ما الذي يميز العمل المستقل عن الوظائف الرسمية؟
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
شهد "اقتصاد العمل الحر المستقل" ازدهارا كبيرا خلال السنتين الماضيتين، خاصة بعد جائحة كورونا، ويقدر إجمالي عدد العاملين لحسابهم الخاص على مستوى العالم بنحو 1.57 مليار شخص من إجمالي القوى العاملة العالمية البالغة 3.38 مليارات شخص.
وتظهر بيانات البنك الدولي أن 46.7% من بين جميع العاملين في جميع أنحاء العالم حاليا هم من العاملين في هذا القطاع، وتتم معظم أنشطة العمل الحديثة على منصات العمل الحر المتخصصة مثل "أب وورك" (Upwork) و"فيفر" (Fiverr) و"توبتال" (Toptal) و"فري لانسر" (Freelancer) وغيرها.
وتبلغ قيمة سوق منصات العمل المستقل العالمية 3.4 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى 9.2 مليارات دولار بحلول عام 2027 حسب ما ذكرت منصة "إكسبلودينغ توبيكس" مؤخرا.
ويبلغ متوسط سعر الساعة للعاملين المستقلين عالميا 21 دولارا للساعة. وفي المتوسط، يكسب المستقلون الذين يعملون في تطوير الويب والهاتف المحمول والتسويق والخدمات القانونية والمحاسبة وغيرها من الخدمات الماهرة 28 دولارا في الساعة، وهذا المعدل أعلى من 70% من جميع الأجور بالساعة في الولايات المتحدة، وفق ما ذكر المصدر السابق.
وعلى أرض الواقع فإن هذا التوجه نحو العمل الحر المستقل ليس مجرد إحصائية، بل هو انعكاس لروح القوى العاملة الشابة المتغيرة، ويستفيد هذا النموذج من الأفراد العاملين لحسابهم الخاص، حيث يوفر لهم الحرية والسيطرة على حياتهم المهنية، فضلا عن الشركات التي تبحث عن مواهب متخصصة بدون تحمل القيود التقليدية المتمثلة في التزامات التوظيف طويلة الأجل حسب ما ذكرت منصة "فوربس".
.ما يقرب من 70% من العاملين لحسابهم الخاص على مستوى العالم، يبلغون من العمر 35 عاما أو أقل (غيتي) أسباب الصعود السريع للعاملين المستقلين
ما يقرب من 70% من العاملين لحسابهم الخاص على مستوى العالم، يبلغون من العمر 35 عاما أو أقل. وتنجذب الأجيال الجديدة من الشباب وبالذات "الجيل زد" (Z) المؤلف من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و26 عاما، بشكل متزايد إلى العمل الحر.
ووفقا لدراسة أجرتها منصة "فيفر" فإن 67% من الشباب في جميع أنحاء العالم يرغبون بالعمل الحر لحسابهم الخاص.
وهذا يدفعنا للتساؤل حول الأسباب الكامنة وراء هذه الرغبة.
ولخصت منصة شركة "فوكس تريبس أند كو" هذه الأسباب فيما يلي:
البحث عن الحرية والاستقلال
نشأ الجيل الجديد من الشباب في عالم متصل، حيث أصبح الوصول إلى المعلومات والفرص أسهل من أي وقت مضى، وبالنسبة لهذا الجيل يوفر العمل الحر قدرا أكبر من الحرية والاستقلالية مقارنة بالوظائف التقليدية، كما يوفر لهم القدرة على العمل من أي مكان وفي أي وقت ومع أي شخص يريدون.
وتتيح لهم هذه الحرية إدارة جدول أعمالهم وفقا لاحتياجاتهم وأهدافهم، والعمل على المشاريع التي يهتمون بها.
زيادة الدخلفي عالم يتسم بالتضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي، يرى العديد من الشباب في العمل الحر خيارا قابلا للتطبيق لزيادة دخلهم، وبالنسبة لهم، يتيح لهم العمل الحر كسب أموال أكثر من العمل بدوام كامل، وهذا الدخل المتزايد يمكن أن يؤدي إلى حياة أكثر استقرارا من الناحية المالية، وهو أمر مهم للشباب الذين يتطلعون إلى بناء مستقبلهم.
اكتساب مهارات جديدةترى الأجيال الجديدة العمل المستقل كوسيلة لتعلم مهارات جديدة قد لا يطورونها في وظيفة بدوام كامل، ويتيح لهم العمل الحر العمل في مشاريع مختلفة تساعدهم على اكتساب خبرات جديدة، ويمكنهم أيضا العمل مع عملاء وصناعات وبيئات عمل مختلفة.
وبالنسبة لأصحاب العمل، فإن هذا يعني أن المستقلين يمكنهم جلب ثروة من المهارات لشركاتهم وأعمالهم.
تحقيق التوازن بين العمل والحياةوجدت دراسة "فيفر" أن 71% من جيل زد يريدون ساعات عمل مرنة، و35% يريدون بيئة عمل إيجابية.
وتشير هذه النتائج إلى أن أفراد هذا الجيل يقدرون التوازن بين العمل والحياة، ويقدرون الحرية والاستقلالية التي يوفرها العمل الحر، وهو ما يمكنهم من تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة، وهو أمر ضروري لرفاهيتهم.
ريادة الأعمالوجدت الدراسة أن واحدا من كل 4 من شباب الجيل "زد" يعتزم بدء مشروعه الخاص به، ويعد هذا الطموح في أن تصبح رائد أعمال بمثابة تحول كبير عن المسارات الوظيفية التقليدية التي اتبعتها الأجيال السابق، إذ يستكشف العديد من الشباب الآن شغفهم واهتماماتهم وهواياتهم لخلق مهنة تتوافق مع قيمهم وأهدافهم، وباعتبارهم مستقلين، لديهم الفرصة لتطوير أعمالهم الخاصة والعمل في المشاريع التي يحبونها.
قيمة سوق منصات العمل المستقل العالمية تبلغ حاليا 3.4 مليارات دولار (غيتي) سلبيات العمل الحر المستقلوذكرت منصة "أب وورك" -وهي أكبر منصة للعمل الحر المستقل في العالم- أبرز السلبيات التي يواجهها العاملون المستقلون في حياتهم وهي:
فقدان مزايا الموظفين العاديينيحصل الموظفون في العديد من البلدان على المزايا والامتيازات التي تشكل جزءا من عقود عملهم، ويشمل ذلك التأمين الصحي، والإجازات مدفوعة الأجر، والمساهمة في التقاعد والضمان الاجتماعي، وفرص التدريب المجاني.
وعندما تكون مستقلا، فإنك تفقد كل هذه المزايا، فأنت مسؤول عن تكاليف التأمين الصحي الخاص بك، واشتراكات التقاعد، وكلفة التدريب والتطوير، وطبعا إجازة العمل المدفوعة.
فقدان الدخل الثابتلا يوجد دخل ثابت أو راتب منتظم للعمال المستقلين، وفي بعض الأحيان يجد الكثيرون منهم أنفسهم بلا عمل لأيام طويلة، كما أن العديد منهم يعملون بالقطعة أو حسب متطلبات المشروع، وهو ما يؤدي إلى تقلب في الدخل، ويتطلب منهم تعلم كيفية تنظيم نفقاتهم وميزانيتهم الشهرية الخاصة.
أنت المسؤول الوحيدقد يكون أمرا مثيرا للشباب ألا يكون هناك مدير مباشر ومسؤول مسؤولية كاملة عنهم، ولكن يوجد أعباء أيضا لهذا الأمر؛ فأنت المسؤول عن كل شيء بصفتك مستقلا، ونجاحك أو فشلك يحدده مدى قيامك بمسؤولياتك بدون رقيب سوى ذاتك.
وستكون مسؤولا أيضا عن دفع فواتيرك، وإنشاء جدول العمل، وتحديد ساعات العمل الخاصة بك، كما يجب على المستقلين أن يتعلموا وضع الحدود، وإدارة وقتهم مع عدم وجود أحد يخبرهم بموعد العمل وكيفية تنظيم يومهم، وقد يكون هذا أمرا صعبا للغاية بالنسبة للمستقلين الجدد.
الدفاع عن الذات وتسويقهاباعتبارك مستقلا، سيتعين عليك أن تتعلم كيفية تسويق نفسك للعثور على مشاريع وعملاء جدد وتنمية أعمالك.
إن هذا الدفاع المستمر عن الذات قد يستغرق بعض الوقت للتعود عليه، لكنه أحد أهم أسباب نجاحك أو فشلك كعامل مستقل، وقد يبدو الأمر في كثير من اللحظات كأنه بحث دائم عن وظيفة مع التعرض للرفض في كثير من الأحيان، وهو أمر مرهق بكل تأكيد؛ وخاصة للشباب الجدد.
الشعور بالعزلةيُعد العمل من المنزل والعمل مع العملاء من جميع أنحاء العالم بلا شك أحد أفضل مزايا العمل الحر، ومع ذلك، فإن الجانب السلبي لذلك هو أن العمل من المنزل قد يجعلك تشعر بالعزلة أحيانا أيضا.
وإذا تعودت على البقاء في المنزل لفترات طويلة فقد تفقد الصلة بالمجتمع من حولك، ولهذا على العاملين المستقلين الحذر من الوقوع في براثن العزلة والتقوقع على الذات، والانخراط في أنشطة اجتماعية عديدة بدلا من العيش في صومعة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العمل الحر من الشباب العدید من
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
(في أمر جلل يهز العالم والإنسانية: 93,3% نعم و 6,7% لا. فنطبق على العالم حكم %6,7 !!!)
هل عرف العالم إفلاسا أكثر من هذا للمنظومة الدولية، أخلاقيا وفكريا وديمقراطيا وقانونيا، عندما يعارض طرف واحد إجماع 14 عضوا في مجلس "الأمن" قرارا إنسانيا بالدرجة الأولى لوقف الإبادة الجماعية لشعب أعزل، إلا من قوة إرادته على الصمود والثبات في أرضه ومنازلته للمحتل بأقصى مما جاد الله عليه من ذكاء ووسائل إصرار وتوفيق في التصويب والتنكيل بالعدو!؟
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.
إذن سموه ما شئتم إلا أن يكون مجلس "أمن" ! أين الأمن للضعفاء وللمحرومين وللمضطهدين! هذا مجلس تواطؤ ومجلس شرعنة قانون الغاب ومجلس تكريس منطق دوس القيم وكل المثل الانسانية من أجل شهوة متعطشين لسفك الدماء! ينبغي لأحرار العالم من دول ومنظمات وهيآت دولية ومجتمعية الثورة على هذا المنطق الاستعماري الذي تكوى به الانسانية منذ عقود من الزمن!
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.ويدل هذا التصويت على الإفلاس الفكري للمنظومة الحداثية الغربية التي صدعت العالم لعشرات السنين، بعد الحرب العالمية الثانية بمشروعها "المبشر" بإنقاذ البشرية من التخلف ومن الكراهية ومن القمع والاستبداد ومن الإرهاب، فإذا هي تكشف عن حقيقتها بالدوس على ذلك كله، وإستدعاء عمقها الصليبي الاستعماري بتوظيف القوة، كل أنواع القوة المادية والاستخباراتية والابتزازية وغيرها من أجل التنكيل الممنهج بكل مطالب بحقه في الحرية وفي الانعتاق من الظلم والاستغلال والاحتلال.
كما يدل هذا التصويت على الإفلاس الديمقراطي السياسي، إذ كيف تتحكم نسبة 6,7% تمثلها الإدارة الأميركية في مصير شعب بأكمله تحت الإبادة الجماعية المستمرة وترفض إيقاف الحرب ونتجاهل 93,3% من أصوات ممثلي باقي دول العالم التي صوتت لإيقاف الحرب!!
كما يعبر هذا التصويت عن الإفلاس القانوني للمنظومة الدولية حين تعطل المحاكم الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ومهام المقررين الأمميين من أجل نزوات استعلائية تسلطية استعمارية موروثة من عهد بائد سيء الذكر، لخمسة من دول العالم، ويتم تجاهل رأي 188 دولة أخرى من بين 193 دولة عضوة الآن في الأمم المتحدة.
وإنك لتعجب أشد العجب وأنت تفتح الموقع الرئيس للأمم المتحدة على الأنترنيت وتجد التقديم التالي بالأحرف الكبيرة:
"الأمم المتحدة: السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة.
تعريف بنا: مكان واحد حيث يمكن لدول العالم أن تجتمع معا، وتناقش المشكلات الشائعة
و تجد حلولا مشتركة".
﴿أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ ٧ ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ٨ وَثَمُودَ ٱلَّذِینَ جَابُوا۟ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ ٩ وَفِرۡعَوۡنَ ذِی ٱلۡأَوۡتَادِ ١٠ ٱلَّذِینَ طَغَوۡا۟ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ١١ فَأَكۡثَرُوا۟ فِیهَا ٱلۡفَسَادَ ١٢ فَصَبَّ عَلَیۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ ١٣ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ ١٤﴾ [الفجر ]
*مسؤول مكتب العلاقات الخارجية بجماعة العدل والإحسان/ المغرب