باحث إسرائيلي ينتقد محاولات استعداء قطر في تل أبيب: لن نستطيع تحمل التداعيات
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
حذر باحث إسرائيلي بارز حكومة بلاده والحكومة الأمريكية من مغبة محاولة استعداء قطر أو التصعيد ضدها، بسبب ما تعتبره تل أبيب دعما من الدوحة لحركة "حماس"، مشيرا إلى أن القوة الناعمة الضخمة التي توفرها الدولة الخليجية في مفاوضات تبادل الأسرى لا غنى عنها، بالإضافة إلى دورها المنتظر في مستقبل غزة على المدى الطويل.
ويرى الباحث يوئيل جوزانسكي، من معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، في مقال نشره موقع "فورين أفيرز"، أنه ينبغي على واشنطن وإسرائيل أن تتصرفا بحذر بينما تعتمدان على قطر للحصول على المساعدة مع "حماس"، حيث لا يستطيع أي منهما تحمل استعداء الدولة الخليجية.
((1))
أهمية قطر للولايات المتحدةوأضاف: تُعتبر قطر حليفاً قيماً للولايات المتحدة في منطقة ذات أهمية جيوسياسية؛ فهي تستضيف الآلاف من القوات الأمريكية، بما في ذلك المقر الأمامي للقيادة المركزية الأمريكية، وهي موطن أكبر قاعدة جوية أمريكية خارج الولايات المتحدة، والمعروفة باسم العديد.
وفي يناير/كانون الثاني 2022، أصبح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أول زعيم خليجي يلتقي بالرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أشاد بصفقة قطر بقيمة 20 مليار دولار مع شركة "بوينج" - وهي واحدة من أكبر الصفقات في تاريخ الشركة - ثم أعلن قطر "حليفًا رئيسيًا من خارج الناتو".
علاوة على ذلك، تمتلك قطر أكثر من 26 مليار دولار من المبيعات العسكرية الأجنبية النشطة للولايات المتحدة، مما يجعلها ثالث أكبر مشتر للمعدات العسكرية الأمريكية من الولايات المتحدة.
وفي الأسابيع الأخيرة، توصلت واشنطن إلى اتفاق مع الدوحة لتوسيع وجودها في قاعدة العديد، مما يسلط الضوء على اعتماد الولايات المتحدة العسكري على الإمارة.
((2))
قطر وجهود الوساطةويشير الكاتب إلى أن قطر ناورت بنجاح في عدة ملفات واستخدمت نفوذها الإقليمي ونفوذها الدبلوماسي لكسب ثقة واشنطن من خلال التوسط بين القوى الأمريكية الأخرى بما في ذلك إيران وفنزويلا، وأصبحت تدريجياً أحد أقرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.
ويضيف أن قطر نجحت في ترسيخ مكانتها كوسيط ثقيل الوزن في النزاعات، وهو الدور الذي جعلها حليفاً قيماً لمجموعة غير متوقعة من الدول.
وتوسطت الدوحة في المفاوضات بين الولايات المتحدة وطالبان. رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية؛ والجيش السوداني ومجموعة الدعم السريع، من بين آخرين.
وعلى الرغم من أن جهود الوساطة القطرية لم تنجح دائمًا، إلا أنها ساعدت الدولة الخليجية على الفوز بالمكانة الدولية الضرورية لبقائها بين جيرانها الأكبر والأقوى، المملكة العربية السعودية وإيران.
((3))
اتهامات دعم "حماس"ويستعرض الكاتب اتهامات إسرائيلية لقطر بالتورط في هجوم "حماس" على مستوطنات غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بسبب المزاعم في تل أبيب حول دعم الدوحة لـ"حماس" بشكل مباشر، واستضافة قيادة الحركة في العاصمة القطرية، رغم أن تلك الاستضافة جاءت بطلب أمريكي.
ويعتبر جوزانسكي أن علاقة قطر المشحونة مع حماس تمنحها أيضًا قدرة فريدة على التأثير على قادة الجماعة وإحضارهم إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى صفقة رهائن جديدة.
ولا تزال الولايات المتحدة وإسرائيل بحاجة إلى الاعتماد على الدوحة لاستخدام نفوذها لدى "حماس" لتحقيق بعض المكاسب الأساسية - حتى لو اضطرت قطر في نهاية المطاف إلى قطع علاقاتها مع المنظمة، يقول الكاتب.
((4))
وسيط حصريوقد تمكنت قطر من وضع نفسها كوسيط حصري بين إسرائيل و"حماس" في وقت كانت فيه دول أخرى في المنطقة تنأى بنفسها عن القضية الفلسطينية حيث بدت آفاقها السياسية باهتة.
وحتى مصر، التي عملت حتى سنوات قليلة مضت على مواجهة النفوذ الإقليمي لقطر، قامت منذ ذلك الحين بإصلاح العلاقات مع الدوحة وقبلت احتكار قطر الدبلوماسي لغزة.
ولم تمنع اتصالات الدوحة مع "حماس" الدولة الخليجية من إدارة علاقة إيجابية مع إسرائيل، كما يقول الكاتب، مكنتها من الحفاظ على خطوط اتصال مع تل أبيب أسهمت في وضع حد لجولات من الصراع بين "حماس" والاحتلال في غزة.
ويرى جوزانسكي أن هذا الخط الحساس بين الدوحة وتل أبيب استمر حتى بعد هجوم "حماس" الكبير في 7 أكتوبر، فحتى عندما انتقد الأمير تميم، إسرائيل بسبب عدد القتلى المدنيين في حربها في غزة، عمل المسؤولون القطريون بشكل وثيق مع وكالة المخابرات المركزية والموساد الإسرائيلي للتفاوض على إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى "حماس".
وقد استضافت إسرائيل وفودا استخباراتية قطرية لإجراء مناقشات مماثلة.
((5))
معضلة إسرائيلويقول الكاتب إنه مع تعهد إسرائيل بالقضاء على حماس، فإنها تواجه الآن معضلة بشأن الدوحة. ولا تستطيع إسرائيل أن تسمح لقطر بمواصلة دعم المجموعة، لكن علاقات قطر مع حماس جعلت منها ركيزة لا غنى عنها في أي مفاوضات مستقبلية، وخاصة فيما يتعلق بالإفراج عن الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة.
المصدر | يوئيل جوزانسكي / فورين أفيرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: وساطة قطر غزة حماس طوفان الاقصى تبادل أسرى الولایات المتحدة الدولة الخلیجیة تل أبیب
إقرأ أيضاً:
غضب في تل أبيب : مصر تجاهلت دعوة سفير إسرائيل لحفل استقبال الدبلوماسيين الجدد
القاهرة - هشام المياني - في الوقت الذي تحدَّثت فيه تقارير صحافية إسرائيلية عن حالة غضب تجاه القاهرة بسبب تجاهل الرئاسة المصرية دعوة السفير الإسرائيلي الجديد لحفل استقبال واعتماد السفراء الجدد بمصر، فإن مصادر مصرية مطلعة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «سفير إسرائيل ليس موجوداً في مصر، ولم يحصل على الموافقة الرسمية من القاهرة على قبول ترشيحه حتى الآن».
وكانت الرئاسة المصرية قد أقامت في 24 مارس (آذار) الحالي حفل استقبال تسلَّم خلاله الرئيس عبد الفتاح السيسي أوراق اعتماد 23 سفيراً جديداً لدى مصر، لم يكن من بينهم سفير إسرائيل.
وصرح المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، بأن الرئيس السيسي رحَّب بالسفراء الجدد، معرباً عن خالص تمنياته لهم بالتوفيق في أداء مهامهم، مؤكداً حرص مصر على تعزيز العلاقات الثنائية مع دولهم في مختلف المجالات، وأهمية استمرار التواصل والتنسيق والتشاور إزاء مختلف الموضوعات والقضايا الإقليمية والدولية التي تحظى باهتمام مشترك.
وكشفت مصادر مصرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «تل أبيب سحبت سفيرتها السابقة، أميرة أورون، من القاهرة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد أيام من هجوم (حماس)، كما سحبت جميع القيادات الدبلوماسية والأمنية المهمة، وأبقت فقط على موظفين في درجات عادية لتسيير الأعمال بسفارتها في مصر».
وأوضحت المصادر أنه منذ هذا التوقيت لم تَعُد السفيرة الإسرائيلية لمصر حتى انتهت مهامها في آخر أسبوع من أغسطس (آب) 2024، ورشحت تل أبيب بعدها أوري روتمان سفيراً جديداً لها لدى مصر، وأرسلت خطاب ترشيحه للخارجية المصرية.
وأشارت المصادر إلى أنه «حتى الآن لم ترد القاهرة على خطاب الترشيح الإسرائيلي، ولم تمنح الموافقة على السفير الجديد، ويبدو الأمر مرتبطاً بالتوتر في العلاقات بين البلدين بسبب الخلافات حول الحرب في غزة».
المصادر نفسها أشارت إلى أن «القاهرة طلبت منذ أشهر من سفيرها في تل أبيب خالد عزمي الحضور لمصر، ولم يَعُد لإسرائيل بعد، في حين أن مدة تعيينه في المنصب لم تنتهِ بعد، وفي الوقت نفسه لم تعلن القاهرة سحبه بشكل رسمي».
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية قد نشرت في تقرير حديث أن الحكومة المصرية لم توجه الدعوة للسفير الإسرائيلي الجديد أوري روتمان لحضور حفل استقبال السفراء في القاهرة الأسبوع الماضي.
وأوضحت الصحيفة أن هذا الإجراء يأتي في إطار التوترات الحالية بين البلدين، مشيرة إلى أن مصر لم تمنح بعد الموافقة الرسمية على تعيين روتمان، رغم تقديم إسرائيل الطلب في أبريل (نيسان) الماضي.
وأفادت الصحيفة بأن التأخير المصري في منح الموافقة للسفير الجديد يعكس تذمر القاهرة من السياسات الإسرائيلية الحالية، خصوصاً فيما يتعلَّق باستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وإصرار تل أبيب على خطة تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مشيرة إلى أن سفير مصر يتغيب عن تل أبيب في إجازة طويلة بالقاهرة، ضمن خطوات مصر الاحتجاجية ضد السياسات الإسرائيلية.
ويرى عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس منطقياً أن تمنح القاهرة موافقة على ترشيح سفير جديد لإسرائيل لدى مصر، وتتم دعوته لحفل اعتماد السفراء، ويظهر مع الرئيس المصري، في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بكل هذه الخروقات للقانون الدولي والإنساني، وتواصل حربها المستعرة ضد الفلسطينيين، وكذلك تحتل محور فيلادلفيا بالمخالفة لاتفاقية السلام مع مصر، وتغلق المعابر، وتمنع المساعدات من مصر إلى غزة».
وشدد على أن «إسرائيل تُغلق كل أبواب السلام، وتهدد مبادئ حسن الجوار مع مصر، ومن ثم لا يمكن أن تتعامل القاهرة بشكل طبيعي معها وتقبل أوراق سفيرها الجديد وكأن شيئاً لم يكن، وفي ظل عدم موافقة مصر على أوراق ترشيح السفير الإسرائيلي الجديد فلا يمكنه الحضور للقاهرة».
ولم تشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل توتراً كما الحادث تلك الفترة منذ بدء الحرب الحالية في غزة، خصوصاً بعدما أخلَّت إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس» الذي تم التوصل له بوساطة رئيسية من مصر؛ حيث استأنفت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف غزة، ولم تُنفذ تعهداتها بالانسحاب من محور فيلادلفيا والمعابر الفلسطينية.
وسيطرت القوات الإسرائيلية على طول حدود غزة مع مصر، بما فيها محور فيلادلفيا، وكذلك معبر رفح، في مايو (أيار) 2024، واتهمت مصر بأنها «لم تقم بما يكفي لمنع وصول السلاح عبر الأنفاق على حدودها إلى قطاع غزة»، وهو ما نفته القاهرة.
ويُعدّ محور فيلادلفيا منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية، كما يمثل ممراً ثلاثي الاتجاهات بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة، يمتد على مسافة 14 كيلومتراً. وجغرافياً، يمتد هذا الشريط الحدودي من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً.
وبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، فإن محور فيلادلفيا هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف بخطة «فك الارتباط».
ووفق بنود اتفاق وقف إطلاق النار مع «حماس» الذي نقضته إسرائيل، كان من المفترض أن تبدأ الانسحاب من محور فيلادلفيا في اليوم الأخير من المرحلة الأولى للاتفاق؛ أي اليوم الأول من مارس 2025، على أن تستكمل الانسحاب خلال 8 أيام، ولكنها لم تفعل، واستأنفت القصف على غزة، كما أعلنت عن تشكيل إدارة وصفتها بأنها لتسهيل «المغادرة الطوعية» لأهل غزة، وهو ما رفضته القاهرة وعبَّرت عن إدانته رسمياً؛ حيث تصر مصر على استمرار الفلسطينيين في أرضهم، وقدمت خطة لإعادة إعمار غزة، وتحقيق حل الدولتين، وتمت الموافقة عليها في قمة عربية طارئة قبل 3 أسابيع.
وقال سفير مصر السابق لدى الأمم المتحدة، معتز أحمدين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا يمكن فصل عدم موافقة مصر على أوراق ترشيح سفير إسرائيل الجديد عن التوتر والخلافات بين البلدين حول حرب غزة، والخروقات الإسرائيلية على الحدود مع مصر».
ولفت إلى أنه «بروتوكولياً لا يوجد وقت معين ملزم للدولة بأن توافق على أوراق ترشيح سفير دولة أخرى، وهذه مسألة متروكة لحرية كل دولة، ومن ثم فلا يمكن لإسرائيل أن تلوم مصر على شيء»، منوهاً في الوقت نفسه بأنه «لا يحضر السفير للبلد المرشح له إلا بعد إبلاغ بلده بالموافقة عليه رسمياً من البلد المستضيف، وإذا حضر يكون حضوره غير رسمي، ولا يمكنه التعامل بالصفة الرسمية للسفير إلا بعد الموافقة».
وأشار إلى أن «تقديم أوراق الاعتماد أمام رئيس الدولة يكون بأسبقية الموافقة، أي أن مَن تتم الموافقة على ترشيحه أولاً يأخذ دوراً متقدماً وهكذا، ومن حق الدولة أيضاً أن تُقيم حفل اعتماد أوراق أمام الرئيس لعدد من السفراء الذين وافقت عليهم بأسبقية أدوارهم، وتؤخر بعض من وافقت عليهم لحفل آخر؛ حيث إن الدولة تُقيم مراسم اعتماد السفراء الجدد كل 3 أو 4 أشهر».
Your browser does not support the video tag.