قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن مجالس مدينتي ريتشموند وأوكلاند في ولاية كاليفورنيا منشغلة بالحرب الدائرة على بعد 12 ألف كيلومتر في قطاع غزة، أكثر بكثير مما هي منشغلة بحالة النظافة والخدمات التعليمية بالمدينة، وهي تعبر عن مشاعر ليست بالضرورة معاداة سامية كلاسيكية ولكنها بالأحرى مظهر لما يسميها الكثيرون "التقدمية المضطربة".

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم دانييل إديلسون من نيويورك- أن ريتشموند التي يبلغ عدد سكانها 16 ألف نسمة واشتهرت ببناء السفن الأميركية خلال الحرب العالمية الثانية، هي أول مدينة في الولايات المتحدة تدين إسرائيل، متهمة إياها بـ"التطهير العرقي والعقاب الجماعي" الذي أدى إلى عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

دعم للشعب الفلسطيني

وقد أعلن مجلس مدينة ريتشموند بعد نقاش طويل دعمه الشعب الفلسطيني، ودعا إلى "وقف إطلاق نار إنساني فوري وممر آمن للمساعدات الإنسانية إلى غزة"، وأشار إلى أن "دولة إسرائيل تمارس العقاب الجماعي" الذي "يعتبر جريمة حرب بموجب القانون الدولي".

وأكد قرار مجلس المدينة -حسب المراسل- وسط هتافات الحشود الحاضرة "فلسطين حرة.. حرة"، أن ريتشموند تعارض المساعدات العسكرية الهائلة التي تقدمها الولايات المتحدة كل عام لإسرائيل، والتي تحرم الأميركيين أيضا من المال لتلبية احتياجاتهم الملحة، معترفا مع ذلك بـ"الذاكرة التاريخية للمحرقة".

ونفى عمدة المدينة إدواردو مارتينيز -الذي صرخ السكان اليهود في وجهه بالنازي والمعادي للسامية- أن يكون القرار معاديا للسامية، وقال "أرفض أن يكون التحدث علنا ضد الجيش الإسرائيلي والحكومة اليمينية معاداةً للسامية".

وفي نهاية المناظرة، علقت شون كوزولشيك، وهي من سكان المدينة اليهود، قائلة إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "أمضت ليلة عظيمة في ريتشموند".

ونشرت كوزولشيك عمودا في الصحيفة اليهودية المحلية، كتبت فيه أن "مجلس مدينتنا المحلي في ريتشموند أصدر قرارا معاديا للسامية بشكل صارخ، مليئا بالأكاذيب والدعاية التحريضية لمحاسبة إسرائيل على كل ما حدث لها في 7 أكتوبر/تشرين الأول" الماضي.

وقالت كوزولشيك إن "يهود ريتشموند قد يقررون سحب استثماراتهم من هذه المدينة الفاسدة، لكننا لن نسمح بتحقيق أهداف حماس أو إيران أو روسيا أو أي وحش آخر يكره اليهود، بغض النظر عن عدد الطرق التي يخبرنا بها الناس أنهم يكرهوننا".

أوكلاند

وعلى مسافة ليست بعيدة عن ريتشموند، سارت أوكلاند، التي يبلغ عدد سكانها 434 ألف نسمة، على خطى جارتها، وصوّت مجلس المدينة بالإجماع على بيان يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وذلك بعد ساعات طويلة من النقاش الصاخب الذي تحدثت فيه منظمات مختلفة عن المأساة في غزة وآلاف القتلى من المدنيين.

وهذا الإعلان مجرد بيان رسمي لا يتجاوز الإدانة العلنية، وهو يدعو إسرائيل إلى احترام القانون الدولي والسماح بدخول مساعدات إنسانية غير محدودة إلى غزة، ويدعو إلى استعادة الخدمات الأساسية وإطلاق سراح جميع المحتجزين.

مدن كثيرة أخرى

وفي الأسبوع نفسه، تبنت مدن كبيرة أخرى، مثل ديترويت وسياتل وأتلانتا، بيانات مماثلة، وأظهرت مجالسها معارضة للحرب على قطاع غزة ولدعم البيت الأبيض إسرائيل، ورغم أن قائمة المدن هذه أصبحت طويلة، فإن ريتشموند وأوكلاند وضعتا نفسيهما في طليعة المدن الأميركية المناهضة لإسرائيل.

وكانت "حادثة المراحيض" ذات دلالة، إذ إن إسرائيلية أصيبت بالصدمة عندما اكتشفت كتابات معادية لإسرائيل على الجدران في جميع أنحاء أوكلاند، وفي دورات المياه في مقهى بالمدينة، وبعد تقديم شكوى للموظفين، طلبت العودة لتريهم الكتابة، وبعد أن فهموا إلى أين يتجه الأمر، قالوا إنهم "يعرفون أن إسرائيل تحب الاستيلاء على الممتلكات الخاصة والقول إنها لها"، وقد نددت إدارة المقهى لاحقا بالحادثة.

والأسبوع الماضي، أصبحت المدارس العامة في المدينة ساحة معركة، حيث أعطى عشرات المعلمين تلاميذهم دروسا غير مصرح بها مؤيدة للفلسطينيين كجزء من "دروس تعليمية" نظمتها مجموعة من نشطاء نقابة المعلمين في المدينة، وجمعوا فيها "مواد دراسية" لطلاب الصفوف من الثامن إلى الثاني عشر.

وتصف هذه الدروس إسرائيل بأنها "دولة فصل عنصري"، وتشير إلى "القمع والإبادة الجماعية التاريخية المستمرة للفلسطينيين".

وقد عارضت إدارة التعليم في المدينة هذه المبادرة، ووصفتها بأنها "مثيرة للخلاف" و"ضارة"، ولكن دون أن تتخذ أي خطوات ضد المعلمين، مما أثار استياء الآباء والمنظمات اليهودية الذين يخشون أن يؤدي ذلك إلى تأجيج معاداة السامية.

يهودي أميركي تعليقا على موقف الكثير من الشباب الأميركي المؤيد للفلسطينيين: هؤلاء لا يؤمنون بدولتين لشعبين، بل يؤمنون بأننا أخذنا الأرض وعلينا الآن أن نتركها

تقدميّة مجنونة

ويرى السكان اليهود -حسب الصحيفة- أن هذه ليست معاداة السامية الجامحة، بل "التقدمية المجنونة" التي اجتاحت المنطقة، "إنه جيل شاب نشأ على الاعتقاد بأن اليهود بيض وأنهم مستعمرون، لذا فإن هذا هو صراع السود ضد البيض"، كما يقول أحد السكان اليهود، مضيفا أن هؤلاء "لا يؤمنون بدولتين لشعبين، بل يؤمنون بأننا أخذنا الأرض وعلينا الآن أن نتركها".

ورغم أنهم يقولون إن المشاعر المعادية لإسرائيل في هذه المدن "ليست شخصية"، بل هي جزء من سياق واسع للنخبة مقابل المضطهدين، فإن المجتمع اليهودي حساس لمعاداة السامية، والجانب الآخر يستغل الوضع.

وتحاول المنظمات اليهودية الضغط على مجلس مدينة أوكلاند حتى لا ينحاز إلى أي طرف في الصراع أو يدين إسرائيل، لأن الهدف النهائي هو الحد من نيران معاداة السامية وعدم إطالة أمد القتال في غزة، كما يرى الكاتب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: معاداة السامیة

إقرأ أيضاً:

السيد القائد: اليهود لا يمتلكون المقومات الذاتية لأن يفرضوا لهم كياناً متماسكاً وصامداً

يمانيون/ خاص

أكد السيد القائد أن اليهود لا يمتلكون المقومات الذاتية لأن يفرضوا لهم كيانا متماسكا قويا صامدا، ولذلك أتى بهم البريطاني وأتى من بعدهم الأمريكي.

وأوضح السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في كلمة له، اليوم الخميس، حول آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان والمستجدات الإقليمية والدولية، أن اعتراف الأمم المتحدة بالعدو الصهيوني كعضو كأي دولة أخرى من الشواهد الواضحة على أنها لا تقوم على أساس من العدل.

وأضاف السيد أن الأمم المتحدة اعترفت بالعدو الإسرائيلي القائم على الاغتصاب والظلم والجرائم الفظيعة وقتل الأطفال والنساء، والتهجير القسري للملايين.. لافتاً إلى أن كل المؤسسات الدولية التي تأسست من بعد القضية الفلسطينية وحتى اليوم لم تفعل شيئا لفلسطين بل خدمت العدو الإسرائيلي.

وأشار قائد الثورة إلى أن العالم الغربي الذي ينظر إليه الكثير من أبناء أمتنا على أنه عالم الحرية والحضارة والحقوق هو من أسند الظلم والباطل الإسرائيلي ضد أمتنا.. مؤكداً أن أمريكا تولّت الدعم والشراكة مع العدو الإسرائيلي إلى جانب بريطانيا.

ولفت السيد القائد إلى أن هناك عقيدة دينية وأطماع استعمارية وأحقاد في المشروع على أمتنا، ويعتبرون الفرصة مهيأة لهم ووضعية الأمة زادت من طمعهم.

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو يقود إسرائيل وفقا لنبوءة آخر ملوك اليهود
  • كل اليهود لإسرائيل جنود
  • يديعوت أحرونوت: تحالف ترامب ونتنياهو يهدد الديمقراطية ويشعل الصراعات
  • السيد القائد: اليهود لا يمتلكون المقومات الذاتية لأن يفرضوا لهم كياناً متماسكاً وصامداً
  • رئيس العلمين الجديدة: المدينة تعمل على 4 مشاريع تعتمد على أنظمة ذكية
  • يديعوت: إسرائيل ستدخل مرحلة حرجة حتى تنصيب الرئيس ترامب
  • يديعوت أحرونوت: سقوط صاروخ داخل مطار بن غوريون
  • الصحة العالمية: حظر الأونروا لن يجعل إسرائيل أكثر أمانًا
  • أكثر من 50 دولة تطالب الأمم المتحدة بوقف بيع ونقل الأسلحة إلى إسرائيل
  • أكثر من 50 دولة تطالب الأمم المتحدة بفرض حظر أسلحة على إسرائيل