ما صحة حديث أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم .. معناه وكيف يكون ذلك؟
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
ما صحة حديث «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم»؟، سؤال يشغل ذهن الكثيرين، وأوضحه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ونوضحه في التقرير التالي.
ما صحة حديث أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم؟روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقيلوا ذوى الهيئات عثراتهم إلا الحدود»، يقول ابن القيم- رحمه الله- في معنى حديث أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم : إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعبر عن أهل التقوى والطاعة والعبادة بأنهم ذوو الهيئات، ولا عهد بهذه العبارة في كلام الله ورسوله للمطيعين المتقين، والظاهر أنهم ذوو الأقدار بين الناس من الجاه والشرف والسؤدد، فإن الله تعالى خصهم بنوع تكريم وتفضيل على بني جنسهم، فمن كان منهم مستورا مشهورا بالخير حتى كبا به جواده، ونبا عضب صبره، وأديل عليه شيطان، فلا نسارع إلى تأنيبه وعقوبته، بل تقال عثرته ما لم يكن حدا من حدود الله، فإنه يتعين استيفاؤه من الشريف كما يتعين أخذه من الوضيع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها متفق على صحته».
وتقول دار الإفتاء: حَثَّ الشرعُ الشريف على الستر؛ لأنَّ أمور العباد الخاصّة بهم مبنيةٌ على الستر؛ فلا يصحّ من أحد أن يكشف ستر الله على غيره حتى ولو كان ذلك معصيةً؛ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» رواه مسلم، وفي رواية لابن ماجه: «منْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ». قال الإمام أبو عمر ابن عبد البر في "التمهيد" (5/ 337، ط. مؤسسة قرطبة): [وفيه أيضًا ما يدلّ على أنَّ الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة، وواجب ذلك عليه أيضًا في غيره] اهـ.
وقال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل" (3/ 408، ط. دار الفكر): [يجب ستر الفواحش على نفسه وعلى غيره لخبر: «مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ»] اهـ.
إضافة لذلك: فإنَّ نشر خصوصيات الناس فيه اعتداءٌ صريحٌ على حقوق الناس الأسرية والمجتمعية الخاصة والعامة؛ وهذا مذمومٌ شرعًا، وهو أيضًا جريمة قانونية يُعاقَب عليها وفق القانون رقم (175) لسنة 2018م، والخاص بـ"مكافحة جرائم تقنية المعلومات"؛ فقد جَرَّم المُشَرِّع المصري في هذا القانون نشر المعلومات المُضَلِّلة والمُنَحرفة، وأَوْدَع فيه مواد تتعلق بالشق الجنائي للمحتوى المعلوماتي غير المشروع؛ ففي المادة (25) من القانون المشار إليه نَصَّ على: [يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل مَن اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة..] اهـ.
وشددت بناءً على ذلك: فقد حثَّ الشرع الشريف على الستر والاستتار؛ ممَّا يدلّ على فضل الستر على الناس والحفاظ على حرماتهم.
خطيب المسجد الحرام: الستر نعمة عظيمة لو كشفها الله عن الناس لافتضحوا خطيب المسجد الحرام: الله أحكم الستر بالدين والشرع وربطه بجمال اللباس والصورة أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهميقول الدكتور علي جمعة: أمرنا سيدنا رسول الله ﷺ أن نستر المؤمنين: « أَقِيلُوا ذَوِى الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ »، « مَن استطاع منكم أن يستُرَ أخاه المؤمِنَ بطَرَفِ ثَوْبِه فَلْيَفعَلْ»، «مَنْ ستر مؤمنًا في الدنيا، ستره الله يوم القيامة » الإسلام مبني على الستر والعفو، وعلى عدم إشاعة الفاحشة بين الناس، ومبني على عدم التفاخر بالمعصية، بل يجب علينا أن نستر هذه المعصية حتى تُنْسَى، وحتى يستمر مَنْ وقع فيها وَقُدِّرَ عليه هذا البلاء في التوبة إلى الله من غير فضيحة، فَأُمِرْنَا بالنصيحة دون الفضيحة، فإذا ما نصحت أخاك في السر برفق، فإنها نصيحة، وإذا ما جهرت بذلك، فإنها فضيحة.
وتابع: ربنا عز وجل يستر المؤمن مرات؛ ولذلك عندما جيء لسيدنا علي بن أبي طالب –رضى الله عنه- بشخص يستحق الحد؛ لأنه قد ارتكب جريمة من الجرائم، وجاءت أمه تتشفع، فقال لها سيدنا علي: إن الله سبحانه وتعالى لا يفضح العبد في المرة الأولى -ابنك هذا ارتكب هذه الجريمة مرات- .
قالت: كيف تعلم؟ قال: لأنه الله سبحانه وتعالى سَتِيرٌ يحب الستر. وبعد ما أقام عليه العقوبة، سأله: أي مرة هذه؟ فقال: هذه هي المرة العشرين. أي أن الله سبحانه وتعالى ستره مرة، وثانية، وثالثة، ورابعة، وخامسة.....، بل ستره عشرين مرة، وهو يرتكب ذلك الجرم لا يستحي من الله ويضر الناس ويوقع بهم الأذية. وأيضًا: يتهم بعضهم بعضًا؛ ظانين أنهم هم الذين ارتكبوا هذه المعصية، في حين أن هذا هو الذي ارتكبه. كان ينبغي عليه أن يتوب إلى الله، وأن يتمتع بستره؛ ولكنه لم يفعل.
وشدد: الله سبحانه وتعالى يستر، فعليك أيها المؤمن أن تستر؛ وأول من تستر نفسك ، ولذلك نهانا سيدنا رسول الله ﷺ أن نجاهر بالمعصية وأن نفتخر بها، وتستر أخاك ثانيًا؛ ولذلك أُمِرْنَا أن نستر على المؤمنين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء النبی صلى الله علیه الله سبحانه وتعالى على الستر الله عن
إقرأ أيضاً:
ملتقى الجامع الأزهر يسلط الضوء على بشارة ميلاد الرسول وطهارة نسبه الشريف
يعقد الجامع الأزهر ملتقى السيرة النبوية الثاني غداً الأربعاء، والذى يأتي تحت عنوان "بشارة الميلاد وطهارة النسب الشريف" وذلك بحضور، أ.د نادي عبد الله محمد، أستاذ الحديث وعلومه ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية لشئون الدراسات العليا بالقاهرة، وأ.د صلاح عاشور، أستاذ التاريخ وعميد كلية اللغة العربية السابق، يدير الحوار فضيلة الشيخ، إبراهيم حلس، مدير إدارة الشئون الدينية بالجامع الأزهر.
وذلك في إطار توجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر.
وذكر د. عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة الأزهرية، أنه قد اختار الله تعالى نبيه ﷺ من خير القرون، وأزكى القبائل، وأفضل البطون فكان ﷺ أعظم قومه نسباً وشرفاً، واقتضت وجرت حكمة الله تعالى أن يكون الأنبياء والرسل من ذوي الأنساب الأصيلة، ونبينا محمد ﷺ وُلِدَ ونشأ وبُعِث في أمة تعتز بالأنساب، إذ بها يُعرفون، وبها يفتخرون، ونسب نبينا ﷺ من الشرف أعلى ذروة، وقد شهد له بذلك عدوه أبو سفيان بين يدي هرقل ملك الروم، لافتاً إلى أن هذه الندوة تأتي في إطار مساعي الأزهر الشريف في تعميق الفهم بصحيح الدين، مما يساهم في تعزيز الوعي العام حول سيرة النبي ﷺ، داعيًا الجميع للحضور والمشاركة في هذا الحدث المميز، الذي يعكس دور الأزهر الشريف الذي يقوم به فى هذا الصدد.
من جانبه أوضح د. هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، أن رسولنا الكريم ﷺ كان دعوة أبيه إبراهيم، وكان بشرى أخيه عيسى بن مريم عليه السلام، وكان رؤيا أمّه حين رأت في المنام قبل ولادته نورًا خرج منها أضاءت له قصور الشام. فجعله الله سراجًا منيرًا استنارت به الأرض بعد ظلمتها، وجمع الله به الأمة بعد شتاتها، واهتدت به البشرية بعد حيرتها، ومع بعثته ولدت الحياة وارتوى الناس بعد الظمأ.
ويأتي هذا الملتقى بداية لسلسلة من الفعاليات التي تعزز من الحوار البنّاء والمثمر في مجتمعاتنا، ومن المقرر أن يعقد يوم الاربعاء من كل أسبوع بعد صلاة المغرب بالظلة العثمانية بالجامع الأزهر.