درس جنوب أفريقيا وبلادة العالم العربي
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
درس جنوب أفريقيا وبلادة العالم العربي
إسرائيل هددت أكثر من مرة بالسيطرة على محور فيلادلفيا في مخالفة صريحة لملحق أمني تابع لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
درس جنوب أفريقيا كشف بلادة العالم العربي بحكامه، وأكد حقيقة أن الانتصار للإنسانية والحرية لا علاقة له بحدود جعرافية أو ديانة أو عرق أو جنسية.
مارس العالم العربي الرسمي بلادة فائقة في التعاطي مع تحرك جنوب أفريقيا، فلم تعلن أي دولة عربية دعم هذا الحراك القانوني الذي من شأنه إيقاف العدوان على غزة!
* * *
جنوب أفريقيا تقاضي إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في غزة أمام محكمة العدل الدولية.. كان هذا هو العنوان الرئيس لكافة المواقع الإخبارية ووكالات الأنباء العالمية في الأيام الماضية، فالدولة الأفريقية التي تبعد عن قطاع غزة آلاف الأميال قررت أن تعطي حكام الدول العربية وشعوبها درسا في الإنسانية.
جنوب أفريقيا ليست دولة عربية، ليست عضوا في الجامعة العربية أو في منظمة التعاون الإسلامي، لا تربطها مع قطاع غزة أي حدود جغرافية، ومع ذلك أبت إلا وأن تكون ضوءا في نهاية هذا النفق المظلم الذي يعاني بداخله أكثر من إثنين مليون إنسان فلسطيني.
إسرائيل التي هاجمت جنوب أفريقيا في بداية الأمر، ثم قللت من أهمية هذه الدعوى وهذا التحرك القانوني، عادت وتعاملت مع الأمر بجدية تامة وأعلنت مثولها أمام محكمة العدل الدولية للتحقيق في تهم ارتكاب الإبادة الجماعية في حق الفلسطينيين داخل قطاع غزة.
كلفت الحكومة الإسرائيلية أحد أشهر المحامين في العالم لتمثيلها أمام محكمة العدل الدولية، وهو المحامي اليهودي الأصل الصهيوني آلن ديرشوفيتز، وهو الذي تم اتهامه مؤخرا في قائمة عملاء جيفري إبستين في قضية الاتجار بالجنس وممارسة الجنس مع قاصرات.
على النقيض، مارس العالم العربي على الصعيد الرسمي بلادة غير مسبوقة في التعاطي مع تحرك جنوب أفريقيا، فلم تصدر أي دولة عربية أي بيان رسمي أو دعم معلن لهذا الحراك القانوني الذي من شأنه إيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
الدولة الوحيدة التي أعلنت تأييده (متأخرا) هي المملكة الأردنية؛ على لسان وزير خارجيتها الذي أعلن دعم بلاده لهذا التحرك، وسبقتها في ذلك دول إسلامية مثل ماليزيا وتركيا، ولكن بقية الأنظمة والحكومات العربية تحلت بالصمت والبلادة التامة.
ربما كانت حكومات العالم العربي مشغولة بإنقاذ الشعب الفلسطيني بطرق أخرى غير التي قامت بها جنوب أفريقيا، فهل هذا صحيح؟
في مصر، الجارة الأقرب جغرافيا لقطاع غزة، المسؤولة تاريخيا عن القطاع قبل احتلاله في حزيران/ يونيو 1967، والتي يرتبط أمنها القومي مباشرة بأي تغير أو عدوان في قطاع غزة، الشقيقة الكبرى والدولة العربية الأهم إقليميا أو هكذا كانت في عصور سابقة، يبدو أنها مشغولة بدعم خاص لقطاع غزة.
النظام المصري يغلق معبر رفح تماما، لا يستطيع إدخال أي مساعدات دون إذن إسرائيلي وفقا لما أعلنه سامح شكري وزير الخارجية المصري في مقابلة تلفزيونية سابقة مع شبكة سي إن إن الأمريكية.
مصر لا تستقبل عددا كافيا من الجرحى الفلسطينيين، الأمر الذي دفع مدير القطاع الطبي في غزة منير البرش لأن يطالب بإغلاق المعبر تماما حتى لا يحسب على أهل غزة بإنه مفتوح.
تسعة آلاف مصاب فلسطيني استشهدوا بسبب تعنت السلطات المصرية في استقبالهم عبر معبر رفح لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية، وفقا لبيانات صادرة عن المكتب الحكومي الفلسطيني في قطاع غزة.
إسرائيل هددت أكثر من مرة بالسيطرة على محور فيلادلفي في مخالفة صريحة لملحق أمني تابع لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، فكان الرد الرسمي المصري هو نقل كافة أبراج المراقبة على الحدود المصرية من كرم أبو سالم بامتداد محور فيلادلفيا إلى الداخل المصري غربا في سيناء، وفقا لما وثقته مؤسسة سيناء الحقوقية.
النظام المصري لم يستطع دعم جنوب أفريقيا في حراكها القانوني ضد إسرائيل لأنه كان مشغولا باعتقال من تظاهروا دعما لقطاع غزة ورفضا للعدوان في الميادين المصرية، وتمت إحالتهم للنيابة العامة ومحاكمتهم بتهمة الانتماء لجماعة محظورة.
سعوديا، لم يختلف الأمر كثيرا، يبدو أن ولي العهد السعودي محمد من سلمان وصديقه رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ لم يسمعا عن حراك جنوب أفريقيا، والسبب هو ارتفاع الأصوات الصاخبة في حفلات موسم الرياض والتي كانت على ما يبدو أعلى صوتا وصخبا من أصوات القصف الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة منذ ثلاثة أشهر.
في الأردن كانت البضائع الأردنية تغزو الأسواق الإسرائيلية، اختفت الخضروات في السوق الأردني وارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية ليفاجأ المواطن الأردني بأن بلاده تصدرها للاحتلال الذي يرتكب المذابح بحق الفلسطينيين.
الإمارات لم تجد وقتا كافيا هي الأخرى لدعم جنوب أفريقيا، فكل وقتها وجهودها كانت موجهة لإتمام الجسر البري المحمل بالبضائع والذي يبدأ من دبي مرورا بالسعودية والأردن وصولا لإسرائيل عبر شركة مصرية.
درس جنوب أفريقيا كشف بلادة العالم العربي بحكامه وملوكه وأمرائه، وأكد حقيقة أن الانتصار للإنسانية وحرية الشعوب لا علاقة له بحدود جعرافية أو ديانة أو عرق أو جنسية، يكفيك فقط أن تكون إنسانا.
*أسامة جاويش كاتب صحفي وإعلامي
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل غزة مصر جنوب أفريقيا العالم العربي جرائم الحرب محكمة العدل الدولية لقطاع غزة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
البرلمان العربي يدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته ضد محاولات تهجير الشعب الفلسطيني
دعا رئيس البرلمان العربي محمد اليماحي، المجتمع الدولي ومجلس الأمن والبرلمانات الدولية والإقليمية، إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية للتصدي لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني ومخططات الضم، ووقف الانتهاكات الجسيمة بحق هذا الشعب المرابط على أرضه.
وشدد اليماحي في بيان صدر عنه، اليوم السبت 29 مارس 2025، لمناسبة الذكرى الـ49 ل يوم الأرض ، على ضرورة دعم جهود الإغاثة الإنسانية له، وتمكينه من ممارسة حقوقه المشروعة، من أجل التوصل إلى حل نهائي وعادل ومستدام للقضية الفلسطينية، قائم على إنهاء احتلال كافة الأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها مدينة القدس وكذلك حق العودة وحل قضية اللاجئين.
وقال اليماحي إن إحياء هذه الذكرى هذا العام، يأتي في وقت يتعرض له الشعب الفلسطيني لحرب إبادة وتطهير عرقي، راح ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء معظمهم من الأطفال والنساء، وآلاف المفقودين تحت الأنقاض، ومحاولات شرسة لتهجيره وإفراغ قطاع غزة من سكانه، وما يحدث في الضفة الغربية والقدس على غرار قطاع غزة، وتصعيد خطير وغير مسبوق لاعتداءات ميليشيات المستعمرين ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
وأعرب رئيس البرلمان، عن رفضه القاطع لأي مخططات تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني بكل صوره وأشكاله ومخططات الضم، متمسكا بالقانون الدولي والقرارات الدولية التي تدعم حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم والعيش بكرامة على أرضهم، مؤكدا دعم البرلمان العربي ومساندته للمواقف العربية والخطة المصرية في إعادة إعمار قطاع غزة، وأهمية تنفيذ عملية شاملة لإعادة الإعمار في قطاع غزة في أقرب وقت ممكن، وبشكل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم.
وأكد، التزام البرلمان العربي بالعمل على جميع المستويات والبرلمانات العربية والدولية لحشد الدعم السياسي والقانوني لنصرة القضية الفلسطينية حتى ينال الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله، مشددا على تضامن البرلمان مع الشعب الفلسطيني في دفاعه عن أرضه وتاريخه ومقدساته وهويته الوطنية وضرورة العمل على تحقيق السلام وفق القرارات الأممية ومبادرة السلام العربية القائمة على رؤية حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس.
كما أكد موقف البرلمان العربي الداعم والثابت لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، ونضاله العادل، من أجل استعادة أرضه ونيل كافة حقوقه المشروعة والثابتة وغير القابلة للتصرف، التي يضمنها القانون والشرعية الدولية، مشيرا إلى أن النضال الفلسطيني يمثل نموذجا في الصمود وقوة الإرادة التي تستند إلى الحق والعدل.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين المجلس الوطني: نؤكد تمسك شعبنا بحقه الثابت في أرضه 7 شهداء وإصابات إثر قصف الاحتلال على خان يونس وغزة صحيفة تكشف كواليس جديدة من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة الأكثر قراءة تفاصيل اجتماع وفد حماس مع وزير خارجية تركيا في أنقرة حزب الله ينفي رسميا إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل العاهل الأردني يبحث مع رئيس الوزراء البريطاني تطوّرات الأوضاع بغزة بدء إخلاء سكان مستوطنة المطلة عقب قصف صاروخي من لبنان عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025