طوفان الأقصى.. وفكرة من يموت ومن يحيا؟
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
يتفق الجميع باستثناء محدود، على أن "المقاومة الإسلامية" في غزة قامت بمعركة "طوفان الأقصى"، لا تريد شيئا من الدنيا، ولا تهدف إلى شيء في الدنيا، ولا تعنيها الدنيا ولا كل الدنيا إلا بالقدر الذي تقدره حالتها هذه، في ساعتهم هذه، في الدنيا..
والأهم من كل أهم أن هذا الجانب تحديدا سيكون أحد أهم الجوانب في تلك "المعركة الفاصلة".
وهو المزيج الذي يحيا به الإنسان المسلم وجوده الحق "المادي والروحي" والذي يؤكده لنفسه وللحياة في صلاته بماء الوضوء للصلاة (المادي) وبالتكبيرة الأولى في الصلاة (الروحي).. كما قال لنا الغائب موتا، والحاضر روحا وقبسا وفهما وحقيقة في هذه الأيام بالذات أوسع حضور: علي عزت بيجوفيتش رحمه الله (ت: 2003م).
* * *
لماذا في هذه الأيام بالذات؟
لأنه سيذكرنا دائما بالصراع العميق بين الشرق والغرب، والذي سيدور على "عقل وروح وحياة" الإنسان، ذاك الصراع الوجودي العابر للزمان والتاريخ، الصراع الذي يتعلق بفكرة "الخير والشر" في أعمق أعماقه.. الصراع الذي وُجد في كامل التاريخ الإنساني، وسيدوم إلى آخر الزمان، وسيكون للتاريخ الحق في القول الفصل، من يمثل الخير ومن يمثل الشر..؟
لكننا نعلم جميعا بدرجة أو بأخرى، أن الغرب حين تحرر من السيطرة الرهيبة للكنيسة والبابا، وبدأ لحظة الوعي الأول بنفسه، وغرق في مستنقعات "التمرد" على معنى وجوده ومعنى موته، قرر أن يخطف الإنسان من "روحه".. وذهب في ذلك إلى أبعد حد.. كما حكى لنا الأديب الفرنسي البير كامي (1960م) في كتابه المعروف "المتمرد"..
ومما زاد وأفاض في تفسيره وتفصيله وتأصيله لنا، د. عبد الوهاب المسيري، في كل ما كتبه رحمه الله عن "الإنسان".. وإنقاذ الإنسان، وخلاص الإنسان.. وما ذهب به أخيرا إلى إسلام الإنسان..
* * *
الحاصل أن الغرب حين سار في هذا المسار العبثي، اصطدم في طريقه بالشرق المسلم، الذي كان قد ذاق وفهم "الحقيقة" من زمن بعيد، بل وعاشها وعاشت فيه، ومات بها وعليها، بكل نور وسلام ويقين وفرح.. رغم كل الانكسارات والغيابات التي كانت ولا زالت، إلا أن "الحقيقة" هنا لم تنطفئ شعلتها أبدا، ظلت ولا زالت، ولن يغيب أبدا عنها قائم لله بحجة، فيها ولها.
ومن يومها وإلى ما لا يعلم وقته وزمنه إلا الله.. كان وسيكون صراع الشرق والغرب، والذي تمثله الآن معركة "طوفان الأقصى" في كل تفاصيلها، الظاهر منها والخفي، والذي هو أكثر كثيرا مما يظهر ويُعرف ويُعلن ويُقال.
وشاءت إرادة الله أن تكون تلك المعركة مليئة في كل دقائقها بما "يمحو" كل ما كان قبلها، والأعظم لم يأت بعد.
وواضح تماما من اسمها الذي عرفت به (طوفان الأقصى) أنها بالفعل تمثل الساعة التي عرفها البشر من قبل، في (طوفان نوح) عليه السلام.. في جزء وافٍ منها يشير إلى طبيعتها وامتدادها، جزء أوفى يشير إلى روحها وانطلاقها (الأقصى) ليمنحها أسمى وأكمل تعبيراتها.
* * *
ومراجعة سريعة وقصيرة لكل ما كان بين سيدنا نوح وقومه من مواقف وأحوال وتحديدا من بداية السخرية من المؤمنين، وهم يصنعون السفينة، وانتهاء بلحظة استواء السفينة على جبل الجودي.. مرورا بكل المحطات التي صاحبت هذه المواقف وهذه الأحوال، والتي تتشابه بدرجة مدهشة مع كل الأطراف المتصلة بأجواء "طوفان الأقصى"..
وليس أدل على ذلك مثلا، من تلك "السخرية" التي انهالت من "الصهاينة العرب" تجاه ما قام به المقاومون يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والذي تصوروه مستحيلا، ومفصولا عن الواقع المجرد.
لكن صاحب السفينة ومن معه كانوا على "اليقين" بأن ما يفعلونه يتصل بالواقع في صميمه، وفى توقيته المناسب تماما، الذي يتكون في الغيب، والذي سرعان ما سيصبح حاضرا مشهودا، حين يأتي "الطوفان" ليتم التأريخ للبشرية بعدها، بما قبل "الطوفان" وما بعد "الطوفان".
* * *
وسيكون للعالم تاريخ جديد، يُعرف بما قبل طوفان الأقصى وما بعد طوفان الأقصى.. وكانت أمريكا "كاهن المعبد الغربي" على كل الحق، حين قالت على لسان رئيسها أننا نعيش "لحظة فارقة في التاريخ"، وهو قول يغني عن أي قول.
* * *
لكن ما معنى "الذهن الصافي"؟ الذي دخلت به "حماس" الحرب، كما قال نائب رئيس الأركان الأسبق "يائير جولان" في حوار نشرته له جريدة "معاريف" يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر: لقد دخلت حماس هذا الصراع بذهن صاف.. نعم "ذهن صاف"..!!
twitter.com/helhamamy
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة غزة غزة الاحتلال المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
ندوة في ثقافي أبو رمانة عن الأدب المقاوم بعد عملية طوفان الأقصى
دمشق-سانا
أقام المركز الثقافي العربي في أبو رمانة ندوةً عن الأدب المقاوم بعد عملية طوفان الأقصى شارك فيها الدكتور الناقد ثائر عودة، والأديب سامر خالد منصور، سلطت الضوء على موقف الشعب الفلسطيني وحقه، وموقف الشعب السوري الثابت من الحق الفلسطيني في المقاومة والتحرير والعودة.
وتم خلال الندوة قراءة ستة نصوص وقصص قصيرة لكوكبة من كتاب فلسطين معظمهم من فئة الشباب، هي “حلاق الحرب لعلي أبو ياسين، ولادة أيلول لأكرم الصوراني، طريق المدرسة لخالد جمعة، غزة تشتاق ملامحها لشُجاع الصفدي، الاستسلام لآلاء القطراوي، السادسة وعشرُ دقائق لمريم غوش، قرأتها الكاتبتان الشابتان نور الله صالح ورؤى نمورة، والكاتب الشاب محمد نور كيشي”.
وفي تصريح خاص لـ سانا أكد الدكتور عودة أننا نشهد اليوم نماذج مختلفة ومتطورة ليس فقط على صعيد إنجازات طوفان الأقصى الميدانية بل وعلى صعيد الأدب المقاوم الذي يُكتب في غزة.
وأشار إلى عدم حاجة الكاتب الفلسطيني الموجود تحت العدوان إلى الخيال لأنه يعيش واقعاً كالخيال، ويكفيه أن يسرد ما يجري جراء العدوان الوحشي والهمجي ليُقدِّم نصوصاً غير مألوفة وغير مطروقة.
كما لفت الدكتور عودة إلى أن من لا يعرف ما يجري في غزة قد يحسب هذه النصوص تنتمي إلى ما يُسمى بالواقعية السحرية، ومن يُدرك ما يتعرض له الشعب الفلسطيني يعرف أن هذه نصوص واقعية تُوثّق بطريقة أو بأخرى واقعاً عجائبيَّاً من الصمود والتمسك بالأرض والأمل برغم كل العدوان الحاصل.
بدوره تحدث الأديب سامر منصور عن رؤيته وتجربته في الكتابة للأدب المقاوم، مبيناً أن النصوص الأفضل عبر العصور التي تناولت حقبةً ما من الحروب هي تلك التي مزجت بين الخاص والعام والحالات الإنسانية والصراعات كرواية البؤساء.
ثم قدّم الأديب منصور نموذجين من كتاباته القصصية في مجال الأدب المقاوم.
وفي الختام فُتح باب المداخلات والتعليقات للحضور من كتاب وإعلاميين ومهتمين.
محمد خالد الخضر