بالتوازي مع موجات "التفاؤل" التي عمّت الأوساط السياسية على مستوى الاستحقاق الرئاسي، والتي يراها كثيرون "مفتعلة"، وغير مبنيّة على وقائع حقيقية ومثبتة، كثر الحديث في الأيام الأخيرة عن "مقايضة" قد تحرّر ملف رئاسة الجمهورية من "الأسر"، تقوم على "مبادلة" ما بين انتخاب رئيس ينال "مباركة" من "حزب الله"، وما بين تنفيذ القرار الدولي 1701، الذي عاد إلى صدارة الاهتمام الدولي.


 
يقول المروّجون لهذه "المقايضة" المزعومة، حتى إثبات العكس، إنّ "حزب الله" يريد الاستفادة من الجو الدوليّ الضاغط حول القرار الدوليّ 1701، على وقع التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة بحربٍ على لبنان، يريد المجتمع الدولي تفاديها، وذلك بالمطالبة بـ"ثمن مقابل" لتنفيذ رغبات الخارج، على مستوى ملف الرئاسة، بما يسمح بوصول رئيس محسوب عليه إلى قصر بعبدا، وفق معادلة "أعطونا الرئاسة وخذوا الـ1701"، كما جاء في تقارير صحفية قبل أيام.
 
بحسب هؤلاء، فإنّ المجتمع الدولي قد لا يمانع الوصول إلى مثل هذه "الصفقة"، فالأولوية بالنسبة إليه في الوقت الحالي هي إنهاء الوضع القائم على الحدود الجنوبية، خصوصًا أنّ الجانب الإسرائيلي يريد حلاً جذريًا يضع حدًا لتهديد "حزب الله" للمستوطنات الشمالية، "المهجَّرة" من سكانها حتى إشعار آخر، ما يطرح السؤال: هل تعكس "المقايضة المزعومة" جانبًا من الحقيقة؟ وهل من فرص فعليّة لها في أن تبصر النور في المدى المنظور؟!
 
الرئاسة ليست "جائزة ترضية"
 
ليس خافيًا على أحد أنّ التسريبات عن مثل هذه "المقايضة" أثارت "نقزة" لدى الكثير من الأوساط السياسية في الأيام الأخيرة، ولا سيما قوى المعارضة، التي "تأهّبت" رفضًا لهذا السيناريو، الذي يهمّش رئاسة الجمهورية، ويصوّرها على أنّها "جائزة ترضية" تقدَّم لهذا الفريق أو ذاك، في سبيل الحصول على "مكاسب" معيّنة.
 
وفي معرض رفض "المقايضة"، تقول أوساط المعارضة إنّ المشكلة الحقيقية والفعلية التي أدّت إلى إطالة أمد الفراغ لأكثر من عام كامل، وعطّلت انتخاب رئيس حتى اليوم، تكمن في "مواصفات" الرئيس العتيد التي تتمسّك بها المعارضة، فهي ترفض الذهاب إلى انتخاب رئيس "كيفما كان"، وتصرّ على أنّ رئيس الجمهورية يجب أن يكون "قويًا وجريئًا وشجاعًا"، وعلى أنه يجب أن يرفض التطبيع مع كلّ ما هو "غير شرعي" في المقام الأول.
 
وفيما تلفت هذه الأوساط إلى أنّ أيّ "مقايضة" حتى لو كانت موجودة، لا يمكن أن تبصر النور، من دون أن تكون قوى المعارضة موافقة عليها، فضلاً عن "التيار الوطني الحر" الذي سبق أن تقاطع مع هذه القوى على الرغم من كلّ الاختلافات، تحت عنوان منع وصول مرشح "حزب الله" إلى قصر بعبدا، تشدّد على أنّ المنطق القائل بأنّ هذه القوى "في الجيب"، وأنّ هناك من يستطيع أن "يَمون" عليها، ثبت أنّها غير دقيقة وغير واقعية.
 
موقف "حزب الله" الحقيقي
 
لعلّ المفارقة وسط كلّ هذه "المعمعة"، أنّ استنفار المعارضة وخطابها يوحي بأنّ "حزب الله" يقف وراء هذه المقايضة، أو كأنّه من يدفع باتجاهها بشكل أو بآخر، في حين أنّ الواقع عكس ذلك على الإطلاق، بحسب ما يقول العارفون بأدبيّاته، حيث يجزمون بأنّ الحزب لا يمكن أن يقبل بمثل هذه "المقايضة" إن وُجِدت، بل إنّ مرشحه للرئاسة رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، لا يقبل أن يضعه في مثل هذا الموقف، تحت أيّ ظرف من الظروف.
 
يوضح العارفون بأدبيّات "حزب الله" أنّ الحزب الذي يخوض معركة "وجودية"، إن جاز التعبير، على الحدود الجنوبية، من باب التضامن مع قطاع غزة الذي يتعرّض لحرب إسرائيلية وحشيّة، والدفاع عن السيادة اللبنانية، لا يمكن أن يفرّط بـ"ورقة القوة" التي يمتلكها في سياق "الحرب النفسية"، وهي الحقّ المشروع في المقاومة، فإذا كانت الرئاسة غير مطروحة للمساومة، فالأولى أنّ حق المقاومة هو كذلك في قاموس "الحزب"، وهنا بيت القصيد.
 
ولعلّ كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري، ردًا على التسريبات المتداولة، تشكّل "أبلغ ردّ" على كلّ ما يُساق، فهو كان واضحًا بقوله: "نحن لا نفرّط بمتر واحد من الجنوب أو من الأراضي اللبنانية في مقابل حصولنا على أعلى المناصب في الدولة"، وهي رسالة كان واضحًا أنّه يوجّهها باسمه وباسم "حزب الله"، بعدما أوحى الكثيرون أنّه من أطلق رسالة "المقايضة" نيابة عن "حزب الله"، بما يخالف "الثوابت" التي لطالما تمسّك بها الطرفان على حدّ سواء.
 
لا مقايضة ولا من يحزنون إذاً. هذا ما توحي به المواقف الداخلية المُعلَنة والمُضمَرة. فانتخاب رئيس الجمهورية ضرورة، وليس ترفًا. لكنّ إنجاز الاستحقاق يجب أن يتمّ وفق الأصول القانونية والدستورية، وليس بمقايضات وتسويات، تتحوّل معها الرئاسة إلى "حرف ناقص". لا يعني ما تقدّم أنّ "لا دخان من دون نار"، كما يُقال، لكنّه يعني أنّ مثل هذه النار قد لا تكون قادرة على إشعال الدخان، الذي يحتاج إلى مقاربة مختلفة، قلبًا وقالبًا! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله مثل هذه

إقرأ أيضاً:

إضرام النار في سفارة إسرائيلية.. ما حقيقة الفيديو؟

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، قيل إنه يُظهر اشتعال النيران نتيجة استهداف سفارة إسرائيل في الهند.

ويظهر في الفيديو المصوّر ليلاً، نيران مشتعلة في مبنى ورجال إطفاء في محيط الحادث. ويُسمع فيه تعليق مذيعة تتحدث عن "استهداف السفارة الإسرائيلية في الهند".

وحصد الفيديو مئات المشاركات على "إكس" و"فيسبوك". وعلّق الناشرون بالقول: "أنباء عن استهداف السفارة الإسرائيلية في الهند".

طفلان يبكيان على قبر أمهما في غزة.. حقيقة الفيديو مع استمرار الحرب في قطاع غزة التي تؤكد الأمم المتحدة أن غالبية القتلى فيها من النساء والأطفال، نشرت صفحات على مواقع التواصل مقطع فيديو قالت إنه لطفلين يبكيان على قبر أمهما التي قضت في قصف إسرائيلي. إلا أن الادعاء خطأ والفيديو المصور قبل أكثر من سنة يظهر طفلين في باكستان بجانب قبر جدتهما.

ويأتي انتشار الفيديو تزامناً مع مرور سنة تقريبا على هجوم حماس في السابع من أكتوبر على إسرائيل، وبدء الحرب في غزّة، بينما يقف العالم عاجزاً عن وقف الكارثة التي امتدت إلى لبنان وتُهدّد بإشعال منطقة الشرق الأوسط.

فالثلاثاء، أعلنت إسرائيل أنها بدأت عملية عسكرية بريّة تستهدف مواقع تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، بعد أيام قليلة من مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله، في ضربة مدمّرة على ضاحية بيروت الجنوبية، أحد معاقل الحزب، سبقتها سلسلة اغتيالات وتفجيرات لأجهزة اتصال أصابت المئات من عناصره.

كما يأتي الفيديو في الوقت الذي تعرضت فيه إسرائيل لهجوم صاروخي من إيران، الثلاثاء، والذي توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالرد عليه.

نبع في مكة يتدفق منه "الماء والنار معا".. ما حقيقة الفيديو؟ هل يمكن أن يرصد مقطع فيديو نبعا في السعودية يتدفّق منه الماء والنار في الآن نفسه؟ وهل يمثل ذلك "ظاهرة غريبة" تنذر بـ"نهاية العالم"، وفقاً لناشريه. حقيقة الفيديو 

لكن الفيديو لا يظهر استهدافا لسفارة إسرائيل في الهند.

فالتفتيش عنه بعد تقطيعه لمشاهد ثابتة يرشد إلى تقرير مصور يظهر المشاهد نفسها نشرته قناة أميركية على يوتيوب، في العاشر من سبتمبر الماضي. (رابط أرشيف).

وحسب التفاصيل التي أوردتها القناة إضافة لمواقع إخبارية أخرى، فقد اشتعلت النيران في مطعم يدعى "بيتزامانيا" يقع في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أرشيف 1، 2).

كما يمكن العثور على موقع المطعم المذكور في خدمة خرائط غوغل. 

أما صوت المذيعة الذي يسمع في الفيديو، فيرشد البحث عنه باستخدام عبارات مثل "استهداف السفارة الإسرائيلية الهند" إلى مقطع الفيديو الأصلي الذي تظهر فيه المذيعة على قناة "العربية" بتاريخ 26 ديسمبر الماضي  (رابط أرشيف).

وآنذاك، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان وقوع "انفجار" قرب السفارة في نيودلهي لم يسفر عن أي إصابات.

وقال نائب السفير الإسرائيلي في نيودلهي أوهاد نقاش كينار، في بيان: "هذا المساء.. وقع انفجار على مقربة من السفارة".

وأضاف حينها: "جميع موظفينا بخير، وجميع دبلوماسيينا بخير. وتعمل فرقنا الأمنية بالتعاون الكامل مع الأمن المحلي في دلهي، وسيقومون بإجراء مزيد من التحقيقات في الأمر".

مقالات مشابهة

  • كلاتنبرج يفتح النار على عصام عبد الفتاح.. ويكشف حقيقة مجاملات الأهلي والزمالك
  • هذه حقيقة السيدة اليزيدية التي كانت في قطاع غزة / فيديو
  • التوم هجو يستنكر صمت الأفارقة على التآمر الدولي والإقليمي الذي حدث للسودان
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • قوى لبنانية ودولية تبحث عن رئيس للبنان وسط هجمات إسرائيل
  • وفد من مجلس السلم والأمن الأفريقي يزور بورتسودان
  • حماس: النار التي تشعلها إسرائيل ستحرقها
  • إضرام النار في سفارة إسرائيلية.. ما حقيقة الفيديو؟
  • العوضي رئيسًا للجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب