أمة الشركات الناشئة.. كيف صُنعت أسطورة الريادة التكنولوجية الإسرائيلية؟
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
في يونيو/حزيران عام 2019، سافر ثلاثة مهندسي حاسوب من إسرائيل إلى مبنى في نيوجيرسي يستخدمه مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، كانت مهمتهم هي تثبيت عدد من الخوادم في هذا المبنى، وأثناء العملية كانوا يتواصلون مع مكتب شركتهم الرئيسي في تل أبيب، وهي شركة "إن إس أو غروب" (NSO Group). كان هذا بسبب شراء مكتب التحقيقات الفيدرالي نسخة من برمجية التجسس الشهيرة "بيغاسوس"، التي تنتجها الشركة الإسرائيلية الأشهر في هذا المجال (1).
خلال العقدين الماضيين، وجهت دولة الاحتلال اهتمامها نحو التقنيات العسكرية المتطورة، وبرمجيات التجسس السيبراني. ويرجع النجاح المستمر للقطاع السيبراني في إسرائيل بالأساس إلى الدعم الحكومي الهائل، واعتبار الجيش الإسرائيلي "حاضنة ومسرعة للشركات الناشئة"، ليس فقط بسبب الطلب الهائل الذي يوفره الجيش على تلك التقنيات والكوادر التي توفرها وحداته التقنية، لكن الأهم أنه وفر فضاء لاختبار هذه الأنظمة والبرمجيات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل بيعها عالميا (2).
أمة الشركات الناشئة كتاب "أمة الشركات الناشئة" (مواقع التواصل)
بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، تحولت قدرة إسرائيل على مواجهة الانهيار الاقتصادي، على خلاف الولايات المتحدة ودول أوروبا، إلى سردية ملحمية كما هي العادة. لُخِّصت هذه السردية ورُوِّج لها في كتاب صدر عام 2009 عن مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، بعنوان "أمة الشركات الناشئة: قصة المعجزة الاقتصادية الإسرائيلية"، من تأليف دان سينور وسول سينغر (3).
كانت الفرضية الأساسية في الكتاب هي أن اقتصاد إسرائيل تجنب الخسائر الضخمة للأزمة المالية بسبب مجموعة من العوامل، أهمها هو التجنيد الإجباري في جيش الاحتلال، وادّعى المؤلفان أن الجيش الإسرائيلي يمكن اعتباره نموذجا لباقي دول العالم بسبب العلاقة الوثيقة بين حكومة دولة الاحتلال وشركات التقنية الناشئة، إذ كانت الحكومة تهتم بتمويل ودعم الشركات الناشئة هناك منذ سنوات طويلة. هذا النمط مكَّن إسرائيل من أن تصبح واحدة من أكبر الدول المصدرة لهذا النوع من التقنيات العسكرية، خاصة تقنيات المراقبة والاختراق والأسلحة السيبرانية.
حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت معظم شركات السلاح والتقنية العسكرية الإسرائيلية مملوكة للحكومة. حينها حصل قطاع التقنية المتطورة على قدر هائل من الدعم الحكومي، مما سمح له بتكوين روابط قوية مع أهم الشركات الأميركية الكبرى في هذا المجال. مثلا في عام 2002، عقدت مايكروسوفت صفقة على مدار ثلاث سنوات بقيمة 100 مليون شيكل (تقريبا 26 مليون دولار حاليا) مع حكومة الاحتلال، وكانت الصفقة الأكبر من نوعها لدولة الاحتلال في ذلك الوقت، وفي أحد بنود التعاقد وافقت الشركة الأميركية على تقديم عدد غير محدود من منتجاتها لصالح جيش الاحتلال ووزارة الدفاع، مع تبادل واسع للمعلومات والخبرات (4).
كما قدمت الحكومة الإسرائيلية منحة ضخمة لشركة "إنتل" الأميركية لتبني أول مصنع لها في مدينة "كريات جات"، وافتُتح عام 1999. ثم في عام 2005 قدمت منحة أكبر، وصلت إلى 525 مليون دولار، للشركة الأميركية لتبني مصنعها الثاني في المدينة. كما عرضت حكومة الاحتلال على "إنتل" معدل ضريبة أقل من المعتاد، بنسبة 10% فقط مقارنة بـ35% ضرائب في الولايات المتحدة حينها، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" (5). واستكمالا لهذا التوجه حتى وقتنا الحالي، وفي نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، قررت الحكومة الإسرائيلية منح "إنتل" 3.2 مليارات دولار لبناء مصنع جديد في المدينة، وتقدر قيمته بنحو 25 مليار دولار، وهو أكبر استثمار على الإطلاق تنفذه أي شركة مع حكومة دولة الاحتلال (6).
في مقابلة معه عام 2014، توسع "سينغر" في شرح تلك الفرضية أكثر، موضحا أن إسرائيل في حد ذاتها شركة ناشئة لأنها "فكرة تطلبت الكثير من الدوافع والمجازفة لتتحول إلى حقيقة" (7). وفي مقابلات تالية على مدار سنوات عديدة، أمضى سينغر وسينور وقتا طويلا في الحديث عن "الابتكار" في دولة الاحتلال، ولكنهما لم يتحدثا طبعا عن الطريقة التي يجري بها تطوير هذه الابتكارات عبر الاستفادة من احتلال الشعب الفلسطيني، وتكوين خبرات من تطوير تلك التقنيات عبر تجربتها في الأراضي المحتلة، ثم بيع تلك الخبرات، في السيطرة على مجموعات كبيرة من البشر، للدول الأخرى في سوق عالمية كانت متعطشة لتلك السيطرة في ظل "الحرب العالمية على الإرهاب"، كما يذكر "أنتوني لوينشتاين"، الصحفي الاستقصائي الأسترالي الألماني، في كتابه "المختبر الفلسطيني".
بعبارة أوضح، تحاول تلك السردية تأكيد أن إسرائيل دولة "شركات ناشئة"، يمكنها التأقلم مع مختلف الظروف المحيطة، والابتكار باستمرار، والتكيف مع المتطلبات العالمية، لكن هذا الافتراض يتغافل عمدا عن أمر مهم، وهو الأسلوب الذي اتبعته تلك الدولة "الناشئة" لكي تحقق هذه النجاحات المزعومة، عبر اعتمادها على التقنيات التي تساهم في مزيد من القمع لمواطني فلسطين المحتلة، سواء كانت تقنيات المراقبة المستمرة على مدار اليوم، أو تقنيات التجسس والاختراق المختلفة، أو حتى تقنيات الطائرات المسيّرة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
الحرب على الإرهاب فجَّرت الحرب على الإرهاب الحاجة إلى تقنيات الأمن الداخلي لدى دول العالم المتقدم، ليزيد الطلب على تقنيات المراقبة والتجسس الجديدة (رويترز)
ساهمت هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001 على الأراضي الأميركية بقدر كبير في تحفيز القطاع العسكري الإسرائيلي، بعد أن أصبحت "الحرب على الإرهاب" سياسة دولية رسمية. في ليلة الهجمات نفسها، سُئل رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها بنيامين نتنياهو، على شاشة التلفزيون الأميركي، عما تعنيه تلك الهجمات فيما يخص العلاقات بين البلدين، ليجيب فورا: "هذا أمر ممتاز"، ثم سرعان ما صحّح كلماته قائلا: "حسنا، ليس أمرا ممتازا، لكنه سيحقق تعاطفا فوريا معنا. لأن تلك الهجمات قد تعزز الروابط بين شعبي البلدين، لأننا نعاني من الإرهاب على مدى عقود، لكن جاء الدور على الولايات المتحدة لتعاني الآن من نزيف هائل بسبب الإرهاب" (8).
فجَّرت الحرب على الإرهاب الحاجة إلى تقنيات الأمن الداخلي لدى دول العالم المتقدم، ليزيد الطلب على تقنيات المراقبة والتجسس الجديدة. في تلك الفترة بدأت البنية التحتية للمراقبة والتجسس في التوسع والانتشار في مختلف دول العالم، وهناك عدّة فضائح ظهرت في تلك الحقبة عن تجسس أجهزة الأمن على مواطني دولهم، وربما الفضيحة الأشهر التي فجرها إدوارد سنودن عام 2013، حين كشف عن تجسس وكالة الأمن القومي (NSA) ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) مباشرة على الخوادم المركزية لـ9 شركات كبرى من شركات التقنية الأميركية، ومنها يحصلون على المحادثات الصوتية ومكالمات الفيديو، والصور الفوتوغرافية، ورسائل البريد الإلكتروني، والوثائق الخاصة، وسجلات الاتصال التي تُمكِّنهم من تتبُّع تحركات أي شخص مستهدف.
ببساطة، كانت إسرائيل تملك فعلا منتجات أرادها العالم، لأنها تبنّت إنتاج تقنيات قطاع الأمن الداخلي بشكل كامل منذ سنوات (9). حينها كانت الرسالة واضحة من نتنياهو لباقي دول العالم: "نحن متخصصون في الحرب على الإرهاب منذ نشأتنا. دعونا نَقُد الطريق ونشرح لكم كيف تسيطرون على الأمر".
في الحقيقة، كانت إسرائيل معروفة بخبرتها السابقة في هذه الأمور، قبل فترة طويلة من أحداث 11 سبتمبر/أيلول، لكن تلك الهجمات ساعدت في الترويج لقدراتها بسرعة كبيرة على مستوى العالم. مثلا، لجأت اللجان المنظمة لدورة الألعاب الأولمبية أثينا 2004 لشركات إسرائيلية لتأمين الأحداث في أثناء الدورة، والسبب الأساسي أن إسرائيل روّجت لنفسها بصفتها أحد أفضل المزودين لتقنيات إدارة الحشود والجماهير بعدد كبير، بجانب قدرتها على تشغيل غرف القيادة والتحكم، والحفاظ على الأمن داخل المدن. كل هذا إلى جانب حماية المحطات النووية، وأمن المطارات، والعديد من المجالات الأخرى، التي كانت تُعد فيها المراقبة وتطبيق إجراءات الأمن المشددة أمورا ضرورية. كانت الخبرة أو المعدات والتقنيات الإسرائيلية هي الإجابة عن أي سؤال أمني تقريبا في تلك الفترة (9) (10).
الوحدة 8200
في ذلك الوقت، ومع انتشار الاتصالات الرقمية أكثر، كانت هناك حاجة لدى الجيش الإسرائيلي لإعادة هيكلة الاستخبارات العسكرية، وأشاد حينها جنرالات الجيش بالهيكل التنظيمي لشركات التقنية الأميركية مثل غوغل، ورأوا أن وحدات الاستخبارات السرية يجب أن تعمل باعتبارها "مجموعة من الشركات الناشئة الصغيرة" (11).
أشهر تلك الوحدات التابعة لجيش الاحتلال كانت الوحدة 8200، التي كانت مخصصة في السابق لاستخبارات الإشارات مثل التنصت على خطوط الهاتف، لتتحول من ذلك الحين إلى مختبر واسع للابتكارات والتقنيات الخاصة بالتجسس والمراقبة الإلكترونية، وهي تستهدف تجنيد الشباب المتحمس للعمل في صناعة التقنية ولديه إمكانيات التجسس والمراقبة واختراق أجهزة الحاسوب المختلفة. يمضي المهندسون والمطورون والمحللون في الجيش الإسرائيلي ما بين ثلاث إلى خمس سنوات في تطوير وإدارة وتوزيع كاميرات التعرف على الوجوه، والطائرات بدون طيار، وبرمجيات التجسس، وقواعد البيانات الحيوية داخل الأراضي المحتلة.
بمجرد خروجهم من الخدمة، كانوا يحرصون على تطبيق ما تعلموه والاستفادة من مهاراتهم في قطاعات التقنية الناشئة داخل إسرائيل. ثم تستفيد دولة الاحتلال من تلك الشركات الناشئة، وتستخدم تلك التقنيات في التجسس أو المراقبة داخل الأراضي الفلسطينية، أو في نقل تلك التقنية للقطاع الخاص والاستفادة منها ببيعها لمَن يرغب في دفع المقابل من حكومات أو أجهزة أمنية لدول أخرى (9).
بعد مرور أكثر من عقدين من الزمن على هجمات 11 سبتمبر/أيلول، أصبحت تقنيات التجسس والمراقبة الإسرائيلية تغزو العالم الآن، وربما أشهر شركات ناشئة إسرائيلية قد نسمع بها هي الشركات التي اشتهرت بتلك التقنيات، والمثال الأشهر هي شركة "إن إس أو غروب"، التي أنتجت برمجية التجسس الشهيرة "بيغاسوس" لاختراق الهواتف الذكية، تلك البرمجية التي تستخدمها مخابرات وأجهزة أمنية لأكبر دول العالم المتقدم ومنها المخابرات الأميركية.
وفقا لتقرير من صحيفة "نيويورك تايمز" (1)، فإن كل أعضاء فريق البحث والتطوير الخاص بالشركة تقريبا خدموا فعلا في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وخدم معظمهم مع وحدة الاستخبارات 8200. كما أن أهم موظفي الشركة تلقوا دورات تدريبية خاصة بالنخبة، منها برنامج سري ومتميز تابع للوحدة 8200 يسمى "آرام" (ARAM)، وهو برنامج لا يقبل سوى حفنة صغيرة من أفضل المجندين، ممن يمتلكون معدلات ذكاء مرتفعة، ويقدم لهم البرنامج تدريبا على أكثر الأساليب تطورا في برمجة الأسلحة السيبرانية.
شركات ناشئة.. للتجسس والمراقبة
تأسست شركة "إن إس أو غروب" عام 2010، على يد صديقَيْ الدراسة شاليف هوليو وأومري لافي، بعدما أنهيا الخدمة العسكرية، وشارك معهما نيف كارمي، الذي كان يعمل سابقا في الموساد الإسرائيلي. عرف حينها هوليو ولافي أهمية تطوير برمجية تجسس يمكنها اختراق الهواتف المحمولة دون أن تكتشفها الضحية. بهذا بدأت الشركة في تطوير برمجية التجسس الشهيرة "بيغاسوس" التي كانت بمنزلة تطور هائل في تقنيات وبرمجيات التجسس، مما منح الشركة قدرات وإمكانيات قد تضاهي قدرات وكالات الاستخبارات الأشهر عالميا.
لاقت برمجية "بيغاسوس" قبولا دوليا وعالميا، لدى حكومات وأجهزة استخبارات عدّة دول، وكان أول استخدام معروف لها في المكسيك منذ عام 2013، الذي نتج عنه إلقاء القبض على أخطر تاجر مخدرات في العالم وهو خواكين جوزمان المعروف باسم "إل تشابو" (1). وكما هي العادة، احتفى العالم بقصة نجاح الشركة الناشئة في إسرائيل، حيث رأى الكثيرون فيها دليلا على القدرات التقنية وبراعة الابتكار لدى دولة الاحتلال، ولكن بالطبع كانت حقيقة تأثير برمجية "بيغاسوس" أكثر تعقيدا على العالم.
بمرور السنوات، بدأ العالم يكتشف حقيقة تأثير البرمجيات الإسرائيلية. وصفت مؤسسة بحثية تُدعى "Forensic Architecture" دور شركة "إن إس أو غروب"، ومثيلاتها من الكيانات القائمة على التجسس الإلكتروني، بأنهم يخلقون "عدوى رقمية"، لا تستهدف الأفراد فحسب، بل شبكات كاملة ممن يتعاملون معهم، خاصة ضمن منظمات المجتمع المدني، وهو ما ظهر فعلا في عدّة دول استخدمت برمجية "بيغاسوس" في اختراق هاتف الشخص المستهدف ثم اختراق شبكة معارفه، مع استهداف أوسع للصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان وغيرهم من الضحايا، لتتحول بعدها إلى أحد أقوى الأسلحة السيبرانية في القرن الحادي والعشرين (12). وبالطبع تستخدم سلطات الاحتلال الإسرائيلية برمجية "بيغاسوس" في التجسس على هواتف محمولة لناشطين فلسطينيين في مجال حقوق الإنسان وغيرهم من المسؤولين الفلسطينيين.
بخلاف "بيغاسوس" الذي يُستخدم لاستهداف أفراد بعينهم، تعتمد الأجهزة العسكرية والأمنية لدولة الاحتلال بالفعل على أنظمة أوسع نطاقا للمراقبة الإلكترونية والرقمية، وربما أشهرها هو نظام "الذئب الأزرق"، الذي يستخدم فيه جنود الاحتلال هواتف خاصة مزودة بالتطبيق، ويقومون بتصوير الفلسطينيين وبطاقات الهوية الشخصية بهدف إنشاء قاعدة بيانات رقمية لمواطني الضفة الغربية المحتلة (13). ومن أشهر الشركات الناشئة التي طورت هذا النظام شركة "AnyVision"، وهي من أشهر الشركات الإسرائيلية التي تزود دولة الاحتلال بالكاميرات وبرمجيات التعرف على الوجوه لفرض الرقابة والفصل العنصري ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. شهرة تلك الشركة وتقنياتها للمراقبة دفع شركة مايكروسوفت لاستثمار نحو 74 مليون دولار فيها خلال عام 2019 (14).
أسطورة "أمة الشركات الناشئة" كتاب "المختبر الفلسطيني" (مواقع التواصل)
يذكر "لوينشتاين" في كتاب "المختبر الفلسطيني" أن حكومة الاحتلال، وشركات الأسلحة الخاصة التابعة لها، تستغل خبراتها في احتلال الشعب الفلسطيني في تحقيق تلك المكاسب المادية الهائلة. مثلا، باعت الحكومة تقنياتها للولايات المتحدة بوصفها حلّا المهاجرين "غير المرغوب فيهم" على الحدود الأميركية المكسيكية، إذ كانت منتجات شركة "أنظمة إلبيط" الإسرائيلية لاعبا رئيسيا في صد المهاجرين ومنعهم على الحدود. كما أرادت الحكومات الأوروبية أيضا مراقبة اللاجئين، لذا لجأت إلى استخدام الطائرات المسيّرة للاستطلاع التي تبيعها شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية لهذه المهمة (15).
مثل تلك المشاريع، وبخلاف الربح المادي الذي تحققه، فإنها تسهم في خدمة السردية الإسرائيلية الأوسع حول "أمة الشركات الناشئة"، وهي سردية تسعى عبرها إسرائيل لرسم صورة حداثية وقانونية لما تفعله، في محاولة لصرف الانتباه عن استخدامات تلك التقنيات الحديثة في احتلال وقمع الشعب الفلسطيني وفقا لريبيكا شتاين، أستاذة الأنثروبولوجيا الثقافية في جامعة "ديوك" (Duke) الأميركية (16). في المقابل، لا أحد يكاد يسمع بنجاحات مدوية للشركات الإسرائيلية خارج فضاءات التجسس والمراقبة، وفي سائر الصناعات المدنية الأخرى، بشكل يقودنا إلى الاستنتاج أن "أمة الشركات" المزعومة إسرائيليا لم تنتج في الحقيقة إلا تقنيات القمع والمراقبة التي دفع ثمنها الشعب الفلسطيني المحتل، ذلك الذي حولته إسرائيل إلى مختبر للتجارب تحت سمع العالم وبصره.
————————————————————————–
المصادر:1) The Battle for the World’s Most Powerful Cyberweapon
2) 6 Reasons Israel Became A Cybersecurity Powerhouse Leading The $82 Billion Industry
3) Start-Up Nation
4) غوغل وأمازون ومايكروسوفت.. كيف تدعم شركات التقنية الكبرى الاحتلال الإسرائيلي؟
5) High-Tech Industry in Israel Goes From Bust to Boom
6) Israel grants Intel $3.2 billion for new $25 billion chip plant
7) An Interview with Saul Singer, Co-Author of the Book ‘Startup Nation’
8) A DAY OF TERROR: THE ISRAELIS; Spilled Blood Is Seen as Bond That Draws 2 Nations Closer
9) The Palestine Laboratory: How Israel Exports the Technology of Occupation Around the World
10) Israeli companies to provide security for 2004 Olympics in Athens
11) The start-up spy state
12) Digital Violence: How the NSO group enables state terror
13) Israel escalates surveillance of Palestinians with facial recognition program in West Bank
14) Why did Microsoft fund an Israeli firm that surveils West Bank Palestinians?
15) "أسلحتنا مجربة في الميدان".. هكذا تستغل إسرائيل المجازر لزيادة مبيعاتها من الأسلحة
16) Rebecca L. Stein, Screen Shots: State Violence on Camera in Israel and Palestine
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحرب على الإرهاب الجیش الإسرائیلی الشعب الفلسطینی شرکات التقنیة دولة الاحتلال دول العالم التی ت
إقرأ أيضاً:
بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام
قال الكاتب الصحفي بلال الدوي، إنّ إسرائيل لم تحترم أي معاهدة أو هدنة، ومصر الوحيدة التي أجبرتها على السلام.
وأضاف الدوي، خلال لقائه على قناة «إكسترا نيوز»، أنّ “إسرائيل لم تعترف بالهدنة في لبنان رغم موافقتها وتوقيعها عليها، ولم تحترم الهدنة، لأن إسرائيل لديها مخطط تريد تنفيذه فى الأراضي اللبنانية”.
وتابع: “إسرائيل لم تنفذ أي هدنة أو أي اتفاق على مدار تاريخها إلا مع مصر وهي اتفاقية كامب ديفيد، لأن مصر دولة قوية وقادرة على صيانة أمنها واستقرارها وسلامة أراضيها، وبالتالي أرغمت إسرائيل على السلام”.
وأوضح أن التهديدات تشير إلى وجود مخطط للشرق الأوسط، حيث يريدون الفوضى الخلاقة كما يقولون.
وتابع: «هذا المخطط نجح في بعض الدول، وفشل في بعض الدول وفي القلب منها مصر، وسبب فشله في مصر لأن هناك عمودا فقريا للدولة المصرية وهي القوات المسلحة المصرية والجيش الوطني العظيم المنتصر، إضافة إلى أنّ مصر لديها مؤسسات وطنية وشرطة ومواطن مصري واعٍ، واحنا بنقول لدينا معركة وعي، وهناك إيجابيات حققتها الدولة المصرية».