عصب الشارع -
من المستغرب أن يصدر من مجلس السيادة ببورتسودان بيان يقول فيه أنه لم يصله ما يفيد الإجتماع بين رئيس المجلس (البرهان) ورئيس كتلة القوى الوطنية الديمقراطية (حمدوك) وهي تسعى لتعتبر ذلك شهادة إعتراف بوجود مجلس، بينما نصف أعضاء هذا المجلس (المفترض) هم أعضاء في تلك القوى حيث لم يتبق منه سوى أربعة من المجلس العسكري الإنقلابي ومدني واحد، بينما تم إسقاط عضوية بقية أعضاء المجلس بشكل أو بآخر، بينما لم يعقد المجلس الذي ينتظر الدعوة إجتماعاً منذ مايقارب العام فمن الذي يكتب البيانات بدلاً عنه والسؤال طبعاً لا يحتاج إلى إجابة فالجميع يعلم من يفعل ذلك.
والشخص الحالم والذي يكتب هذه البيانات بدلاً عن ذلك المجلس الهلامي يعلم بأن الدعوة المنتظرة لا علاقة لها بالمجلس المذكور بل تخص الجيش في المقام الأول على إعتبار أن المدعو هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وليس رئيس ذلك المجلس الذي يبحث عن إثبات وجوده بالقوة وأن الحوار المفترض يصب في التوصل لكيفية إيقاف الحرب بين الطرفين ولا علاقة له بمستقبل البلاد السياسي على اعتبار ان تلك مرحلة لاحقة ستأتي من خلال منبر جده أو قد يكون تمهيداً لتلك الخطوة في أفضل الأحوال ولكن خارجية بورتسودان ومجلس السيادة غير الموجود حالياً يحاولان وضع أنفسهم في ذلك الحوار لأسباب معروفة..!!
وبينما يراوغ من يكتبون تلك البيانات لإنتزاع إعتراف بحكومة الأمر الواقع في بورتسودان ومجلس سيادتها الإفتراضي، يطوف قائد اللجنة الأمنية من جانب آخر في الحاميات العسكرية ويحدث الجنود بعدم الرغبة في الحوار وأنه سيمضي في هذه الحرب حتى آخر جندي ويدعو المواطنين في ذات الوقت لحمل السلاح لخلق نوعاً من (الرعب) بعدم إمكانية الوصول إلى سلام كنوع من أنواع الضغط لتسهيل مهمة الجانب الآخر في عملية الإعتراف، وهو يعلم أنه في نهاية المطاف سيجلس لحل الأمر عن طريق الحوار وهو يبحث فقط عن إعتراف بوجود حكومة قبل تلك الخطوة لإستصحاب آخرين معه الى مائدة الحوار .
إتجاهان مختلفان تحاول بهم المجموعة الإنقلابية خلط الأوراق فبينما يقود البرهان خط (بل بس) والإستنفار وتسليح الشعب تقود المجموعة الكيزانية القابضة على مفاصل الحكومة الإفتراضية الخط الآخر السياسي المنادي بخلق علاقات تواصل مع بعض الأطراف لعلمهم بأن كافة الاطراف لا تعترف بهم، وهم يبحثون تحت ضغط قائد اللجنة الأمنية عن إعتراف لن يكون، فالأمر نفسي وشعار (أي كوز ندوسو دوس) صار أمراً واقعاً في دواخل كل سوداني والحكومة الكيزانية تبحث عن اعتراف مستحيل..
والثورة ستظل مستمرة
والقصاص يظل أمر حتمي
والرحمة والخلود للشهداء
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
فاروق الشرع…؟
من جديد ووسط ما يحدث فى سوريا اليوم تردد اسم «فاروق الشرع»، وهو الذى شغل منصب نائب الرئيس السورى السابق ووزير خارجية سوريا لسنوات طويلة. اليوم تردد اسمه من جديد بعد سقوط «بشار» باعتباره شخصية ذات ثقل فى مسألة الحوار الوطنى. ولقد التقى مؤخرًا بالقائد العام للإدارة السورية الجديدة ليتم بحث موضوع مؤتمر الحوار الوطنى ودور «فاروق الشرع» فيه. ولقد ظهر جليًا اليوم أن «فاروق» يحظى بقبول وافر لدى الشارع أيضًا نظرًا لمواقفه الرافضة لطريقة تعامل نظام «بشار» مع الاحتجاجات.
مؤشرات ظهور «فاروق الشرع» من جديد تؤكد أن دوره المحتمل فى سوريا الجديدة يتجه نحو الحوار الوطنى وهو النهج الذى طالما تبناه، ويؤكد مقربون منه أنه كان قيد الإقامة الجبرية منذ عام 2013 بعد دعوة أطلقها للحوار مع قوى المعارضة. الجدير بالذكر أنه علق على سقوط نظام بشار قائلًا: (إنه يرحب بالتغيير فى سوريا من شمالها إلى جنوبها بعد معاناة الشعب السورى الطويلة). وحذر من الفوضى التى خلقها تخلى «بشار» المفاجئ عن السلطة دون أية محاولة لنقلها رسميًا.
«فاروق الشرع» دبلوماسى وسياسى بارز ولا تنسى له مواقفه عندما كان يتولى منصب نائب رئيس الجمهورية فى سوريا فى الفترة من 2006 وحتى 2014، وقبل ذلك لا ينسى له نشاطه وعمله الدءوب عندما كان يشغل حقيبة وزارة الخارجية من الفترة بين 1984 وحتى 2006. وفى عام 2013 تم استبعاده من القيادة القطرية لحزب البعث. التقيته أكثر من مرة وأجريت معه العديد من اللقاءات لهيئة الإذاعة البريطانية. وأذكر له مواقفه الجريئة، ففى العام ذاته حدثنى حول الأزمة فى سوريا قائلًا: (إن الحسم العسكرى وهم، وأن الحل يكون بتسوية تاريخية). واليوم ربما تتجه الحكومة المؤقتة فى سوريا إلى تبنى نفس النهج الذى طالما تبناه «فاروق الشرع» ودعا إليه ألا وهو الحوار الوطنى الشامل، وهو النهج الذى تتبناه الإدارة الجديدة فى سوريا اليوم، ولهذا أكملت التحضيرات من أجل عقد اجتماع موسع فى دمشق لإطلاق حوار وطنى شامل، والذى ينتظر أن يعقد خلال الأيام المقبلة. والمزمع أن تحضره كل الهيئات وممثلون عن الشعب السورى ومكوناته. كما ستتم دعوة ممثلى التجمعات السياسية والمجتمع المدنى والكفاءات العلمية والمستقلين.
ولقد قيل بأن ممثلين عن الفصائل العسكرية للثورة سيشاركون فى الاجتماع المذكور والذى ينتظر أن يضع الأسس التى يبنى عليها النقاش بشأن المرحلة الانتقالية وآلية إدارة شئون الدولة فى الفترة المقبلة. يحمد لفاروق الشرع مواقفه الجريئة وتبنيه المنطق فى الحكم على الأمور، فهو السياسى البارز الذى لم يكن يخشى فى الحق لومة لائم. ولأنه بادر وانتقد سياسات الرئيس «بشار الأسد» علانية دفع الثمن بأن تم إقصاؤه عن المشهد واختفى تمامًا، وأبعد عن المشهد السياسى فى الأعوام الأخيرة من حكم «بشار».
فى إطار المستجدات التى جرت مؤخرًا بادر «أحمد الشرع» القائد العام للإدارة الجديدة فى سوريا فقام بزيارة "فاروق الشرع" فى مكان إقامته فى إحدى ضواحى دمشق ووجه له دعوة لحضور مؤتمر حوار وطنى من المقرر أن يعقد قريبًا فى العاصمة دمشق، وهو الحوار الذى طالما دعا إليه «فاروق الشرع» بوصفه الطريق القويم للإصلاح. حمى الله «فاروق الشرع» السياسى البارع الذى دفع فى يوم من الأيام ثمن صراحته وشجاعته وتشبثه بالحق وحده.