لعبة نتنياهو والحسابات الخاطئة يزيدان المخاطر الإقليمية
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
مع طي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها الثالث، فإن السبب الرئيسي الذي حال حتى الآن دون انتشارها بشكل أكبر في الشرق الأوسط هو أن الأطراف الفاعلة فيها غير حركة حماس وأعني بهم (إسرائيل وإيران والولايات المتحدة) تلتقي في هدف واحد وهو تجنب تحويلها إلى حرب إقليمية. لا تزال الجبهة اللبنانية الإسرائيلية منضبطة إلى حد معقول رغم أن الهجمات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل تصاعدت في الأيام الأخيرة.
كما أن الهجمات التي تشنها الجماعات الموالية لإيران في سوريا والعراق على أهداف أمريكية والرد الأميركي عليها، لم يخرجا بعد عن نطاق السيطرة. وفي جبهة البحر الأحمر، فإنه على الرغم من مواصلة الحوثيين هجماتهم لمنع عبور السفن إلى الموانئ الإسرائيلية والتحذيرات الغربية المتزايدة للجماعة بتوجيه ضربة لها، إلا أنه لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأن اضطراب منطقة البحر الأحمر يُمكن أن يؤدي إلى حرب إقليمية. مع ذلك، فإن إجماع الأطراف الفاعلة في الحرب على تجنب تصعيد إقليمي أكبر بدأ يتلاشى تدريجياً بعد اغتيال إسرائيل لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري وقادة فلسطينيين آخرين في الضاحية الجنوبية لبيروت.
لا يزال من غير الواضح كيف سيرد حزب الله على هذا الاغتيال وما إذا كان هذا الرد سيُضاعف من مخاطر انفجار حرب واسعة بين الحزب وإسرائيل، لكنّ التعليقات الأخيرة لأمين عام الحزب حسن نصر الله والحرس الثوري الإيراني على اغتيال العاروري تُشير إلى أن طهران وحلفائها في المنطقة لا يزالوا مصممين على تجنب الدخول في حرب إقليمية.
يظهر أن القلق المتزايد من معضلة حزب الله يدفع إسرائيل إلى تصعيد وتيرة عملياتها العسكرية ضد الحزب بينما تسعى لإقناع الولايات المتحدة بدعم خططها لشن ضربة كبيرة للحزب لإبعاد خطره عن الحدود ولإقناع الإسرائيليين بالعودة إلى المناطق الشمالية
وفي حين أن هذا التصميم يُساعد جزئياً في تقليص مخاطر المواجهة الإقليمية الواسعة، فإن اللعبة التي يمارسها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والحسابات الخاطئة في حرب الظل والوكالة بين إسرائيل وإيران تزيدان مخاطر انتشار الحرب بشكل أكبر في المنطقة.
على مدى الأشهر الثلاثة الماضية من الحرب على غزة، يظهر العجز الإسرائيلي بشكل واضح في تحقيق الأهداف الثلاثة المُعلنة للحرب والمتمثلة بالقضاء على حركة حماس واستعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية وتحقيق وضع جديد في غزة لا يُشكل تهديداً أمنياً لإسرائيل في المستقبل. وعلى الرغم من أن هذا العجز دفع إسرائيل إلى التحول إلى مستويات جديدة من الحرب، إلا أن هذا التراجع من غير المرجح أن يؤدي إلى عكس مسار الحرب لصالح إسرائيل. لذلك، يعتقد نتنياهو أن اغتيال قادة حركة حماس في الخارج يُساعده في إخفاء الحرج الكبير الذي يواجهه في حرب غزة والادعاء بأن إسرائيل تنتصر في الحرب.
في غضون ذلك، بدأت معضلة حزب الله بالنسبة لإسرائيل تتزايد على نحو كبير بفعل التحولات الكبيرة التي احدثها الحزب على قواعد الاشتباك على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر. فقد عزز من انتشاره العسكري في المناطق المحاذية للجبهة الشمالية الإسرائيلية وخلق معضلة كبيرة لإسرائيل تتمثل في نزوح آلاف السكان من المناطق الشمالية ورفض العودة إليها خشية اندلاع حرب واسعة مع حزب الله.
ويظهر أن القلق المتزايد من معضلة حزب الله يدفع إسرائيل إلى تصعيد وتيرة عملياتها العسكرية ضد الحزب بينما تسعى لإقناع الولايات المتحدة بدعم خططها لشن ضربة كبيرة للحزب لإبعاد خطره عن الحدود ولإقناع الإسرائيليين بالعودة إلى المناطق الشمالية. لم تؤيد إدارة الرئيس جو بايدن هذه الخطط وأوردت صحيفة وول ستريت جورنال في وقت سابق أن واشنطن ضغطت على تل أبيب لتجنب تأجيج التوترات مع حزب الله.
ويعتقد نتنياهو ان تصعيد صراع الوكالة مع إيران عبر زيادة وتيرة العمليات العسكرية ضد حزب الله واغتيال رضى موسوي القائد البارز في الحرس الثوري الإيراني في سوريا وقبل أسابيع ومؤخراً اغتيال العاروري في قلب معقل حزب الله، على أنه وسيلة لدفع الولايات المتحدة إلى دعم الخطط الإسرائيلية لتوجيه ضربة واسعة لحزب الله. ويفترض نتنياهو، وقد يكون محقاً في ذلك، أن واشنطن لن تتخلى عن إسرائيل إذا ما فرضت الحرب مع حزب الله كأمر واقع.
مع ذلك، فإن العاملين الأساسيين الذين سيُحددان ما إذا كانت هذه الحرب ستُصبح إقليمية، يتمثلان بمدى قدرة طهران وحلفائها الإقليميين على مواصلة انضباطها في حرب الوكالة وبالموقف الأمريكي الرافض لتأجيج الحرب.
وبالنسبة لطهران وحلفائها فإنهم من جانب يولون أهمية للمخاطر المترتبة على الدخول في مواجهة إقليمية أوسع مع إسرائيل والولايات المتحدة ومن جانب آخر يعتقدون أن الإخفاق الإسرائيلي في حرب غزة لا يستدعي المخاطرة بتعميق انخراطهم الإقليمي في الحرب لا سيما أن المقاومة الفلسطينية في غزة أظهرت حتى الآن قدرة على مواصلة الصمود وإفشال خطط الحرب الإسرائيلية.
وبالنسبة للولايات المتحدة، فإنه من المرجح أن تتمسك باستراتيجية الهادفة إلى منع انتشار الحرب بشكل أكبر في الشرق الأوسط لأن مثل هذا الانتشار سيدفعها في نهاية المطاف إلى الانخراط في الحرب. مع ذلك، فإن لعبة نتنياهو التي تسعى لتوريط حزب الله في حرب وجر الولايات المتحدة إلى هذه الحرب وخطأ الحسابات في حرب الظل والوكالة بين إسرائيل وإيران قد تؤدي جميعها إلى نتائج كارثة. سيسعى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي شرع في جولة شرق أوسطية إلى الحد من مخاطر تفاقم الحرب، لكنّ عامل الوقت لم يعد مساعداً للولايات المتحدة وإيران لمواجهة المخاطر الإقليمية المتزايدة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة حزب الله فی الحرب فی حرب
إقرأ أيضاً:
نائب من حزب الله يهاجم الدولة اللبنانية: لم تتعب من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة
قال عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب اللبناني عن حزب الله حسن فضل الله أن الدولة "إلى الآن لم تتمكن من أن تعالج أياً من القضايا المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على بلدنا"، معتبراً أنه من المفيد للمسؤولين أن يسمعوا رأي الناس وموقفهم على الأرض لدى زيارتهم للجنوب.
وتساءل فضل الله، خلال إحياء حفل تكريمي لأحد الشهداء الذين سقطوا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان: "أما آن الأوان لهذه الدولة بكل أركانها أن تشعر بالتعب جرّاء الاعتداءات الإسرائيلية التي تمتد من الحدود في الجنوب إلى أقصى الحدود في البقاع؟ ألم يشعروا أنّ هناك انتقاصاً للسيادة والكرامة والوطنية؟"، بحسب صحيفة "الأخبار اللبنانية".
كما أوضح أن حزب لله إلى الآن يعطي الفرصة "للدولة لتقوم بواجباتها ومن مسؤولية المتصدين للمواقع الرئيسية فيها أن يثبتوا للشعب اللبناني وللعالم بأنهم دولة، وأول إثبات هو إخراج الاحتلال ومنع الاعتداءات وإعادة الأسرى وإعادة الإعمار وحفظ السيادة..."، مؤكداً أن "مقياس الوطنية والانتماء إلى لبنان هو بمقدار ما يكون هذا الانتماء إلى القضية المقدسة التي اسمها قضية الجنوب".
وختم فضل الله مشدداً أن "الجنوب يرحّب بكل مسؤول يأتي لتفقد هذه القرى والبلدات، ومن المفيد لهم أن يسمعوا رأي الناس وموقف الناس (...) فمن الممكن أن يعيدوا النظر بتوجهاتهم وقراراتهم ومواقفهم وفي السياسة التي عليهم أن يعتمدوها".
وكان رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام زار عدة بلدات في الجنوب وعاين التدمير الهائل الذي خلفه العدوان هناك.
والتقى سلام بالمواطنين في بلدة الخيام الذين أكدوا على تمسكهم بتحرير أرض الجنوب بالكامل، وتمسكهم بخيار المقاومة وتحرير الأرض من أي ظهور للجيش الإسرائيلي.
فيما أكد سلام أن "الجيش اللبناني يقوم بواجباته على أكمل وجه، وهو الوحيد المخول بحماية الوطن والدفاع عنه".
والتقى سلام كذلك وفدا من أهالي بلدة الضهيرة الحدودية، الذين نفذوا وقفة احتجاجية أمام الثكنة استنكاراً للممارسات الإسرائيلية ضد المواطنين الراغبين في العودة إلى بلدتهم.