عقد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف أول اجتماع بالواعظات في عام 2024 بالقاعة الرئيسية الكبرى بمسجد النور بالعباسية، وذلك بحضور الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وقيادات وزارة الأوقاف والواعظات على مستوى الجمهورية والمكرمين من الحاصلين على جائزة التميز الوظيفي لعام 2023.

ورحب الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، في كلمته، بالحضور، سائلًا الله (عز وجل) أن يجعل هذا العام عام خير وبركة وسعة على مصرنا وبلاد العالمين، معلنا إطلاق عام 2024م عامًا للواعظات لتسليط الضوء على عملهن الجاد في مجال الدعوة، وللتوسع في هذا العمل، ولمزيد من برامج الإعداد والتأهيل، مشيرًا إلى أنه تم بالفعل في نهاية العام الماضي إطلاق دورة رائدات فكر، ويجري الآن الإعداد للدورة الثانية خلال فبراير المقبل بإذن الله تعالى، بالإضافة إلى تنفيذ دورة المهارات الإعلامية لهن بالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام، كما أطلقنا عام 2024 عامًا للغة العربية.

وزير الأوقاف خلال لقائه بالواعظاتوزير الأوقاف خلال لقائه بالواعظاتوسائل الدعوة سواء للأئمة أم للواعظات

وأكد وزير الأوقاف، أن حديثه يدور بين أمرين: الأول بين وسائل الدعوة سواء للأئمة أم للواعظات أو بعبارة أدق فقه الدعوة، والجزء الآخر عن أهمية اللغة العربية في حياتنا وفي ضبط الحديث والخطاب الديني، مؤكدًا أن الفارق بين العلماء وغير العلماء هو الضيق والسعة، فالعلماء يوسعون على الناس ويدركون أن الأصل في الأمور هو الحِّل وليس الحرمة، وأن الأصل في الناس الخير وليس الشر، ويتعاملون مع الناس بحسن الظن لا بسوء الظن، والجهلاء يتسرعون في التكفير والتبديع والتفسيق وإخراج الناس من الإسلام، وربما يتجاوزون ذلك إلى الحكم على الناس في شأن أخراهم.

وأخطر ما في الأمر مداخلة الشيطان، فكثيرًا مما أضر بالجماعات المتطرفة التمييز والإقصاء والاستشعار أنهم أفضل من غيرهم، وأخطر وأعلى أنواع الاستعلاء والكبر وأخطرها على النفس الاستعلاء بالعلم والعبادة، فالعلماء والدعاة أحوج الناس إلى لطف الله (عز وجل)، لأن العاصي يستشعر بعصيانه الندم والتقصير، وقد يوكل العلماء والدعاة إلى أنفسهم، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "كان رجلانِ في بني إسرائيلَ مُتآخِينِ، فكان أحدُهما يذنب، والآخرُ مجتهدٌ في العبادة، فكان لا يزال المجتهدُ يرى الآخرَ على الذنبِ فيقول: أَقصِرْ فوجده يومًا على ذنبٍ فقال له: أقصِر، فقال: خلِّني وربي أبعثتَ عليَّ رقيبًا؟ فقال: واللهِ! لا يغفر اللهُ لك - أو لا يدخلُك اللهُ الجنةَ! - فقبضت أرواحَهما، فاجتمعا عند ربِّ العالمين، فقال لهذا المجتهدِ: أكنتَ بي عالما، أو كنتَ على ما في يدي قادرًا؟ وقال للمذنب: اذهبْ فادخلِ الجنةَ برحمتي، وقال للآخرِ: اذهبوا به إلى النارِ"، فدائمًا يجب أن ندرك مدى حاجتنا الشديدة إلى التذلل والتضرع والانكسار بين يدي الله (عز وجل)، وإلى الاحتراز من مداخلة الشيطان، وقد سئل أحدهم ما السيئة التي لا تنفع معها حسنة فقال: الكبر، مؤكدًا على ضرورة أن ننظر إلى الناس بعين الرحمة، فلا ننظر إلى العاصي أو المذنب بعين اللوم وإنما ننظر إليه بعين الرحمة فهو المريض الذي يحتاج إلى العلاج.

وزير الأوقاف خلال لقائه بالواعظاتوزير الأوقاف خلال لقائه بالواعظاتوظيفة الدعاة التيسير على الناس

كما أكد وزير الأوقاف، أن رسولنا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) كان نعم القدوة لأمته وللإنسانية جمعاء، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا"، فعن معاوية بن الحكم السلمي (رضي الله عنه): بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ الله، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فوالله: مَا كَهَرَنِي، وَلَا ضَرَبَنِي، وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ".

فوظيفة الدعاة التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله هَلَكْتُ. قَالَ: "مَا لَكَ؟" قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟" قَالَ: لاَ، قَالَ: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لاَ، فَقَالَ: "فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالعَرَقُ المِكْتَلُ - قَالَ: "أَيْنَ السَّائِلُ؟" فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: "خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ"، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ الله؟ فَوَ الله مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا - يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ".

وزير الأوقاف خلال لقائه بالواعظاتضرورة معاملة الناس باللطف واللين

كما أن على الدعاة أن يتواضعوا فهذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لأحد أصحابه: "هَوِّن عليك، فإني لستُ بملِكٍ، إنما أنا ابنُ امرأةٍ من قريش كانت تأكل القَديدَ"، مؤكدًا على ضرورة معاملة الناس باللطف واللين، فعَنْ أَنَسٍ (رضي الله عنه) قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، قَالَ: وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى مَعَ رَسُولِ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ الله، قَالَ: "هَلْ حَضَرْتَ الصَّلَاةَ مَعَنَا؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "قَدْ غُفِرَ لَكَ"، فهذا تعامل سيدنا النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أصحابه ومع الناس ومع الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.

وأكد وزير الأوقاف أن القرآن الكريم معطاء إلى يوم القيامة يأخذ منه الأمي ربما أكثر مما يأخذ منه المتعلم ربما لا يدرك الأمي تفسير الآيات ولكنه يكون أكثر تشبعًا روحيًّا وتفاعلا مع الآيات، وهذا ما شاهدناه من خلال إقبال الناس على مقارئ القرآن الكريم للجمهور وعلى برنامج صحح قراءتك.

وقد قالوا حال رجل في ألف أو حال امرأة في ألف خير من كلام ألف لرجل أو امرأة، فنأخذ الناس بالرحمة ونستمع إليهم ولا نهون منهم ولا نحقر من شأنهم ولا نصعب حياتهم عليهم ولنفتح لهم باب الأمل في الله فإن الأمر كله لله (عز وجل).

أهمية التمكن من اللغة العربية في الأداء والفهم

وعن اللغة العربية أكد وزير الأوقاف على أهمية التمكن من اللغة العربية في الأداء والفهم، وقد قالوا إن فهم الكتاب والسنة، موضحًا أن فهم الكتاب والسنة أمر واجب ولا يمكن أن يتم فهم الكتاب والسنة فهما صحيحا إلا بالتمكن من لغة القرآن الكريم وهو ما اشترطه أهل العلم في المفتي والمفسر والمجتهد، وقديمًا كان إذا لحن أحد الناس كانت سبة عليه يقال لحن فلان وكأنه ارتكب جرمًا كبيرًا، ولما مر سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على قوم يتعلمون الرمي ولامهم على سوء رميهم، فقالوا خطأ: إنا قوم متعلمين، والصواب أن يقولوا: إنا قوم متعلمون، فقال: والله لخطؤكم في لسانكم أشد عليَّ من خطئكم في رميكم، وكتب إليه سيدنا أبو موسى الأشعري كتابًا وجد فيه خطأ لغويا فقال له قنع كاتبك سوطًا واعزله من عمله.

مؤكداً أن كثرة التعلم وقراءة القرآن الكريم يحسن من اللغة العربية، وكان هارون الرشيد يقول لمعلم أبنائه: أقرئهم القرآن تعزب ألسنتهم، وكذلك حفظ متون الشعر والنثر من الكتب المضبوطة، كما أكد على تكثيف برامج التدريب في اللغة العربية، فالوزارة بصدد تنفيذ خطة تدريبية مكونة من مائة دورة في اللغة العربية منها عشرين دورة بدأت في يناير الجاري بالفعل، وستكون هناك دورات متخصصة في فن الإلقاء.

اقرأ أيضاًوزير الأوقاف ورئيس «المركزي للتنظيم والإدارة» يتفقدان اختبارات وظيفة إمام وخطيب

وزير الأوقاف يهنئ البابا تواضروس بالعام الميلادي الجديد (صور)

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أئمة وزارة الأوقاف الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الواعظات جائزة التميز الوظيفي محمد مختار جمعة وزير الأوقاف مسجد النور بالعباسية وزارة الأوقاف وزير الأوقاف صلى الله علیه وسلم اللغة العربیة القرآن الکریم ى الله ع ل ی ه رضی الله عنه على الناس ی ا ر س ول عز وجل

إقرأ أيضاً:

فتح باب التسجيل لجائزة مجمع الملك سلمان للغة العربية

البلاد ــ الرياض
أعلن مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية فتح باب التسجيل في الدورة الرابعة من (جائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية)، التي تعد من أبرز الجوائز المخصصة؛ لتكريم الجهود الرائدة في خدمة اللغة العربية، وتحفيز الابتكار في مجالاتها المختلفة، على نحو يعزز حضورها في القطاعات العلمية، والتقنية، والتعليمية، والمجتمعية.
تأتي هذه الجائزة استمرارًا لجهود المجمع في دعم المبادرات النوعية، التي تحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030، بتحفيز المشاريع التي تثري المحتوى العربي، وتعزز الهوية اللغوية، وتسهم في نشر اللغة العربية عالميًّا؛ إذ تستهدف ذوي الإسهامات البارزة من الأفراد والمؤسسات لخدمة اللغة العربية، وتطويرها، وتعليمها، ونشرها بأحدث الوسائل.
وأكد الأمين العام للمجمع الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي، أن الدورة الرابعة تسعى إلى توسيع دائرة تكريم المبادرات والمشاريع، التي تسهم في تطوير اللغة العربية في مجالات التعليم، والحوسبة، والبحث العلمي، والمبادرات المجتمعية، مضيفًا أن الجائزة شهدت في دوراتها السابقة إقبالًا واسعًا من الأفراد والمؤسسات من شتى دول العالم؛ وهو ما يعكس مكانتها؛ بوصفها إحدى الجوائز الدولية البارزة في دعم الابتكار اللغوي.
وتشمل الجائزة (4) فروعٍ رئيسة، يختص الأول منها بتعليم اللغة العربية وتعلمها، ويركز على تطوير أساليب تدريسها ودعم المبادرات، التي تسهم في تحسين طرق تعلمها، فيما يُعنى الفرع الثاني بحوسبة اللغة العربية والتقنيات اللغوية، مستهدفًا المشروعات التي توظف التقنية لتعزيز استخدام العربية في المجال الرقمي والتقني، أما الفرع الثالث فهو مخصص للأبحاث اللغوية والدراسات العلمية؛ إذ يكرم الأبحاث التي تثري المحتوى الأكاديمي للغة العربية وتسهم في تطويرها، في حين يركز الفرع الرابع على نشر الوعي اللغوي، وتعزيز المبادرات المجتمعية التي تسهم في انتشار اللغة العربية في المجتمعات المحلية والعالمية.
وأوضح المجمع أن الجائزة تستقبل الترشيحات من الأفراد والمؤسسات من جميع دول العالم، وتخضع جميع الأعمال المقدمة إلى عملية تحكيم دقيقة تعتمد على معايير الإبداع، والتأثير، والتميز، والشمولية؛ لضمان تكريم الجهود الأكثر فاعلية في خدمة اللغة العربية.
وشهدت الدورة السابقة للجائزة مشاركة واسعة؛ إذ بلغ عدد المسجلين في منصة الجائزة أكثر من (370) مُسجلًا من الأفراد والمؤسسات.

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف: رمضان شهر الروحانية والأخلاق والوطنية
  • رئيس جامعة الأزهر: التيسير سمة أصيلة في التشريع الإسلامي وآيات الصيام خير دليل
  • القرآن حذر منه.. أخطر أشكال الفساد يدمّر الحرث والنسل
  • رئيس جامعة الأزهر يبين سبب حذف حرف النفي في قول الله: وعلى الذين يطيقونه
  • إبراهيم الهدهد: النفاق أخطر أشكال الفساد ويؤدي إلى هلاك الحرث والنسل «فيديو»
  • مختار عبد الله: قلب رمضان هو القلب المتعلق بالخلوة والعبادة
  • أنواع الرؤى والأحلام والفرق بينهما.. تعرف على علامات كل منهما وأيهما أصح
  • فتح باب التسجيل لجائزة مجمع الملك سلمان للغة العربية
  • حكايات شهرزاد| يسألونك عن الزُهد
  • عالم رباني.. نور في زمن الظلمات