قصة اليوم عن الجمال وجميعنا نعلم ان للجمال ضريبة، وأي ضريبة، إنها باهظة الثمن يدفعها صاحبه أو غيره من المقدر لهم، لأنها قد تودي بحياة صاحبها إلى السجن أو الموت والهلاك فالتاريخ سرد لنا مئات القصص التى راح ضحيتها آلاف البشر بسبب الجمال ليس فقط جمال الأنثى وايضا جمال الرجال وجميعنا نعلم قصة النبي يوسف عليه السلام، التي جاء ذكرها في القرآن الكريم، والآيات الكريمة تقول ، «وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون» وكانت ضريبة جماله السجن لعدة سنوات.
اما جمال الأنثي فقد سرد لنا مئات القصص عن الحروب وسفك الدماء بسبب النساء الجميلات ذات الحسن ومن ضمن هذه القصص تبقى قصة هيلين او هيلينا صاحبة الجمال الخائن التي لم تدفع ضريبة بل شعبها هو من دفع ضريبة جمالها الخائن وهي ضريبة لا تقدر بثمن لأنها كانت أرواحهم .
فجمال هيلين تسبب في أول حرب بين الشرق والغرب و خراب اليونان وإبادة طروادة ومقتل أشجع الفرسان والأمراء.
وقد تكون هيلين الأميرة الأكثر جمالا ودلالاً فى العالم في ذلك الوقت ، وجاء جمالها هذا نقمة علي شعبها اليونان لانه تسبب فى حرب استمرت عشر سنوات، وراح ضحية هذا الجمال آلاف الفرسان وأشجع الرجال المحاربين والأمراء، فكان جمالها خرابا على شعوب بأكملها ، ويمكن القول إن سطحيتها وتفاهتها بل وخيانتها تسببت فى خراب اليونان وتدمير طروادة .
هيلين هي أميرة يونانية ابنة ملك أسبرطة «تينداريوس»، من زوجته الجميلة «ليدا» وكانت الابنة فائقة الجمال تتفوق على كل نساء الأرض، فقد كانت ناصعة البياض جمال عينيها الزرقاء لا يضاهي فى جمالها بشر، لدرجة أن البعض اعتقد أنها ابنة للإلهة، وكانت هيلين هي أجمل نساء الأرض عند الإغريق، خطب ودها جميع ملوك الإغريق وتسابقو للفوز بقلبها وقد سمع الأمراء بجمالها فأخذوا يتسابقون على خطبتها، وكان والدها لا يعلم ماذا يفعل فى كثرة المقدمين لخطبتها من الأمراء، فهو لا يريد أن يغضب أحدهم أو يتورط أحدهم فى فعل شرير من العريس المختار، لكن أحد مستشاريه أهداه لحيلة، وهى أن يقوم بجمع المتقدمين لخطبة ابنته، ويجعلهم يقسمون على أنهم لن يحقدوا على الشخص المختار أو يمسوه بأذى ويفرحوا معه، وطلبوا من الألهة جميعا أن تصب لعنتها على من يتخلى عن هذا القسم بعد اختيار رجل لهيلين، وفعل الأمراء، وقام الملك بإحضار ابنته، وطلب منها أن تختار من بينهم، فاختارت الأميرة الحسناء الأمير منلاوس، وقد تفاجأ الجميع لأنه لم يكن أكثرهم وسامة أو قوة، لكن فى النهاية كان اختيارها هى، غضب بعض الأمراء لكنهم تذكروا القسم، ففرحوا ورقصوا في يوم زفاهما .
عاشت هيلين مع زوجها الأمير منلاوس وأنجبت منه ابنة جميلة مثلها ، حتى ظهر فى حياتها الأمير باريس الذى كان فى بعثة من والده ملك طروادة لتسليم هدايا لزوجها منلاوس، وتقول الأسطورة إن باريس ذهب إلى طروادة بعد أن قررت واحدة من الألهة كانت على خلاف مع الباقين، فألقت تفاحة مكتوبا عليها إلى أجمل النساء فتنافس عليها كل من الألهة «أفروديت» و«هيرا» و«بالاس أثينا»، فوقع الاختيار على باريس ليحكم بينهم بأن يختار منهم من تذهب إليه التفاحة، فاختار باريس أفردويت بعد أن وعدته بأن تهبه أجمل نساء الأرض وهى هيلين، لذا كان ذهاب باريس لليونان مخططا له مسبقاً ، وعندما ذهب كان هناك خلاف قد وقع بين الجميلة هيلين وزوجها، وانتهز الأمير باريس خلاف هيلين وزوجها واتفق معها وحرضها على الهروب معه إلى طروادة، والغريب فى الأمر هنا أنها وافقت بعد أن وقع كل منهما فى غرام الآخر، وذهبت معه طواعية، واكتشف زوجها هروبها، فأجمع جيوش اليونان وأعلن الحرب على طروادة .
وأصبحت قصة هيلين المرأة العاهرة صاحبة الجمال الخائن مادة دسمة ألهمت الكثير من الكتاب والمؤرخين ودفعت صناع السينما إلى صياغة مئات القصص حول هيلين وباريس وحرب طروادة، وكان أهمها على الإطلاق الإلياذة والأوديسة التى تناولت حرب طروادة، وهى ملحمة كتبها الشاعر الأعمى هوميروس، وسرد فيها بداية الحكاية بأن تتنبأ العرافات لملك طروادة بريام بأنه سيولد له ابن يكون سبباً فى دمار طروادة، ويولد هذا الابن الذى يُسمى باريس، فيأمر أبوه أحد خدمه بالتخلص منه، ويضعه هذا الأخير فى جبل لينشأ راعياً للأغنام، وفى جبل الأوليمب يكون الألهة الاثنى عشر مختلفين متناحرين لأسباب متعددة، ويزيد الخلاف فيما بينهم بسبب غنى طروادة، ثم تأتى حادثة التفاحة الناجمة عن مشادة بين الربات الثلاث هيرا وأفروديت وأثينا، حيث رأت كل ربة منهن أنها الأجمل، واتفقن على الاحتكام إلى أول غريب يرينه، وقد كان الراعى الشاب باريس، فسردن عليه أمرهن وطلبن إليه أن يحكم بينهن بإعطاء تفاحة للأجمل منهن، وأغرته هيرا بالسلطة إن هو وهبها إياها، وأثينا بالحكمة والمجد، وقالت له أفروديت إنها ستهبه أجمل نساء الأرض، وجميعنا نعلم طبيعة الرجال لذلك فضل باريس أفروديت التي ستهبه أجمل نساء الأرض ففضلها عليهن وأعطاها التفاحة ليغضب بذلك الربتين الأخريين.
وحققت أفروديت وعدها لباريس، فأخذته إلى طروادة من جديد، وقدمته إلى أهله الذين ابتهجوا بعودته أميراً بينهم، ولم تفلح نبوءات أخته كاساندرا فى ثنيهم عن عزمهم قبوله بينهم من جديد، لأن الإله أبولو أحبها ذات مرة، فلما صدته وهبها البصيرة وحرمها من أن يصدقها أحد، فظل الجميع يتعاملون معها على أنها مجنونة.
وعاد باريس أميراً مرة أخرى، ولم تزل أفروديت تدين بوعدها له، ولتفك دينها أرسلته إلى إسبارطة، فاستغل غيبة منيلاوس وأغوى زوجته هيلين التى فاقت كل نساء الدنيا جمالاً، وجاءها كل ملوك الإغريق خاطبين، فاختارت منهم منيلاوس ملك إسبارطة، وطلب أبوها إليهم جميعاً أن يقسموا على حماية شرفها، وهرب بها إلى طروادة، فثار الإغريق لشرفهم، بينما لم يستطع الطرواديون تسليمها.
وهناك رواية أخرى فى التاريخ تقول الملك هكتور شقيق باريس قبل وفاته طلب من منلاوس زوج هيلين أن يقاتل باريس، ومن يفوز منهما يحصل على الأميرة الجميلة، وهو الأمر الذى وافق عليه منلاوس بصدر رحب، وتم استدعاء هيلين لمشاهدة المبارزة، وعندما شاهدت زوجها بكت بشدة وشعرت بالحنين لابنتها ولزوجها ولأبيها وأمها فى اليونان، وأرادت العودة مع الزوج، وتملكها الندم لما فعلت، ووفقا للرواية استطاع باريس الهرب ولم يتمكن منه منلاوس، إلا أن بعد ذلك بفترة حدثت واقعة الحصان وقتل الجميع، وأخد منلاوس زوجته وعاد بها إلى إسبارطة باليونان، وكأن شيئا لم يحدث.
والغريب فى الأمر أن الملك والتاريخ والجميع تجاهلوا حقيقة كون هيلين زوجة خائنة وامرأة عاهرة طائشة متهورة وأما بلا قلب، ذهبت مع باريس بإرادتها وتركت ابنتها الصغيرة، وقد تسببت في متقل الكثير من الرجال، وبالطبع هى لم تتصور ردة فعل زوجها ونتيجة هروبها، لأن الحرب بين اليونان وطروادة كانت أول حرب بين الغرب والشرق، كما كانت أول حرب تمتد كل هذه المدة التى يقال إنها وصلت لعشر سنوات بسبب انثى، ولم تتصور مقتل هؤلاء الأبطال أمثال الفارس المحارب أخيل المعروف بأنه أقوى رجال اليونان، ومقتل الأمير هكتور الأخ الأكبر لباريس وولى العهد، بالإضافة لإراقة دماء آلاف الفرسان من الجيشين، وإبادة الشعب، وتدمير طروادة تدميرا تاما، خاصة بعد أن استطاع اليونانيون اقتحام طروادة بالحصان الذى قاموا ببنائه واختبأوا به بعد أن قام حراس طروادة بإدخاله للمدينة وهى الحيلة التى استخدمها اليونانيون بعد فشلهم عشرات المرات فى اقتحام حصون طروادة المنيعة، فسقطت طروادة سقوطا كبيرا، وأخذت النساء سبايا وقتلوا الأطفال وراح كل الرجال، نتيجة هروب هيلين مع باريس.
بالرغم من أن هيلين هربت بإرادتها مع باريس، وخانت زوجها وهجرت ابنتها وجلبت العار لأبيها وشعبها، ومع ذلك لم يحاسبها أحد ولم يعاملها أحد على أنها زوجة خائنة عاهرة تستحق العقاب، بل أرهقوا جيشين كاملين عشرات السنوات، وأبادوا شعبا بأكمله وجلبوا الخراب على الآخر ورملوا النساء ويتموا الأطفال وراح أقوى الرجال فى حرب قامت بسبب سيدة طائشة لا تقدر معنى المسؤولية والالتزام، خاصة أنه لا يمكن القول إن أحدا أجبرها على الزواج من منلاوس، وأنها اختارته بكامل إرادتها، فلا عذر لديها للخيانة ولا عذر لديها لهجرة صغيرتها، وبالرغم من كل ذلك، لم يعاقبها أحد ولم يتهمها أحد بل أخذها زوجها وعاد بها إلى اليونان بعد خراب ودمار ناتج عنها وحدها، وكأن لم يحدث شىء، وهنا يمكن التساؤل: على أى أساس يحكم التاريخ على البشر ويحاسبهم؟ وهل جمال العاهرات يشفع لهم الخيانة وخراب شعب باكمله ؟! .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إلى طروادة بعد أن
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يضيء شجرة عيد الميلاد في موقع أم الجمال الأثري المُدرَج على لائحة التراث العالمي
سرايا - أضاء رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان مساء اليوم الاثنين، شجرة عيد الميلاد المجيد في موقع أم الجمال الأثري في البادية الشمالية الشرقية، الذي تم إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو في شهر تموز الماضي.
وشهد رئيس الوزراء مراسم الاحتفال الذي أقامته بلدية أم الجمال بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار لإضاءة شجرة عيد الميلاد، بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين، ورجال الدين المسيحي، ووجهاء وممثلين عن المجتمع المحلي ومحافظة المفرق.
يشار إلى أن موقع أم الجمال الأثري يعرف باسم "الواحة السوداء" نظرا لاستخدام الصخور البازلتية السوداء في بناء معالمه، ويضم ستة عشر كنيسة داخل وخارج أسوار بلدة أم الجمال القديمة.
وقد جرى إدراج الموقع على لائحة التراث العالمي لليونسكو في شهر تموز الماضي، نظرا لما يحمله من مكانة تاريخية وقيمة عالمية مميزة.
ويأتي إدراج موقع أم الجمال الأثري على لائحة التراث العالمي كسابع موقع أردني، حيث تضم اللائحة كذلك مواقع: البترا، وقصير عمرة، وأم الرصاص، ووادي رم، والمغطس، والسلط.
وقال رئيس بلدية أم الجمال حسن الرحيبة في كلمة له خلال الاحتفال، إن إضاءة شجرة عيد الميلاد المجيد في موقع أم الجمال الأثري تعبر عن قيمنا الأردنية الأصيلة.. قيم المحبة والتسامح والسلام، مشيرا إلى أن رسالتنا في هذا الوطن هي مدرسة الهاشميين وعميدهم جلالة الملك عبدالله الثاني، التي ننهل منها وتربينا عليها منذ تأسيس الدولة الأردنية، وهي رسالة الديانات السماوية ورسالة المحبة والسلام التي نباهي بها الأمم.
وأشار إلى أن الجميع يفخر بإدراج موقع أم الجمال الأثري على قائمة التراث العالمي، حيث سيتم العمل بالشراكة مع القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني على وضع خطة شمولية لتشجيع الاستثمار في هذا الموقع وجعله وجهة سياحية أردنية.
وألقى الأرشمندريت أثناسيوس قاقيش كلمة بالنيابة عن رجال الدين المسيحي، أكد فيها أن السلام الذي نحياه في الأردن من عيش مشترك ووحدة وطنية وفسيفسائية متماسكة ومتكاملة ومتنوعة، تعكس حياة الآباء والأجداد منذ ما يزيد على 1400 عام بين المسيحيين وإخوتهم المسلمين، مؤكدا أن هذا النموذج الحي ما زال حاضرا ويحمله جلالة الملك عبدالله الثاني في جميع المحافل.
وثمن في هذا الصدد دعم جلالة لتأسيس جامعة موقع المغطس الأرثوذكسية وتذهيب الزخارف التاريخية في قبة الصخرة المشرفة، انطلاقا من دور جلالته كوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. --(بترا)
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1265
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 23-12-2024 08:14 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...