صدى البلد:
2024-11-20@05:43:11 GMT

كريمة أبو العينين تكتب: الفقد

تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT

كلمة "الفقد" حروفها موجعة ووقعها أكثر إيلاما الفقد أذاقني أنواعا كثيرة أحدثها وفاة أختي يوم الأحد الماضي لتختتم بوفاتها عاما فارقا فى حياتي، وأبدأ بدونها عاما جديدا مكسورة الضلع الذى كانت تمثله لى أختى هداية رحمها الله. 

الفقد يجعلك إنسانا آخر وأنا من تجاربي الحياتية أجزم بأن مذاقات الفقد مرة كالحنظل؛ وأكثرها مرارة ووجعا فقد الابن، والذى عشته ومازلت اتجرع  مرارته وسأظل الى أن أفارق الحياة وألتقى بفلذة كبدى وكل أحبابى السابقين إلى دار الخلد.

 

أقول أن الفقد من أهم آثاره أن يجعلك لين القلب بصورة مزعجة، فكل شىء يحدث أمامك تجرى عليه دموعك بغزارة ، حتى أتفه الأشياء والتى لم تكن تحرك لك ساكنا مسبقا ستجد نفسك تبكى لمجرد رؤيتها ، ويمتد اللين ليشمل كل شىء؛ جنازات لاتعرف اصحابها ولكنك تبكى لمجرد الاحساس بأن هؤلاء تركوا فقدا لذويهم، حتى الحيوانات اذا وجدتها تتألم تبكى بعفوية ، والأكثر من ذلك اذا رأيت شجرا مقطوعا تبكى لألم اجتزازه وانتزاعه من أصوله،  ولكون هذه المزروعات كانت تذكر الله وتسبحه وبقطعها انتقص عدد المسبحين الحامدين. 

الفقد ومشاعره المؤلمة أخذنى أخذا لمكان آخر وأناس آخرين ، وهم أهل غزة ومايعانونه منذ ثلاثة أشهر بصفة خاصة من كافة انواع الفقد ومن دمار وخراب ووحشية إسرائيلية مدعومة بترسانة عسكرية أمريكية،  ودعم انجلو أمريكى وتخاذل عربي.

معانى الفقد الذى نشعر به نحن لايقارن بما يشعر به الفلسطنيون على مدى عقود بصفة عامة والثلاثة أشهر الآخرين بصفة خاصة، تخيل معى حال من يجد نفسه وحيدا وفقد كافة افراد عائلته فى لحظة مميتة ، وتخيل أكثر وأكثر معاناة من يفقد سنده وداعمه الرئيسى ، مشاهد الدمار فى غزة والفقد يترجمها من يصرخ على أمه التى استشهدت وهى خائفة عليه وتطلب منه قبيل القصف البربري أن يخرج من البيت بحجج واهية فقط؛ لأنها كانت تشعر باقتراب نهايتها ولاتريد لابنها ان يموت معها فهى ترسله إلى مكان ما لم يعلن عنه الشاب المكلوم، فهو فقط يصرخ ويقول " أمى ماتت وهى خايفه علىْ ، آه يامه " فقد آخر ترجمته عيون كهل فلسطينى وهى تنهمر دموعا على احفاده الذين حصدت أرواحهم المدفعية الاسرائيلية الغاشمة.

 مشاهد الفقد لاتنتهي، فهاهى أم تحتضن طفلها وتنعيه بكل عبارات الألم والحزن ، وتزاحمها أخرى تلقى نظرات الوداع على كل أولادها ؛ حصاد عمرها وحياتها كلها.

 الحديث عن مشاهد الفقد محزن ومؤلم لأن فيه رجالا لم يستطيعوا أن يحبسوا دموعهم ولا صرخاتهم من هول خسائرهم وفقدهم لأغلى مايملكونه، أبناء، زوجات، أمهات، آباء، عائلات بكاملها حذف اسمها من السجل المدنى الفلسطيني، الفقد الفلسطينى مروع جعلنى أتماسك وأثبت بصورة ما على ماكتبه الله علىْ ولى، وأتعجب من قدرة هذه  النوعية من البشرية التى لم تجد منذ زرع النبت الاسرائيلى فى أراضيها؛ لم تجد سلاما ولا أمانا ولا أمن، أتعجب من قدرتهم على احتواء معانى الفقد والثبات فى وجه المحتل، ومواصلة المطالبة بالحق فى العيش على ارض وطنه مهما كان فقده وألمه وخسارته. 

الفقد على الطريقة الفلسطينية يحمل معانى أخرى غير تلك التى يحملها فى كل اللغات والبلدان العربية والغربية ، الفقد الفلسطينى فقد "عودة " بينما فى أي مكان فى العالم هو فقد فراق أبدى، الفقد الفلسطيني يقابل بالزغاريد لايمانهم بأنه شهيد مدافعا عن عرضه ووطنه، الفقد الآخر يقابل بالعويل والحزن لأنه فقد نوعي وآلامه لا تنتمي لآلام  الفاقدين الفلسطينيين.

الفلسطنيون يعلمون الدنيا كلها طريقة جديدة فى التعاطى مع الازمات بصفة عامة والفقد بصفة خاصة؛ فقد استطاعوا بثباتهم وايمانهم ان يرسلوا رسائل إلى العالم الغربى  كله بأنهم أهل ثبات وأصحاب عقيدة، الفلسطينيون فى ردة فعلهم الإيمانية على ماأحدثته اسرائيل بهم وببلدهم ، ردة فعلهم المتميزة فى نوعيتها وتعاطيها فتحت باب الدخول إلى الإسلام فى القارة العجوز وبلاد العم سام ايا كانت تقع على مصراعيه، فكل ساعة ويوم يدخل الإسلام الكثيرين والكثيرين الذين دفعهم التعاطى الفلسطينى مع الحزن والفقد الى البحث عن السبب؛ وكانت الإجابة هى الايمان بالله وبقوة الدين الاسلامى الذى يجعل منه ملاذا وحماية من كل المصائب والاهوال الدنيوية ، الفقد الفلسطينى وتجرع مفرداته غير. 

الفقد الفلسطينى أصبح مدرسة إيمانية جديدة تؤكد للمحتل أن أصحاب العقيدة لايموتون، وأن الجسد فقط ينهى وظيفتهم على الأرض والروح متصلة بكل ماهو فلسطينى حر ، وبأن أهل الحق منتصرون.. الفقد وان كان موجعا وحزينا الا انه فى الاراضى المحتلة وفى قطاع غزة نبتة بقاء ، وشجرة حرية رسخ طريقها ومنبتها الراحلون والصابرون على آلام الرحيل والوداع.

الفقد الفلسطينى والفقد المصرى نوعان مختلفان وإن اتفقا فى الخواء والفراغ الذى يتركه من يذهبوا بعيدا عنا، ونحن لم نرتوى منهم كفاية ، ولم نحقق ماحلمنا به معا.

لكل المفقودين الرحمة وللفاقدين الصبر ولمن يقرأ ماأكتبه أقول: لتكن على يقين بأن الحياة تسير؛ والدنيا تمضى بنا إلى ما كتبه الله لنا وعلينا.. لله الحمد على ما أعطى وأخذ.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

تعيد لهم ذكريات الفقد والوحدة.. 4 أبراج فلكية تكره نهاية العلاقات

في حياتنا اليومية تمثل النهايات جزءًا من الحياة، سواء كانت نهاية علاقة أو مرحلة عمرية أو تجربة صغيرة، وتعتبر النهايات بالنسبة للبعض تحدي كبير، والبعض الأخر لا يتقبل النهايات وتسبب له مشاكل نفسية، فما العلاقة بين الأبراج الفلكية التي تكره النهايات وتتأثر منها نفسيا، وفقًا لموقع «Astro».

أبراج أكثر تأثرًا بنهاية الأشياء 

بعض الأبراج تظهر حساسية مفرطة تجاه التحولات النهائية، وتعاني نفسيًا وعاطفيًا من فكرة الفقد أو التغيير، فكيف تؤثر هذه الصفات العاطفية على تعاملهم مع تلك المواقف؟، وهل يمكن اعتبار هذه التأثيرات جزءًا من سماتهم الشخصية؟.

 

برج السرطان «Cancer»:

أصحاب برج السرطان معروفين بحساسيتهم العاطفية العميقة وارتباطهم القوي بالماضي، ويكرهون النهايات، سواء كانت مرحلة أو علاقة، لأنها تعيد لهم ذكريات الفقد والوحدة، قد يعانون من صدمة نفسية أو ميل للتمسك بالماضي ويحبون الشعور بالاستقرار والأمان، لذا فإن التغييرات الكبيرة تسبب لهم اضطرابًا عاطفيًا عميقًا، وقد يحتاجون إلى وقت طويل للتعافي.

برج العقرب «Scorpio»:

على الرغم من القوة الظاهرة لبرج العقرب إلا أنه يتأثر بالنهايات بشكل درامي، ولديه طبيعة عاطفية مكثفة، وغالبا ما يرى النهايات كخيانة أو انكسار شخصي، وقد يتحول الألم لديه إلى دافع للتغيير أو الانتقام، وما يعكس ذلك تأثير النهايات عليه، إذ يعبر عن مشاعره بطريقة مكثفة ويعيش كل شيء بعمق، والنهايات تمثل لهم خسارة عاطفية صعب تجاوزها، خاصة إذا كانوا مرتبطين بشدة بالأشخاص أو المواقف، ولديهم ميل للاحتفاظ بآثار الماضي لفترة طويلة بسبب عمق ارتباطهم العاطفي.

برج الحوت «Pisces»:

من أبرز سمات برج الحوت أنه عاطفي وحالم، لذا يصعب عليه مواجهة الواقع القاسي للنهايات، وعادةً ما يتجنب التفكير في النهاية، وقد يهرب إلى عالم الخيال أو العزلة، ومن الأبراج التي تحتاج وقتًا طويلًا للشفاء النفسي بعد انتهاء أي شيء مهم في حياتها.

برج الثور «Taurus»:

يتمسك برج الثور بالروتين والاستقرار، لذا يكره التغيير أو النهايات، ويرى في النهايات تهديداً لشعوره بالأمان، مما قد يسبب له قلقًا مزمنًا، يميل إلى التعلق المفرط بالأشياء أو الأشخاص.

مقالات مشابهة

  • فى جلسة مجلس الأمن.. مصر تدعو الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى للعودة إلى المفاوضات
  • عبدالجليل: قطاع الصحة يعتمد بصفة خاصة على جهاز الإسعاف
  • تنفيذ عملية استهداف لسفينة في البحر الأحمر ومتحدث القوات المسلحة يؤكد : كانت الإصابة دقيقة ومباشرة (تفاصيل)
  • خبير: أمريكا عليها وقف حرب لبنان إذا كانت تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل
  • خبير: إذا كانت أمريكا تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل فعليها وقف الحرب في لبنان
  • تعيد لهم ذكريات الفقد والوحدة.. 4 أبراج فلكية تكره نهاية العلاقات
  • "الفقد الكبير".. كيف أثّر موت الوالدين في مسار مشاهير الفن؟
  • الطريق الصعب
  • كيف تجعل الملائكة تدعو لك ؟.. عليك بـ 5 أعمال
  • في العيد الـ12 لتجليس البابا تواضروس.. أوراق في دفتر «عطية الله»