على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، تطور موقف الدول الأوروبية من حرب إسرائيل على قطاع غزة من التأييد المطلق لإسرائيل بحجة "حقها في الدفاع عن النفس" إلى رفض تهجير سكان القطاع، على لسان عدد متزايد من المسؤولين الأوروبيين.

والمخاوف بشأن الترحيل القسري ليست تطورا حديثا، إذ بدأت مع أول أمر إخلاء إسرائيلي لسكان غزة في الشمال بالتوجه إلى القطاع الجنوبي بعد أسبوع واحد فقط من الصراع.

واكتسبت هذه المخاوف المزيد من الزخم مع نزوح ما يقرب من مليوني شخص من سكان قطاع غزة، وسط نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والدواء.

وفي الآونة الأخيرة، طرح الوزيران الإسرائيليان بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، فكرة الضغط من أجل إعادة توطين الفلسطينيين خارج قطاع غزة، ضمن ما سمي "الهجرة الطوعية"، وحثوا دول العالم على استقبال الفلسطينيين النازحين.

ولاقت تصريحات بن غفير وسموتريتش على الفور إدانة أوروبية جماعية، بما في ذلك من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وهولندا وسلوفينيا وأيرلندا وغيرها.

الدخان يتصاعد من منازل سكنية في غزة بعد قصف إسرائيلي (الفرنسية) فرنسا: ليس من حق إسرائيل

أدانت فرنسا تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تطالب بتهجير السكان الفلسطينيين في غزة، قائلة إن "إسرائيل ليس لها الحق في تقرير مصير سكان غزة".

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان، إن باريس "تدين التصريحات الأخيرة الصادرة عن سموتريتش وبن غفير، والداعية إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة، وكذلك إعادة إنشاء المستوطنات واحتلال الأراضي الفلسطينية".

وحثت الوزارة الفرنسية إسرائيل على الامتناع عن مثل هذه التصريحات "الاستفزازية"، وأوضحت أن "أي نقل قسري للسكان، سيشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، وفقا لاتفاقية جنيف ونظام روما الأساسي".

وأضاف البيان "ليس من حق الحكومة الإسرائيلية أن تقرر أين يجب أن يعيش الفلسطينيون".

واختتمت الخارجية الفرنسية بيانها بالقول إن "مستقبل قطاع غزة وسكانه يكمن في دولة فلسطينية موحدة تعيش في سلام وأمن إلى جانب إسرائيل".

بريطانيا: لا ينبغي أن يخضعوا للترحيل

وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية أن لندن "ترفض بشدة أي اقتراح لإعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة".

وأكد البيان، أن غزة أرض فلسطينية محتلة وستكون جزءا من الدولة الفلسطينية المستقبلية.

ألمانيا: نرفض التهجير بأقوى العبارات

وأكدت وزارة الخارجية الألمانية معارضتها لتهجير السكان الفلسطينيين في غزة قائلة "إننا نرفض بأقوى العبارات التصريحات التي أدلى بها الوزيران الإسرائيليان".

وقال المتحدث باسم الوزارة سيباستيان فيشر، إن هذه القضية نوقشت خلال اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في عاصمة اليابان طوكيو، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وشدد فيشر، على رفض بلاده الإبعاد القسري للفلسطينيين من غزة، وتقليص مساحة القطاع".

إسبانيا: التهجير ينتهك القانون الدولي

وانضمت إسبانيا، إحدى الدول الأوروبية التي كانت صريحة في الدفاع عن الفلسطينيين، إلى الدول التي تدين المسؤولين الإسرائيليين الذين يُدفعون إلى الترحيل القسري للسكان في غزة.

وقالت وزارة الخارجية الإسبانية، في بيان، "نرفض التصريحات الأخيرة لأعضاء في الحكومة الإسرائيلية الداعية لإعادة توطين سكان غزة، والتي من شأنها أن تتعارض مع القانون الدولي".

وشددت الوزارة على أن "إسبانيا تجدد تأكيدها على الحاجة الملحة إلى احترام القانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي، وضمان حماية السكان المدنيين".

هولندا: دعوات النزوح لا تتناسب مع حل الدولتين

ووصفت هولندا اقتراح المسؤولين الإسرائيليين بشأن الهجرة الطوعية للفلسطينيين من قطاع غزة بأنه "غير مسؤول".

وقالت وزارة الخارجية الهولندية، في بيان، إن أمستردام تدعم حل الدولتين، وأضافت أن هولندا ترفض أي دعوات لتهجير الفلسطينيين من غزة أو تقليص مساحة الأراضي الفلسطينية.

واختتمت الخارجية الهولندية بيانها بالقول: "تهجير سكان غزة لا يتناسب مع مبدأ حل الدولتين في المستقبل، مع وجود دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل آمنة".

سلوفينيا: الهجرة الجماعية مخالفة للقانون الدولي

ورفضت سلوفينيا فكرة التهجير الجماعي للفلسطينيين من غزة. وحذرت وزارة خارجية سلوفينيا، في بيان، من أن أي هجرة للسكان الفلسطينيين من غزة تتعارض مع القانون الدولي.

وشدد البيان على أن هذه الخطوة تزيد من تهديد آفاق التوصل إلى حل مستدام على أساس الدولتين.

أيرلندا: دعوات إسرائيل للتهجير تحريضية ومرفوضة

وقال وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن، في بيان، إن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة الداعية إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج قطاع غزة "تحريضية وغير مقبولة على الإطلاق".

وأضاف مارتن، الذي يشغل أيضا منصب وزير الدفاع، أن "الوقف الفوري لإطلاق النار ووصول المساعدات بشكل كامل وآمن وبدون عوائق لقطاع غزة أصبحا أكثر إلحاحا من أي وقت مضى".

وشدد الوزير الأيرلندي على أن "غزة أرض فلسطينية وجزء لا يتجزأ من دولة فلسطين المستقبلية".

مظاهرات حاشدة في أيرلندا منددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة (غيتي) الاتحاد الأوروبي: اقتراح تحريضي وغير مسؤول

وقال مسؤول الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في تصريح صحفي: "أدين بشدة التصريحات التحريضية وغير المسؤولة للوزيرين الإسرائيليين بن غفير وسموتريتش، التي تسيء إلى السكان الفلسطينيين في غزة وتدعو إلى خطة لتهجيرهم".

وشدد بوريل أيضا على أن "التهجير القسري محظور تماما باعتباره انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني".

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى السبت ما يزيد على 22 ألف شهيد و58 ألف مصاب معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إعادة توطین الفلسطینیین خارج وزارة الخارجیة القانون الدولی سکان غزة قطاع غزة فی غزة على أن من غزة

إقرأ أيضاً:

غاز الطهي والوقود.. أزمات تعمق مأساة سكان غزة في رمضان رغم التهدئة

تقف سميرة ذات الثمانية والعشرين عامًا على أنقاض منزلها المهدم في شمال غزة، تحاول أن تستخرج بعض الأخشاب من بين الركام بينما يقوم أطفالها الصغار بحمل الأخشاب المجمعة والذهاب بها إلى المخيم الذي تسكن فيه، ترتسم على وجهها ملامح الإرهاق والتعب وهي تخاطبني قائلة: "أقضي معظم وقتي في هذا الشهر الكريم وأنا أمام النار المشتعلة، أعد الطعام لأطفالي الصغار غير الصائمين صباحًا ثم أعود لإشعالها بعد العصر لتجهيز ما تيسر من طعام للصائمين، الحياة صعبة للغاية لا يوجد لدينا غاز للطهي منذ بداية الحرب، عندما دخل الغاز لشمال غزة طرت فرحًا، لكن فرحتي لم تكتمل فقد تم إغلاق المعابر قبل أن يصدر الكشف السادس الذي يتواجد به اسم زوجي للحصول على حصتنا المخصصة من غاز الطهي".

وأضافت قائلة: "لم ينته الوضع عند هذا الحد، بل ما زاد الطين بلة هو عدم وجود مخابز في شمال قطاع غزة بعد أن قام الاحتلال الإسرائيلي بقصفها وتدميرها بالكامل لذلك اعتمد بشكل كامل على أفران الطين البدائية في الحصول على الخبز مما يضاعف دوري في تجميع الحطب اللازم من بين ركام المنازل المدمرة بسبب غلاء سعر كيلو الحطب الذي تجاوز 2 دولار ثمن الكيلو الواحد".

لم يكن وضع أم جمال السعودي (46) عاما، النازحة في مخيم دير البلح أفضل حالا، كانت تحمل أسطوانة فارغة، قالت: "بعد جهد كبير تمكنت من شراء أسطوانة غاز وتعبئتها لتسهيل الطهي في خيمتي في شهر رمضان، لكن الاحتلال الإسرائيلي قرر منع إدخال الغاز مجددًا، حاولت شراء الغاز من السوق فوجدت أن سعر الكيلو تجاوز 140 شيكل أي ما يعادل 35 دولارا بعد أن كانت تعبئة الأسطوانة بالكامل يعادل 70 شيكل أي 19 دولارا مما اضطرني للعودة إلى استخدام الحطب".

واستطردت قائلة: "في غياب الغاز، تزداد الحاجة إلى الحطب، لكن سعره بات أيضًا يفوق قدرة معظم الناس على شرائه في ظل ارتفاع أسعاره بالتزامن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية".

ولا تقتصر الأزمة على الطهي فقط، بل تمتد إلى نقص الخبز مع توقف المخابز العاملة على الغاز. وفي هذا السياق، قال عبد الناصر العجرمي، رئيس جمعية أصحاب المخابز في غزة "إن جميع المخابز التي تعمل بغاز الطهي في خانيونس قد توقفت عن العمل، ويبلغ عددها خمسة، منها مخبزان آليان، بينما البقية نصف آلية. وأوضح أن كميات السولار المتبقية لتشغيل بقية المخابز تكاد تكفي لأسبوعين فقط، مما يهدد بتوقفها جميعًا.

وأكد العجرمي أن المخازن لا تحتوي على كميات كافية، سواء من السولار أو المواد الغذائية، حيث لا تكفي لأكثر من المدة المقدرة بأسبوعين، وربما أقل. ودعا إلى ضرورة التدخل العاجل لفتح المعابر وإنهاء الأزمة، محذرًا من أن استمرار الوضع يهدد بتجويع سكان القطاع، مما يتطلب تحركًا سريعًا لإنقاذ الحياة الإنسانية.

أمام سوبرماركت ريان في بيت لاهيا يصطف العديد من الرجال يحاولون الحصول على ما تبقى من مواد تموينية وسلع أساسية من داخل السوبرماركت الذي بدأ يفرغ، خرج علاء معروف (33) يحمل بعض الأشياء داخل كيس صغير وعلامات القلق تبدو على ملامحه "بعد عناء استطعت الحصول على كيلو سكر وزجاجة زيت، هناك اختفاء للعديد من السلع الأساسية من السوق رغم غلائها الفاحش، وهناك سلع لا توجد مطلقًا مثل اللحوم والدواجن وبعض الخضروات، لعدم سماح إسرائيل بدخولها إلى قطاع غزة".

وفي خطوة من شأنها أن تؤثر كثيرا على أوضاع السكان المعيشية، أجبرت العديد من "تكايا" الطعام، التي تقدم وجبات طعام مطبوخة للسكان الذين يعانون من ويلات الحرب والفقر، على التوقف، لنفاد مخزونها من الأطعمة ولعدم توفر غاز الطهى، والتي كانت تحصل عليه بالأصل من منظمات أممية، للمساهمة في الحد من انتشار المجاعة.

وبات في هذه الأوقات غالبية السكان يعتمدون على تحضير الطعام على مواقد الحطب، بعد نفاد كميات الغاز التي كانت توزع عليهم بشكل مقنن حتى قبل قرار الإغلاق الكامل لمعابر غزة.

وفي هذا الشأن صرح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ️إنه بعد أسبوعين من جريمة منع المساعدات، وإطباق الحصار على قطاع غزة بإغلاق المعابر، بدأت تداعيات هذه الجريمة تظهر بشكل واضح، ويمكن رصدها عبر الشح الكبير والأزمة الخانقة في مياه الاستخدام المنزلي، والأزمة الأكبر في مياه الشرب، بسبب منع الوقود الذي تُشغل به الآبار ومحطات التحلية، وأشار كذلك إلى بدء نفاد السلع التموينية والمواد الغذائية الأساسية من الأسواق والمحال التجارية، وتوقف غالبية "التكيات" الخيرية عن العمل، بسبب عدم توفر المواد التموينية، ما حرم آلاف الأسر التي كانت تعتمد عليها في توفير قوت يومها، وكذلك عودة آلاف الأسر لاستخدام الحطب بدلا من غاز الطهي، مع ما يسببه ذلك من أثر صحي وبيئي.

وفي سياق متصل حذر برنامج الأغذية العالمي من أن أكثر من مليون شخص يعانون من الجوع في غزة مع نفاد إمدادات الغذاء والمياه، حيث دمرت الغارات الإسرائيلية والقصف المخابز في جميع أنحاء القطاع، في حين أن العديد من المخابز المتبقية غير قادرة على العمل بسبب نقص الوقود والدقيق.

وقالت الناطقة باسم برنامج الأغذية العالمي عبير عطيفة، في حديث لها "إن كافة المخابز في قطاع غزة توقفت عن العمل لأنه لا يوجد أي وقود لتشغيلها".

وأضافت عطيفة أن "أزمة المخابز مزدوجة، فجزء منها تم استهدافه جراء القصف الإسرائيلي، والمخابز التي نجت من القصف توقفت حيث لا توجد وفرة من الوقود لإمدادها بها، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يعود لإنتاج الخبز".

لقد وصل الوضع الإنساني في قطاع غزة إلى حد المجاعة لدى بعض الأسر، بعد تحسن طفيف خلال فترة الهدنة ودخول بعض المساعدات، خصوصًا إلى شمال غزة، ولكن ومع استمرار الإغلاق منذ أكثر من أسبوعين، تم فقدان العديد من السلع من الأسواق وارتفاع أسعار المتبقي منها بشكل مبالغ فيه جعل الكثير من الأسر غير قادرة على شراء احتياجاتها، ناهيك عن أن الكمية المتبقية لا تكفي لتلبية الحد الأدنى من احتياجات المواطنين، الأمر الذي يزيد من معاناة الناس ويؤدي إلى تفاقم حالة المجاعة في قطاع غزة، خصوصاً في شهر رمضان المبارك.

مقالات مشابهة

  • إدارة ترامب وإسرائيل تدرسان هذه الواجهة لتهجير سكان غزة
  • غاز الطهي والوقود.. أزمات تعمق مأساة سكان غزة في رمضان رغم التهدئة
  • CBS تزعم تواصل أمريكا وإسرائيل مع 3 دول لتهجير الفلسطينيين ..تفاصيل
  • "أرض الصومال".. هل تصبح محطة لترحيل الفلسطينيين قسرا؟
  • «الخارجية» الفلسطينية: إسرائيل تتعمد إطالة أمد الحرب عبر سلاح التجويع
  • 80 % من سكان قطاع غزة لا يملكون الغذاء
  • ارتفاع حصيلة الشهداء الفلسطينيين في قطاع غزة إلى 48,572 والإصابات إلى 112,032 منذ بدء العدوان
  • بينها السودان.. تسريبات خطيرة حول مقترح أمريكي إسرائيلي جديد لتهجير سكان غزة إلى 3 دول أفريقية
  • توطين الفلسطينيين في السودان.. وزير الخارجية يرد أخيرا
  • واشنطن بوست: إسرائيل تطبق قواعد صارمة على منظمات إغاثة الفلسطينيين