تكتيكات روسيا وأوكرانيا في ساحات المعارك.. التجويع والتمديد والضرب مقابل المسيّرات والألغام والمروحيات
تاريخ النشر: 16th, July 2023 GMT
من دون ضجيج أطلقت أوكرانيا المرحلة الأولى من هجومها المضاد بهدف استعادة الأراضي التي تسيطر عليها القوات الروسية، وحتى الآن لم تعرض كييف تفاصيل بشأن سير العمليات، ولكنها تزعم أن جنودها يحرزون تقدما في الميدان.
وبعيدا عن الأنظار تخوض القوات الأوكرانية المجهزة بأسلحة غربية جديدة قتالا ضد الجيش الروسي الذي أمضى شهورا في حفر الخنادق.
وفي ما يلي نظرة على ما يجري في الميدان الأوكراني بعد 16 شهرا من الحرب:
ما هي تكتيكات أوكرانيا؟لقد اشتد القتال في نقاط متعددة على خط المواجهة البالغ طوله 1500 كيلومتر، وتحرز القوات الأوكرانية تقدما منتظما على الأطراف الشمالية والجنوبية من مدينة باخموت المدمرة التي تحتلها روسيا منذ مايو/أيار الماضي.
كذلك تحتدم المعارك في الجبهة الجنوبية من زاباروجيا، حيث تحرز القوات الأوكرانية مكاسب محدودة أمام التحصينات الروسية الهائلة.
وأعلنت هانا ميلر نائبة وزير الدفاع الأوكراني أن قواتها دمرت 6 مخازن ذخيرة للقوات الروسية خلال الـ24 ساعة الماضية.
وهذا التصريح يلمح إلى نوعية التكتيكات التي تتبعها القوات الأوكرانية في هجومها المضاد ضد الروس.
وأكدت ميلر أن القوات الأوكرانية توجه ضربات مؤلمة ومؤثرة ودقيقة وتسبب نزيفا في صفوف المحتل الذي سيعاني عاجلا أو آجلا من نقص قاتل في الذخيرة والوقود، حسب تعبيرها.
ويقول ضابط بريطاني كبير إن الهدف الأول للقوات الأوكرانية هو "تجويع" الوحدات الروسية على صعيد الإمدادات والتعزيزات من خلال مهاجمة المراكز اللوجستية ومراكز القيادة في الخلف.
ومن ضمن الأسلحة التي تستخدمها أوكرانيا لتحقيق هذا الهدف صواريخ "ستورم شادو" (Storm Shadow) المقدمة من بريطانيا.
وتحاول أوكرانيا أيضا دفع الجيش الروسي إلى التمدد على طول الجبهات بحيث يخوض معارك في نقاط متعددة، وفقا لرئيس الأركان البريطاني الأدميرال توني رادكين.
وقال رادكين إن الهجوم الأوكراني الكاسح سيبدأ عندما تنهار نقطة من التحصينات الروسية، وعبر هذا "الخرق " سيتدفق الجنود الأوكرانيون إلى الأمام، حسب توقعه.
وأضاف أمام لجنة في البرلمان البريطاني "بإمكاني أن أسميها إستراتيجية التجويع والتمديد والضرب".
وقد لاحظ رادكين أن القوات الأوكرانية تحتاج تغطية جوية لعملياتها.
وكانت أوكرانيا حصلت على تعهدات من حلفائها الغربيين بتزويدها بمقاتلات "إف-16" (F-16)، ولكن ليس متوقعا أن تتسلمها قبل العام المقبل.
وتطالب أوكرانيا أيضا بصواريخ بعيدة المدى وبالمزيد من الذخيرة.
وهذا الأسبوع، أرسلت الولايات المتحدة قنابل عنقودية إلى أوكرانيا، وقال الرئيس جو بايدن إنه يأمل أن تساعد هذه القنابل على وقف الدبابات الروسية.
ما هي التكتيكات الروسية؟
يستخدم الجيش الروسي أعدادا كبيرة من الألغام المضادة للدبابات، لإبطاء حركة المدرعات التي تستخدمها القوات الأوكرانية في هجومها المضاد بالجبهة الجنوبية.
والتكتيك الروسي الحالي يضع المهاجمين الأوكرانيين المكشوفين تحت رحمة مسيّرات روسيا ومروحياتها ومدفعيتها.
لكن القوات الروسية تواجه العديد من المصاعب حتى لو كانت متحصنة خلف مساحات كبيرة من الخنادق والمتاريس التي يصل عمقها في بعض الأماكن إلى أكثر من 20 كيلومترا.
وقد أدى الاستنزاف في ساحة المعركة إلى تقليص الثقل العسكري الروسي، وكشفت الحرب عن عدم الكفاءة والافتقار إلى المبادرة في صفوف الجنود الروس، إلى جانب ضعف التنسيق، وفق رئيس الأركان البريطاني.
ويقول رئيس الأركان البريطاني إن روسيا خسرت نصف ثقلها العسكري منذ بدء حربها على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
ويضيف أن المصانع الروسية غير قادرة على أن توفر حاجة الجبهات من الذخيرة.
وعلى سبيل المثال، فإن روسيا استخدمت 10 ملايين قذيفة في حربها بأوكرانيا، وفي المقابل لم تصنع خلال الفترة نفسها سوى مليون قذيفة، طبقا لرادكين.
كذلك، فإن روسيا فقدت في الحرب ألفي دبابة، ولم تصنع خلال هذه الفترة سوى 200، على حد قوله.
ويقال إن القوات الروسية تشن عمليات هجومية في منطقة غابات كريمينا، ولكنها لا تحقق سوى مكاسب ضئيلة.
ما القادم؟إن الهجوم الأوكراني المضاد سيكون طويلا جدا ودمويا جدا، وفقا لرئيس الأركان الأميركي مارك ميلي.
ويقول الجنود الأوكرانيون إن القصف الروسي الثقيل لمواقعهم يأخذهم على حين غرة ويبطئ تقدمهم.
وفي الميادين المكشوفة في زاباروجيا بالخصوص يصعب الاختفاء عن الأنظار، مما يجعل القادة الأوكرانيين لا يغامرون سوى بالدفع بالقليل من الجنود لتقليل حجم الخسائر البشرية.
وقد اعترف الرئيس الأوكراني الأسبوع الماضي بأن الهجوم المضاد لا يتقدم بسرعة.
والهجوم نفسه تأخر عن الوقت المفترض، وعلى ما يبدو فإن ذلك يعود لأن كييف كانت تنتظر استلام شحنات أسلحة من الدول الغربية وعودة جنودها الذين كانوا يتلقون التدريبات في هذه الدول، ونتيجة لهذا التأخير فإن الهجوم بدأ في الصيف بدل الربيع.
وعلى المخططين العسكريين استحضار أن الشتاء الأوكراني يجلب معه ظروفا موحلة تعيق سير القوات والمدرعات.
وعنما يسوء الطقس فإن الأطراف المتحاربة سيتعين عليها جرد الخسائر والاستعداد لجولة أخرى من حرب الاستنزاف خلال الشتاء القادم.
ويقول المحللون الغربيون إن الهجوم المضاد وإن كان الغرض منه ليس إنهاء الحرب فإنه قد يلعب دورا حاسما في تعزيز مركز كييف التفاوضي عندما يجلس الطرفان إلى طاولة الحوار.
وتريد أوكرانيا أيضا من خلال الهجوم المضاد أن تبرهن للغرب على أن مساعداته لم تذهب سدى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القوات الأوکرانیة إن الهجوم
إقرأ أيضاً:
لهذا السبب أطلقت روسيا صاروخها العابر للقارات على أوكرانيا
من خلال إطلاق صاروخ باليستي جديد متوسط المدى على أوكرانيا يوم الخميس، كشفت روسيا عن تهديدات جديدة لكييف وحلفائها الغربيين بهدف وقف الضربات الأوكرانية بالأسلحة التي يوفرها الغرب على الأراضي الروسية، والاستسلام في المعركة المستمرة بين البلدين منذ أكثر من سنتين.
الهجوم على مدينة دنيبرو الشرقية أثار مخاوف في الغرب بشأن تصعيد كبير في الحرب المستمرة، ودفع أوكرانيا إلى طلب قدرات دفاع جوي جديدة من واشنطن للمساعدة في اعتراض هذا النوع من الصواريخ. رسالة تخويفلكن محللين ومسؤولين في أوكرانيا والغرب قالوا إنه على الرغم من أن الهجوم صاحبه زيادة كبيرة في تصريحات التهديد، إلا أنه في النهاية كان مجرد تبجح أكبر للكرملين، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
وقالت المتحدثة باسم حلف شمال الأطلسي فرح دخل الله خلال رسالة عبر الإيميل، إن موسكو تهدف إلى "تخويف من يدعمون أوكرانيا.. إن نشر هذه القدرة لن يغير مسار الصراع ولن يردع حلفاء الناتو عن دعم أوكرانيا".
ونشرت وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تفاصيل جديدة بشأن الصاروخ يوم الجمعة، حيث طار بسرعة 11 ضعف سرعة الصوت واستغرق حوالي 15 دقيقة للوصول إلى دنيبرو من منطقة أستراخان الساحلية الروسية. وقالت الوكالة إنه مزود بستة رؤوس حربية، كل منها يحتوي على 6 ذخائر صغيرة.
وقال رئيس حكومة غور كيريلو بودانوف، إن الصاروخ تجريبي وإن أوكرانيا تعلم أنه من المقرر إجراء نسختين تجريبيتين على الأقل. وقال الجمعة إن الصاروخ لم يدخل بعد "سلسلة الإنتاج، والحمد لله".
وأضاف، "حقيقة أنهم استخدموها في نسخة خالية من الأسلحة النووية هي، كما يقولون، تحذير منهم، بأنهم ليسوا مجانين تماماً".
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس، إن روسيا ضربت دنيبرو بصاروخ باليستي متوسط المدى "غير نووي تفوق سرعته سرعة الصوت يطلق عليه اسم أوريشنيك"، وهو ما يعني عسلي باللغة الروسية.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إن الصاروخ الذي كان مسلحاً برأس حربي تقليدي هو نسخة تجريبية من الصاروخ الباليستي الروسي "آر إس-26 روبيج" متوسط المدى.
Putin threatens the West and fires a new hypersonic ballistic missile at Ukraine. Our latest @BBCNews report from Moscow. Producer @BenTavener pic.twitter.com/ReOY59yNo0
— Steve Rosenberg (@BBCSteveR) November 21, 2024 اختبارات ولم تكشف أوكرانيا بشكل كامل عن حجم الأضرار الناجمة عن الضربة الصاروخية الروسية، باستثناء القول إنها ضربت منطقة صناعية في المدينة. لا تعلق كييف عادة على الأضرار التي لحقت بالمواقع العسكرية.وقال بوتين، إن الهجوم على دنيبرو كان "اختباراً" للسلاح، رداً على قرار إدارة بايدن الأخير الذي سمح لأوكرانيا بإطلاق نظام الصواريخ التكتيكية التابع للجيش الذي زودته الولايات المتحدة، والذي يصل مداه إلى 190 ميلاً، على أهداف داخل روسيا.
وفي يوم الثلاثاء، أطلقت القوات الأوكرانية النار لأول مرة داخل روسيا، مستهدفة مستودع أسلحة في منطقة بريانسك. في اليوم التالي، استخدموا صواريخ ستورم شادو التي قدمتها المملكة المتحدة لمهاجمة منطقة كورسك الروسية، في عملية وصفها مسؤول أوكراني يوم الجمعة بأنها "ناجحة”.
وفي أعقاب الهجمات، كانت هناك مخاوف واضحة بشأن الانتقام الروسي، بما في ذلك إغلاق البعثات الدبلوماسية الأجنبية في كييف لمدة يوم، بما في ذلك السفارة الأمريكية، التي استشهدت بمعلومات استخباراتية حول هجوم روسي محتمل. يوم الجمعة، تم إلغاء جلسة برلمانية، مرة أخرى بسبب مخاوف من هجوم.
وأكد بيسكوف، أن "الجانب الروسي أظهر بوضوح قدراته"، مضيفاً أن "ملامح المزيد من الإجراءات الانتقامية تم تحديدها بوضوح أيضاً".
Ukrainian President Zelensky:
"Today, there was a new Russian missile. All the characteristics – speed, altitude – are of an intercontinental ballistic missile. Analysis is currently underway. It is obvious that Putin is using Ukraine as a testing ground."… pic.twitter.com/mkmEX15Twl
لكن المراقبين شككوا فيما إذا كان لدى روسيا ما يكفي من الصواريخ لشن مثل هذه الضربات بانتظام، وقالوا إن الهجوم ربما كان مدفوعاً بمخاوف حقيقية في روسيا بشأن كيفية الاستمرار في تزويد الخطوط الأمامية إذا كانت أوكرانيا قادرة على استهداف مستودعات الأسلحة الرئيسية ومواقع الدعم الخلفية الأخرى بالصواريخ الغربية.
By launching a new nuclear-capable intermediate-range ballistic missile at Ukraine on Thursday, Russia was threatening Kyiv and its Western allies with the aim of stopping Ukrainian strikes with Western-supplied weapons on Russian territory — or else. https://t.co/WL7QQk8PF0
— The Washington Post (@washingtonpost) November 22, 2024"هذه بالتأكيد محاولة لتخويف الغرب ومحاولة لإجبار الغرب على عدم مساعدة أوكرانيا. لكن من ناحية أخرى، هذا أيضاً مظهر من مظاهر الذعر المطلق لبوتين نفسه"، بحسب ميخايلو بودولياك، مستشار المكتب الرئاسي الأوكراني.
وأضاف، أن استراتيجية روسيا كانت دائماً اختبار الرد العالمي على تصعيداتها المختلفة، مشيراً إلى كيف انتظرت موسكو لترى كيف سيرد الغرب على غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022، والضربات الصاروخية المتكررة على المدنيين، والهجمات على شبكة الكهرباء، ومؤخراً، نشر القوات الكورية الشمالية والإعدام المنتظم للسجناء في ساحة المعركة.
Russia launched a new intermediate-range ballistic missile on Thursday toward Dnipro in Ukraine, an attack that officials in Kyiv initially said was an intercontinental ballistic missile. https://t.co/hvBEPq0ZmT pic.twitter.com/M6ozEW6VPf
— ABC News (@ABC) November 22, 2024وتابع بودولياك: "هذا كله اختبار... والآن هناك محاولة جديدة.. هجوم عابر للقارات على السكان المدنيين. ماذا بعد؟".
وفي روسيا، تم تقديم الهجوم الصاروخي على أنه انتصار كبير ورسالة قوية لأعداء البلاد.