هدى زكريا لـ الشاهد: مصر باقية على مدى التاريخ وزال من احتلها
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
قالت الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع السياسي، إن مصر أمة عاشت في خطر، 40 أمة حاربتها والأمم الأقوى منها عسكريًا كانت تهزمها وتحتلها.
وأضافت زكريا خلال حوارها لبرنامج "الشاهد" مع الإعلامي الدكتور محمد الباز على قناة "إكسترا نيوز": "في تاريخ الأمم العربية كان من المفروض أن تنتهي مصر، هناك أمم احتلنا بقوة عسكرية غاشمة، وعندما تبحث عنها في قائمة الأمم المتحدة الآن لن تجدها، زالت من التاريخ وبقيت المحروسة مصر".
وتابعت: "أين التتار والرومان والفرس الآن" مشيرة إلى أن المحروسة بحثت عن كلمة سر البقاء والاستمرار، مؤكدة أن مصر قررت أن تبقى وتستمر بطريقتها الخاصة.
وأردفت: "عندما كانت تواجه مصر خطرًا كانت تستطيع أن تروضه، 40 أمة تسببوا في خطر لمصر واستطاعت مصر ترويضه وهزمناه وطردناه أيضًا، كما أن مصر لديها بصمة على الأمم التي حاربتنا وانتصرت علينا، ونخرجها من التاريخ" مشيرة إلى أن المصري عندما يُهزم عسكريًا ينتصر ثقافيًا ليقول إن ملامح الشخصية لا تُلمس ولا نذوب في المحتل.
ويعد برنامج "الشاهد" الذى يقدمه محمد الباز، على شاشة "إكسترا نيوز"، أول تعاون إعلامي بين القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية والدكتور محمد الباز، ويرأس تحرير البرنامج الكاتب الصحفي حازم عادل ويخرجه أحمد داغر، إعداد كل من هند مختار والبدري جلال.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: محمد الباز إكسترا نيوز الشاهد
إقرأ أيضاً:
التاريخ يشهد على صمود الجينات المغاربية عبر العصور القديمة
شهد العصر الحجري الحديث تحولاً جذريًا في تاريخ البشرية، حيث انتقلت المجتمعات من الصيد وجمع الثمار إلى إنتاج الغذاء، وأشعل هذا العصر موجات هجرة عبر أوروبا، وأعاد تشكيل التركيبة الجينية للقارة بشكل جذري.
وعلى عكس أوروبا، فإن البيانات الجينية المتعلقة بهذا التحول المهم في الشمال الأفريقي محدودة، ولم تتوفر إلا من مواقع في أقصى غرب المغرب العربي.
لكن دراسة جديدة نُشرت مؤخرًا في مجلة "نيتشر" تتحدى الافتراض القائل إن المنطقة كانت مجرد متلقٍ سلبي لتأثيرات العصر الحجري الحديث، وتشهد نتائجها على صمود السكان المحليين في منطقة المغرب العربي.
ويصف عالم الآثار المتخصص بالدراسات الأفريقية جوليو لوكاريني، وهو باحث أول في المجلس الوطني للبحوث ومعهد علوم التراث بإيطاليا، هذه الدراسة بأنها "تتحدى فكرة أن انتشار ممارسات العصر الحجري الحديث في شمال أفريقيا كان مدفوعًا في المقام الأول بهجرات واسعة النطاق أو استبدالات سكانية".
ويضيف الباحث المشارك بالدراسة -في حديثه للجزيرة نت- أن هذا البحث "يبرز تعقيد التنقل والتبادل البشري في عصور ما قبل التاريخ" كاشفًا عن قصة أكثر دقة مما كان يُعتقد سابقًا.
والعصر الحجري الحديث إحدى مراحل ما قبل التاريخ، بدأت تقريبًا بين 9 آلاف و4500 سنة قبل الميلاد. وفي هذا العصر، تغيّرت حياة الإنسان بشكل كبير، حيث بدأ يستقر في القرى، ويتخلى عن حياة التنقل والصيد.
في دراستهم، يتتبع فريق دولي -من علماء الآثار والوراثة والأنثروبولوجيا الفيزيائية- تحركات السكان الأوائل في منطقة شمال أفريقيا، وكيفية تكيفهم مع بيئاتهم وتفاعلهم مع نظرائهم الأوروبيين، وكيفية انتقالهم من الصيد وجمع الثمار إلى إنتاج الغذاء.
إعلانوأجرى الباحثون تحليلاً شاملاً لتسلسلات الحمض النووي لـ9 أفراد عاشوا في منطقة شرق المغرب العربي قبل 6 آلاف و15000 عام مضت (من العصر الحجري المتأخر وحتى العصر الحجري الحديث).
يُذكر أن هذه الجينومات القديمة مستخرجة من بقايا هياكل عظمية بشرية محفوظة بمجموعات المتاحف أو المؤسسات التراثية، وجاءت من حفريات في 4 مواقع جميعها شرق المغرب العربي (أفالو بو رمل وجبة ودكانة الخطيفة وهرقلة).
ويقول عالم البيولوجيا الفيزيائية البروفيسور ألفريدو كوبا، الأستاذ بقسم الأحياء البيئية جامعة سابينزا بروما -في حديثه للجزيرة نت- إن هذه هي أولى البيانات الجينومية عن هذه الشعوب القديمة من شرق المغرب العربي "وهي الوحيدة المتاحة حاليًا نظرًا لعدة عوامل، منها محدودية وجود بقايا بشرية محفوظة جيدًا، أو الظروف البيئية الصعبة كارتفاع درجات الحرارة وحموضة بعض أنواع التربة، والتي تُسرّع من تحلل الحمض النووي القديم".
وعلى الرغم من محدودية عدد العينات المتاحة، يقول لوكاريني إن هذا العمل يظهر القوة التحليلية لدراسات الحمض النووي القديم "حتى بعض الجينومات المحفوظة جيدًا يمكن أن تُقدم رؤى قيمة، ويُمثل كل جينوم مُحلل نقطة مرجعية لتتبع الأنساب الجينية وتحديد الروابط بين الأسلاف".
ويضيف "تكمن قوة الدراسة في الاختيار الدقيق للعينات من مواقع وفترات زمنية مختلفة، وطرح الأسئلة الصحيحة ومعرفة كيف يُمكن للبيانات المتاحة أن تُقدم إجابات مُقنعة، مما سمح لنا بتحديد أنماط الاستمرارية والهجرة والتفاعل الثقافي عبر آلاف السنين".
ويكشف تحليل الحمض النووي القديم أن بعض الأفراد الذين أُخذت عينات منهم ينحدرون من أصول مزارعين أوروبيين، حيث ساهم الأوروبيون ببعض الجينات في المنطقة، ولكن بنسبة ضئيلة لم تتجاوز 20% في منطقة شرق المغرب العربي.
إعلانويُظهر هذا مستوى منخفضًا من التأثير الوراثي للجماعات الزراعية الوافدة إلى هذه المنطقة مقارنةً بسكان المنطقة، حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن مجتمعات شمال أفريقيا قاومت الزراعة، ربما باستثناء دلتا النيل وغرب المغرب العربي.
وأظهرت أبحاث سابقة أن المزارعين القادمين من أوروبا ساهموا بما يصل إلى 80% من التركيبة الجينية لبعض سكان غرب المغرب القديم بسبب حركة المزارعين عبر مضيق جبل طارق قبل حوالي 7 آلاف عام.
ويشير هذا إلى أن سكان شرق المغرب العربي -على عكس سكان أجزاء أخرى من أوروبا وغرب المغرب العربي- لم يتأثروا إلى حد كبير بالتحولات التي حدثت في مناطق أخرى بالبحر الأبيض المتوسط، حيث حلت المجتمعات الزراعية إلى حد كبير محل جماعات الصيد وجمع الثمار الأصلية.
يقول كوبا الذي شارك بالدراسة "في هذه المنطقة، لم تحل الزراعة محل التقاليد السابقة تمامًا بل على العكس، أظهرت مجتمعات شرق المغرب العربي مرونة ثقافية وجينية استثنائية في مشهد البحر المتوسط، مما سمح لها بالبقاء دون تغيير كبير على الرغم من التغيرات الجذرية التي حدثت في أماكن أخرى".
وهذا ما تدعمه الاكتشافات التي تشير إلى أن الاعتماد الكامل على الزراعة بهذه المنطقة لم يحدث إلا في حدود الألفية الأولى قبل الميلاد، أي بعد فترة طويلة من المناطق الأخرى، على الرغم من إدخال بعض الأنواع المستأنسة (مثل الأغنام والماعز والأبقار).
واستمرت المجتمعات المحلية شرق المغرب العربي في الاعتماد على إستراتيجية معيشية متنوعة حتى العصر الحجري الحديث، بما في ذلك صيد الطرائد البرية من أجل البقاء وجمع الموارد النباتية، وحتى جمع القواقع الأرضية. وفي وقت لاحق فقط، بدأت أيضًا في رعي الأغنام والماعز والأبقار المستأنسة، التي اُستقدمت من جنوب غرب آسيا، وهو ما يتوافق مع البيانات الجينية التي تشير إلى محدودية تدفق الجينات من المزارعين الأوروبيين.
إعلانوعلى الرغم من المساهمات الوراثية الخارجية، يتضح من هذه الجينومات أن تأثير المزارعين وصل إلى شمال أفريقيا من جميع أنحاء (منطقة) البحر المتوسط. ومع ذلك، ظل جزء كبير من التركيب الجيني لسكان شرق المغرب العربي متجذرًا في تراثهم الأصلي من جمع الطعام.
ويقول لوكاريني إن هذا يشير إلى أن "الانتقال إلى إنتاج الغذاء شرق المغرب العربي لم يحدث من خلال استبدال واسع النطاق للسكان المحليين بمجموعات زراعية وافدة، بل كان عملية تدريجية شكلتها هجرات متفرقة وتفاعلات ثقافية وتبادل المعرفة، وليس تحولًا ديموغرافيًا مفاجئًا" مضيفًا أن "المجتمعات المحلية استوعبت تأثيرات جديدة مع الحفاظ على هويتها المميزة".
وعلاوةً على ذلك، تشير نتائج الدراسة إلى أن الهجرات البشرية والتبادلات الثقافية كانت أطول وأكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا، إذ شملت مسارات وتأثيرات متنوعة تتجاوز مجرد الهجرات واسعة النطاق.
وتتحدى هذه النتائج الروايات التقليدية حول كيفية انتشار الزراعة والهجرة من وإلى شمال أفريقيا قبل العصر الحجري الحديث وخلاله، فبدلاً من مجرد استقبال ابتكارات العصر الحجري الحديث من أوروبا بشكلٍ سلبي، يبدو أن شرق المغرب قد اتبع مسارًا ثقافيًا أكثر استقلالية ومقاومة.
وأظهر تحليل الحمض النووي لفرد واحد على الأقل من موقع جبة بتونس، يعود تاريخه إلى حوالي 8 آلاف عام، أنه كان يشترك في حوالي 6% من حمضه النووي مع الصيادين وجامعي الثمار الأوروبيين.
ويقول لوكاريني "تمثل هذه النتائج أول دليل وراثي واضح على وجود صلة بين السكان الأوروبيين الأوائل وسكان شمال أفريقيا، مما يشير إلى أن التفاعل بينهم كان قائمًا بالفعل قبل انتشار الزراعة على نطاق واسع، وربما كان أكثر وفي وقت أبكر بكثير مما كنا نعتقد في البداية".
إعلانويفترض الباحثون أن هذه التفاعلات البشرية كانت على الأرجح على متن زوارق خشبية طويلة مرت عبر طرق بحرية عبر مضيق صقلية، مما يُمثل أقدم دليل على الملاحة البحرية في البحر المتوسط بين سكان هذه المناطق.
وقبل عدة عقود، اقترح بعض علماء الأنثروبولوجيا البيولوجية وجود تواصل بين الصيادين وجامعي الثمار من أوروبا وشمال أفريقيا. وفي ذلك الوقت، بدت هذه النظرية مُبالغًا فيها. وبعد 30 عامًا "أثبتت بياناتنا الجينومية الجديدة صحة هذه الفرضيات المبكرة" وفقًا لما ذكره رون بينهاسي الباحث المشارك بالدراسة وعالم الأنثروبولوجيا التطورية، في بيان صحفي رسمي من جامعة فيينا.
وبحسب لوكاريني "تتطابق النتائج الجينية تمامًا مع الأدلة الأثرية المعروفة بالفعل من شرق المغرب العربي" ويقول "يدعم اكتشاف حجر السبج من بانتيليريا -وهي جزيرة بركانية صغيرة في مضيق صقلية- في هرقلة، أحد المواقع التي عُثر فيها على البقايا البشرية التي حللناها في دراستنا، فكرة التفاعلات البحرية المبكرة بين شمال أفريقيا وأوروبا، مما يؤكد الاكتشاف الجيني لأصول الصيادين وجامعي الثمار الأوروبيين بالمنطقة".
ويُعزز هذا الاكتشاف الأدلة على الروابط المبكرة بين سواحل البحر المتوسط الشمالية والجنوبية، ويعد أيضًا دليلاً إضافيًا على أن هذه التفاعلات المبكرة قد سهّلتها الحركة البحرية، مما يشير إلى أن هؤلاء الصيادين ربما توقفوا في عدة جزر خلال رحلتهم عبر البحر.
وعلى الرغم من عدم العثور على بقايا قوارب من هذه الفترة في الشمال الأفريقي، تشير الزوارق المحفورة التي يبلغ عمرها 7 آلاف عام، والتي عُثر عليها عند بحيرة براتشيانو (وسط إيطاليا) إلى أن مهارات الملاحة البحرية كانت راسخة في منطقة الأبيض المتوسط، وتقدم دليلاً على أن الملاحة في عرض البحر كانت ضمن القدرات التكنولوجية في ذلك الوقت.
إعلانوبحسب لوكاريني "يُعد الجمع بين البحث الجيني والاكتشافات الأثرية ضروريًا لإعادة بناء أحداث ما قبل التاريخ بدقة أكبر" ويضيف "من خلال دمج أدلة متعددة، يمكن للباحثين رسم صورة أكثر شمولاً لكيفية تطور المجتمعات القديمة وتفاعلها وتكيفها مع التغيرات الثقافية والبيئية الجديدة".
ظهور أصول بلاد الشاممن الجوانب المثيرة للاهتمام بالدراسة تحديد بعض أقدم الأصول المرتبطة ببلاد الشام القديمة (جنوب غرب آسيا الحديث) في منطقة شرق المغرب العربي، والتي سبقت وصول المزارعين الأوروبيين بعدة قرون.
ومن المرجح أن يعكس هذا الارتباط الجيني حركة جماعات الرعاة الأوائل الذين انتقلوا غربًا من بلاد الشام، وأدخلوا الحيوانات الأليفة -مثل الأغنام والماعز- إلى شمال أفريقيا.
ويختم كوبا حديثه بقوله "يفتح هذا الاكتشاف آفاقًا جديدة حول تعقيد التحول إلى العصر الحجري الحديث في البحر المتوسط، حيث يُظهر كيف أن التحول إلى إنتاج الغذاء لم يكن عملية موحدة بل كان ظاهرة ديناميكية ومتميزة إقليميًا".
ويرى أن "هذه الدراسة ستكون ذات أهمية أساسية لتطوير البحث الأثري في المغرب الشرقي، لأنها تقدم منظورًا جديدًا حول الاستيطان وتطور الزراعة بالمنطقة".