اذا فكرت جهة ما في التفاوض بوصفه خيارا لفض النزاع فمن المهم اختيار الوقت المناسب للتفاوض حول المسألة ذات الاهمية القصوى وكل ما اتسع أثر المسألة على قطاع اوسع كلما اصبح التفاوض أكثر عسرا وطريقه وعرا والوقت المناسب عادةً يكون عندما:
1. كلا الطرفين في حالة استعداد للتعاطي الحقيقي العقلاني مع المسألة وليس لكسب الوقت لاستثماره في الاستعداد لجولة قادمة: من الصعب التفاوض عندما يكون أحد الأطراف ليس له سيطرة على الوضع اما بسبب عدم احاطته وقدرته على تنفيذ وعوده او أنه مأمور من جهة أعلى منه لا تمنحه تفويضا حقيقيا للتفاوض.
2. يجب ان يكون للمفاوض قراءة دقيقة للوضع العام والمؤثرات عليه وتحولاته وحساسية المعنيين بقضاياه : يجب أن يكون لديه جميع المعلومات اللازمة لاتخاذ قرار قابل للتنفيذ ومقبول عند كل المتأثرين به.
3. وجود وقت كافٍ للنقاش: التفاوض تحت ضغط الوقت كأن تكون هنالك جهة اخرى تحدد نهاية وقت التفاوض وقد يؤدي إلى قرارات يتعسر الالتزام بها وتنفيذها
4. بيئة مناسبة: التفاوض في بيئة مؤاتية ومحايدة يمكن أن يساعد في تسهيل الحوار.
5.**
مساندة من الذين يمثلهم المفاوض وكذلك حفظ المقامات في التفاوض فلا يجب ان تتخلى عن مركزك التفاوضي للتساوي مع مفاوض لا يساويك وكذلك فتشكيل الوفود بشكل متوازن وحفظ المقامات والالقاب ليس مسألة شكلية في التفاوض.
6.**لايكون الوقت مناسبا للتفاوض حتى تكون في افضل اوقاتك ويكون الطرف الآخر في في الكفة المرجوحة من الميزان . وإن لم يكن الوضع كذلك فهو ليس الوقت المناسب للتفاوض.
الوقت غير المناسب للتفاوض يكون عندماتكون:
1. الأطراف ليست في حالة ذهنية استعداد مناسبة للاتفاق : مثل اشتداد حدة النزاع على الارض والضغوط، وعدم رضى الذين يهمهم الامر بالتفاوض او بمساره العام.
2. عدم القراءة الصحيحة للواقع على الارض : فالتفاوض بدون فهم كامل للموقف قد يؤدي إلى نتائج سيئة.
3. ضغوط خارجية: مثل الوقت المحدود أو التدخلات الخارجية او عدم نزاهة الوسيط يمكن أن تؤثر على قدرتك على التفاوض بفعالية.
4. بيئة غير مناسبة: مثل المكان غير المناسب وغير المحايد قد تعيق القدرة على التوصل الى نتائج حقيقية ومنصفة.
اختيار الوقت المناسب هو المفتاح لمفاوضات جادة وحقيقية وقادرة على اجتراح الحلول.
فهل يظن احد من الناس ان التفاوض هو خيار عقلاني في اللحظة الراهنة مع طرف لا يملك قراره ووسيط غير نزيه وبيئة غير مؤاتية ورأي عام متشكك ورافض للتفاوض وعجز احد الطرفين في السيطرة على منسوبيه الاوباش…لئن كانت اللاءات في الماضي هي لا للاستسلام والتفاوض والصلح مع اسرائيل فهي ذات اللاءات مع وكلائها وعملائها…أتركوها فأنها مباعة ومشتراة.
د. أمين حسن عمر
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الوقت المناسب
إقرأ أيضاً:
لبنان: خلاف الأولويات
كتب الدكتور ناصيف حتي في" النهار": دخل الشغور الرئاسي عامه الثالث في لبنان. هذا الأمر لم يعد غريبا في السياسة اللبنانية. يحصل ذلك في وقت يبدو لبنان في أمسّ الحاجة إلى انتظام السلطات والانتهاء من الفراغ المستمر والمدمر.
وتتحكم في السياسة عندنا، إلى درجة كبيرة، قدرية سياسية، قوامها أنه في الازمات الكبرى والمستعصية كما يبدو على حل "صنع في لبنان"، يأتي الحل من تفاهم الخارج. حل يرتبط بتوازنات تنتج من تفاهمات يتم التوصل إليها عند حلول لحظة التعب أو انسداد الأفق المكلف للجميع من اللاعبين الخارجيين. فيذهبون بحلول تلك اللحظة نحو التسوية لإعادة تفعيل السلطة وملء الفراغ الرئاسي متى كان قائما.
ينعكس ذلك الاتفاق الخارجي بين أصدقاء وحلفاء للأطراف المتصارعة أو المختلفة في لبنان، على الخطوات الدستورية المعروفة من الأطراف الداخلية، بعد ظهور "الضوء الأخضر"، مثل انتخاب الرئيس وتأليف حكومة وفاق وطني .
هنالك جدل وخلاف مباشر أو غير مباشر، لكنه غير مخفي، بين من يدعو من جهة إلى الإسراع في الانتخاب- والإسراع لا يعني التسرع لكنه لا يعني أيضا الهروب إلى الأمام- ومن يدعو من جهة أخرى إلى انتظار حصول وقف النار، للذهاب نحو ملء الفراغ المدمر. ويرى بعض المراقبين أن ذلك مردّه إلى لعبة توازن القوى في اللحظة المطلوبة للانتخاب. توازن قد يراه أو يراهن على رؤيته كل طرف باعتبار أنه ربما يكون لمصلحته في "الموعد المختار" لملء الفراغ بسبب التوازنات الخارجية والداخلية الحاكمة في تلك اللحظة .
المطلوب ليس الصراع حول ما يأتي أولا أو تحديدا حول ترتيب الأولويات، وإحداث تناقض مصطنع بينها، بل الاقتناع بأن المطلوب وطنيا وفي سبيل إنقاذ لبنان من الانهيار الكلي هو التوافق الفعلي، لا الشكلي، على ما يأتي: المضي في المسارين توازيا، مسار الانتخاب ومسار العمل الديبلوماسي الخارجي للتوصل إلى وقف النار كليا ووقف العدوان الإسرائيلي على لبنان. فانتظام السلطة في هذه المرحلة الخطِرة والدقيقة، أمر أكثر من ضروري. وللتذكير، فإن
المناكفة السياسية التقليدية أمام هذا الاستحقاق لا يمكن أن تخضع هذه المرة، أيا كانت العناوين التي تُرفع هنا وهناك، لمنطق تقاسم قالب حلوى السلطة بمنافعها السياسية وغيرها.
المطلوب اليوم انتخاب رئيس توافقي يطمئن الجميع. رئيس لا يمكن أن يكون طرفا ما دام عليه قيادة "سفينة" الإنقاذ الوطني مع "حكومة مهمة" يُفترض تأليفها في البداية للمضي في مواجهة التحديات المختلفة والمترابطة في الداخل من جهة، والانطلاق من جهة أخرى في تحرك خارجي مبادر وناشط للإسهام في معالجة التحديات الخارجية التي لها تداعيات كبيرة على لبنان. فالانتظار يعني عمليا مزيدا من الانهيار..