هل يسجل الجيش الإسرائيلي انتصارات في حرب الأنفاق بغزة؟
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
منذ بدأت حملتها البرية في قطاع غزة، أدركت إسرائيل أن أنفاق حماس هي أكبر نقاط ضعفها في مواجهة مسلحي الحركة التي جعلت من الأنفاق جزءا مهما من بنيتها العسكرية التحتية، وفق تحليل لمجلة "فورين بوليسي".
وترى كاتبة التحليل، دافني ريتشموند باراك، أستاذة مساعدة في كلية لودر للإدارة الحكومية والدبلوماسية والاستراتيجية في جامعة ريتشمان في إسرائيل، أنه مع بداية العام الجديد، هناك سؤال كبير يطرح من قبل المخططين العسكريين والمحللين الذي يسعون لاستخلاص الدروس من الحرب: ما مدى قرب إسرائيل من تدمير شبكة الأنفاق؟ وكم من الوقت ستستغرق قواتها للقضاء على هذا التهديد؟.
وتدرك إسرائيل أن تدمير الأنفاق ضروري لإضعاف القدرات العسكرية لحماس ومنع هجمات مماثلة لتلك التي نفذتها الحركة في 7 أكتوبر، لكن العملية بطيئة ومرهقة حتى الآن، وفق التحليل.
ولطالما كانت حروب الأنفاق واحدة من أكثر أشكال القتال فتكا وتعقيدا في التاريخ، وعادة ما تنشر الجيوش التي تواجه هذه التهديدات الجوفية أقوى أسلحتها.
وتعلمت إسرائيل ذلك بالطريقة الصعبة بعد اكتشاف أنفاق عابرة للحدود حفرتها حماس بين قطاع غزة وإسرائيل في عام 2014 ما أظهر الخطر الأمني الكبير لها.
وكانت العملية العسكرية الإسرائيلية ضد حماس في ذلك العام هي الحرب الأولى في القرن الـ21 التي أصبحت فيها الأنفاق النقطة المحورية للعمليات العسكرية، وفق التحليل.
وأدركت إسرائيل أنه يمكن استخدام الأنفاق لخطف الجنود والمدنيين والتسلل إلى الأراضي الإسرائيلية وتنفيذ هجمات وحشية، بحسب التحليل.
بعد حرب عام 2014، أنشأت إسرائيل وحدات النخبة المتخصصة في حرب الأنفاق، وبنت أنفاق لتدريب الجنود، وحسنت طرق الكشف عن الأنفاق من قبل الوحدات المتنقلة، ونتيجة لذلك، دخل الجيش الإسرائيلي الحرب الحالية وهو يمتلك القدرات العسكرية الأكثر تقدما في الكشف عن الأنفاق ورسم خرائطها وتحييدها وتدميرها.
ومع ذلك، يقول التحليل، فإن هذا لم يردع حماس، وحتى أكثر الوحدات تخصصا في الجيش الإسرائيلي تكبدت خسائر بسبب فتحات الأنفاق المفخخة.
كما كشفت هذه الوحدات عن جيل جديد من أنفاق حماس، إذ استخدمت الحركة تقنيات حفر مدنية متقدمة لحفرها، ونقلت قدراتها تحت الأرض إلى المستوى التالي.
وبالنسبة للجيش الإسرائيلي فإن التقدم في هذه الأرض الخطرة يتطلب نهجا جيدا. وسعت الحملة الجوية للجيش الإسرائيلي والعملية البرية المبكرة إلى السيطرة على الأرض وتقليل المخاطر التي تشكلها حرب المدن.
ودمرت المباني للحد من هجمات القناصة والكمائن، وتم إخلاء شمال غزة إلى حد كبير للحد من الخسائر في صفوف المدنيين. وشرعت القوات في تطهير الأرض بالجرافات المدرعة لكشف فتحات الأنفاق.
والفتحات هي في الأساس ثقوب فتاكة في الأرض. ويمكن أن تختلف في الحجم والشكل وعادة ما تكون مموهة ومفخخة.
وخلال عملية التمشيط، كشف الجنود الإسرائيليون عن مئات فتحات الأنفاق، مما جعل التقدم بطيئا ومعقدا. وقد مكنت هذه الحفر مسلحي حماس من الخروج من تحت الأرض، وإطلاق النار من الأسلحة الآلية أو قاذفات الصواريخ على القوات، والاختفاء في غضون ثوان.
وأغلق الجيش الإسرائيلي أو دمر العديد من هذه الفتحات كإجراء مؤقت، حتى تتمكن القوات من مواصلة تقدمها وتأمين الأراضي.
والشهر الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي، عن اكتشاف أكثر من 800 فتحة نفق في القطاع منذ بداية الهجوم البري في أواخر أكتوبر، كاشفا عن "تدمير حوالي 500 منها".
ولكن في المقابل أعلنت حماس مقتل جنود إسرائيليين بكمائن هي عبارة عن فتحات أنفاق مفخخة.
والسبت، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن رئيس الأركان ورئيس الشاباك تجولا، الجمعة، داخل أنفاق حماس في قلب مدينة خان يونس.
وأرفق أدرعي تغريدته على "إكس" بصور وفيديو للقادة الإسرائيلين داخل الأنفاق.
#عاجل كشف النقاب: رئيس الأركان ورئيس الشاباك تجولا أمس داخل أنفاق حماس في قلب مدينة خان يونس!
رئيس الأركان: أوجه تقديري العميق، إن القتال معقد، ذلك لأن هناك حالة تقتضي التكامل بين وتيرة القتال والتعامل مع ضرورة مواجهة المناطق المأهولة والاحتفاظ بالسيطرة على المنطقة ودراسة ما… pic.twitter.com/NSqBe1m6VF
وفي منتصف ديسمبر الماضي قال الجيش الإسرائيلي إنه اكتشف أكبر نفق في قطاع غزة منذ بدء الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
بعمق 50 مترا.. الجيش الإسرائيلي يعلن اكتشاف أكبر نفق لحماس في غزة كشف الجيش الإسرائيلي، الأحد، النقاب عن أكبر نفق اكتشفه حتى الآن في قطاع غزة منذ بدء الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.ويقول التحليل إنه بعد كشف فتحات الأنفاق، كانت الخطوة التالية هي رسم خريطة ومعرفة المزيد عن شبكة الأنفاق، فأرسلت القوات أولا روبوتات وطائرات بدون طيار مزودة بكاميرات فيديو إلى الأنفاق، يمكنها اكتشاف وجود متفجرات أو أشخاص.
وساعدت هذه الإجراءات وغيرها في كشف حجم ونطاق الشبكة وسمحت بدخول الجنود إلى الأنفاق، قبل الانتقال إلى مرحلة التدمير.
لكنه أصبح من الواضح أن إسرائيل لا تستطيع اكتشاف أو رسم خريطة لكامل شبكة أنفاق حماس. ولكي تعلن إسرائيل النصر بشكل مقنع، يجب عليها تدمير ما لا يقل عن ثلثي البنية التحتية المعروفة تحت الأرض لحماس، بحسب التحليل.
وبينما تتحرك إسرائيل لتدمير الشبكة تحت الأرض، تبقى قواتها تحت النار، ويتم اكتشاف أنفاق إضافية كل يوم. وقد يستغرق إكمال هذه المهمة بضعة أشهر أخرى.
ويخلص التحليل أنه في حرب الأنفاق التي تتطلب القدرة على التحمل والوقت والمثابرة ، فإن إنهاء الحرب قبل الأوان قد يعني الهزيمة. ولتجنب مثل هذه النتيجة، فإن قدرة إسرائيل على تحديد جدولها الزمني أمر أساسي.
يشير الجيش الإسرائيلي إلى الأنفاق التي بنتها حماس على مدار الخمسة عشر عاما الماضية أو نحو ذلك باسم "مترو غزة".
وتشكل الأنفاق شبكة واسعة تُستخدم لتخزين الصواريخ ومخابئ الذخيرة، فضلاً عن توفير وسيلة للمسلحين للتحرك دون أن يلاحظهم أحد.
ويقول الجيش إن تلك الأنفاق تحتوي على مراكز قيادة وسيطرة حيوية لحماس.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فتحات الأنفاق فی قطاع غزة أنفاق حماس تحت الأرض حماس فی
إقرأ أيضاً:
قلعة شمع.. حيث تسقط أساطير إسرائيل أمام صمود التاريخ
ها هي آلة القتل الإسرائيلية تؤكّد مجددًا عنجهيتها وبطشها.. تؤكّد أن سلاحها لا يقوم إلا على الدم والقتل ومحو عائلات وآثار وتاريخ وذكريات.. هكذا اعتد اللبنانيون على هذا التصرف الإسرائيليّ..وبعد صولات وجولات، ها هو اليوم قد بدأ في استهداف معالم بلاد الارز التاريخية، فبعد تهديد قلعة بعلبك، وتدمير مبنى المنشيه التاريخي، طال بارود تفجيراته قلعة شمع.. فعلى سفحٍ جنوبي يحتضنه الأفق بين صور وعكا، تقف تلك القلعة هناك شامخة في وجه الزمن، شاهدة على حقبات متداخلة من الحروب والاحتلالات. فهناك، امتزجت أساطير الصليبيين بمآثر المماليك، وارتفعت أبراج القلعة لتحمي الأرض والمقام المقدس، رُسمت حكايات لا تزال صداها يتردد حتى يومنا هذا.
اليوم، عادت القلعة إلى الواجهة، ليس بفضل تاريخها الذي يمتد قرونًا، بل نتيجة استهداف جديد لطالما هدد بطمس معالمها. إسرائيل، التي حولت هذا الموقع إلى قاعدة عسكرية لعقود، لم تتوقف عن محاولة محو ذاكرة المكان، سواء بالقنابل أو بالادعاءات. الغارات الجوية التي دمرت أجزاء كبيرة منها في حرب عام 2006 ما زالت شاهدة على عنفٍ يرفض التاريخ تبريره، وها هي اليوم تُستباح مجددًا تحت ذريعة البحث عن دليلٍ تاريخي يزعم ارتباط المكان بتراثٍ إسرائيلي.
داخل أسوار القلعة، يرقد مقام النبي شمعون الصفا، رمزٌ ديني وروحي يتوسط المكان. هذا المقام، الذي لطالما كان مقصدًا للزوار والحجاج، لم يسلم من الاعتداءات. ففي أحدث الفصول، تسلل عالم آثار إسرائيلي برفقة جنود مدججين بالسلاح إلى الموقع، محاولًا إثبات رواية خرافية عن أصول إسرائيلية مزعومة لهذا المقام. لكن الحقيقة كانت أسرع في كشف النوايا، حين انتهت زيارته بمقتله في مواجهة مسلحة، ليُضاف هذا الحدث إلى قائمة طويلة من محاولات الطمس التي فشلت في تشويه هوية القلعة.
هوية القلعة المعروفة أبًا عن جدّ يشهدُ لها تاريخ الآباء والاجداد، وأبراجها العالية كانت خير شاهد على التواصل الفكري والثقافي بين أهالي لبنان وفلسطين.. أبراج وحجارة قبل أن تتبعثر بفعل آلة القتل استوطن التاريخ فيها مسبقًا.. تاريخ يعبق برائحة أجدادنا الذين صلبوا على هذه الأرض وقدّموا ثمنها دمًا..
هذه القلعة التي يعود عمرها لأكثر من 800 عام وبناها الصليبيون كانت قد تعرضت خلال عدوان 2006 للاستهداف وكانت الحكومة الإيطالية جاهزة لإعادة إعمار التاريخ، وقبلها عام 1978 استوطنت فيها مجموعات عسكرية إسرائيلية على مدى 22 عامًا إلا أن محاولة طمس الهوية لم تنجح.. وحجارة القلعة التي بقت صامدة لا تزال تصدح: هذه الأرض لن يدنّسها الغزاة ومهما حاولوا أن يطمسوا اصواتنا، فلا صوت يعلو فوق صوت التاريخ. المصدر: خاص لبنان24