سودانايل:
2025-04-24@13:18:23 GMT

ما نوع التغيير الجذري الذي أؤمن به؟

تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT

سأتوقف مؤقتا عن مواصلة المقالات التي وعدت بها وتتعلق بتجارب الشعوب الأخرى حول انهاء حكم العسكر. سبب التوقف الاضطراري، انه ورغم العديد من الرسائل الذي أشادت بالمقال، الا ان رسالة واحدة اثارت قلقي. الرسالة من صديق عزيز ومناضل صلب، عملنا معا منذ سبعينات القرن الماضي، بل تقاسمنا حجرة السكن في داخليات جامعة الخرطوم.

لم يعجبه نقدي للتغيير الجذري، بل سألني بلهجة حزينة: هل جنيت؟
نعم جنيت، وجن كلكي كمان ولابس عقلانية. والعقلانية مبنية على سلطة العقل. العقل يتبني مقولة جوته الشهيرة: " النظرية رمادية وشجرة الحياة في اخضرار دائم". وهذا هو جوهر الديالكتيك، حيث لا شيء ثابت، والكل في حالة حركة مستمرة. فالعالم يتغير باستمرار، وكذلك الدول، والأحزاب، ووسائل التواصل، ومناهج المعرفة. الحياة تقدم لنا تحديات يومية ومستمرة. والعقل يجتهد ويبحث لتقديم أجوبة لها. وكلما تخطينا عقبات ظهرت أخرى جديدة. هذا المنهج لا يقبل السكون، ولا يقبل القوالب النظرية الجاهزة. ويتبنى التجديد والتجدد باستمرار، لا نهائي.
ما قيمة الكلام أعلاه لحديثي عن التغيير الجذري؟
المقولات أعلاه ترتكز عن لا شيء ثابت. لذلك ما طرح كتغيير جذري في عام 1917، أو بعد الحرب العالمية الثانية. يصبح ذلك ارثا وتجارب يدرس لتحديد جوانب قوتها ونجاحها أو نقاط ضعفها وأسباب فشلها. لك لا يمكن إعادة تطبيقها كاملة وبحذافيرها. في السودان ما كان يطرحه الحزب الشيوعي، عندما كان اسمه الحركة السودانية للتحرر الوطني أو الجبهة المعادية للاستعمار، لا يصلح لظروف ما بعد الاستقلال. ومواثيق المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي الذي انعقد في عام 1967، بكل زخمها، لا يمكن تبنيها بكلياتها اليوم. وقس على ذلك، ليس بمنهج عدمي يلقي كل الماضي بجرة قلم، ولا بمنهج ماضوي ينكفئ على الماضي تماما.
كتب عبد الخالق محجوب، في كتابه أفاق جديدة، الصادر في 1957 (قبل أكثر من نصف قرن)، ما يلي:
" جرت في الفترة الأولي دراسات واسعة وتوجت باستكمال الاشتراكية العلمية التي وضعها ماركس وانجلز. وفي الفترة الثانية التي أعقبت التطور السلمي للرأسمالية وتحولها الى الاحتكار والاستعمار، جرت دراسات قام بها لينين وتوصل الى ان الفترة الجديدة هي عهد الثورة البروليتارية. وفي هذا السبيل استبعد لينين القيم التي وضعها ماركس ولم تعد ملائمة للفترة الجديدة. والفترة الراهنة لا تقل في وزنها عن الفترتين السابقتين. ومن الطبيعي ان تذهب الدراسات والبحوث الى حدود بعيدة لإعادة النظر في معظم القيم الاشتراكية بهدف الاحتفاظ بكل ما هو ملائم منها واستبعاد كل ما أصبح ميتا لا يتمشى مع الظروف الجديدة. "
كتب هذا قبل أكثر من نصف قرن، وحدث بعده ما حدث. انهار الاتحاد السوفيتي، وتشتت دول المعسكر الاشتراكي، وتطورت الثورة العلمية والتكنولوجية، بما لا يقارن بعهد كتابة ذلك النص. بعد كل ذلك هناك من يتمسكون بالقوالب القديمة حرفيا، ويحاولون إعادة عجلة التاريخ للوراء، ويجربون المجرب.
هذا على المستوى النظري. ماذا على المستوى العملي:
شعبنا يواجه قضية إيقاف الحرب ثم مواجهة قضيته المركزية وهي تفكيك النظام الشمولي وبناء نظام ديمقراطي مستدام. وكان هذا هو جوهر كل الاتفاقات والتحالفات والمواثيق، التي تمت، منذ بداية الانقلاب وحتى ثورة ديسمبر. ولايزال هو هدفنا الأساسي لأنه لم ينجز بعد. لذلك الاولوية هي لتفكيك دولة الحزب الواحد وإقامة دولة الوطن. وهو ما يجمع كل أطياف قوى الديمقراطية والوطنية السودانية.
أنجاز هدف إقامة النظام الديمقراطية هو الاولوية القصوى. وبعدها نعمل وسط الجماهير لإقناعها بالتغيير الجذري. وهنا من الضروري التأكيد، وبقوة، ان كل محاولات تطبيق التغيير الجذري من أعلى انتهت الى فشل ذريع. وما نريده ان تقتنع الجماهير بنوع التغيير الذي سنطرحه وبحوار جاد معها ،ثم نعمل جميعا لتحقيقه.
من يريد فرض التغيير الجذري على شعبنا فهو واهم.

siddigelzailaee@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التغییر الجذری

إقرأ أيضاً:

تقاليد تذويب خواتم الباباوات في الفاتيكان – رمزية التغيير والاستمرارية "استثناءً من خاتم البابا فرنسيس الحالي"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في قلب الفاتيكان، حيث تلتقي التقاليد الكنسية العريقة بالطقوس الروحية، تُمارس مراسم مُحكمة لإدارة انتقال السلطة البابوية. من بين هذه الطقوس الغامضة للجمهور الخارجي  تسييح خاتم البابا وهو إجراء يُنفذ بعد نهاية حبرية البابا، سواء بالوفاة أو الاستقالة.

و يُعتبر هذا الخاتم، المُعروف باسم خاتم الصياد" (Anulus Piscatoris) رمزًا للسلطة الرسولية، وتدميره يشكل فصلًا بين عهدين.  

الخلفية التاريخية:

يرجع تقليد صنع الخاتم البابوي وتسييحه إلى قرون مضت، حيث كان يُستخدم الخاتم كأداة لختم الوثائق الرسمية باسم البابا.  
- بعد وفاة البابا أو استقالته، يُكسر الخاتم أو يُذاب بمراسيم خاصة لمنع أي استخدام غير شرعي له، خاصة في تزوير الوثائق.  
- يُصمم كل خاتم خصيصًا للبابا الجديد، ويحمل اسمه وتاريخ حبريته، مما يجعله قطعة فريدة ترتبط بعهده.  

 

المراسم والإجراءات:

دور الكاميرلينغو (Camerlengo): ويُشرف رئيس الديوان البابوي (الكاميرلينغو) على عملية تسييح الخاتم، كجزء من مهامه في إدارة الفاتيكان خلال الفترة الانتقالية ("ال sede vacante").  
  - تُنفذ العملية في سرية تامة، غالبًا باستخدام مطرقة خاصة أو صهر الخاتم في درجات حرارة عالية.  

 

الرمزية الدينية والسياسية: حيث يمثل التسييح نهاية السلطة الزمنية للبابا السابق وبدء التحضير لانتخاب خليفته ويُرسل المعدن المتبقي من الخاتم أحيانًا لصنع خاتم البابا الجديد، كرمز للاستمرارية.  

 

حالات بارزة في العصر الحديث

البابا بندكتوس السادس عشر (2013): بعد استقالته التاريخية، شهد الفاتيكان أول عملية تسييح لخاتم بابوي في العصر الحديث دون وفاة الحبر الأعظم ونُفذت المراسم بسرعة لمنع أي محاولات لاستغلال الخاتم.  

 

البابا يوحنا بولس الثاني (2005)

ذُوب خاتمه الذهبي المُزين بصورة القديس بطرس في مراسم مهيبة، بحضور كبار الكرادلة.  

 

استثناء خاتم البابا فرنسيس:

اختار البابا فرنسيس منذ انتخابه عام 2013 خاتمًا بسيطًا من الفضة المذهبة، بعيدًا عن التقاليد الذهبية الفاخرة ونظرًا لاستمرار حبريته، لم يُذب خاتمه بعد، ولن يتم ذلك إلا بعد انتهاء فترة حكمه وهذا لا يحدث لانه ارتدي خاتم من الفضه مطلي بالذهب   

 

الجدل والتحديات: 

ينتقد بعض الخبراء عدم الشفافية في عملية التسييح، خاصة مع تطور تقنيات الأمان التي قد تجعل الطقس مجرد رمز وفي المقابل، يؤكد الفاتيكان أن التقاليد تُحافظ على الهوية التاريخية للكنيسة.  

 

تظل طقوس تسييح الخواتم البابوية شاهدًا على التزاوج بين السلطة الروحية والإدارة المادية في الفاتيكان. ورغم تغير العصور، تحافظ الكنيسة على هذه المراسم كجسر بين الماضي والحاضر، مؤكدةً أن السلطة البابوية مهما بلغت قوتها  مؤقتة بطبيعتها، وتخضع لقوانين السماء قبل الارض

مقالات مشابهة

  • تقاليد تذويب خواتم الباباوات في الفاتيكان – رمزية التغيير والاستمرارية "استثناءً من خاتم البابا فرنسيس الحالي"
  • التوقيت الصيفي على وشك التنفيذ.. عقارب الساعة تتأهب لـ التغيير (اعرف الحكاية)
  • إدريس إلبا يلهم رواد التغيير البيئي في قمة إرثنا بالدوحة
  • أول مدربة ليبية: حاربت لأجل منتخب السيدات لكرة القدم.. وسأظل أؤمن بالعودة
  • المسند: التغيير المناخي قد يعيد أرض العرب مروج وأنهار بالتدريج ..فيديو
  • لحظات فاصلة في تجديد الخطاب الديني.. مشاتل التغيير (15)
  • خطوات التغيير والحل للأزمة الليبية
  • نعود ونكرّر : التغيير السياسي في العراق على الأبواب … وهذه تفاصيله !
  • أسبوع محو الأمية بجامعة حلوان.. طلاب يصنعون التغيير ويقودون التنوير
  • نهاية عصر الباباوين: حدث نادر عن مستقيل وآخر قاد التغيير