شبكة اخبار العراق:
2025-01-03@15:37:14 GMT

مزحة كئيبة في سيرك عجائبي

تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT

مزحة كئيبة في سيرك عجائبي

آخر تحديث: 7 يناير 2024 - 12:04 مبقلم:فاروق يوسف يتمنّى المرء ألاّ تكون هناك دولة فاشلة في بلاده، ألاّ تُقدم بلاده باعتبارها مأوى لأكثر الفاسدين في التاريخ فسادا، ألاّ تتألف النخب الحاكمة في بلاده من أولاد شوارع سابقين، لم يتعلّموا سوى لغة السلاح.غير أن الواقع لا يلتفت إلى الأماني الطيبة. فما جرى ويجري في أجزاء من عالمنا العربي لا ينبئ بالخير.

هناك قوة شريرة في مكان مّا من العالم تجد أن ليس في مصلحتها أن تعيش شعوب بعينها الحياة التي تستحقها انسجاما مع ما وهبتها الطبيعة من ثروات وخيرات وعقول. لقد انقلبت كل الموازين، فصارت الثروة والرفاهية والترف والمكانة العالية من حصة اللصوص والأفاقين والفاسدين وعديمي الضمير والمزوّرين والمهرّبين. أما الشرفاء والمفكرون والعلماء وأصحاب الضمائر الحية والأرواح الوطنية النزيهة والبناة الحقيقيون فإن مصيرهم أن يشقوا ويعزلوا وتنقطع أخبارهم ويُشرّدوا وتُكتم أصواتهم. إنه عالم مقلوب صار يتاجر بالموت على حساب الحقيقة، وهو ما يتم تسويقه من خلال تنظيمات وأحزاب وميليشيات احتكرت القضايا الوطنية في إطار صفقات تتعاون شركات محلية وعالمية على إدارتها. الشعوب التي ترفع من شأن أحطّ أبنائها تزداد تخلفا مع مضي الوقت فهي أشبه بحجر انزلق إلى هاوية لا قاع لها، وهي عن طريق الانقلاب على الحقائق التي تحكم التاريخ وإدارة الظهر لأسباب التقدم التي أخذت بها شعوب أخرى إنما تحفر قبرها بنفسها. لا تنفع الشعارات المدعومة بالسلاح التي يتم تداولها من أجل رفع المعنويات في إخفاء عمليات التضليل والاحتيال والخداع والتزييف والكذب.فعلى سبيل المثال يمكن النظر إلى دول تهيمن عليها الميليشيات باعتبارها دولا خارجة على القانون، لا تملك مجتمعاتها القدرة على بناء حاضرها فهي مجتمعات محكومة بالسلاح، تبدأ به وتنتهي إليه. والسلاح، إن كان بديلا للعلم والكفاءة والخبرة والثقافة، فإنه لن يصنع إلا وهما لقوة يمكن فناؤها في أيّ لحظة. الشعوب التي ترهن حيويتها للسلاح هي شعوب تقضي على نفسها بنفسها وليس الأمل الذي يتداوله بلغاؤها سوى موقد نار يحرق ما لديها من أفكار عن الغد. الأمل خرافة أما الغد فإنه يكون أشبه بالعدو إذا ما سيطر التفكير في الماضي على خيال الشعوب. ألا يعيش الجزء الأكبر من شعوبنا في الماضي؟ ما من أحد يمكنه أن يعترض على حق الشعوب في أن تقاوم. المقاومة حق تفرضه الطبيعة والقوانين. كان الرئيس الأميركي جورج بوش الابن قد اعترف يوم احتلت بلاده العراق بحق العراقيين بالمقاومة. قال ذلك بكلام صريح. والمقاومة فكرة وطنية وإنسانية نبيلة. أما أن تشهر الميليشيات سلاح المقاومة من أجل فرض أجندتها على الشعوب لتضعها ومعها الدولة تحت سيطرتها فذلك أمر يخرج عن المنطق ويبتذل الفكر المقاوم. ذلك ما يحدث اليوم في العراق واليمن ولبنان. فبعد أن استولى المقاومون على تلك الدول ونهبوا ثرواتها وصادروا القرار السياسي فيها لم يعد للشعوب مكان على أرضها. لقد تحولت دول إلى ثكنات عسكرية لا عمل لها سوى بث الرعب والفزع والخوف في قلوب مَن لا يملكون بطاقة للدخول إليها. لقد صار العدو الخارجي مجرد حكاية دعائية يغلب عليها التهريج، وهو ما يعني أن كل دولة استولت عليها المقاومة قد تحولت إلى سيرك تديره عصابات متخصصة في نهب الأموال واغتصاب الأراضي وتهريب المخدرات. في المقابل ليست إسرائيل وهما. ولكن مقاومتها عن بعد هي أشبه بمزحة سوداء كئيبة. هل علينا أن نصدق أن لبنان والعراق واليمن هي دول يتهددها عدوّ خارجي؟ تلك دول فُككت من داخلها وغُيبت إرادتها الوطنية من أجل أن توضع على خارطة المشروع التوسعي الإيراني. المخططون لذلك لمشروع يكذبون حين يتحدثون عن فلسطين. فلا وجود لفلسطين على خارطتهم. تلك خارطة تحاشى واضعوها الوصول إلى إسرائيل أو التماس بها. أما محاولات إيران لإزعاج إسرائيل فهي تعبر عن رغبتها في تذكير الولايات المتحدة بوجودها إذا كانت نسيتها. تضحي إيران بعملائها من خلال الزج بهم في حرب بالوكالة لكي تقول “تذكروني”. فشل العراقيون في إقامة دولة على أنقاض الدولة التي هدمها الاحتلال الأميركي، وفشل اللبنانيون في الحفاظ على وفاقهم الطائفي الذي مزقته الحرب الأهلية وزاده حزب الله تمزيقا، وفشل اليمنيون في الاستفادة من فرصة سقوط النظام السياسي القديم حين ذهبوا إلى ظلامية طائفية لم يتعرفوا عليها من قبل، وعبر كل ذلك أفنيت دول حين صار فاسدوها عناوين لمجتمعها ومُحي غدها حين صار الالتفات إلى الماضي نوعا من المقاومة. أما حين صار الفاسدون سادتها فقد صار عليها أن تخرج من العصر بمحض إرادتها.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

الـ2024 ترحل غير مأسوف عليها

قد يكون ما سيكتب في هذه الزاوية اليومية من كلام عن سنة مضت وأخرى أطّلت شبيهة بما كُتب السنة الماضية أو تلك التي قيلت على مدى سنوات الانهيار. ولكن ما يمكن أن تأتي به هذه الأسطر من جديد هو إجماع اللبنانيين على اعتبار سنة 2024 هي الأسوأ بين السنوات السيئة. يحاول المرء أن يفتش عن أسباب تخفيفية لهذه السنة المشؤمة فلا يجد سوى البؤس، والحزن، والخراب، والانهيار. فلا رئيس للجمهورية يحكم. ولا مؤسسات منتظم عملها. ولا هدنة مضمونة النتائج ومستدامة. ولا شيء إيجابي يلوح في الأفق. ولا أمل في الخروج من دوامة الأزمات.   وإذا أراد كل واحد منا أن يبحث عن بصيص ضوء أو أمل بغد لا أحد يعرف كيف سيكون فلا يجده، حتى أن ما يخبئه المستقبل من مفاجآت قد يكذّب المنجمين والبصارين وقارئي الفنجان أو الضاربين بالرمل. هي أمنيات وليس أكثر من ذلك. هي أمنيات تتشابه ونحملها من سنة إلى أخرى على أمل أن يتحقّق منها ولو عشرة في المئة. وفي مطلع كل سنة جديدة نعيد التمنيات ذاتها، ونحاول أن نحمّلها أكثر من قدرتها على الاحتمال. نلقي على أكتافها همومنا ومشاكلنا وأحلامنا وحقّنا بالعيش الكريم. ومع توالي أيام السنة الجديدة تبقى التمنيات مجرد تمنيات نحاول من خلالها تجميل الواقع، أو بالأحرى رفض ما في هذا الواقع من بشاعات غير مرتبطة بدورة الأيام العادية.   كثيرة هي التمنيات التي نحمّلها كل سنة لكل سنة تأتي طبيعيًا ومن دون استئذان، بعد أن نكون قد أنزلنا بالسنة التي تمضي كل ما لدينا من نعوت بشعة، وهي التي كنا نعلق عليها الآمال. فلا السنوات التي ودّعناها كانت كلها سيئة، ولا كل السنوات التي كنا ننتظرها بشغف وشوق حملت لنا ما حمّلناها إياها من تمنيات، وإن كانت أحيانًا غير واقعية وغير منطقية.    ليس سهلًا علينا أن نعي أن كل لحظة تمضي لن تعود مرّة جديدة، لتنضم إلى السلالة الكونية في دورانها التجدّدي في مدار توالي السنين، وهي سنّة التواصل بين ماضٍ لم يعد سوى ذكريات، وبين حاضر لا يدوم سوى لحظات، ومستقبل لا يعرف أحد منا ما يخبئه له من مفاجآت، سارةً كانت أم حزينة.     فهذه الجدلية القائمة بين دورة الأيام، بين شروق الشمس ومغيبها، هي ما تعطي لماضينا معنىً عبر مسلسل حياة عبرت بسرعة وكأن ما عشناه قبل سنوات هو كالأمس الذي عبر. ولكن أحلى ما في هذا الماضي أنه كان لنا فيه أحبة أصبحوا ذكرى وأغنية لم ينظمها شاعر ولم يلحنها موسيقي. وأجمل ما في الحاضر أنه جسر من "حبال هواء" تربط بين ما مضى وبين ما هو آتٍ.    عندما يتعانق عقربا الساعة عند منتصف ليل 31 كانون الأول و1 كانون الثاني تنتهي سنة كثُرت فيها خيبات الأمل لتبدأ سنة جديدة سنحمّلها أكثر مما تحتمل، في لعبة الهروب من واقع مرير إلى المجهول، الذي سينضم بعد 365 يومًا إلى نادي الأيام الضائعة والتائهة في ما يُسمى الماضي، وهي أيام لن تعود إلا ذكريات، جميلة كانت أم بشعة، فرحة أم حزينة.   هي جدلية تتكرر مرّة كل سنة. ومعها تدور دورة الأيام الرتيبة حتى يُخيّل للمتأمل في الأسرار الكونية أن اللحظات الجميلة لا تدوم طويلًا، وذلك لكثرة ما في وقائع الحياة من ترسبات الماضي. ويكفي ألا يكون الذين كانوا يملأون دنيانا بهجة وفرحًا غير حاضرين اليوم إلاّ في الوجدان لنكتشف كمّ هي قاسية دورة الحياة. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • ميدفيديف: روسيا والصين تواجهان استراتيجية الغرب لتقسيم الشعوب والسيطرة على العالم
  • المنظمة العربية لحقوق الإنسان تدين الاعتداء الإرهابي بنيو أورلينز
  • بهجلي يلتقي وفدا زار زعيم حزب العمال الكردستاني أوجلان (شاهد)
  • ‏زيف القوة أمام صمود الشعوب وإرادة الحق
  • حراك سياسي في تركيا بعد إشارات إيجابية من الزعيم الكردي أوجلان
  • حسين العزي: الاعتداءات الأمريكية على اليمن تكشف رفضها لحرية الشعوب وكرامتها
  • المنطقة العربية وعام غارق بتوترات سياسية واجتماعية
  • الـ2024 ترحل غير مأسوف عليها
  • وزير الأوقاف يهنئ "السيسي" بحلول شهر رجب المبارك والعام الجديد
  • وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بحلول شهر رجب والعام الجديد