  كان  في بداية تولى  الأستاذ "هيكل" مسئولية وزارة الإرشاد  القومي وأراد أن  يجرى دراسة معمقة عن   أجهزة وزارة الإرشاد القومي المختلفه ومن بينها بالطبع الهيئة العامة للاستعلامات وشكل لجنة لدراسة عمل هذه الهيئة  ضمت كل من "الدكتور اسامه الباز" والدكتور "تحسين بشير" والاستاذ "سماح صادق" ولاحظت اللجنة  أن الهيئة تقدم يوميا تقريرا  للمسئولين في الدولة عن اتجاهات الرأى العام ومن هنا 
طلب  الأستاذ "هيكل" بحثا حول الأسلوب الذي تتبعه مكاتب الهيئة في قياس الرأي العام لكي يستطيع ان يحكم على مدى صدق تقاريرها في التعبير فعلا عما تدعي انها تعبر عنه...

وكانت الحكاية...

"الأسبوع القادم باذن الله  أُحَدِّثُكَ عن  بَقِيَّةِ حكاية المعلومة  التى  فَاجَأَتْ الرئيس "عبد الناصر" فى الاتحاد السوفيتي...!"

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الاتحاد السوفيتي جمال عبد الناصر محمد حسنين هيكل عبدالمنعم معوض العمل السياسي عبد الناصر

إقرأ أيضاً:

(60) عامًا على وفاة الملك فاروق

ستون عامًا مرت على وفاة آخر ملوك مصر "فاروق الأول" (1920- 1965م) بعد حياة أقل ما يقال عنها إنها "دراما تاريخية"، فهو ابن لم يشعر يومًا بحب وتعاطف والده الملك "فؤاد الأول"، وتولى رعايته أحمد حسنين باشا، سواءً في مصر أو في إنجلترا، حيت ذهب ليدرس لبعض الوقت، وهو نفسه الرجل الذي كان على "علاقة حب" بوالدته.

كما تولى فاروق العرش، وهو لم يكد يبلغ السادسة عشرة من العمر، فضلًا عن حياته العاطفية غير المستقرة بزواج ثم طلاق فزواج، إضافةً إلى نزوات هنا وهناك تحاكى عنها الجميع حتى أثناء حكمه، فضلًا عن تحكم "المحتل الإنجليزي" به، ومن ذلك حصار دباباته للقصر الملكي في "حادث 4 فبراير 1942م" وإجباره على تولي حزب الوفد للوزارة إبان الحرب العالمية الثانية.

ثم كانت "قمة الدراما" بقيام ثورة 23 يوليو المجيدة 1952م بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، وخروج فاروق من مصر إلى منفاه بإيطاليا بعد تنازله عن العرش لابنه الرضيع "أحمد فؤاد"، إلى أن تم إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية عام 1953م.

وفي أوروبا، عاش فاروق بـ "الطول والعرض" رغم حالته المادية التي تغيرت بالقطع بعد خروجه من مصر، حيث حصل من أمير موناكو على جواز سفر دبلوماسي مع إعانات مالية من الأمير ومن دول أخرى، إلى أن فارق الحياة ليلة 18 مارس 1965م في "مطعم إيل دي فرانس" الشهير بروما، بعد أن تناول "وجبة دسمة" قوامها: دستة من المحار وجراد البحر، وشريحتين من لحم العجل مع بطاطس محمرة، وكمية كبيرة من الكعك المحشو بالمربى والفاكهة، فضلًا عن المشروبات بأنواعها!. بعدها، شعر بضيق في التنفس واحمرار في الوجه ووضع يده في حلقه، وحملته سيارة الإسعاف إلى المستشفى، وفيها أفاد الأطباء الإيطاليون بأن "رجلًا بدينًا مثله يعاني ضغط الدم المرتفع وضيق الشرايين لا بد أن يقتله الطعام"!

وهنا، تم تداول بعض المزاعم بأن وفاته لم تكن طبيعية، وأنه اُغتيل بسم "الأكوانتين" على يد أحد أفراد المخابرات المصرية بإيعاز من عبد الناصر، وهو أمر غير منطقي لأن فاروق قبيل خروجه كان غالبية أعضاء مجلس قيادة الثورة يرون ضرورة محاكمته وإعدامه، وهنا تدخل عبد الناصر بمقولته الشهيرة "إذا كانت النية هي إعدامه، فلماذا نحاكمه إذًا؟"، ورفض ذلك تمامًا، وقرر أن يذهب فاروق إلى حال سبيله حتى تكون ثورة يوليو "ثورة بيضاء" بلا دماء.

وفي 31 مارس 1965م، وصل جثمان فاروق إلى مصر حيث دُفن في "حوش الباشا" حيث مقبرة جده إبراهيم ابن محمد علي باشا في منطقة الإمام الشافعي، ثم نُقلت رفاته في السبعينيات إلى مسجد الرفاعي بجانب أبيه الملك فؤاد، وجده الخديو إسماعيل.

مقالات مشابهة

  • رئيس “الفاف” وليد صادي يبدي تضامنه مع جمال مناد
  • المؤتمر: الأمن القومي أبرز الرسائل بكلمة الرئيس السيسي بأكاديمية الشرطة
  • الرئيس التنفيذي لـ«الاتحاد»: «سند» تخطط للتوسع في أسواق أفريقيا والهند وشرق آسيا
  • أقصبي: الفساد ينتج خطورة كبيرة على مؤسسات البلاد
  • رد ناري من جمال عارف على عطيف بعد استبعاد الأخير الاتحاد من المنافسة على الدوري
  • الرئيس السيسي يؤكد على ضرورة تكثيف الجهود للحفاظ على الأمن القومي والتصدي للشائعات
  • الرئيس السيسي يستعرض تطورات الموقف المصري بشأن الأوضاع الإقليمية والدولية وتأثيرها على الأمن القومي
  • (60) عامًا على وفاة الملك فاروق
  • صحيفة: حماس فاجأت إسرائيل والوسطاء بشرط جديد في مفاوضات غزة
  • جمال عارف يوجه طلبًا إلى لجنة الحكام بشأن مباريات الاتحاد