الغاوي ينقط بطاقيته.. أغنية بشّار الأسد في العام الجديد!
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
ختمَ بشار الأسد العام الماضي بأغنية انتشرت على مواقع التواصل مأخوذة من كلمات قالها في خطاباته عام 2023. تميّزت الأغنية بالطرافة، لكنّها لم تكن معبّرة بشكل كامل عمّا يفكّر فيه الرئيس، وعن خططه القادمة؛ لإنقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار المستمر.
اشتاق الأسد للمؤتمرات ومخاطبة "شعبه" بلغته التي بَرَع الذين يكتبون له خطاباته في تلوينها كالحرباء، وجعلها فصيحة ومتعالية، مؤكدةً على مستوى الرئيس المعرفي، ومليئة بالفذلكة والأُحجيات!
اعتاد الناس على سماع تلك الخطابات والانبهار بها منذ بداية حكمه، وأطلق البعض لقب "المثقف" على الرئيس فهو – وإن ارتجل خطابه- لا يتخلّى عن تلك المميزات الخاصة به.
ويبدو أنّ خطابه- في مؤتمر القمة العربية الإسلامية بجدة- قد أعاد إلى الأسد الرغبة – بعد انقطاع طويل- في أن يسمعَه الآخرون، ويبدوا إعجابهم بما يقول، فعاد إليهم في اجتماع خاص باللجنة المركزية لحزب البعث.
هجوم كاسحوجّه بشّار الأسد بضعة اتهامات خطيرة إلى الموالين لحكمه! بعد أن نفض يدَيه من الدمار الذي ألحقه بسوريا، ومن معارضيه، ومن المناطق التي خرجت ضدّه، وغسل يديه جيدًا من دماء السوريين الأبرياء بغطاء دولي، وتفرّغ لشعبه المختار!
الموالون الذين ثبّتوا أركان حكمه- وشدّوا على يديه الغارقتين بالدماء، دماء أولادهم وأقاربهم، وغضوا النظر عن جرائمه، بل كان بعضهم على يقين من براءته من تلك الدماء براءة الذئب من دم يوسف- هؤلاء الآن يتلقّون الحُمم التي صبّها عليهم بشّار الأسد في خطابه، فقال: إنّهم "طابور خامس"، لكن بتعريف جديد!
"الطابور الخامس بمفاهيمنا الآن ليس بالضرورة عملاء وخونة، لا، هناك مجموعات مُحبَطة وهي مُحبِطة؛ لأنّها تريد أن تُحبط الآخرين، لأنها عندما تحبط الآخرين تشعر بأنها في مكان طبيعي. هناك شخص تافه يريد أن يرى الآخرين تافهين بنفس المستوى، لأنه يشعر بأنه في مكانه الطبيعي، في البيئة الطبيعية. هناك شخص جبان صاحب مصلحة يريد أن يعتقد بأن كلّ الناس تفكّر مثله، فيسوّق طريقته بالرواية".
ووصفَ من يسمون أنفسهم بالناشطين – ويملؤون مواقع التواصل بانتقاد المسؤولين ويتذمرون من أحوال البلد المنهارة والغلاء، وانعدام الكهرباء، وقلة الماء، وشحّ الدخل الذي لا يكفي ثمن الخبز، وعدم وجود "محروقات" للتدفئة- بالروَيبضة. فقال:
ربما سمعتم حديث الرسول عن الرويبضة – لا أذكره حَرفيًّا- لكنّه قال: "ستأتي سنوات يُصدّق فيها الكاذب، ويُكَذَّب الصادق، ويخون المؤتمن.. وصولًا إلى "وينطق الرويبضة"، فقيل ما هي الرويبضة؟ قال: "التافه يتحدث في أمور العامة".
تخيّلوا أن هذا الموضوع موجود منذ 14 قرنًا، فالرويبضات هم جزء من المجتمع الإنساني، وما أكثر الرويبضات اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن لا يسمى رويبضة يسمى خبيرًا.. اليوم معظمهم خبراء!
الاقتصاد وأحوالهويحدّثنا الأسد عن الاقتصاد في البلد، فيقول- وعمر السامعين يطول-: إنّ البعض – وما أكثر هذا البعض- يدّعي أنّ الاقتصاد كان قبل الحرب يصعد بسرعة الصاروخ، لكنّه لم يكن كذلك! بحسب رأي الأسد.
الاقتصاد في البلد قبل الحرب لم يكن جيدًا، وربّما هذا ساهم في حدوث الحرب التي استغلها الغرب ضدّ الدولة. أمّا المال السياسي فهو – برأيه – من أجل هدف سياسي كبير، لذلك لا داعي لتضخيمه. فهو محسوبيات تؤدي- ربّما- إلى فساد، أو هو فساد فقط ولا علاقة له بالمحسوبيات؛ يعني أموالًا مقابل مصالح شخصية.
بهارات الخطابلا بدّ للأسد من استعراض بعض العبارات التي تثبت سعة ثقافته وشموليتها، وهي بهارات لابدَّ منها كي تنكّه الطبخة، وقد استخدم في هذا الخطاب تعبير "الديماغوجية".
وهذا المصطلح يعبّر عن اللاشعور اللغوي الأسدي الذي يقارب، ويدمج، ويستعير، ويستنبط، فهو الأقرب لصناعة "الدماغ" التي برع الأسد فيها من خلال كميات المخدِّرات الهائلة التي طرحها في الأسواق، وهرّبها إلى الدول الأخرى، وأشعلت حربًا حقيقية بينه وبين الأردن.
الناظر المدقق في خطاب الأسد هذه المرّة يراه قد وصف نفسه، وتحدث عنها بكلّ شفافية!
تقصير الدولة وقصور الوعيتحدّث الأسد عن طبيعة العلاقة بين المواطن والدولة، وعن قصور الوعي لدى المواطن الذي يخضع أحيانًا لأفكار هدّامة، سواء بقصد أو عن غباء مستفحل عنده، فينجرّ وراء تلك الأفكار وينتقد الدولة ويتهمها بالتقصير.
تساءل الأسد عن هؤلاء بقوله: "هناك من يقول ماذا قدّمت الدولة.. نسأله: ماذا قدَّمتَ أنت للدولة؟". هذا القول- "المسروق طبعًا" من أغنية علية التونسية: "ما نقولش إيه إدتنا مصر متقول ح ندي إيه لمصر"- يختصر نظرة الأسد للشعب الذي عليه أن يكون مصدر الدخل الأساسي للدولة، فحين ينهار الاقتصاد، وتفلس الدولة تلتفت إلى الاحتياطي النقدي المتمثل بمواطنيها!
وهذا أهم ما جاء في خطاب الأسد، الدعوة الصريحة للمواطنين الموالين لحكمه بأن يتخلوا عن أنانيتهم ومصالحهم الشخصية في سبيل الدولة التي هو جزء منها، بل هو كلّها. والدعوة تتضمن التضحية بالممتلكات، كلّ مواطن على قدر ما يملك، تتساوى الرؤوس هنا في العطاء، فهي موضوعة في لِجام واحد، لا فرق بين من يملك المليارات، ومن لا يملك سوى ما يستر عريه. فـ "الغاوي ينقط بطاقيته"، وليت لبشّار الأسد – ممن يكتبون خطاباته- كاتبًا يوازي الناقد المصري "جليل البنداري" الذي اقترح على من انتقدوا "صباح" في تلك الأغنية على صفحات الجرائد وهاجموها، أن يبدّل مطلع الأغنية فتصبح: "الغاوي ينقط بالمدفع يسلم لي قراقوش المصنع". وبما أنّ العهد الآن عهد الكبتاجون فبإمكانه نظم أغنية تناسب واقع الحال. لينقِّط الغاوون بما شاؤوا من هلوسات الفقر والذل والدمار الذي يعيشون فيه.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
المشاط: الدولة تركز حاليا على تمكين القطاع الخاص من قيادة النمو الاقتصادي
التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الدولي، ليسبيت ستير، رئيسة مؤسسة ODI، إحدى أبرز مراكز الفكر والأبحاث الدولية.
جاء ذلك في ختام مشاركتها باجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين التي أقيمت بالعاصمة الأمريكية واشنطن.
وخلال اللقاء، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، على أهمية موضوع اجتماعات الربيع لهذا العام التي ركزت مناقشاتها على أهمية الوظائف والمهارات، حيث يعتبر ذلك تحديًا كبيرًا أمام الدول النامية والاقتصاديات الناشئة، موضحة إلى سعي الوزارة لإعداد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية من أجل دفع النمو والتوظيف، والتعاون الجاري مع البنك الدولي – شريك المعرفة – وبالتنسيق الوثيق مع مختلف الوزارات والجهات الوطنية، للانتهاء من تلك السردية التي تُركز على قطاعات حيوية هي الاستثمارات الأجنبي المباشر، والتنمية الصناعية، والاقتصاد الكلي، وسوق العمل والتوظيف.
وأشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إلى أهمية الوظائف واكتساب المهارات لدعم الدول متوسطة الدخل على الانتقال إلى مصاف الدول مرتفعة الدخل، لافتة إلى أن زيادة استثمارات القطاع الخاص تُعد محركًا رئيسيًا لزيادة معدلات التوظيف وتحفيز الابتكار والتكنولوجيا واكتساب المهارات الحديدة التي تواكب تطورات سوق العمل.
من جانب آخر، استعرضت «المشاط»، جهود الحكومة في تحفيز التحول إلى الاقتصاد الأخضر، فضلًا عن الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي.
في سياق آخر، التقت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، جاي كولينز، نائب رئيس مجموعة سيتي بنك الاستثمارية الدولية، حيث تطرق الجانبان إلى تطورات الوضع الاقتصادي العالمي في ظل السياسات التجارية التي أعلنت عنها الولايات المتحدة الأمريكية، وحالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد العالمي.
كما أشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى جهود مصر في التحول نحو النمو القائم على القطاعات القابلة للتداول والتصدير من أجل زيادة الحفاظ على استدامة النمو، وتشجيع الصناعة وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وعقدت «المشاط»، اجتماعًا مع الدكتور رضا باقر، المدير الإداري لشركة "ألفاريز آند مارسال" ورئيس الممارسات العالمية لخدمات الاستشارات السيادية التابعة لشركة ألفاريز آند مارسال في دبي، وذلك بحضور عبد الله الإبياري، مدير دارة الخدمات الاستثمارية السيادية بالمؤسسة، حيث شهد الاجتماع بحث الجهود التي تقوم بها الدولة لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص في التنمية، وزيادة فرص الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.
كما تحدثت الدكتورة رانيا المشاط، عن استمرار الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعمل على تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وتحسين بيئة الأعمال وتهيئة مناخ الاستثمار، ودفع التحول الأخضر، فضلًا عن صدور قانون لتنظيم ملكية الدولة للشركات المملوكة لها أو التي تساهم فيها، بما يعمل على حوكمة مساهمة الدولة في الأنشطة الاقتصادية.
وتطرق الاجتماع إلى اتفاقية الخدمات الاستشارية التي تم توقيعها مؤخرًا مع مؤسسة التمويل الدولية، لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في إدارة المطارات المصرية، حيث أكدت الدكتورة رانيا المشاط، إلى تعدد الخطوات والإجراءات التي تقوم بها الدولة لإفساح المجال للقطاع الخاص وتطوير دوره لقيادة جهود التنمية الاقتصادية الشاملة.