وزير الأوقاف خلال لقائه بالواعظات: أخطر أنواع الاستعلاء أن يكون بالعلم والعبادة
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
عقد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أول اجتماع بالواعظات في عام 2024م بالقاعة الرئيسية الكبرى بمسجد النور بالعباسية، بحضور الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وقيادات وزارة الأوقاف والواعظات على مستوى الجمهورية والمكرمين من الحاصلين على جائزة التميز الوظيفي لعام 2023م.
وزير الأوقاف يهنئ البابا تواضروس الثاني والكنائس المصرية بالعام الميلادي الجديد وزير الأوقاف: حق الطفل ووالديه يوجبان تنظيم النسلفي كلمته رحب وزير الأوقاف بالحضور، سائلًا الله (عز وجل) أن يجعل هذا العام عام خير وبركة وسعة على مصرنا وبلاد العالمين، معلنا إطلاق عام 2024م عامًا للواعظات لتسليط الضوء على عملهن الجاد في مجال الدعوة، وللتوسع في هذا العمل، ولمزيد من برامج الإعداد والتأهيل، مشيرًا إلى أنه تم بالفعل في نهاية العام الماضي إطلاق دورة رائدات فكر، ويجري الآن الإعداد للدورة الثانية خلال فبراير المقبل بإذن الله تعالى، بالإضافة إلى تنفيذ دورة المهارات الإعلامية لهن بالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام، كما أطلقنا عام 2024 عامًا للغة العربية.
أكد وزير الأوقاف أن حديثه يدور بين أمرين: الأول بين وسائل الدعوة سواء للأئمة أم للواعظات أو بعبارة أدق فقه الدعوة، والجزء الآخر عن أهمية اللغة العربية في حياتنا وفي ضبط الحديث والخطاب الديني، مؤكدًا أن الفارق بين العلماء وغير العلماء هو الضيق والسعة، فالعلماء يوسعون على الناس ويدركون أن الأصل في الأمور هو الحِّل وليس الحرمة، وأن الأصل في الناس الخير وليس الشر، ويتعاملون مع الناس بحسن الظن لا بسوء الظن، والجهلاء يتسرعون في التكفير والتبديع والتفسيق وإخراج الناس من الإسلام، وربما يتجاوزون ذلك إلى الحكم على الناس في شأن أخراهم.
وأخطر ما في الأمر مداخلة الشيطان، فكثيرًا مما أضر بالجماعات المتطرفة التمييز والإقصاء والاستشعار أنهم أفضل من غيرهم، وأخطر وأعلى أنواع الاستعلاء والكبر وأخطرها على النفس الاستعلاء بالعلم والعبادة، فالعلماء والدعاة أحوج الناس إلى لطف الله (عز وجل)؛ لأن العاصي يستشعر بعصيانه الندم والتقصير، وقد يوكل العلماء والدعاة إلى أنفسهم، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "كان رجلانِ في بني إسرائيلَ مُتآخِينِ، فكان أحدُهما يذنب، والآخرُ مجتهدٌ في العبادة، فكان لا يزال المجتهدُ يرى الآخرَ على الذنبِ فيقول: أَقصِرْ فوجده يومًا على ذنبٍ فقال له: أقصِر، فقال: خلِّني وربي أبعثتَ عليَّ رقيبًا؟ فقال: واللهِ ! لا يغفر اللهُ لك - أو لا يدخلُك اللهُ الجنةَ! - فقبضت أرواحَهما، فاجتمعا عند ربِّ العالمين، فقال لهذا المجتهدِ: أكنتَ بي عالما، أو كنتَ على ما في يدي قادرًا؟ وقال للمذنب: اذهبْ فادخلِ الجنةَ برحمتي، وقال للآخرِ: اذهبوا به إلى النارِ"، فدائمًا يجب أن ندرك مدى حاجتنا الشديدة إلى التذلل والتضرع والانكسار بين يدي الله (عز وجل)، وإلى الاحتراز من مداخلة الشيطان، وقد سئل أحدهم ما السيئة التي لا تنفع معها حسنة فقال: الكبر، مؤكدًا على ضرورة أن ننظر إلى الناس بعين الرحمة، فلا ننظر إلى العاصي أو المذنب بعين اللوم وإنما ننظر إليه بعين الرحمة فهو المريض الذي يحتاج إلى العلاج.
كما أكد جمعة أن رسولنا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) كان نعم القدوة لأمته وللإنسانية جمعاء، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا"، فعن معاوية بن الحكم السلمي (رضي الله عنه) : بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ الله , فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُلْتُ : وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ ؛ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي ، لَكِنِّي سَكَتُّ ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي ؛ مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ؛ فوالله : مَا كَهَرَنِي ، وَلَا ضَرَبَنِي ، وَلَا شَتَمَنِي ، قَالَ : إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ".
وظيفة الدعاة التيسير على الناس ورفع الحرج عنهمأوضح أن وظيفة الدعاة التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ الله هَلَكْتُ. قَالَ : "مَا لَكَ؟" قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ ، فَقَالَ رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟" قَالَ : لاَ، قَالَ : "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لاَ، فَقَالَ: "فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لاَ، قَالَ : فَمَكَثَ النَّبِيُّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ – وَالعَرَقُ المِكْتَلُ – قَالَ : "أَيْنَ السَّائِلُ؟" فَقَالَ : أَنَا ، قَالَ : "خُذْهَا ، فَتَصَدَّقْ بِهِ" ، فَقَالَ الرَّجُلُ : أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ الله؟ فَوَ الله مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا – يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ – أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ".
كما أن على الدعاة أن يتواضعوا فهذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لأحد أصحابه: "هَوِّن عليك ، فإني لستُ بملِكٍ ، إنما أنا ابنُ امرأةٍ من قريش كانت تأكل القَديدَ"، مؤكدًا على ضرورة معاملة الناس باللطف واللين، فعَنْ أَنَسٍ (رضي الله عنه) قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ الله أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، قَالَ : وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ ، فَصَلَّى مَعَ رَسُولِ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: يَا رَسُولَ الله ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا ، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ الله ، قَالَ: "هَلْ حَضَرْتَ الصَّلَاةَ مَعَنَا؟" قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : "قَدْ غُفِرَ لَكَ"، فهذا تعامل سيدنا النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أصحابه ومع الناس ومع الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.
وأكد وزير الأوقاف أن القرآن الكريم معطاء إلى يوم القيامة يأخذ منه الأمي ربما أكثر مما يأخذ منه المتعلم ربما لا يدرك الأمي تفسير الآيات ولكنه يكون أكثر تشبعًا روحيًّا وتفاعلا مع الآيات، وهذا ما شاهدناه من خلال إقبال الناس على مقارئ القرآن الكريم للجمهور وعلى برنامج صحح قراءتك.
وقد قالوا حال رجل في ألف أو حال امرأة في ألف خير من كلام ألف لرجل أو امرأة، فنأخذ الناس بالرحمة ونستمع إليهم ولا نهون منهم ولا نحقر من شأنهم ولا نصعب حياتهم عليهم ولنفتح لهم باب الأمل في الله فإن الأمر كله لله (عز وجل).
وعن اللغة العربية أكد وزير الأوقاف على أهمية التمكن من اللغة العربية في الأداء والفهم، وقد قالوا إن فهم الكتاب والسنة، موضحًا أن فهم الكتاب والسنة أمر واجب ولا يمكن أن يتم فهم الكتاب والسنة فهما صحيحا إلا بالتمكن من لغة القرآن الكريم وهو ما اشترطه أهل العلم في المفتي والمفسر والمجتهد، وقديمًا كان إذا لحن أحد الناس كانت سبة عليه يقال لحن فلان وكأنه ارتكب جرمًا كبيرًا، ولما مر سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على قوم يتعلمون الرمي ولامهم على سوء رميهم، فقالوا خطأ: إنا قوم متعلمين، والصواب أن يقولوا: إنا قوم متعلمون، فقال: والله لخطؤكم في لسانكم أشد عليَّ من خطئكم في رميكم، وكتب إليه سيدنا أبو موسى الأشعري كتابًا وجد فيه خطأ لغويا فقال له قنع كاتبك سوطًا واعزله من عمله.
مؤكداً أن كثرة التعلم وقراءة القرآن الكريم يحسن من اللغة العربية، وكان هارون الرشيد يقول لمعلم أبنائه: أقرئهم القرآن تعزب ألسنتهم، وكذلك حفظ متون الشعر والنثر من الكتب المضبوطة، كما أكد على تكثيف برامج التدريب في اللغة العربية، فالوزارة بصدد تنفيذ خطة تدريبية مكونة من مائة دورة في اللغة العربية منها عشرين دورة بدأت في يناير الجاري بالفعل، وستكون هناك دورات متخصصة في فن الإلقاء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزير الأوقاف مختار جمعة مسجد النور بالعباسية وزارة الأوقاف المهارات الإعلامية صلى الله علیه وسلم اللغة العربیة القرآن الکریم ى الله ع ل ی ه وزیر الأوقاف رضی الله عنه على الناس ی ا ر س ول عز وجل
إقرأ أيضاً:
كلمة جامعة.. خطيب المسجد الحرام: يحتاجها المعافى والمبتلى والحي والميت
قال الشيخ الدكتور صالح بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن العافية، كلمة جامعة يحتاجها المعافى، والمبتلى، والحيُّ، والميتُ، والعافية إذا فُقدت عُرفت، وإذا دامت نُسيت، سلوا ربكم العافية.
كلمة جامعةواستند “ بن حميد ” خلال خطبة الجمعة الرابعة من شعبان من المسجد الحرام بمكة المكرمة، لما جاء العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: علمني شيئًا أسال الله عز وجل به فقال: سل الله العافية.
وتابع: ثم مكث أيامًا ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: علمني شيئًا أسال الله تعالى فقال صلى الله عليه وسلم: يا عباس يا عم رسول الله: سل الله العافية في الدنيا والآخرة.
وأضاف أن العافية هي: دفاع الله عن عبده، والعبد حينما يسأل ربه العافية فإنه يسأله أن يدفع عنه كلَّ ما ينوبه، فكل ما دفعه الله عن العبد فهو عافية، وأن سؤال الله العافية دعوة جامعة، شاملة للوقاية من الشرور كلها في الدنيا والآخرة.
العافية أقساموأوضح أن العافية أقسام ثلاثة: عفو، ومعافاة، وعافية، فالشر الماضي يزول بالعفو، والحاضر يزول بالعافية، والمستقبل يزول بالمعافاة، منوهًا بأن العافية في الدين بالثبات على الحق، والبعد عن الباطل وأهله.
وأردف: والسلامةِ من الكفر، والضلالِ، والنفاقِ، والفسوقِ، والعصيانِ، وكبائرِ الذنوب وصغائرِها، والعافية من الشهوات والشبهات، والبدع والفتن، ما ظهر منها وما بطن، والعافية في الآخرة: الوقاية من فتنة الممات، وفتنة السكرات، وفتنة القبر، والنجاة من أهوال يوم العرض والفزع الأكبر.
وأشار إلى أن العافية في الدنيا هي: العافية من كل ما يكون فيها: من سلامة الأبدان، ودفع البلاء والأسقام، ومن الهموم والأكدار، وأن من عافية الدنيا: العافية في الأولاد، بصلاحهم، وهدايتهم، واستقامتهم، ذرية طيبة مباركة، تقربها العيون، وتسعد بها القلوب.
وأفاد بأن عافية الأوطان من أعظم أنواع العافية، وأجلِّها كيف إذا كان الوطن هو قبلة المسلمين، وقلب الأمة، حاضن الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية التي هي أرض الإسلام، والتاريخ، والحضارة، كما أن من عافية الدنيا: أن يعافيك الله من الناس، ويعافَي الناس منك.
عافية الدنياواستطرد: وأن يغنيك عنهم، ويغنيهم عنك، ويصرف أذاهم عنك، ويصرف أذاك عنهم، ومن العافية: أن يلقى العبد ربه وهو خفيف الظهر من دمائهم، خميص البطن من أموالهم، غير مطالب بشيء من حقوقهم، لازمًا لجماعتهم، غير مفرق لأمرهم.
وبين أن من عِظَم العافية في قوله صلى الله عليه وسلم : (يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، وأسالوا الله العافية ، فإذا لقيتموه فاصبروا)، وهل أعظمُ من الجهاد منزلة، وأعظمُ من الشهادة في سبيل الله مطلبًا، ومع هذا جاء هذا التوجيه النبوي العظيم: (لا تتمنوا لقاء العدو، أسالوا الله العافية).
ونبه إلى أن من سُرّه أن تدوم عافيته فليتق الله، إذا أردت أن تستطعم لذة العافية فتذكر المرضى على الأسرة البيضاء، وتذكر المحتاجين والضعفاء، وتذكر المدينين والفقراء، وتذكر من هم في هم وخوف وقلق وبلاء ، موصيًا المسلمين بتقوى الله وعبادته، وإسداء المعروف، وبذل الإحسان ولو جحده الجاحدون.