عقد الجامع الأزهر الشريف اليوم، حلقة جديدة من ملتقى الطفل، والذي يأتي تحت عنوان: " الطفل الخلوق - النظيف - الفصيح"، وذلك في إطار مواصلة الجامع الأزهر والرواق الأزهري، جهودهما في توعية النشء بالآداب الإسلامية والأخلاقيات السليمة النابعة من صحيح الدين، وحاضر في الملتقى الشيخ عبد الستار الوكيل، الباحث بوحدة شئون الأروقة بالجامع الأزهر الشريف، والدكتور ياسر عجوة، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف.

الجامع الأزهر يواصل توعية النشء بالآداب الإسلامية السبت المقبل خطيب الجامع الأزهر: الله لم يخلق الإنسان عبثاً بل لعبادته وإعمار الكون

فى بداية اللقاء قال الشيخ عبد الستار الوكيل، أن الإخلاص هو حقيقة الدين ومفتاح دعوة الرسل عليهم السلام؛ قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾، فالإخلاص هو لُب العبادة وروحها؛ قال ابن حزم: «النية سِر العبودية وهي من الأعمال بمنزلة الروح من الجسد، ومُحال أن يكون في العبودية عمل لا روح فيه، فهو جسد خراب». والإخلاص هو أساس قبول الأعمال وردها، فهو الذي يؤدي إلى الفوز أو الخسران، وهو الطريق إلى الجنة أو إلى النار، فإن الإخلال به يؤدي إلى النار وتحقيقه يؤدي إلى الجنة.

وبَيَّن الشيخ الوكيل، أن المخلص هو الذي لا يُبالي لو خرج كل قدْر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله تعالى، ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذَّر من عمله. فهو من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته. قال تعالى لنبيه ﷺ ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾، وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

للإخلاص ثمرات عظيمة

وأشار الباحث إلى أن للإخلاص ثمرات عظيمة منها: أنه مصدر رزق عظيم للأجر وكسب الحسنات، قال ﷺ «إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أُجرت عليه حتى ما تجعل في فم امرأتك»؛ ومنها أيضاً أن الإخلاص يُنجي من العذاب العظيم يوم الدين؛  قال ﷺ «مَن تعلَّم عِلمًا ممَّا يُبتَغى به وجهُ اللهِ لا يتعلَّمُه إلَّا لِيُصيبَ به عرَضًا مِن الدُّنيا لَمْ يجِدْ عَرْفَ الجنَّةِ يومَ القيامةِ». الإخلاص يُريح أصحابه يوم يقول الله للمرائين: «اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون بأعمالكم في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً». الإخلاص يُنجي الإنسان من حِرمان الأجر ونقصانه، ولذلك فإن النبى ﷺ جاءه رجل غزا يلتمس الأجر والذكر، فقال: (لا شيء له) «ثلاثًا»، «إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا، وابتُغي به وجهه».

وحث الشيخ عبد الستار الوكيل، على سماع أخبار المخلصين، وأن نكون منهم؛ فإنهم في كنَفِ الله وحِفظِه ورِعايتِه وعِصمتِه، قد نجَّاهم الله من مكائِدِ الشيطانِ، وآواهم إلى حِزبِه المفلِحين. وقد شرَط الله تعالى لتوبَةِ التائبين تحقيقَ الإخلاص في أعمالهم؛ قال تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾.
وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: « من خلصتْ نيتهُ في الحق ولو على نفسِهِ كفاهُ اللهُ ما بينهُ وبينَ الناسِ ».

ياسر عجوة يوضح شرح أدوات الاستفهام

ومن جانبه تناول الدكتور ياسر عجوة، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، شرح أدوات الإستفهام، حيث قام بتعريف الاستفهام بأنه هو طلب الفهم، وهو أسلوب بلاغي يفيد طلب معرفة شيء لم يكن معروفًا لدى السائل أو المستفهم، ويكون باستخدام أداة خاصة للاستفهام.

ثم ذكر الباحث أدوات الاستفهام: (الهمزة، هل، ما، ماذا، لماذا، مَنْ)، وغيرها،  وأشار إلى أنه أحيانًا يكون الاستفهام حقيقيًا، وقد يكون بلاغيًا مجازيًا يخرج لأغراض أخرى.

وبيَّن ياسر أنواع الاستفهام وذكر منها: الاستفهام الحقيقي بمعنى أنه يتطلب إجابة أو معرفة شيء يجهله السائل، ويحتاج إلى إجابة، ومن الأمثلة عليه: كم عمرك؟ مَن ضرب الولد؟ وغيرها، أما في القرآن الكريم فالاستفهام لا يأتي حقيقيًا؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- لا يستفهم عن شيء من عباده وخلقه، فغرض الاستفهام في القرآن يكون بلاغيًا مجازيًا يراد به أغراض أخرى.
الاستفهام البلاغي المجازي قد يخرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلى أغراض بلاغية مجازية أخرى تعرف من خلال السياق أو الموقف الذي ورد فيه السؤال، وفائدته البلاغية هي إعطاء الكلام حيوية وزيادة الإقناع والتأثير، وإثارة السامع والقارئ،

وأهم هذه الأغراض ما يأتي: استفهام التوبيخ مثل: قوله تعالى: "أتدعون بعلًا وتذرون أحسن الخالقين." ففي هذه الآية يراد من الاستفهام توبيخ المخاطبين بسبب دعوتهم لإله غير الله عزّ وجل. وقوله تعالى: "ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها." وهنا الغرض من الاستفهام التوبيخ لترك الهجرة في الأرض من أجل إقامة شرع الله فيها.
استفهام النهي ويراد بهذا الغرض النهي عن القيام بأمر ما، ومن الأمثلة عليه ما يأتي: قوله تعالى: "أتخشونهم".

وفي نهاية الملتقى، اختتم الباحثان حديثهما بالإجابة عن بعض الأسئلة حول الموضوع، وأثناء الشرح استخدم الباحثان بعض الشرائح التوضيحية، معتمدَيْن على أسلوب المناقشة والتحاور مع الأطفال، تشجيعاً لهم على المشاركة.

يذكر أن ملتقى "الطفل الخلوق والنظيف والفصيح" يعقد يوم السبت من كل أسبوع بالجامع الأزهر، ويتم تنفيذه في بعض المحافظات ، وذلك لتربية النشء على أسس صحيحة، وفهم عميق لأخلاقيات ديننا الحنيف.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الجامع الأزهر الأزهر ملتقى الطفل الرواق الأزهرى الآداب الإسلامية الجامع الأزهر الشریف بالجامع الأزهر قال تعالى

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الرحمة أساس الحب فتراحموا..والله لا ينظر للقلوب القاسية

قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، عبر منشور جديد بصفحته على فيس بوك: إن الكون كله يسبِّح لله، وهذا معنى ينبغي أن تستحضره دائمًا أيها المسلم، أن الكائنات من حولك تسبِّح لله رب العالمين. 

فقال تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾.

وقال تعالى: ﴿وَإِنْ مِّنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾.

وأشار الى انه ينبغي أن تكون إنسانًا وأنت تتعامل مع الأكوان، أن تتحلى بصفة الإنسان في تعاملك مع الجماد، ومع الحيوان، ومع النبات.

فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أنَّ النبي ﷺ كان يخطب إلى جذع، فلما اتخذ النبي ﷺ المنبر حنَّ الجذع، حتى أتاه، فالتزمه، فسكن».

بكى الجذع شوقًا إلى سيدنا ﷺ، فنزل النبي ﷺ من خطبته - والخطبة جزء من الصلاة - فضمه إلى صدره الشريف فسكن.

سفينة نوح وسد ذو القرنين.. علي جمعة يقترح استحداث علم حفريات القرآنهل الذهاب للحج يحتاج لصلاة الاستخارة؟.. علي جمعة يصحح مفهوما خاطئا

ولفت الى ان رسولنا الكريم يعلّمنا الحب والرأفة، ويعلّمنا أن هذا الكون يسبّح، ويعبد ربّه، ويسجد له، ويبكي ويفرح، ويُحب ويُحَب.

وتابع: علّمنا ﷺ أن هذه الكائنات والجمادات فيها حياة وتفاعل، ويجب علينا أن نتفاعل معها، وأن تكون العلاقة بيننا وبينها قائمة على الرحمة والعمران؛ التعمير لا التدمير.

قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۝ يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ...﴾

واستطرد: نعم، إنهم يسجدون، ويعبدون، ويسبّحون. وكل ما في الأرض - من جنٍّ وإنس، من حجرٍ ومدر - هو معك، فلا تُعاند هذا الكون، ولا تُخالف مسيرته؛ فقد سلّم الكون أمره لله، فسلِّم أمرك، وسلَّم الكون عبادته، فكن في التيار ذاته، وفي الاتجاه ذاته، ولا تسبح ضد سنن الخلق، تخلَّقوا بأخلاق الله، واعبدوه بهذا التخلُّق.

ارحموا الكائنات، وارحموا أنفسكم، وارحموا الجميع؛ فإن الرحمة هي التي بدأ الله بها خطابه لنا فقال: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ﴾.

فالرحمة أساس الحب، وأساس التعاون، وأساس العمران، وأساس الكرم، وأساس كل خير.

واختتم منشوره قائلا: هيا بنا نتراحم، ولا ننزع الرحمة من قلوبنا، فإن القلوب القاسية لا ينظر الله إليها.

طباعة شارك علي جمعة يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الحب والرأفة الرحمة تسبيح الكون لله

مقالات مشابهة

  • الجامع الأزهر: كتاب الله وسنة نبيه ليست مضماراً لأغراض دنيوية
  • هل يجوز قطع صلة الرحم مع الأقارب الذين يُكثرون من الإساءة إليّ ولأسرتي؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • علي جمعة: الرحمة أساس الحب فتراحموا..والله لا ينظر للقلوب القاسية
  • هل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة تجعل الله ينظر لقائلها ويغفر له؟
  • رجل يحاول الانتحار بإلقاء نفسه من فوق الجامع الأزهر (شاهد)
  • خطيب الجامع الأزهر: الأمانة قيمة عظيمة يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها
  • شاب يحاول القفز من فوق الجامع الأزهر ومسئولو المسجد ينقذونه - (صور)
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • حكايات المكبرين للأوائل.. الجامع الكبير ساحة المعركة الأولى (الحلقة الثالثة)
  • كلمة واحدة وصف بها رسول الله من يحافظ على صلاة الضحى.. اغتنمها ولا تتركها