علي جمعة: لا يجوز الحكم على الناس بالفراسة
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن الله عز وجل لم يُطلع عباده على ما في قلوب بعضهم البعض، فليس من سنته أن تنكشف القلوب للناس، وحتى ما أطلعه الله من الأنبياء على قلوب العباد لم يأمرهم أن يعمل بذلك، بل أمره بالعمل بالظاهر، ولذلك رفض سيدنا محمد ﷺ أن يقتل من علم أن في قلبه نفاقًا، وقال: إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس.
علي جمعة: الإسلام دين يخرجنا من الظلمات إلى النور لو خايف أو قلقان.. رسالة من علي جمعة تطمئن القلوب
وأضاف جمعة عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك أن حضرة النبي ﷺ وجه أصحابه رضي الله عنهم إلى معاملة الغير بما يظهر من حاله، وعدم العمل بالظن والقرائن غير الجازمة الدالة على باطن مخالف للظاهر.
واستشهدا فضيلته بالحديث الشريف،عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قال : " بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - فِى سَرِيَّةٍ ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلاً فَقَالَ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِى نَفْسِى مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِىِّ - ﷺ - ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - : « أَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ ». قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ. قَالَ : « أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لاَ ».
وأكد عضو هيئة كبار العلماء أن الله أوجب على المسلم العمل بالظاهر والتثبت من الحقيقة، فلا يكون حكم المسلمين مبني على ظنون وأوهام أو دعاوى لا يملكون عليها دلائل، وهذا من رحمة الله وتيسيره على عباده، ومن باب تكليفهم بما يطيقون ويستطيعون.
ووضح الدكتور علي جمعة إن عكس الظاهر هو الظن وقد قال تعالى: "وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا", ومحاولة الكشف عن الباطن ضرب من التجسس, وقد قال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا".
وبذلك علمنا الله ورسوله الكريم أن قاعدة الحكم بالظاهر قاعدة عظيمة ؛ لو أدركها المسلمون وعملوا في جميع الميادين في الحكم بين الناس وفي الحكم عليهم وفي تقويم إعمالهم ، لأثر ذلك أكبر الأثر في استقامة المجتمع بإزالة البغضاء ونشر الأخلاق الفاضلة، والكثير من الناس من يحسبون أنهم أذكياء ومن ذوي البصائر النافذة التي تخترق القلوب فتستخرج ما فيها، وتقرأ الغيب في ملامح الوجوه.
الفراسة والحكم بالباطن
وأشار جمعة أننا لا نعترض بأن الفراسة والتوسم حق; لأننا نقول إن الفراسة أهلها من الذين نور الله قلوبهم بالعلم والإيمان، وهي مع ذلك لا يجوز الحكم بها; لأن صاحب الفراسة مهما علا شأنه فلن يبلغ رتبة النبي ﷺ الذي كان يقضي ويحكم بالظاهر.
كما قال الإمام النووي : "القاعِدةُ المعروفةُ في الفِقهِ والأصولِ: أنَّ الأحكامَ يُعمَلُ فيها بالظَّاهِرِ، واللهُ يتولَّى السَّرائِرَ"، وقال ابن حجر العسقلاني: “وكلهم أجمعوا على أن أحكام الدنيا على الظاهر والله يتولى السرائر".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على جمعة الدكتور على جمعة جمعة لا يجوز الحكم علی جمعة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الكذب حرام والتلبيس أشد منه لانه من الكبائر
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الكذب حرام، والكذب من الأفعال البشرية الشائعة التي حرمها الله في كل دين، ولذلك كانت من الوضوح بمكان؛ بحيث إن التذكير بها، هو تذكير بالمتفق عليه، لكن النفس تحتاج إلى الذكرى من حين إلى آخر.
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن التلبيس هو صفة تعد كبيرة من الكبائر؛ لأنها تمنع أساسا من أسس الاجتماع البشري، وهو التفاهم المبني أساسا على الفهم، والفهم حتى يكون صحيحا يجب أن يكون صورة صحيحة للواقع، فإذا قام أحدهم بموجب ظاهرة صوتية يتكلم كلاما يخلط فيه الحق بالباطل، فإن هذا هو التلبيس بعينه، الذي يعطل الفهم، فيعطل التفاهم، فيعطل بعد ذلك البحث عن مشترك بين البشر، فيعطل مع هذا الاتفاق والائتلاف، ويدعو إلى النفاق والاختلاف، قال تعالى : ﴿لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران :71].
وأشار إلى أن من مظاهر تلبيس الحق بالباطل ذكر بعض الحقائق، وحذف بعضها الآخر بما يوجب أن يصل المعنى إلى السامع أو المتلقي على غير مراد المتكلم أو الكاتب، واجتزاء قبيح، له صور مختلفة، وضربوا له أمثالا منها اقتصار بعضهم وهو يتلو القرآن على وقف قبيح، كما لو قال : قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ﴾ [النساء :43] والحقيقة أن النسبة لم تتم؛ حيث إن الله سبحانه وتعالى قال : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء :43]. أو يقول : ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون :4]
والحقيقة أن الله سبحانه وتعالى قال : ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾. ففي الآية الأولى اكتفى بالنسبة الظاهرية، فحول الكلام إلى نهي عن الصلاة ولم ينظر إلى النسبة الحقيقية التي تنهى المصلي أن يصلي مع غياب عقله، والتي عللت لذلك بوجود علمه بما يقول حتى تحقق الصلاة غاياتها من كونها صلة بين العبد وربه، وفي الثانية حذف الصفة التي هي قيد في المسألة، ومع كثرة القيود يقل الموجود، فالويل إنما هو لمصل خاص يستهين بالصلاة ويتركها، ويجعلها في هامش حياته، لا في أساسها ولا في برنامجه اليومي كما هو شأن المسلمين الملتزمين بالإسلام.
ومنسوب إلى أبي نواس بيت من الشعر قد يكون قد حاول فيه أن يبرر لنفسه معصيته بما اشتهر عنه من مجون وحب لشرب الخمر : ما قال ربك ويل للأولى سكروا ** ولكن قال ويل للمصلين.
وهذا نوع من أنواع تداعي التلبيس الذي نهينا عنه.